كيف واجهت الروبوتات الطبية أزمة كورونا؟

كيف واجهت الروبوتات الطبية أزمة كورونا؟

الروبوتات الطبية

بعد فترة وجيزة من جائحة الإنفلونزا الإسبانية عام 1918، قدم الكاتب التشيكي كاريل شابك لأول مرة مصطلح “الروبوت”، لوصف الأشخاص الآليين في مسرحية الخيال العلمي (روبوتات روسوم العالمية)، التي كتبها عام 1921على الرغم من أن الروبوتات عالية الذكاء، التي تصورها شابك، لم يكن لها وجود في ذلك الوقت.

وفي مقال نُشر مؤخرا في مجلة “ناتشر ماشين إنتليجنس” (Nature Machine Intelligence)، ناقش باحثون من جامعة جون هوبكنز الأميركية كيف قادت جائحة فيروس كورونا إلى ابتكارات غير متوقعة في عالم الروبوتات.

وتم الكشف في الوقت نفسه عن العوائق والتحديات التي تحول دون استعمال الروبوتات في قطاع الرعاية الصحية بشكل واسع حتى الآن. وأكد الباحثون أن التقدم الحاصل في التفاعل بين الإنسان والروبوت -مثل تحسين قدرات الروبوتات على الإحساس واللمس واتخاذ القرار المناسب- سيحدد ما إذا كانت روبوتات الغد ستساعد المستشفيات ومؤسسات الرعاية الصحية على التصدي بفعالية للوباء القادم.

وناقش فريق البحث المكون من البروفيسور أكسل كريجر، المختص في تقنيات التحكم الآلي للروبوتات الطبية في الجامعة، والبروفيسور بريان غاريبالدي، مدير وحدة الاحتواء الحيوي في مستشفى الجامعة، والدكتور المهندس راسل تايلر، المختص في بناء الروبوتات الطبية والباحث في جامعة هوبكنز، كيفية الاستفادة من التكنولوجيا لتطوير روبوتات قابلة للتكيف وموثوقة لمواجهة أزمات الأمراض المعدية في المستقبل.

في هذا السياق، حدد فريق البحث 3 طرق عززت بها الروبوتات بشكل كبير أساليب رعاية المرضى مع الحفاظ على سلامة الكوادر الصحية أثناء الجائحة، وهي تقليل الاتصال بين المرضى المصابين ومقدمي الرعاية، وتقليل الحاجة إلى معدات الوقاية الشخصية، وإعطاء الكوادر الصحية مزيدا من الوقت للتركيز على المهام الأكثر أهمية وخطورة.

الروبوتات والأزمة الحالية

يقول تايلر “لدينا حاليا بالفعل روبوتات تقدم وجبات الطعام، وقادرة على قياس درجة حرارة المريض؛ لكننا الآن نتحدث عن روبوتات أكثر تطورا في المستقبل، يمكنها أداء مهام تمريضية وطبية متعددة، وهو ما يمثل تحديات هندسية حقيقية مثيرة وجديرة بالاهتمام”.

وأضاف “أحد التحديات التي واجهناها أثناء الأزمة الحالية مثلا، أننا صممنا روبوتا خاصا لإدارة عمليات التنفس الاصطناعي في وحدات العناية المركزة؛ لكن هذا الروبوت كان مصمما لتشغيل نوع واحد من أجهزة التنفس الاصطناعي، التي تستخدم الأزرار؛ لكننا اكتشفنا أن لدينا أجهزة تنفس أخرى تستخدم المقابض بدلا من الأزرار، وهذا يعني أننا بحاجة إلى إعادة تصميم الروبوت ليصبح قادرا على تشغيل هذه الأجهزة أيضا؛ أي إننا بحاجة إلى روبوت قادر على التعامل مع مختلف أنواع أجهزة التنفس الاصطناعي، إضافة لتقديم مهام أخرى في وحدة العناية المركزة”.

الجهود البحثية وقدرة الروبوتات

يقول كريجر إن الوباء الحالي أظهر محدودية النظام الروبوتي للعمل في بيئة صعبة ومتغيرة على نطاق واسع، وبالذات في المستشفيات المزدحمة، ويجب أن تكون روبوتات المستقبل قادرة على العمل بكفاءة مع المشكلات غير المتوقعة في المستشفيات المزدحمة.

ويضيف “علينا أن نركز البحث على تطوير روبوتات قادرة على العمل باستقلالية، وتملك خاصية التعلم الذاتي للتعامل مع مستجدات وحاجات الرعاية الصحية وإدارة الأحداث غير المتوقعة، التي يمكن أن تحدث أثناء العمل”.

واعتبر كريجر أن “الواقعية والملاحظة الميدانية تفرض علينا بناء روبوتات تحتاج إلى قدر قليل من الإشراف البشري، أو ما يمكن أن يطلق عليه (الإدارة المشتركة)، والتي تجمع بين معرفة الخبراء الطبيين وقدرات الروبوتات”.

وبدوره، يقول غاريبالدي إن المجال الأكبر الذي يجب أن يركز عليه المهندسون هو تعزيز قدرة الروبوتات على أداء المهام الحركية الدقيقة، حتى يصبحوا قادرين على أداء مهام مباشرة ودقيقة في العناية بالمرضى مثل وضع أنبوب في الوريد، أو تثبيت أنبوب تنفس في القصبة الهوائية للمريض، كما يمكن أن تشمل المهام الأخرى تنظيف غرف المرضى، وإدارة أجهزة التنفس الاصطناعي، ومراقبة حالة المريض عبر الأجهزة الطبية الموجودة في الغرفة.

مستقبل الروبوت الطبي

يقول تايلر إنه مهتم بمسألة الوعي الذاتي لهذه الروبوتات بطبيعة العمل؛ كيف يمكن لروبوت، والذي هو حاسوب في الأساس، أن يستوعب ويطور معلومات كافية عن البيئة التي يعمل بها حتى يتمكن من القيام بالمهمة، التي يفترض عليه القيام بها؟ وكيف يمكنه ربط قدراته العامة في الحركة والاستشعار مع تلك المهمة المحددة؟

مثلا، إذا طلبت من الروبوت أن ينظف غرفة، يجب أن يكون قادرا على فهم ماذا يوجد في هذه الغرفة، وما يجب تنظيفه فيها، وما لا يجب عليه الاقتراب منه، وهذا يتغير من يوم لآخر، ومن غرفة إلى أخرى.

في مختبر الاستشعار الحاسوبي والروبوتات، هناك فِرق تبحث في كيفية تقوية وتطوير سبل التعاون بين الإنسان والروبوت، وذلك باستخدام تقنية “الواقع المعزز”. ويعمل الكثيرون حاليا على تطوير “الروبوتات الجراحية”، ولكن هناك الكثير من التداخل مع العنصر البشري في غرف العمليات، وهذا ما يجب العمل على حله.

أما كريجر فيقول إن فريقهم يعمل على إدخال تحسينات على روبوتات وحدة العناية المركزة كي تعمل بشكل دقيق تماما على أجهزة التنفس الاصطناعي. وهم يبحثون أيضا في استخدام الروبوتات لإجراء عمليات التصوير بالموجات فوق الصوتية للرئة باستخدام كاميرات ثلاثية الأبعاد، وأجهزة الاستشعار.

ويؤكد أن المستقبل يحمل الكثير من الوعود لإدخال الروبوتات الطبية في صميم العمل لمواجهة الوباء القادم.

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: