البوصلة – صممت باحثة التكنولوجيا الحيوية كولين كوتكليف، بروبيوتيك، لمساعدة مرضى السكري في خفض نسبة السكر في الدم، وهي تقدم حاليًا مجموعة من المكملات الغذائية باهظة الثمن تساعدها في بيعها الممثلة الأميركية هالي بيري.
بداية القصة
عام 2007، ولدت كولين كوتكليف ابنتها قبل موعدها، وكانت تزن 4.5 كغم فقط، وأمضت الشهر الأول من حياتها في وحدة العناية المركزة تتناول المضادات الحيوية. عندما كبرت، عانت الطفلة من مشاكل التمثيل الغذائي والحساسية الغذائية.
تؤمن كوتكليف، عالمة الأحياء المدربة التي تتمتع بخبرة بحثية تزيد على 20 عامًا، بأن جذور مشكلة ابنتها تكمن في أمعائها، إذ إن استخدام المضادات الحيوية قد يؤدي إلى قتل البكتيريا “النافعة”.
من هنا، استقت فكرتها في تأسيس شركة Pendulum Therapeutics، وهي شركة ناشئة مقرها سان فرانسيسكو تعمل على تطوير البروبيوتيك الذي يستهدف تحسين صحة الأمعاء.
في عام 2012، بدأت كوتكليف شركة Pendulum مع زملائها العلماء جيم بولارد وجون عيد، لتطوير خط جديد من البروبيوتيك الذي يستهدف صحة الأمعاء وعددًا لا يحصى من الأمراض التي ترتبط باختلال الميكروبيوم، وهي الكائنات الحية الدقيقة المزدهرة التي تعيش داخل الأمعاء.
جمعت الشركة 126 مليون دولار من مستثمرين من بينهم، شركتا سيكويا وميريتيك، ومايو كلينيك، وحتى الممثلة هالي بيري، بتقييم قدره 307 ملايين دولار حتى أبريل/ نيسان 2021. وفي العام الماضي، وصلت الإيرادات إلى ما يقدر بـ 11 مليون دولار.
تتوقع شركة Pendulum أن تتضاعف إيرادات هذا العام أربع مرات تقريبًا في ضوء منتجاتها العديدة الموجودة في السوق، وهو ما سيرفع تقييمها فوق 40 مليون دولار بقليل.
ساعدت هذه الأرقام شركة Pendulum في الحصول على مكان في قائمة Forbes Next Billion Dollar Startups لهذا العام، التي ضمت 25 شركة مدعومة بالاستثمارات نعتقد أن قيمتها ستصل إلى مليار دولار.
سوق الميكروبيوم (البكتيريا النافعة)
زاد عدد الشركات التي تستهدف الميكروبيوم، ما بين شركات تصنع أدوية طبية لأمراض معينة وشركات ناشئة تقدم علاجات للأمعاء التي تحتوي على خلل في البكتيريا على إنستغرام.
تضخم سوق البروبيوتيك في الولايات المتحدة لتصل قيمته إلى 17 مليار دولار.
على سبيل المثال، أطلقت شركة Flagship Pioneering، شركة الاستثمار في مجال التكنولوجيا الحيوية التي تقف خلف شركة موديرنا، 6 من تلك الشركات، بما في ذلك Seres وEvelo، لاستهداف الأمراض.
في حين، تبيع الشركات الناشئة مثل Seed وAthletic Greens مكملات البروبيوتيك التي تروج لأنها ستؤدي إلى صحة أفضل.
يصف الدكتور آدم بيرلمان، الباحث في الطب التكاملي في عيادات مايو كلينيك الذي يرتب لإجراء الأبحاث مع Pendulum، أبحاث الميكروبيوم بأنها “أحد البوابات العظيمة” في مستقبل الرعاية الصحية.
لكن هذا لا ينفي حاجة هذا العلم للوقت والتطوير، فعلى الرغم من اعتقاد العلماء بأن اختلال الميكروبيوم يرتبط بالعديد من الأمراض، من التصلب المتعدد إلى التهاب المفاصل الروماتويدي، إلا أنهم بدأوا للتو في فهم كيف يمكن للبروبيوتيك والأغذية الطبية أن تساعد في تحسين حالة المرضى، وبالتالي لا يزال أمامهم المزيد من الوقت لاكتشاف الأنواع المحددة من الأطعمة والمكملات الغذائية (البريبايوتكس).
التحكم في سكر الدم
تقول الدكتورة ماري إلين ساندرز، الرئيسة المؤسسة للجمعية العلمية الدولية للبروبيوتيك والبريبايوتكس: “ثمّة الكثير من البيانات التي تُظهر بوضوح تأثير الميكروبيوم في صحتنا، ولكنها بيانات تُبنى على بعضها البعض”.
لهذا السبب استغرقت شركة Pendulum وقتًا طويلاً لتصل إلى هذه النقطة. ولكن بعد المثابرة، تعتقد الشركة الآن أنها ترتكز على منتجها القوي، المسمى Glucose Control، والمصمم لمساعدة مرضى السكر في التحكم في نسبة السكر في الدم.
جدير بالذكر أن مرضى السكري يشكلون سوقا كبيرة، حيث يعاني أكثر من 37 مليون أميركي من المرض.
نشرت شركة Pendulum دراسة سريرية مزدوجة شملت 76 شخصًا، أظهرت أن كبسولات Glucose Control ساعدت في تقليل نسبة السكر في الدم لدى مرضى السكري من النوع الثاني في حالات معينة في مجلة BMJ Open Diabetes Research and Care الخاضعة لمراجعة النظراء.
اختارت الشركة تسويق هذه الكبسولات (التي تكلف 215 دولارًا أميركيًا لشهر من الاستخدام) باعتبارها “غذاءً طبيًا”، بدلًا من محاولة ترخيصها كدواء ما سيتطلب الحصول على موافقة إدارة الغذاء والدواء من خلال إجراءات صارمة.
تُسوق منتجات الشركة الأخرى لصحة الأمعاء، بما في ذلك Akkermansia muciniphila، وهو ميكروب ومكون رئيسي للتحكم في الجلوكوز، كمكملات غذائية ولم تخضع مطلقًا للتجارب السريرية بمفردها.
تقول الشركة إنها بصدد إجراء المزيد من التجارب السريرية، بما في ذلك تجربة لدراسة ما إذا كان التحكم في الجلوكوز يمكن أن يساعد في تحسين كثافة العظام لدى النساء في مرحلة مبكرة من انقطاع الطمث.
وفي ضوء عدم حصول أي من منتجات الشركة على موافقة إدارة الغذاء والدواء (FDA)، فإن الأمر متروك للمستخدمين لتقرير ما يحتاجون إليه، فضلًا عن أنهم يدفعون ثمن المنتجات من جيوبهم لأن التأمين لن يغطي تكلفتها.
لا يعتقد الخبراء أن تناول البروبيوتيك قد يؤدي إلى مشاكل صحية، لكن لا يزال من الصعب التنبؤ بالآثار الجانبية طويلة المدى لأن مكملات البروبيوتيك هذه لم تتم دراستها بشكل كافٍ بعد.
كولين كوتكليف
نشأت كوتكليف، 46 عامًا، في أتلانتا، وهي ابنة مهاجرين صينيين، ولم تتخيل أبدًا أنها ستصبح عالمة.
اختارت التخصص في الكيمياء الحيوية في كلية ويليسلي نظرًا لسهولتها، لكن شغفها بالعلوم بدأ يزداد مع مرور الوقت.
حصلت في النهاية على درجة الدكتوراه في الكيمياء الحيوية والبيولوجيا الجزيئية من جامعة جونز هوبكنز، ثم تلتها مرحلة ما بعد الدكتوراه في مستشفى لوري للأطفال في شيكاغو في عام 2004.
بعد فترة قصيرة قضتها في شركة Elan Pharmaceuticals، حيث أجرت أبحاثًا حول مرض باركنسون، توجهت إلى وادي السيليكون لتقود قسم الأحياء في شركة Pacific Bio، التي تصنع أدوات تفحص تسلسل الجينوم.
هناك، التقت كوتكليف بالمؤسسين المشاركين بولارد وعيد، وكلاهما عالمان يشغلان الآن، على التوالي، منصب كبير مسؤولي قسم التكنولوجيا في الشركة وكبير مسؤولي قسم العلوم.
لم يمتلك أي من المؤسسين أي خبرة في تأسيس المشاريع التجارية، لكنهم امتلكوا الجرأة الكافية للقيام بالأمر.
تطوير منتجات الشركة
لا يجتذب تطوير المنتج بسهولة المستهلكين لشرائه. ففي عام 2020، أطلقت الشركة منتجها Glucose Control ضمن برنامج مدته 90 يومًا، إضافة إلى برنامج غذائي واختبارين مجانيين لسكر الدم A1C، لكنه لم يحظ بقبول المستهلكين نظرًا لسعره البالغ 495 دولارًا.
ألغت الشركة البرنامج وتسوِّق حاليًا للكبسولات بمفردها مقابل 215 دولارًا لكمية تكفي 30 يومًا (بسعر مخفض للمشتركين يبلغ 165 دولارًا).
كذلك، واجه التسويق المكثف لمنتجات الشركة العقبات. في عام 2020، أخبر قسم الإعلان الوطني، وهي مجموعة مستقلة تقوم بتقييم المطالبات الإعلانية، شركة Pendulum بأنها لا تستطيع التسويق لقدرة البروبيوتيك على خفض مستويات الجلوكوز في الدم، إذ إن هذه الخاصية توفرها الأدوية الطبية.
لكن هذا لم يردع كوتكليف، فقد شاركت الأبحاث التي أجرتها الشركة. وفي مارس/ آذار 2021، قالت هيئة مراقبة الإعلانات إن شركة Pendulum تمتلك البيانات التي تدعم ادعاءاتها، لكنها اقترحت قصر تسويق المنتج على مرضى السكر الذين يتناولون بالفعل عقار الميتفورمين، وحذف الإشارة إلى انخفاض نسبة الجلوكوز في الدم. وامتثلت الشركة لهذا الطلب.
منذ ذلك الحين، أطلقت شركة Pendulum خمسة منتجات إضافية، بما في ذلك منتج Akkermansia المعاد تعبئته بسعر مخفض قدره 89 دولارًا بما يكفي 30 يومًا، ومزيج بروبيوتيك تسميه الشركة Metabolic Daily المصمم “لتحسين عملية التمثيل الغذائي”.
لم تخضع هذه المنتجات للتجارب السريرية، وهو أمر قانوني بالنسبة للمكملات الغذائية، ولكنه لا يعجب بعض الخبراء، الذين يقولون إن “الشركة لا ينبغي لها أن تدعي دعم الصحة الأيضية، من دون الخضوع لتجربة سريرية”.
لا تبيع الشركة منتجاتها في متجر كليفلاند كلينك عبر الإنترنت فحسب، بل تبيعها أيضًا على أمازون، حيث يمكن للمستهلكين البحث عن الكريمات الطبية والمكملات الغذائية ذات الفاعلية المختلفة. تقول كوتكليف إن بيع المنتجات على أمازون كان مهمًا للعثور على العملاء في مختلف المناطق.
تألقت شركة Pendulum في شهر فبراير/ شباط عندما عينت الممثلة هالي بيري لتصبح مديرة الاتصالات الجديدة لديها، إذ تعاني بيري من مرض السكري وتستخدم منتج الشركة Glucose Control.
تعتقد كوتكليف أن توظيف بيري سيساعد شركة Pendulum في جذب الجمهور إلى البروبيوتيك، على الأقل أولئك الذين يستطيعون إنفاق المئات – إن لم يكن الآلاف – سنويًا على مكملات تحسين وظائف الأمعاء.
فوربس