رمضان.. ذكريات الحب والحرب والتكافل والغربة (فيديو)

رمضان.. ذكريات الحب والحرب والتكافل والغربة (فيديو)

عمّان – البوصلة

يبحر أستاذ الشريعة الإسلامية الدكتور أحمد الشحروري في حلقة جديدة من سلسلة “رمضان يجمعنا” التي تبث “البوصلة” حلقاتها على مدار الشهر الفضيل، في بحر الذكريات الرمضانية قبل عشرات السنين.

ويستذكر الشحروري محطاتٍ جميلة وحزينة مرت خلال شهر رمضان في العقود السابقة ومنها حرب رمضان عام 1973 وخديعة الأنظمة العربية لشعوبها تمهيدًا لهزيمة تبرر الصلح والسلام مع العدوّ الصهيوني.

كما يتذكر الشحروري “صيام الطفولة” مستحضرًا الدروس والعبر التي يجب على الأهل أن يراعوها في تشجيع أبنائهم على الصيام والاختلاف الكبير بينه وبين تعليم الصلاة، مشددًا على ضرورة تعليم الأبناء الصيام بالطريقة التدريجية وعدم الإضرار بصحتهم حتى يصلوا سنّ البلوغ ويستطيعوا الصيام على أكمل وجه.

ويتذكر في حديثه كيف كان الأطفال يقضون أوقاتهم في المساجد خلال أيام شهر رمضان بين صلاة وعبادة واعتكاف وأجواءٍ يسودها الحب في الله، ولحظات أخرى يستذكر فيها الغربة والتكافل الاجتماعي في دول الخليج العربي خلال شهر رمضان وما كانت تبثه من تقوية الأواصل والحب بين الناس.

بحر الذكريات الرمضانية الجميلة

يقول الشحروري في هذه الحلقة: نبحر في ذكريات رمضان زمان والواحد منا عندما اصبح ستينيًا يحنّ إلى ما قبل عشرين وأربعين سنة حينما كان صبيًا وحين كانت الذكريات جميلة بطعم ألذ، بطعم الطفولة والبراءة.

يضيف، “من أولى ذكرياتي أنّي تأخرت في إتمام صيام رمضان كله، فلم أتمّه حتى بلغ عمري الخامسة عشرة وهو سنّ البلوغ، السبب أنّ جسمي كان ضعيفًا، وليس بي ولعٌ أن أحدثكم عن نفسي ولكنّي أحبّ أن أغتنم هذه الزاوية من حديث الذكريات لأوجه ندائي للأهل”.

ويتابع، أيها الأحبة من اللطيف أن نعود أبناءنا على الصيام منذ نعومة أظفارهم ونبدأ جميعًا بصيام درجات المئذنة فنبدأ به من الصباح حتى الظهيرة.

ويشدد على أن تعليم الصيام ليس كتعليم الصلاة، فالصلاة: علموهم عليها لسبع واضربوهم عليها لعشر.

ويلفت إلى أن “الصيام غير ذلك فيه امتناع عن الطعام والشراب وهذا الطفل عوده رقيف وجسمه ضعيف ولذلك لا يعزم عليه عزمًا أن يتمّ الصيام، بعض النساء يتباهون بأنّ طفلهم لم يفطر هذا العام ولا يكون أتمّ سبع أو ثمان سنوات، مع مراعاة فروق البنية الجسدية بين الأطفال فهذه مشكلة”.

يحذر الشحروري: “أحيانًا يصل الطفل لمرحلة الجفاف ويموت، سواءً كان ذكرًا أو أنثى، مؤكدًا أنه ليس من الحكمة أن نحمل أطفالنا على ذلك بغرض المباهاة ونضيع أبناءنا، فالصيام يؤخذ فيه بالتدريج لأنّه يؤثر على الصحة ويجب أن نراعي بنية أطفالنا”.

ويقول: نعم من الجميل أن نعلمهم الصيام من خلال الأجر والثواب والتسابق ولكن عيننا على الطفل إن قلت حركته وقلّ نشاطه وإن ضعف، وإن أصبحت نظراته زائغة، فهذا يعني أنّ الطفل انتهت السوائل في جسمه وأصبح معرضًا للخطر، لا بد من الانتباه لذلك.

ويوضح: لا نقهر أطفالنا على الصيام خشية أن نودي بحياته أو نؤذيه في جسمه، نأخذ الطفل بالحكمة والتربية التدريجية حتى إذا بلغ سنّ البلوغ يكون قد تعود على الصيام من غير قهرٍ ولا إكراهٍ يؤثر في صحته.

ويتابع بالقول هناك أطفال لعوبون لا يريدون الصيام، إن كان هكذا الأمر، نشد ونرخي ولكن بالحكمة دون إضاعة أطفالنا ونعرض حياتهم للخطر بدعوى تعليمهم الصيام وتعويدهم عليه مبكرًا.

ذكريات الهزيمة

ويقول: من ذكرياتي حرب أكتوبر 1973 (حرب رمضان) بين الدول العربية وبين الدولة الدعية المسماة إسرائيل.

ويضيف، كنا نهش لهذه الحرب وبين العرب أنهم سباع وأسود، وأقول لكم صراحة بعد أن اختمرت الأحداث وتوالت وبعد أن ابتعدنا عن حرب أوكتوبر لعقود نكتشف أن العرب خسروا قرى وأماكن لم يكونوا خسروها قبلها.

ويعبر عن أسفه لأن حرب اوكتوبر كانت إبر ومصدات للتجهيز للصلح مع الصهاينة، فكانوا بحاجة لمبررات ليقولوا للناس نحن استنفذنا طاقاتنا وقدراتنا وما عاد إلا أن نلقي عصا الطوش وأن نلجأ إلى الصلح مع الصهاينة.

ويستدرك بالقول: هكذا أودت الأحداث بنا بعد حرب 1973 لتهيئة الذوق والمزاج العربي لقبول الهدنة والتهدئة والصلح من أسف.

لقاء المسجد والحب في الله

يقول الشحروري: من حديث الذكريات لقاؤنا في مسجد الحيّ منذ عصر كل يوم، وفي ساحة المسجد نلعب كرة القدم، وأعجب لقوة الأطفال في ذلك الوقت، اليوم إن قلت تحرك بعد العصر حركة شديدة، أقول لك تريدني أن أفطر أنا لا أطيق هذا الحراك الشديد وأنا صائم.

ويتابع: الطفل يعطيه الله قوة، فنلعب كرة القدم، ثم نفطر، ثم نعود لصلاة التراويح ونصلي معا بعد أن تنتهي جموع المصلين ونمكث في غرفة القرآن ثم نكمل، وكانوا يصلون 8 ركعات.

ويضيف، كان يتقدم أحدنا ونصلي بقية العشرين ثم نوتر، وكانت أيام جميلة وكان فيها معرفة معنى الحب في الله وكان يحب الأخ أخاه حبًا، حتى لو طلب روحه لا يتردد، لدرجة أنني عندما سافرت إلى المدينة المنورة لأدرس كنت أرى المسجد في منامي، وأرى نفسي أطوف حول ردهات وساحات مسجد الأمير حسن في الشميساني، سقالله تلك الأيام ما أجملها.

ويستذكر: ما كنت أحلم وارى نفسي في المنام في بيت أبي وأمّي بقدر ما أرى نفسي في المسجد لشدة ما كان يشدني إلى المسجد إخوة وأحباء في الله، ودروس تجويد وتزيكة وتهذيب، كنا نتلقاها على يد مشايخنا رحم الله من مات منهم.

رمضان والغربة

ويقول: أيها الإخوة من ذكريات في رمضان أني عشت 3 سنوات أصوم في مدينة العين في الإمارات، وهذا كان في سن مبكرة بالكاد وصلت الثلاثين، في منتصف عمري، رمضان في الخليج له لذة خاصة، فهناك تكافل في رمضان بين الجيران وما زلت أذكر موضوع الهريس، طبخ القمح مع اللحم في قدور كبيرة الخروف كاملاً ويلقون عليه كمية من القمح ويبقى من مغرب اليوم لفجر اليوم التالي وهو على نارٍ هادئة، فيصبح سبيكة واحدة، ويسكبونه في صحون ويرسلونه للجيران.

ويضيف: ليست القضية القمح واللحم ولكن طعم التكافل والمحبة والتواصل والتكاتف الذي كان بين الجيران وكنا نعيشه في الأردن وأهل سوريا ومصر.

ويأسف لأنه “اليوم هذه المعاني بدأت تخبو وتقل وتنضب، وبدأ الناس يفقدون طعم الصيام اللذيذ الذي كانوا يستشعرونه في القدم”.

أصوات رخيمة

ويتساءل: أين الذكريات التي كنا نعيشها على وقع صوت النقشبندي ومدائحه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وحول الترتيبات التي تجري لنقل صلاة المغرب وأذان المغرب والإفطار من المسجد الحسيني، أين أصوات المذيعين الرخمة، وأين المذيعون المبدعون المحترفون.

ويختم بالقول: اليوم من أسف الإعلام تقهقر وأسلوب النقل اختلف، والبهاء ذهب، وكل شيء كان قبل خمسين سنة كل شيءٍ كان أجمل، نسأل الله حسن الخاتمة، وأن يزيينا بالتقوى ويحلينا بالطاعة، ويحيينا لرمضان كل عام حتى نبقى طائعين متبتلين ومتلذذين بطاعتنا وتبتلنا.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: