فلسطينيو “الخان الأحمر” بالقدس .. قلق من تهجير إسرائيلي مرتقب

فلسطينيو “الخان الأحمر” بالقدس .. قلق من تهجير إسرائيلي مرتقب

يعيش سكان تجمع الخان الأحمر الواقع في بادية القدس الشرقية بالضفة الغربية المحتلة حالة من الترقب والخوف من مواجهة “نكبة جديدة” بعد قرار إسرائيل بسط السيطرة على صحراء شرقي القدس.

وكان المجلس الوزاري الإسرائيلي للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت) صادق، في 28 يونيو/ حزيران الماضي على إنفاذ القانون (القانون الإسرائيلي أي بسط السيطرة) ضد البناء المتفشي في صحراء يهودا (بادية القدس الممتدة من الخليل حتى البحر الميت)، وتطبيق القانون في المناطق “ب” ضد “الأضرار التي لحقت بالمواقع التراثية والمخاطر البيئية”.

وإثر ذلك، حذّر خبراء ومحللون سياسيون فلسطينيون من تداعيات القرارات بشأن تعزيز الاستيطان الإسرائيلي في الضفة، وشرعنة العديد من البؤر الاستيطانية فيها، واصفين إياها بأنها “نكبة جديدة”.

ويسكن في تجمع الخان الأحمر البدوي نحو 200 فلسطيني، في بيوت من الصفيح والخيام، وتعرضوا على مدار السنوات الماضية لمحاولات تهجير واقتلاع من مساكنهم لصالح مشروع استيطاني كبير يطلق عليه إسرائيليا E1.

ويحيط بالتجمع مستوطنات إسرائيلية ويقع ضمن الأراضي التي تستهدفها تل أبيب لتنفيذ مشروع “E1” الذي يتضمن إقامة أكثر من 3500 وحدة استيطانية لربط مستوطنة “معاليه ادوميم” مع القدس الغربية، وعزل المدينة عن محيطها، وتقسيم الضفة الغربية إلى قسمين.

وكانت المحكمة العليا الإسرائيلية أعطت قبل سنوات الضوء الأخضر لهدم وإخلاء تجمع الخان الأحمر، توطئة لتنفيذ المشروع الاستيطاني “E1”.

وتؤخر المواقف الأمريكية والأوروبية والأممية، المتتالية منذ سنوات، إخلاء وطرد العائلات.

والشهر الماضي، نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، بسط تل أبيب السيطرة على مساحات كبيرة في الضفة الغربية تقع في بادية القدس الشرقية وشرعنة بؤرة استيطانية.

وتقع بادية القدس في المنطقة “ج”، والتي تعتبر السلطة الفلسطينية مسؤولة عن تقديم الخدمات الطبية والتعليمية للفلسطينيين فيها، بينما تسيطر إسرائيل على الجوانب الأمنية والإدارية والقانونية.

وصنفت اتفاقية “أوسلو 2” لعام 1995 أراضي الضفة ثلاث مناطق: “أ” تخضع لسيطرة فلسطينية كاملة، و “ب” تخضع لسيطرة أمنية إسرائيلية ومدنية وإدارية فلسطينية، و “ج” تخضع لسيطرة مدنية وإدارية وأمنية إسرائيلية، وتشكل الأخيرة نحو 61 بالمئة من مساحة الضفة الغربية.

** بيئة طاردة

وفي تصريح للأناضول، قال عمدة تجمع الخان الأحمر عيد خميس، إن “الحياة باتت صعبة للغاية جراء مواصلة عمليات التنكيل والتضييق من قبل السلطات الإسرائيلية والمستوطنين”.

وأضاف “رغم أن دولا أوربية تتابع قضية الخان الأحمر والتي تعد واحدة من أشهر قضايا محاولات التهجير إلا أن السكان يعيشون اليوم حالة من الترقب والخوف الدائمين”.

وتابع “منذ اندلاع الحرب (في اكتوبر / تشرين الأول الماضي) ساءت الأمور بشكل كبير وباتت حياة السكان أشبه بالسجن. الحركة صعبة جراء وجود بؤر رعوية استيطانية بمقربة من التجمع”.

ويعتمد سكان التجمع على تربية الثروة الحيوانية، غير أن المستوطنين يغلقون الطرقات والمراعي أمام الرعاة الأمر الذي شكل تضيقا على حركتهم وحياتهم.

خميس أشار إلى أن المستوطنين يمارسون سياسة التضييق بأسلوب خبيث من أجل دفع السكان للرحيل.

وذكر أن “حياة البدوي المراعي، لكن باتت حياته اليوم صعبة، حيث مُنعنا من غالبية المساحات التي كانت تصل إليها قطعاننا”.

وقال “اليوم يُسمح لنا بالتحرك والرعي في مساحة صغيرة للغاية، هذه مساحة لا تكفي أبدا”.

ويملك السكان في تجمع الخان الأحمر المطلّ على منطقة البحر الميت نحو 3500 رأس من الأغنام، بحسب عمدة التجمع.

وأوضح “حاول المستوطنون مصادرة جزء من الأغنام وتم استرداده لاحقا، وحاولوا السيطرة على مساكن فلسطينية في التجمع والسكن فيها أيضا، إنهم يسعون بكل الطرق لخلق بيئة طاردة”.

*حرمان المياه

ويعاني سكان التجمع البدوي علاوة على ما ذكر من نقص المياه التي تعد شريان الحياة للمجتمعات الرعوية، إثر سيطرة سلطات الاحتلال على مصادرها.

وبحسب عمدة التجمع، “سيطرت السلطات الإسرائيلية على نبع مياه بشكل كامل، وتم حفره وتركيب مضخات عليه تزود المستوطنات الإسرائيلية بالمياه فيما تمنع التجمعات البدوية والثروة الحيوانية من أي مصدر مياه”.

وأشار إلى أنهم يعتمدون على نقل المياه عبر صهاريج الأمر الذي جعل المياه نادرة ومكلفة، لافتا أنها سياسة متعمدة لإجبار السكان على إخلاء

وقال “يعيش تجمع الخان الأحمر والتجمعات المثيلة في بادية القدس في سجون”.

وأضاف: “يوجد نحو 3000 شخص في 26 تجمعا بدويا في منطقة شرق القدس، جميعها مهددة بالإخلاء والهدم والإزالة”.

** نعيش على كف عفريت

الناشط الفلسطيني في مقاومة الاستيطان عطا الله الجهالين، أكد بدوره للأناضول أن “حياة السكان (البدو) أصبحت على كف عفريت، قد تأتي القوات الإسرائيلية في أية لحظة وتقوم بتفكيك التجمعات البدوية الـ 26 الواقعة في بادية القدس الشرقية بما فيها الخان الأحمر”.

وأضاف للأناضول “التضييق بات مضاعفا من 7 أكتوبر، والقرار الأخير الأخطر، نحن نعاصر حكومة يمينية متطرفة لا يهمها قانون دولي ولا حقوق انسان”.

ورغم تلك المخاوف يقول الناشط جهالين إن “السكان يصرون على البقاء في منازلهم، لا مكان لهم ويرفضون عيش نكبة جديدة”.

وقال ” اليوم العالم لا يرى ما يجري في الضفة الغربية من أعمال هدم منشآت وتضييق واعتقال وقتل في الضفة الغربية، إسرائيل تمارس سياسة قاتلة دون أي حسيب”.

**سحب صلاحيات السلطة

وكان رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان التابعة لمنظمة التحرير مؤيد شعبان قد قال للأناضول في وقت سابق إن إسرائيل حولت الضفة الغربية المحتلة إلى “معازل بفعل الاستيطان والتوسع فيه”.

“وأوضح أن مجلس المستوطنات بات يتحكم “بكل ما يجري في الضفة الغربية والقدس”، قائلا: “هناك تكامل في عمل المجلس”.

وحذّر من خطورة “سيطرة إسرائيل على بادية القدس والتي تشكل 3 بالمئة من مساحة الضفة، حيث تبلغ مساحتها نحو 176 كيلو مترا”، لافتا إلى “سحب كافة صلاحيات السلطة الفلسطينية من تلك المنطقة”.

** بدو القدس

تنحدر أصول بدو القدس من منطقة بئر السبع التي كانوا يسكنونها قبل حرب عام 1948 بمنطقة تل عراد في صحراء النقب جنوب فلسطين المحتلة.

وكانوا يتنقلون في أرجاء المنطقة باحثين عن مصادر الماء والمراعي لمواشيهم، وبعد اندلاع الحرب عام 1948 هجرتهم قوات الاحتلال الإسرائيلي بهدف بناء مستوطنة “عراد” الإسرائيلية على أراضي تل عراد.

وقد لجأ معظمهم إلى الأردن، ومن تبقى منهم في فلسطين توزعوا في عدة تجمعات بدوية في السفوح الشرقية للقدس وبيت لحم والخليل وتم تسجيلهم في قائمة اللاجئين.

وفي عام 1967 استولت إسرائيل على مئات الآلاف من الدونمات (الدونم يعادل 1000 متر مربع) من الأراضي التي كانت تصنف مراعي، وأعلنتها مناطق عسكرية مغلقة، وبنت عليها المعسكرات والمستوطنات الإسرائيلية مثل مستوطنة معاليه أدوميم.

وعقب توقيع اتفاقية أوسلو الثانية في عام 1995 استغلت تل أبيب وجود البدو في المناطق المصنفة (ج) في الاتفاقية المذكورة، والتي تقع تحت السيطرة الأمنية والإدارة الإسرائيلية، فهدم بيوتهم ومضاربهم ونقلتهم قسرا بشاحنات بعيدا عن مواقعهم الأصلية بذريعة أن هذه المضارب البدوية تشكل خطرا أمنيا على المستوطنات المحيطة، وعائقا للنمو العمراني الإسرائيلي في المنطقة الشرقية للقدس.

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: