د. محمد أبو رمان
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

سياسات التعايش مع أوبئة فتّاكة

د. محمد أبو رمان
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

يمضي المسؤولون الأردنيون في الإصرار على سياسات التعايش مع فيروس كورونا وتداعياته، لأنّ البديل، وهو الإغلاق ومنع التجول، أتى بنتائج وخيمة على الاقتصاد، وعلى حياة أردنيين كثيرين. والطريف في الأمر، حتى وقت قريب، تظهر دراساتٌ للرأي العام أنّ نسبة تصل إلى النصف، أحيانا، من المواطنين كانت ترى أنّ كورونا مجرد مؤامرة أميركية غربية، ولا تأخذ القضية على محمل الجدّ، وتشكّك في الأرقام الرسمية.

كانت الرسالة الرسمية، في الأيام الماضية، واضحة: لا عودة إلى الوراء، فيما يؤكّد وزير التربية والتعليم السابق والخبير في الأوبئة، عزمي محافظة (في ورشة عمل مغلقة عقدها مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية أخيرا) أنّ علينا التعايش مع الفيروس فترة قد تمتد إلى أعوام.

المعضلة أنّ الفيروس يأتي ظلاّ ثقيلاً في ظل ظروفٍ كانت، في الأصل، صعبة وغير مريحة لغالبية الأردنيين! فاقتصادياً تفيد معطيات دائرة الإحصاءات العامة، أخيرا، بأنّ معدل البطالة ارتفع ليصل إلى 23%، وبالنسبة للشباب أعلى بكثير، وينذر بتفشّي “وباء البطالة” الذي بات يمثّل التهديد الأكبر للأمن اليومي لشريحة اجتماعية واسعة، ويمثّل تحدّياً كبيراً للدولة والمجتمع، في ضوء تقديرات رسمية وغير رسمية تؤكّد أنّ النسبة سترتفع، بالضرورة، مع عودة أعداد كبيرة من العاملين في الخليج، في الفترة المقبلة.

تتزاوج الأوضاع الاقتصادية والمالية الصعبة مع استحقاق دستوري رئيس، يتمثّل بالانتخابات النيابية، مع إصرار “مطبخ القرار” على إجرائها في أكتوبر/ تشرين الثاني المقبل، في ظل ارتفاع ملحوظ في معدّلات الإصابة خلال الأسابيع الأخيرة لتتراوح يومياً بين 60 – 100 حالة، وهي أرقام قياسية وغير مسبوقة في الحالة الأردنية. وفي الأثناء، عادت المدارس الحكومية والخاصة (تستوعب مئات آلاف من الطلاب) إلى الدوام الرسمي في هذا الشهر (سبتمبر/ أيلول)، مصحوبة ببروتوكول طبي، ما تزال تساؤلات حقيقية وهواجس كبيرة في الشارع تطرح في مدى إمكانية تطبيقه وفعاليته.

ما هي البدائل الأخرى؟ لم يكن تقييم التعليم عن بعد مشجعاً، في العام الدراسي الماضي، على صعيد المدارس والجامعات، والتعليم الهجين (الجمع بين الإلكتروني والتقليدي) الذي جرى التنظير له، وتبنّيه في الخطاب الرسمي، قد يكون الحل اليوم، لكنّه يتطلب شروطاً وقدرات واستعدادات لم تجد الوقت الكافي.

في المقابل، لم تعد مقبولة اجتماعياً أي قرارات فيها حظر أو إغلاق، حتى وإن كان في العطلات الأسبوعية، إذ واجهت الحكومة عاصفة شديدة من الانتقادات، بسبب مثل هذه القرارات، واضطرت للتراجع عنها. وسياسياً لم يعد مطروحاً في دوائر القرار الاستمرار مع مجلس النواب الحالي، لأسباب متعدّدة، ولأنّه لا ضمانة لتراجع حدّة الفيروس في حال تأجيل الانتخابات، مع أن إجراءها في هذه الظروف، على الرغم من البروتوكولات الصحية والتعليمات، يثير قلقا صحياً كبيراً!

المعنى أنّ الفيروس الذي لا يرى في العين المجرّدة يراكم الأزمات فوق بعضها، والأخطر من ذلك كلّه حالة “عدم اليقين” التي تجتاح الشارع الأردني، حتى أنّ الحكومة لم تعد تعرف مصيرها، ما إذا كانت ستبقى أم ترحل خلال أسابيع بسبب الاستحقاق الانتخابي، والأسواق الاقتصادية ما تزال تواجه المجهول، ويتعلّق بها الأمن اليومي لأغلبية المواطنين.

إذا كان الخطاب الرسمي يستند، قبل كورونا، إلى عبارة “ليست لدينا حلول سحرية للمشكلات الاقتصادية”، فكيف هي الحال في ظل التداعيات العميقة للفيروس الفتّاك؟! بالضرورة، ستلجأ الحجج الرسمية إلى التمسّك بتأثيره، وبالأزمة العالمية والإقليمية التي تصيب العالم. لكن، على الطرف الآخر، ما هو أشد من فيروس كورونا هو فيروس غياب الثقة؛ ليس فقط بين الحكومة والشارع، بل بين المواطنين أنفسهم، والشك في كل شيء، وهي حالةٌ مَرَضية، تتطلب التركيز على الثقة العامة، ما يعيدنا مرة أخرى إلى كتاب فرانسيس فوكوياما (بالعنوان نفسه)، فمن دون تكاتف داخلي واجتماعي وسياسي ستكون سياسات التعايش بمثابة مرض شديد الخطورة.

(العربي الجديد)

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts