د. أحمد شحروري
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

صناعة العبودية في التاريخ الحديث

د. أحمد شحروري
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

 بعض البسطاء لا يرى إلا ما يعيشه في لحظته، ولا يكلف نفسه بالنظر في بواطن الأمور وخفاياها فهو ظاهري السمع والبصر.

إذا فتحت وسيلة إعلام مسموعة أو مرئية تابعة لعدو أو أو مبهور بعدو رأيت أنهم في دنيا غير دنيانا، فمازالوا يشتمون المقاومة لأنها هي التي تحرشت بالغاصب فأغضبته حتى أعمل تقتيلا وتدميرا، وكانت في غنى عن ذلك، لكن قل لي بربك :ألم يبدأ المعركة من استمرأ تدنيس الأقصى صباح مساء واعتدى على الزمان والمكان معا ؟! ألم تبدأ المعركة يوم وُهِبت فلسطين ممن لا يملك لمن لا يستحق ؟ ألم تبدأ المعركة يوم هُجّر سكان الأرض الأصليون وأُتي بشذاذ الآفاق ليسكنوا بيوتهم ويأكلوا خيرات أرضهم ؟ ألم تبدأ المعركة يوم استأجر الإنجليز والفرنسيون ذئابا وثعالب ليحرسوا أراضي كانوا يحتلونها فخرجوا منها وخلّفوهم عليها فأهلكوا الحرث والنسل وزوّروا التاريخ وأظهروا أنفسهم سادة وهم في حقيقتهم عبيد لصوص منتفعون ظل قيدهم في يد الأجنبي، يمدونه لهم إلى حيث يريد ممسكه ثم يُشدّ فلا يدرِك العبد إلا ما سلّط عليه!!

متى يعود لأمتنا وعيها لترى حقيقة ما عميت عينها عنه طويلا ؟ متى تقرّ أمتنا في العلن أن أصل مصيبتنا أننا ضعفنا عن مواجهة اللص والمتعاون مع اللص ووكيله وأذرعه، وأن هذه الأمة لم تعرف معنى الاستقلال منذ نُكس علم دولتها الواحدة وتقاسمها الذئاب دويلات ذليلة لا تملك كلمتها،ولا تصَرّف لها في خيراتها وإن سمح لها أن تراها بأعينها وتدوسها بأقدامها، هذه – أيها السادة- هي حاضنة المصيبة، وليست فلسطين وحدها السليبة بل إن عالمنا الإسلامي كله رهن رعبنا وخورِنا ونحن لا نصدر إلا عما يريده خصمنا لنا، وقد أدمنّا إخفاء حقيقة تبعيتنا حتى عن خواطر نفوسنا في خلواتنا.

عندما ترى أن فلسطين وحدها اليوم تسير نحو الحرية فلأن في فلسطين رهطا هان في نفوسهم عدوهم فما عادوا يحسبون حسابه وصاروا يختارون وقت الضغط عليه وإذلاله، صاروا يتخذون قرار قتله وتشريده دون استشارة سفارات ولا تنسيق مع أحد، وطبيعي أن يغضب العالم المستعبِد والعالم المستعبَد من هذا لأن السيد تعوّد أن عبيده لا يجرؤون على مخالفته، ولأن العبد لم يخلق ليفكر كالأحرار، وهذه معادلة حرص شرطة العالم المالكون (لات) الفيتو و(عزى) النووي أن يستمر مفعولها وألا تنكسر.

منذ انطلاقة طوفان الأقصى صار العالم مرشحا لمفاصلة سيفرضها انتصار مستضعفي الأمس سادة اليوم والغد، فما عاد سحر الحكم والأجهزة وسلطة الإعلام قادرين على أن يعيدوا عقارب الساعة إلى الوراء، صحيح أن نخبة المثقفين في الأمة كانوا يعلمون كل شيء، يعلمون خبر السادة الذين استخلفوا العبيد، ويعلمون حقيقة المؤامرة الكبرى على كينونة الأمة وكبريائها، ومع هذا فشكرا للمقاومة فقد منحتنا حرية البوح بما خفنا أن نعلنه من قبل، كما منحتنا حرية التفكير بما كان وبما ينبغي أن يكون، وبأننا رهن كابوس جثم على صدورنا قرنا ونيّفا، صار علينا أن ننتفض من تحته وأن نحكي للجيل الجديد حكاية زوّرت فغيبوها عن المناهج وعن قصص المجالس ورفعوا شعار: (للحيطان آذان) حتى يظل الكذب سيد الموقف فلا يعرف من باع ولا من اشترى ولا من سمسر بينهما.

أما عن حكاية الدمار الذي زعموا أن المقاومة كانت سببه، فيغنينا عن مناقشته عِلم كل عاقل أن إعادة إعمار الديار أقل تكلفة من خسارة أنفسنا وتاريخنا وحاضرنا، فإن ما يهدمه فقدان الذات وإهدار القيم لا تبنيه الأموال الطائلة ولا معاصم الرجال.

سلام على أحرار هذه الأمة الذين فتحوا لنا الطريق لكي نشعر بسيادتنا ونتمتع بحريتنا في عالم يملؤه العبيد.

(البوصلة)

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts