بعد فصل معلمي الإخوان.. هل يمهد السيسي لتصفية موظفي الحكومة؟

بعد فصل معلمي الإخوان.. هل يمهد السيسي لتصفية موظفي الحكومة؟

قبل أيام صدّق وزير التعليم المصري طارق شوقي على قرار فصل 1070 معلما بدعوى انتمائهم لجماعة الإخوان المسلمون، ما أثار مخاوف أن يكون الأمر تدشينا لخطة فصل مئات الآلاف من الموظفين تعتبرهم السلطة -وفقا لتصريحات المسؤولين- عبئا على الدولة.

وكان إقصاء الإخوان من المشاركة السياسية عام 2013 واعتقال الآلاف منهم، فاتحة لاستبعاد سائر القوى السياسية لاحقا وانفراد الرئيس عبد الفتاح السيسي بحكم البلاد، ما يعزز مخاوف الموظفين بمصر أن يكون تمرير خطة تصفية الموظفين سيتم عبر البدء بالخصوم التقليديين للنظام العسكري وهم الإخوان على العادة.

وقال نائب وزير التربية والتعليم لشؤون المعلمين محمد عمر إن هناك العديد من الإجراءات سيتم اتخاذها خلال الفترة المقبلة لـ “تطهير الوزارة من الأفكار الهدامة والمتطرفة التي قد تؤثر سلبا على الطلاب في المدارس”.

وتابع في تصريحات تلفزيونية أن قرار فصل 1070 معلما استند لبيانات صادرة من الجهات المعنية بالتحقيق وفحص جميع البيانات الخاصة بموظفي الدولة، بجانب الأحكام النهائية الصادرة من القضاء ومحكمة أمن الدولة العليا، والهاربين خارج البلاد. 

استنكار

بالمقابل، استنكرت جماعة الإخوان المسلمين القرار، وقالت إن “حكومة العسكر تعمل على فصل كافة المعارضين من أعمالهم الحكومية بتلفيق الاتهامات المختلفة، ولكن الأمر الآن يزداد سوءا بإعلان استهداف المواطنين على أساس الفكر، وحرمانهم من حقوقهم التي كفلها الدستور والقانون”.

وتحدث بيان نشرته صفحة المركز الإعلامي للجماعة على الفيسبوك، حول خطورة السياسات “الإقصائية والتمييزية التي ينتهجها العسكر”، وشبهها بسياسات “الحقبة النازية”.

واعتبر الإخوان أن “نظام العسكر يتخذ من ذلك ذريعة للبدء في تقليص عدد الموظفين داخل مؤسسات الدولة، تماشيا مع قرارات صندوق النقد الدولي من ناحية، ومن ناحية أخرى معاقبة أي معارض لعسكرة الدولة، أو محارب للفساد داخل مؤسساتها”.

وأرشد حقوقيون الموظفين المفصولين لإجراءات الطعن على قرارات الفصل من الوظيفة، وذلك عبر تقديم تظلم للنائب العام بأي صورة أو إرسالها تلغرافيا خلال ستين يوما من تاريخ إعلان القرار، أو نشره في الجريدة الرسمية إن تم النشر، مع إقامة دعوى مستعجلة أمام مجلس الدولة بطلب وقف تنفيذ القرار وإلغائه، كما يمكن اللجوء للجنة فض المنازعات تمهيدا لرفع دعوى تعويض.

مخاوف الموظفين

وتخوف موظفون من أن يكون القرار تمهيدا لتنفيذ الخطة المعلنة بتصفية أعداد كبيرة من الجهاز الإداري للدولة البالغ 5.2 ملايين موظف. وقبل أيام وقف رئيس الحكومة مصطفى مدبولي أمام البرلمان ليؤكد أن الجهاز الإداري للدولة يعاني من التضخم، قائلا “هناك خمسة ملايين موظف بالدولة، ونحن لا نحتاج أكثر من 40% من هذه الطاقة”.

وقالت يمنى -وهي مدرسة بإحدى المدارس الحكومية بالقاهرة- إن الوزارة تعاني عجزا فادحا في أعداد المعلمين، لدرجة إصدار الوزير قرارا بأن يحل ناظر المدرسة للتدريس في الفصول التي لا يوجد لها مدرس.

وأضافت أن البدء بالتعليم في خطة تصفية الموظفين بدعوى أنهم إخوان، يعني أن يتحمل الإداريون والمتبقي من الموظفين العجز المتزايد.

ولا تقوم وزارة التعليم بتعيين معلمين منذ سنوات، لعدم وجود درجات مالية لهم، فيما ينتظر مئات الآلاف من المعلمين إبلاغهم بقرار المعاش المبكر أو الفصل، بحسب معلمين.

وفي المؤتمر الصحفي نفسه المعلن فيه قرار فصل المعلمين بتهمة الانتماء للإخوان، أعلن الوزير عن وجود عجز بالمعلمين يقدر بنحو 320 ألف معلم.

ولا تختلف الحال في معظم وزارات الدولة التي أوقفت الحكومة التعيين بها، حيث تعاني عجزا في موظفيها، رغم خطط التصفية المعلنة.

ويبدي كمال -وهو محصل بهيئة النقل العام- خشية من خطط التصفية، مؤكدا أن الأمر متداول بقوة في الهيئة، رغم العجز الفادح في أعداد سائقي الهيئة ومحصليها على الحافلات “الأتوبيسات” العاملة بخطوط القاهرة الكبرى.

ويعتقد كمال أن التصفية ستطال الجميع بعد البدء بالإخوان، مضيفا “الحكومة مستعدة لأخونة الشعب كله، لكي يتسنى لها تنفيذ سياساتها الموجهة للشعب بمباركة مؤسسات محلية ودولية”.

فقدان المشروعية

يرى البرلماني السابق أحمد جاد أن فصل المعلمين سيضاعف تدهور منظومة التعليم المصرية التي تتذيل قائمة جودة التعليم الأممية، علاوة على كونه امتدادا لحالة الفشل والعشوائية التي تدار بها البلاد، ولا سيما في قطاعي التعليم والصحة، محذرا من أن مصر ستجني ثمار هذا القرار في المستقبل القريب. ولفت جاد في حديثه للجزيرة نت إلى احتمال أن تكون هذه ضربة البداية أيضا لتصفية العاملين بالدولة، وذلك عملا بروشتة البنك الدولي الذي جعل من شروط استحقاق قروضه لمصر تقليص عدد العاملين بالدولة. وتوقع أن يزيد القرار من حالة الغليان المكتوم في المجتمع المصري، ولا سيما أن المعلم هو من بين الفئات الأكثر تأثيرا في قطاع كبير من المجتمع. وأكد أن هذا القرار تجسيد لمزيد من الاضطهاد للمعارضين، ليجعلوا منهم عبرة لكل يفكر في المعارضة للنظام القائم وسياسته، خاصة بعدما نالت الفضائح التي أطلقها المقاول والممثل المصري محمد علي من هيبة السيسي وعائلته ورموز حكمه. وشدد جاد على فقدان هذا القرار للمشروعية القانونية، لكن السلطة العسكرية الحاكمة في مصر لا تأبه لمخالفة القوانين، فلديها برلمان يقوم بإسباغ الشرعية على ما يريده السيسي وحكوماته، أكثر من اهتمامه بالتشريع، ولديها كذلك دوائر قضائية تابعة تحكم له مثلما يريد.

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: