بانوراما 2022.. الدبلوماسية العربية تحقق اختراقة جديدة ومونديال قطر علامة فارقة

بانوراما 2022.. الدبلوماسية العربية تحقق اختراقة جديدة ومونديال قطر علامة فارقة

عمّان – رائد صبيح

واجهت الأقطار العربية في العام 2022 أزماتٍ وتحدياتٍ كثيرة وعلى كافة الصعد السياسية والاقتصادية والعلاقات البينية وإن انعقدت قمّة عربية استثنائية في الجزائر، إلا أنّ العلاقات البينية ما زالت تشهد توتراتٍ وخلافاتٍ كثيرة، فيما يبقى التحدي الأكبر متمثلاً في توفير الأمن والغذاء والطاقة كحاجاتٍ أساسية مع استمرار غياب “الديمقراطية” بشكلٍ فعليٍ عن العالم العربي، إلا أنّ الدبلوماسية العربية الخارجية حققت اختراقاتٍ جديدة لها أهمية بالغة.  

إقرأ أيضًا: ذياب لـ “البوصلة”: فرص نجاح القمّة العربية في الجزائر تكاد تكون معدومة

لكنّ الدبلوماسية العربية في حقيقتها ما تزال عاجزة عن حماية المسجد الأقصى والأراضي المحتلة وغزة ممّا تتعرض له من انتهاكاتٍ  متواصلة لا يمكن التغاضي عنها،وصلت حد استهداف المسجد الأقصى علانية والسعي الصهيوني المتطرف لإزالته وإقامة الكنيس المزعوم مكانه مع استمرار الاقتحامات المتواصلة على مرأى ومسمع العالم أجمع.

إقرأ أيضًا: الشحروري لـ”البوصلة”: “حريق الأقصى” ما زال مشتعلًا بقلوب المخلصين حتى تحريره

إقرأ أيضًا: ابحيص لـ “البوصلة”: الاحتلال وحّد ساحتي “القدس وغزة” وفشل في كليهما

إقرأ أيضًا: الجرمي لـ “البوصلة”: الصهاينة يدنسون القدس بباطلهم.. والأمّة تتخلى عن واجبها

وأكد أستاذ الصراعات الدولية في الجامعة الأردنية الدكتور حسن المومني في تصريحاته لـ “البوصلة” أنّ المشاكل والتحديات التي تواجهها الدول العربية ما زالت مستمرة، ولكنها بمستويات مختلفة.

وقال إنّ العراق بتقديري الشخصي أفضل حالاً من ذي قبل بهذا المعنى، فالأدوار الدبلوماسية العربية في عام 2022 شهدت نشاطًا وفاعلية غير مسبوقة.

إقرأ أيضًا: عايش لـ “البوصلة”: رعب الاحتلال من المقاومة يقف خلف عدوانه على غزّة

إقرأ أيضًا: منصور لـ”البوصلة”: الشعوب العربية الأصيلة دائمًا تنحاز للشعب الفلسطيني وقضيته

ولفت المومني إلى أنّ مجموعة القمم التي عقدت سواء العربية الصينية أو العربية الأمريكية أو جامعة الدول العربية أو الحراك العربي العربي في مجال الشراكات الإستراتيجية، الأردن والعراق ومصر، وانعقاد مؤتمر بغداد 2 الذي عقد في العاصمة الأردنية.

واشار أستاذ الصراعات الدولية إلى القول: باعتقادي أنّ العام 2022 كانت فيه السياسة الدولية للعالم العربي أفضل بكثير وبدى وكأنه كثيرًا من الدول العربية سواءً في السياق الثنائي أو السياق الجمعي بدأت تأخذ زمام المبادرة واستغلال التطورات: التي تحصل في أوكرانيا على سبيل المثال.

وتابع: لذلك رأينا قدوم بايدن إلى المنطقة، وكذلك القمّة العربية السعودية الصينية، وأيضًا القمة العربية التي كانت مؤجلة وعقدت في الجزائر.

واستدرك المومني بالقول: إلى حدٍ ما المصالحة الشكلية الداخلية بين الأطراف الفلسطينية، ويجب أن ننظر إليها كنوع من التقدم في هذا الاتجاه.

وأشار إلى أنّ ما يحصل في المنطقة من تطورات وتحديات، ليس كله في سياق إقليمي، فهناك البعد الخارجي، وهناك تسارع في وتيرة التنافس الدولي، أوكرانيا والتنافس الأمريكي الصيني.

ولفت المومني إلى أنّ كثيرًا من الدول العربية تحاول أن تستغل هذا الأمر، فنحن نتحدث عن مشاريع اقتصادية وسياسية كبيرة سواء في السعودية، أو في الأردن والتحديث السياسي والاقتصادي.

وقال المومني: شهدنا في العالم العربي حدثًا مهمًا آلا وهو “مونديال قطر”، صحيح أنه حدث رياضي و “قوة ناعمة” لكن هناك بعد جيوبولتيكس له بالغ الأهمية.

استمرار الاستدارات

وتابع المومني تسليط الضوء على النجاحات في المنطقة العربية بالقول: أضف إلى ذلك استمرار الاستدارات بين دول المنطقة والدول العربية، فالعلاقات العربية التركية أفضل ممّا قبل، موضوع الحوار الإيراني السعودي ما زال مستمرًا، وعقد قمّة بغداد 2 يعبر عن رغبة الأطراف بغض النظر عن حال التناغم بينها، عن استمرار فتح قنوات للحوار، الأمر الذي يجعلنا نقيم حالة الدبلوماسية العربية بأنها أفضل من ذي قبل.

ولفت إلى أنّ هناك عددًا من الدول العربية التي تتأثر بشكلٍ كبيرٍ وقوي بالبعد الإقليمي والتدخلات الخارجية وخاصة لبنان واليمن والعراق وسوريا، وما يواجهها من أزمات، وغالبًا “إيران” قاسم مشترك فيها، والحالة العربية قاسم مشترك أيضًا وقد تكون سببًا في الأوضاع المتردية في بعض هذه الدول.

وشدد على أنّ الكل يعلم أنّ اليمن وتدخلات إيران فيها والخلاف مع مجلس التعاون الخليجي وخاصة السعودية، وهناك التدخل في سوريا، ولبنان، وبتقديري الشخصي فإنّ الاستدارات الإقليمية ومحاولات الدول المعنية خلق قنوات تواصل وحوار وبالتالي يتم نوع من الثقة المتبادلة فهذا قد يؤثر إيجابًا لحلحلة هذه المشاكل.

اليمن بلا أفق

لكن الخبير والمحلل السياسي خالد العقلان له رأي آخر، فيقول في تصريحاته لـ “البوصلة“: إنّ الحرب تشارف على عامها التاسع في اليمن دون أي أفق حقيقي لحل سياسي ينهي الأزمة اليمنية التي تعد الأكبر في العصر الحديث حيث خلفت أكثر من 300ألف قتيل، وأكثر من 4 مليون نازح داخلي يعانون ظروف قاسية في مخيمات النزوح.. لتصبح التراجيديا اليمنية منسية في ظل فشل الحكومة والتحالف العربي وتغافل المجتمع الدولي الذي لا يعير أزمة اليمن الأهمية المطلوبة، مما يعكس أزمة حقيقية لدى الضمير الإنساني وجرح عميق في الوجدان العالمي.

ويعبر العقلان عن عدم تفاؤله بوجود حلول حقيقية خلال العام 2023، يشاركه فيها الدكتور حسن المومني حيث يقول: إنّ العام 2023 قد يكون انعكاسًا للعام 2022، ولكن قد تحدث تطورات إيجابية وقد تكون هناك مفاجآت في تفجر الأوضاع.

تغير في الأوضاع

ولفت المومني إلى أنّه في عام 2021، لم نشهد الأوضاع الداخلية الإيرانية التي نشهدها اليوم، وفي ذلك العام ايضًا مع العام 2022 عانى العراق من أزمة سياسية الكل كان يعتقد أنها ستعصف به، ولكن في نهاية المطاف تم احتواؤها بين أطياف السياسة العراقية.

مسألة إيران واليمن ولبنان وسوريا لا أعتقد أنها ستحل في العام 2023 خاصة وأنّ لها بعدًا دوليًا، والعالم اليوم ما زال مشغولاً في أوكرانيا.

تحدي الغذاء والطاقة

أما مشاكل الغذاء والطاقة في العالم العربي فيرى الدكتور حسن المومني أنه حتى وإن تمّت معالجتها في العلاقات البينية العربية لكنّ آثارها الحقيقية ستظهر بعد وقت، يمكن أن تتحسن الأوضاع قليلاً لكن الأزمات ستستمر خلال العام 2023، لأنّ استمراريتها مرتبط بتطور الأحداث العالمية خاصة  عند الحديث عن أوكرانيا، وقبلها كوفيد19، لكن الحرب في أوكرانيا زادت معضلة الطاقة، لا سيما بعد تحديد سقوف سعرية للنفط والغاز الروسي، فيما تتحدث روسيا عن تخفيض الإنتاج.

ولفت المومني إلى أنّ هذه القضايا سوف تستمر، لكن طريقة التعاطي معها ستكون بشكل مختلف، خاصة وأنّ الدول العربية أخذت زمام المبادرة في هذه القضايا، عدا عن الشراكات والمؤتمرات العالمية والدولية التي تم استضافتها في المنطقة العربية.

ولا ننسى مؤتمر المناخ في مصر والذي سيعقد العام القادم في الإمارات، فيما السعودية أخذت على عاتقها التعاون بشكل أكبر في هذا المجال.

الأمّة العربية والإسلامية ما زالت مفككة

من جانبه يرى أستاذ الشريعة الإسلامية الدكتور أحمد الشحروري في تصريحاته لـ “البوصلة” أنّ العالم العربي والإسلامي أوضاعه في العام 2022 يشبه الأعوام التي سبقته منذ قرنٍ من الزمان، فالأمة الإسلامية ما زالت ضعيفة ومتفككة، وفيها من اليأس والإحباط ما يفوق الأمل والنظر إلى المستقبل.

ومع ذلك ينظر الشحروري إلي شعاع ضوء في نهاية النفق المظلم، فيقول: لكن تفضل الله علينا وربما أقول هذه العبارة ويخالفني فيها بعضهم، بمناسبة “مونديال قطر”.

وتابع الشحروري بالقول: لقد ختم عام 2022 بعلاماتٍ فارقة كانت من أجود ما عشناه في حياتنا، والمونديال الذي وحد مشاعر المسلمين وتطلعاتهم إلى النجاح ولو كان لشأنٍ كرويٍ، فهذا جعل العرب يهتف بعضهم لمصلحة بعض وجعل الأردني يهتف للمغرب، وجعل السعودي يهتف لقطر، وهكذا.

إقرأ أيضًا: المومني لـ “البوصلة”: المواجهة المفتوحة بين الاحتلال وإيران قد تحمل “خيارات عسكرية”

إقرأ أيضًا: البستاني لـ “البوصلة”: القمّة العربية الأمريكية مشهدٌ مأساويٌ لفرض مزيدٍ من الهيمنة الصهيونية

إقرأ أيضًا: عايش: بايدن منحازٌ ومخادعٌ ولم يقدم للقضية الفلسطينية شيئًا

ولفت الشحروري إلى أنّ هذا جزءٌ من الفأل الذي وجدناه وأهم من هذا كله أنّ قضية فلسطين وضعت في المقدمة، ورفع علم فلسطين وكرّس الاهتمام بقضية فلسطين على المستوى العالمي.

والأمر الآخر الإيجابي في المونديال بحسب الشحروري: “أن الدعوة إلى الله تنفست وأخذت بعدًا حكوميًا صارخًا لأول مرة منذ عقود، فلقد تبنّت حكومة قطر الدعوة إلى الإسلام وجلب كثيرٍ من الدعاة، وكانت لهذه المظهرية أثرها العالمي في نفوس الناس”.

وأضاف قائلا: “نسأل الله عز وجلّ أن يرتقي العرب والمسلمون إلى ما كانوا عليه في مونديال قطر في جوانب حياتهم كلها”.

وختم الشحروري: “بعد أن ذاقوا متعة ما ذاقوه أسأل الله أن يلهمهم الاستمرار في السعي نحو النجاح، وأن لا يكون المونديال فسحة قصيرة وحلماً جميلاً عاشوه ثم استيقظوا منه”.  

العراق مصدر آخر للتفاؤل

بدوره أكد الباحث في الشأن العراقي أحمد الشمّري لـ “البوصلة” تفاؤله بتحسن الأوضاع في العراق رغم الأحداث الصعبة التي مرّ بها، حتى ظهرت  ملامح شيء من الاستقرار السياسي والاقتصادي بعد تشكيل حكومة محمد شياع السوداني.

ولفت الشمّري إلى أنّ أبرز الازمات السياسية التي واجهت العراق في ٢.٢٢ كانت ازمة تشكيل الحكومة كونها جاءت بعد عام على الانتخابات التي جرت في ١٠ اكتوبر ٢٠٢١.

وتابع بالقول: وبعد سجالات كثير وصلت الى حد الصدام المسلح بين القوى السياسية الشيعية، وتحديدا بين التيار الصدري وقوى الاطار التنسيقي القريب من ايران انتهت بانسحاب التيار من البرلمان وتشكيل الاطار حكومة توافقية.

وأكد الشمّري أنّ الحكومة التي تشكلت في اكتوبر ٢٠٢٢ برئاسة محمد شياع السوداني الزمت نفسها باجراء تقييم لأداء وزرائها وحتى درجة مدير عام خلال اول ستة اشهر من عمرها، لذلك فإن العام المقبل  سيظهر حقيقة ذلك، خصوصا ان كل شيء متوفر لهذه الحكومة فكن ناحية الدعم السياسي فهي تتمتع بدعم غالبية القوى السياسية بالبرلمان من مختلف المكونات.

ومن ناحية اقتصادية، يرى الباحث في الشأن العراقي ان خزينة الدولة وصلت لاول مرة في تاريخ البلاد الى 96 مليار دولار، وارتفاع خزين الذهب في البنك المركزي، اضافة الى وصول العراق الى المرتبة الرابعة عربيا لاكثر البلدان شراء للسندات الامريكية.

ولفت إلى إيجابية أخرى في المشهد أنّ الحكومة تحظى بدعم اقليمي ودولي واسع وهذا ما ظهر جليا في ترحيب الدول بتشكيلها، وانعقاد مؤتمر بغداد٢ في الاردن بمشاركة ١٣ دولة.

إقرأ أيضًا: الحوارات لـ “البوصلة”: صيغة المحاصصة غير القابلة للنجاح فاقمت أزمة العراق

إقرأ أيضًا: باحث عراقي لـ “البوصلة”: لهذه الأسباب ينأى العراق بنفسه عن “محاور المنطقة”

واستدرك الشمّري بالقول: لكن اليوم الحكومة تواجها تحديا هو تراجع قيمة الدينار العراقي امام الدولار حيث وصلت الى ١٥٥٠ دبنار للدولار الواحد بعدما كان قبل شهر بنحو ١٤٨٠ دينارا مقابل الدولار، وهذا تسبب بارتفاع اسعار السلع الغذائية ونقمة العراقيين.

وختم بالقول: ما يزال الفساد يمثل التحدي الاكبر للحكومة، رغم كل الوعود التي اطلقها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني لمحاربة هذه الآفة، لكن العراقيين يريدون رؤية كبار الفاسدين خلف القضبان وليس القاء الفساد كله برأس شخصيات من حكومة رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، لأن الفساد ينخر في جسد الدولة منذ عام ٢٠٠٣.

 (البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: