لماذا تبيع الحكومة المصرية الكهرباء للأوروبيين أرخص منه للمواطنين؟

لماذا تبيع الحكومة المصرية الكهرباء للأوروبيين أرخص منه للمواطنين؟

الكهرباء

في الوقت الذي اعتاد فيه المصريون التصريحات الحكومية، حول رفع الدعم عن الطاقة، وما يتبعه من الشكاوى اليومية جراء غلاء فواتير الكهرباء، كشفت وكالة بلومبيرغ عن عزم النظام المصري بيع الكهرباء لدول أوروبية بتكلفة أقل من نظيرتها بالسوق المحلي.

ونقلت بلومبيرغ عن مسؤول رسمي أن الحكومة بصدد بيع الكهرباء بنحو 2.4 سنت أميركي للكيلووات/ساعة، أي ما يعادل 40 قرشا، في الوقت الذي تبيعه للمواطن بسعر يصل إلى 140 قرشا للشريحة السادسة.

ويبلغ حجم الطاقة في البلاد نحو 50 ألف ميغاوات، منها 20% طاقة فائضة، وتأتي 8.6% من الطاقة المنتجة من مصادر متجددة، وتستهدف الحكومة رفعها إلى 20% بحلول عام 2022.

وأمام موجة انتقاد ما تعتزمه الحكومة من تصدير الكهرباء بسعر زهيد، خرج وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، محمد شاكر، بتصريحات نافية ما يتم تداوله حول أسعار التصدير، معتبرا تحديد سعر البيع لأي دولة سابقا لأوانه.

وانتشر على نطاق ضيق بالإعلام المحلي بيان للمركز الإعلامي لمجلس الوزراء ينفي ما تردد عن تصدير الكهرباء لدول أوروبية بسعر مدعم، لكنه يربط ذلك بأن الربط الكهربائي ليس متوفرا مع أي دولة أوروبية حتى الآن، وهي صيغة لا تغلق الباب أمام احتمال أن يكون السعر كما تردد ولكن بعد أن يتم الإعلان عن بدء التصدير.

وكان رئيس صندوق مصر السيادي، أيمن سليمان، صرح لوكالة بلومبيرغ أن حكومة بلاده بدأت مفاوضات بخصوص خطط لبيع الكهرباء إلى أوروبا وأفريقيا ضمن مساعيها لتحويل القاهرة إلى مركز إقليمي لتصدير الطاقة.

وأضاف أن سعر البيع المربح للطاقة هو 2.4 سنت أميركي للكيلووات/ساعة بالمقارنة مع متوسط سعر 23 سنتا في بيوت أوروبا.

غاية التصدير

وأكد وزير الطاقة، في تصريح صحفي، أن تصدير الكهرباء غاية تسعى الحكومة إليها لزيادة الناتج القومي، موضحا أن وزارته تعمل على تسريع الإجراءات الخاصة بالبدء في إنشاء كابلات وخطوط الربط الكهربائي مع قبرص بوجه خاص.

ومن المقرر تنفيذ خط الربط مع أوروبا عبر عدة مراحل تتضمن خطاً حتى قبرص، ومنها إلى جزيرة كريت ثم إلى اليونان، حيث يتوقع أن تصل مدة تنفيذ المشروع بين 5 و6 سنوات.

وتحدثت مصادر مسؤولة بوزارة الكهرباء لوسائل إعلام محلية عن تقديم شركات متخصصة عروض شراء ونقل الطاقة من مصر إلى أوروبا، خاصة إلى الدول الصناعية الكبرى وأبرزها إيطاليا.

وأوضحت المصادر الرسمية أن خط الربط الكهربائي سيصمم لتبادل قدرات تصل إلى 3000 ميغاوات، موضحة أنه تم الاتفاق على نقطة الربط في الجانب المصري 100 كيلومتر غرب دمياط.

وتقدر تكلفة المرحلة الأولى لخط مصر قبرص اليونان نحو 2.53 مليار دولار، على أن يكون موعد تنفيذه في ديسمبر/كانون الأول 2023 بطاقة إمداد مبدئية 50 غيغاوات.

وكان صندوق مصر السيادي عقد اتفاقية مع وزارة الكهرباء لاجتذاب مستثمرين يشاركون بالخطط التصديرية عبر بناء خطوط الإمدادات.

وفي تقرير لها، توقعت شركة الأبحاث “فيتش سوليوشنز” التابعة لوكالة فيتش للتصنيف الائتماني أن تقود مصر المنطقة في مجال إنتاج الكهرباء على مدى 9 سنوات مقبلة.

وأكد التقرير الصادر في مارس/آذار الماضي أن القاهرة ستنتج 265 مليار كيلووات/ساعة بحلول عام 2023، مقابل 231.5 مليارا عام 2020.

معاناة المواطن

تلك المساعي التصديرية، وتنمية الموارد الكهربية، يقابلها خطوات دؤوبة لزيادة معاناة المواطنين بزيادة أسعار الكهرباء.

فقد رفعت الحكومة أسعار الكهرباء 7 مرات خلال السبع سنوات الماضية، كان آخرها في يوليو/تموز الماضي بنسبة 19.1%، وكانت العام الماضي 21%.

وكان مقررا أن ترفع الحكومة الدعم بشكل كامل عن أسعار الكهرباء، بدءا من عام 2021، غير أن جائحة فيروس كورونا دفعت إلى تأجيل الخطوة إلى 2025.

وعلق مصطفى عبد السلام، الصحفي المختص بالشأن الاقتصادي، على تصدير الكهرباء بسعر أقل مما يشتريه المواطن بأن الحكومة تحقق مكاسب طائلة من جيوب مواطنيها الذين يعانون جراء الأزمة الاقتصادية، وفي ظل ارتفاع معدلات الفقر والبطالة.

واستطرد عبر منشور على حسابه الشخصي بموقع فيسبوك “الحكومة تعاير المواطن الفقير باعتبارها تبيع الكهرباء له بسعر زهيد، وتزعم أن هذا السعر مدعوم من ميزانية الدولة، في حين أنها ستبيع نفس السلعة للمواطن الأوروبي بتكلفة أقل”.

وأوضح الصحفي أن كبار المسؤولين في مصر يدلون بتصريحات لوكالة بلومبيرغ الاقتصادية عندما يريدون توصيل رسالة إلى الخارج والمستثمرين الدوليين.

فارق شاسع

من جهته أوضح خبير الطاقة الكهربية، المهندس أحمد مصطفى الدوانسي، وجود فارق شاسع في المجهود والتكلفة بين توليد ونقل وتوزيع الكهرباء داخل البلاد، وبين نقلها فقط للخارج.

وقال عبر منشور، على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، إن هناك عدة مراحل يتم تنفيذها من أجل وصول الكهرباء إلى المنشأة، تبدأ من التوليد ثم النقل فالتوزيع.

وأضاف أن توليد الكهرباء يتم عبر محطات توليد ضخمة أو عن طريق السد العالي أو الرياح، ثم ينقل من خلال كابلات وأبراج جهد فائق.

وعبر عملية معقدة يتم نقل الكهرباء من محطات التوليد إلى محطات النقل، ثم يأتي دور شركات التوزيع التي تتولى عملية النقل إلى المحولات الموجودة بالشوارع عن طريق كابلات وأبراج وأعمدة الجهد المتوسط، ثم يصل بعد ذلك إلى المنشآت عبر أعمدة الجهد المنخفض، حسب شرح الدوانسي.

وحسب الخبير في الطاقة الكهربية، عملية توليد ونقل الكهرباء إلى دولة أخرى أيسر وأقل تكلفة من توزيعها داخل الدولة.

واستطرد “محطات التوزيع تستلزم (عمليات صيانة) وإحلالا وتجديدا بشكل دائم، ولا يتم تحصيل رسوم من المشتركين مقابل تلك الخدمة”.

أما أستاذ الاقتصاد بجامعة أوكلاند الأميركية، الدكتور مصطفى شاهين، فرأى الخطوة الحكومية من منظور مختلف، إذ أوضح أن مصر طورت خلال السنوات الأخيرة من شبكات الكهرباء لديها مما أدى لمزيد من الإنتاج، وبالتالي تحقق فائض لديها.

وأضاف للجزيرة نت أن الحكومة تريد التخلص من الفائض الكهربي خاصة وأنها لا تستطيع تخزينه، موضحا أنها تسعى للحصول على العملة الصعبة عبر تصدير أي سلعة لأي سوق.

وبالنسبة لغلاء فواتير الكهرباء في الداخل رغم وجود فائض بالإنتاج، قال الأكاديمي المتخصص في الاقتصاد إن النظام المصري لا يعبأ بالمواطنين ومعاناتهم، ويحاول تحقيق مكاسب مادية بأية طريقة سواء برفع التكلفة محليا أو التصدير من أجل العملة الصعبة.

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: