حلمي الأسمر
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

تبرّعات أردنية لخزينة إسرائيل

حلمي الأسمر
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

روى الإمام أحمد من حديث مَيْمُونَةَ، مَوْلَاةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللهِ، أَفْتِنَا فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَقَالَ: أَرْضُ الْمَنْشَرِ، وَالْمَحْشَرِ، ائتُوهُ فَصَلُّوا فِيهِ، فَإِنَّ صَلَاةً فِيهِ كَأَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ، قَالَتْ: أَرَأَيْتَ مَنْ لَمْ يُطِقْ أَنْ يَتَحَمَّلَ إِلَيْهِ، أَوْ يَأْتِيَهُ قَالَ: فَلْيُهْدِ إِلَيْهِ زَيْتًا يُسْرَجُ فِيهِ، فَإِنَّ مَنْ أَهْدَى لَهُ كَانَ كَمَنْ صَلَّى فِيه.

هذا حديثٌ فيه كلامٌ عن صحته، ولكنه يُساق هنا للدلالة، ويحتج به كثيرون ممن ينتصرون لبيت المقدس، خصوصا في ظل محنة احتلال الصهاينة الأقصى، وهو هنا أول ما يخطر ببالي، وأنا أهم بالكتابة عن غازنا الذي سرقه الصهاينة، وبدأوا بيعه لنا في الأردن. ومصدر القربى بينه وبين ذلك الغاز، أنني كلما هممتُ بفتح زر إشعال الكهرباء في بيتي في عمّان، شعرت وكأني أهدي آلة الاحتلال زيتا تسرج به، لقتل أطفالنا، فمع كل فلسٍ في فاتورة الكهرباء أدفعه من حرّ مالي، أشتري رصاصة لقتل فلسطيني، أو كمن يسرج عرباته وآلياته لهدم بيوتنا في القدس وغور الأردن ويافا، إنها باختصار عملية تمويلٍ مستدامة للاحتلال من دمنا، لسفك دماء إخوةٍ لنا وأهل وأحباب..

هذا هو المعنى الخشن والمباشر لصفقة الغاز اللعينة التي أبرمتها حكومة أردنية، مع حكومة  الاحتلال، وتمتد خمسة عشر عاما قابلة للتمديد. .. صفقة الغاز، أو الصفعة التي علّمت على خدّ كل أردني، جريمة بكل المعايير السياسية والأخلاقية، وحتى الاقتصادية، فالأردن يشتري الغاز بسعر يقارب ضعفي سعره في السوق العالمي. وما يبعث على الريبة والشك أن كل المحاولات التي بذلها النشطاء الأردنيون والنواب للحصول على نص الاتفاقية باءت بالفشل، بدعوى أن الاتفاقية سرّية، وفوق هذا هي مكتوبة بالإنكليزية، ولا يوجد لها نصٌّ بالعربية خلافا للقوانين الأردنية، وما كانت الحكومة لتخفي هذا النص اللعين لو لم يكن مذلا، ومائلا لمصلحة الصهاينة، ولا أدلّ على هذا من تصريحات رئيس وزراء حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، بعد أن بدأ الضخ التجريبي للغاز في بداية العام، حيث قال متفاخرا إن “ثلثي إيرادات الغاز ستتحول مباشرة إلى خزينة الدولة، والحديث يدور عن مئات مليارات الشواقل التي ستستخدم في مجالات التعليم والرفاه الاجتماعي وتمويل احتياجات حيوية”. (ولك هنا أن تتخيّل مغزى تعبيره: الاحتياجات الحيوية، ومنها بالتأكيد تمويل تهويد الأرض الفلسطينية وديمومة هيمنة الاحتلال على مقدّرات فلسطين، وقهر أهلها وتشريدهم وتجويعهم، وقتلهم واعتقالهم!)، وزاد أيضا: أن “الغاز يشكل مقوّما حيويا في قوتنا الاستراتيجية وفي مجالات الطاقة والاقتصاد والدبلوماسية”. معتبرا، بالطبع، أن تلك “ثورة مهمة للغاية، إذ يحول إسرائيل إلى دولة عظمى في مجال الطاقة، ما يمنحنا استقلاليةً في هذا المجال، ويعطينا قوة عظيمة”. وهو ما يمنحنا، نحن في الأردن ومصر، احتلالا “نظيفا” غير مكلف، بل هو مربحٌ لمن يحتلنا، بدون جنود ولا انتهاكات لقوانين حقوق الإنسان، وبدون إداناتٍ دولية، فهو لا يموّل احتلالنا الاقتصادي فقط، بل يموّل احتلال فلسطين وإنهاك الأمة كلها بتقوية المشروع الصهيوني ومدّه بأسباب القوة!

حاولت كل قوى المجتمع الأردني، بمن فيهم النواب، التصدّي لهذا الاتفاق المذلّ، إلا أن الحكومة قابلت هذا الأمر بالإعراض التام، وكأن شيئا لم يكن، ويبدو أنها لم تصل إلى الحد الذي يدفعها لإعادة التفكير في هذا الاتفاق بشكل جدّي، بعد أن مضى على إبرامه نحو خمس سنوات، وبدأت على الأرض خطوات تنفيذه من مصادرةٍ للأراضي ومد خطوط الغاز، وتهيئة منشآت استقباله.

من يراقب مجريات أحداث “صفعة” الغاز المذلّة يلحظ أن ثمّة أسبابا سياسية بعيدة المدى وراء إبرامها، وأن قرار توقيع الأردن عليها لم يكن نابعا من مصلحة وطنية أردنية، خصوصا إذا عدنا بضعة أشهر إلى ما قبل بدء الضخ التجريبي، فقد تحدّثت صحيفة هآرتس العبرية، عن تفاصيل مثيرة وردت في الاتفاق في تقريرٍ أعدّه الصحافي عيران أزران، ومنها أن “الاتفاق ذكر السعر الأساسي هو 5.65 دولارات للوحدة الحرارية، في حين كان سعر برميل النفط من نوع برنت أقل من 30 دولارا، وفي حال ارتفع سعر البرميل إلى ما بين 30 وحتى 50 دولارا، سيرتفع السعر بتعرفة جديدة وفقا للصيغة التي تم تحديدها”. أما إذا وصل سعر برميل النفط إلى ما بين 50 وحتى 70 دولارا، فسيرتفع سعر الغاز إلى 6 دولارات، وبعد ذلك تم تحديد تدرّجات مختلفة ترتكز على صيغ حتى سقف 11 دولارا للوحدة الحرارية”.

وبحسب الاتفاق، منحت الحكومة الأميركية الحكومة الأردنية ضماناتٍ لدفع التزامات الشركة الأردنية، كما منحت “نوفل إنيرجي” (الشركة الوسيطة بين الحكومتين) ضماناتٍ لتنفيذ الاتفاق، وفي حال تعثرت الشركة الأردنية في الدفع أو تنفيذ اتفاق شراء الغاز، ستحوّل واشنطن جزءا من أموال المساعدة الأميركية للأردن إلى إسرائيل”!

كما تكشف وثيقة الاتفاق، أنه في حال اكتشف الأردن حقول غاز، فهو لا يستطيع خفض معدل الشراء من إسرائيل أكثر من 20%، كما أن عمّان لا تستطيع الانسحاب من اتفاق الغاز، وعليها، في حال رغبت في ذلك، دفع غرامة تصل إلى 1.5 مليار دولار، إذا تم الانتهاء في السنوات الخمس الأولى؛ و800 مليون دولار بين 5 – 10 سنوات، و400 مليون دولار بعد السنة العاشرة”.

صفقة الغاز مضت، بكل شروطها المجحفة. البرلمان رفضها، والمحكمة الدستورية أفتت بعدم اختصاص البرلمان بالرفض أو الموافقة، ويبدو أن هناك جهات في الدولة الأردنية دعمت البرلمان بالتحرّك لرفضها، ولكن الغلبة كانت لجهاتٍ أخرى أكثر قوة. وبهذا وقّع الأردنيون مع كل كبسة على زر تشغيل مفتاح الكهرباء على موافقة إذعانية على احتلال بلادهم، بغاز أشقائهم المسروق، والمستفيد الأول والأخير هو المشروع الصهيوني، وما لم يلجأ المواطنون إلى مقاطعةٍ ممنهجةٍ لهذا الزر، على نحو من الأنحاء، لن يتغير شيء، وسيبقى جباة فواتير الكهرباء الذين ينتشرون في الأحياء الأردنية أواخر الشهر، يجمعون قروش الأردنيين الفقراء ويحولونها إلى خزينة الاحتلال.

(العربي الجديد)

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts