د. أحمد داود شحروري
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

بين الطوفان والزلزالِ حكمة الكبير المتعالِ

د. أحمد داود شحروري
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

يوم ضرب الزلزال المدمر تركيا وسورية أوائل العام الماضي ٢٠٢٣ وأتى على العمران وأهلك الإنسان والحيوان، وقف الكل عاجزا أمام الإرادة الإلهية الحكيمة، ف”ٱللَّه یَعۡلَمُ مَا تَحۡمِلُ كُلُّ أُنثَىٰ وَمَا تَغِیضُ ٱلۡأَرۡحَامُ وَمَا تَزۡدَادُۚ وَكُلُّ شَیۡءٍ عِندَهُۥ بِمِقۡدَارٍ. عَـٰلِمُ ٱلۡغَیۡبِ وَٱلشَّهَـٰدَةِ ٱلۡكَبِیرُ ٱلۡمُتَعَالِ”، فهو سبحانه ” لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون”، لهذا لم يجرؤ عاقل مؤمن أو غير مؤمن أن يسأل الله لِمَ وقع كل هذا النقص في المال والنفس، وتوقّف الجميع عند حقيقة علمية ملخصها أن طبيعة تكوين الأرض وما في غلافها من نسبة ضعف أو قوة يؤدي إلى ظاهرة الزلازل أو تُستبعَد لأجله.

وقبل يومين ذكّرَنا الزلزال الذي ضرب مدينة حماة السورية بما كان في العام الفائت، لكن هذا الزلزال كان أقل قوة،وبالرغم من ذلك أحدث فزعا في الناس لسببين : أولهما أنه ذكّر بأخيه الذي قبله وما كان فيه من مصائب، والثاني أنه يأتي في ظل طوفان الأقصى الذي ذكّرَنا منذ اندلاعه بخسائر الزلزال، فقد رددنا على من اتهموا المقاومة بالتسبّب في وقوع المصائب على رؤوس الناس بأن من وقعوا ضحايا الزلزال لا يزالون أكثر عددا ممن ارتقوا شهداء الطوفان، لكني اليوم أُفيِدُ مِنْ ذِكر الزلازل من زاوية أخرى هي زاوية العجز العربي المؤسسي التي سُجّلت منذ اندلاع الطوفان، وأتوجه إلى صناع القرار في الأمة العربية والإسلامية الذين ما زالوا يتفرجون على مذابحنا في غزة ومدن الضفة، وعلى البنيان وهو يتهاوى بفعل الصواريخ مرة والجرافات مرة أخرى، وأعلم أن من الأسباب المعلنة لاكتفائهم بالتفرج أنهم يخشون من انتقال الدمار إلى عواصمهم ومدنهم، يخشون من انتقام أمريكا وإسرائيل الذي دمر بيروت أكثر من مرة، فهم ينشدون السلامة، وربما قالوا : يكفي غزة، فلا نضم إليها القاهرة ودمشق وعمان والرياض، والعقل يقتضي المحافظة على منجزاتها المدنية التي تكوّنت في عقود طويلة !!

تُرى، ألا يعلم العرب أن منطقتهم ليست بعيدة عن الزلالزل؟ ألم يقرأوا أن (صنائع المعروف تقي مصارع السوء)؟

ماذا لو دهمنا زلزال يمكث أربعين ثانية بقوة ٧ ريختر؟ هل تنفع حكمتنا؟ هل تبقى عندها بنوك لتصرف لنا قيمة هذه الحكمة؟

على رسلكم، لا تحسبوا أني أتمنى شرا لأمتي من المحيط إلى الخليج لا سمح الله، ولكني أومن بأن السعيد من اتعظ بغيره والشقي من اتعظ بنفسه، وليتنا ندرك أنفسنا قبل فوات الأوان، فإن كياناتنا تهرب من الطوفان إلى سخط الله الذي يسخّر الزلازل وغيرها انتقاما لدماء نزفت وأشلاء تبعثرت، ولئن أنكروا على من اعتبر زلزال ٢٠٢٣ عقوبة إلهية، فإنني أخشى إن تكرر مثله أو أعنف منه بعد اليوم أن يكون انتقاما حقيقيا، فالله قد عاقب بالخسف وسجل القرآن ذلك، فما مبرر استبعاده في زماننا؟ وقد استبعد الأثر النبوي استئصال الأمة بالخسف، ولم ينف إمكانية حدوث الخسف، ولذلك فهو يتكرر في بلاد المسلمين.

يا أمتي، ماذا لو خسرنا آثارا نفخر بإرثها لنُبقِي على الأبراج والجسور والأنفاق؟! وفي كل دولة عربية أو مسلمة ما تفخر بوجوده وتحافظ عليه من إرث يدل على عمق تاريخها، وإننا لنحب أن تبقى فينا الآثار شاهدة على إرث أراد الله المسلمين أن يكونوا رعاته، فهل حسبنا حساب ألا نصبح نحن أثرا لمن بعدنا بما ينزل بنا من عذاب؟

يا قومنا، سينقضي الطوفان فإما أن يأخذنا في طريقه إن نكصنا أو يتبعه زلزال لا يبقي ولا يذر، وإما أن نُغرِق عدوّنا بطوفاننا وتبقى لنا الأرض، فسنة الله أن يرثها عباده الصالحون.

(البوصلة)

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts