محللون: عملية “دوليف” نُفذت بتخطيط عميق وتنفيذ دقيق دون ترك أي بصمات

محللون: عملية “دوليف” نُفذت بتخطيط عميق وتنفيذ دقيق دون ترك أي بصمات

أربع عمليات شهدتها الضفة الغربية، خلال أسبوعين، كان آخرها عملية مستوطنة “دوليف” غربي مدينة رام الله (شمال القدس المحتلة)، حيث اعتبرتها الدولة العبرية بأنها الأخطر تخطيطا وتنفيذا، كما أنها تقرع ناقوس الخطر لاندلاع هبة فلسطينية بالضفة قبيل الانتخابات الإسرائيلية المقررة في 17 من أيلول/سبتمبر المقبل.

والجمعة، أصيب ثلاثة مستوطنين، إثر تفجير عبوة ناسفة قرب مستوطنة “دوليف” (المقامة على أراضٍ فلسطينية تابعة لقرى “عين قينيا” و”دير ابزيع” و”الجانية”) بالضفة الغربية المحتلة، أعلن فيما بعد عن مقتل مجندة وإصابة مستوطنيْن بجراح خطيرة.

وتشير التحقيقات الإسرائيلية الأولية إلى أن المنفذين خططوا لهذه العملية طويلا، ومن نفذها خلية مطلعة جيداً على عمليات الجيش في الميدان؛ فقد وصلوا المنطقة؛ وزرعوا العبوة على جانب الطريق؛ وقاموا بتفعيلها عن بعد عشرات الأمتار؛ وبعد تفجيرها انسحبوا من المكان دون ترك بصمات.

طول الاختفاء

يقول الخبير والمختص في الشأن الإسرائيلي عدنان أبو عامر، إنه من الواضح أن العملية مُحكمة ما يدلل على وجود خلية مسلحة تقف وراءها وليس فردا واحدا.

وشدد أبو عامر على أن كل المعطيات تؤشر على أنها عملية منظمة تقف خلفها خلية مسلحة درست حركة سير المركبات الإسرائيلية والحملات المرورية والأهم خط الانسحاب.

وقال: “هذه عملية نظيفة لم تترك بصمات خلفها حيث أن المنطقة لا يوجد بها كاميرات، وهي من العمليات الأفضل تنظيما والأكثر إعدادا من العمليات السابقة كانت تتم بصورة فردية غير موجهة.

وأضاف  أبو عامر لـ “قدس برس”: “قدرة الخلية على التخفي طول هذا الوقت (أكثر من 48 ساعة) في ظل جهود أمنية إسرائيلية وفلسطينية حثيثة بحثا وتنقيبا للعثور على طرف خيط للوصول إليهم، عامل مهم جدا كون الوقت سيف مسلط على رقاب المخابرات الإسرائيلية”.

وأشار في هذا الصدد، إلى دأب الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، على بث معلومات مضللة، لمحاولة إيقاع المقاومين بأي خطأ قد يدل عليهم، في الوقت الذي تشهد فيه الأجهزة الأمنية الإسرائيلية والفلسطينية، بالضفة الغربية استنفارا شاملا لكل أذرعها.

وأضاف: “لكن يبدو أن هناك جهود مضادة للتخفي من قبل رجال المقاومة”، مشيرا إلى أن “هذه العملية تعيد إلى الأذهان عمليات المقاومة خلال السنوات السابقة والتي استطاعت أن توقع خسائر في وضح النهار وتنسحب من المكان”.

دلالات العملية

وأشار أبو عامر إلى أن هناك خمس دلالات تراها أجهزة الأمن الإسرائيلية في عملية “دوليف”، أولها أنه يدور الحديث عن خلية وليس منفذا واحدا، وطريقة التنفيذ تظهر زيادة في الجرأة، وثانيها أن العملية تحتاج استعدادا وجمع معلومات عن المكان، وحراسته، ونقطة زراعة العبوة، وموقعا تراقب منه ما يجري في المكان لتشغيل العبوة، دون أن يراها أحد.

والدلالة الثالثة، يتابع أبو عامر، تجهيز سيارة للانسحاب على وجه السرعة، وما زال غير واضح هل كان في السيارة التي انتظرتهم سائقا، أم هم بأنفسهم قادوا السيارة بعد الانسحاب، والدلالة الرابعة هي أن سلسلة العمليات التي وقعت مؤخرا في الضفة يجعل المحللين لا يتحدثون عن ظاهرة عابرة، أو لمرة واحدة، أو شباب يقلدون الآخرين، بل عن منظومة منظمة جيدا تقف وراءها.

وشدد أن الدلالة الخامسة هو أنه ليس لدى الأمن الإسرائيلي والفلسطيني أي طرف خيط قد يؤدي للجهة التي تقف خلف العمليات.

تحول نوعي في العمليات

من جهته قالت الكاتب والمحلل السياسي اياد القرا : “نحن أمام سلسة من العمليات المنظمة التي يسعى منفذوها إلى الاختفاء بشكل جيد وإطالة عملية  المطاردة”.

وأضاف القرا لـ “قدس برس”: “عملية دوليف هي تحول فعلي فيما يتعلق بنوعية العمل وذلك نظرا لعدم وجود أي خيوط تشير إلى منفذ بعينه ممكن تعقبه وكذلك المدة الطويلة التي يمكن أن يختفي فيها المنفذون خصوصا حتى الآن لا توجد دلائل حول أي آثار كل ما يحدث هو جهد استخباراتي إسرائيلي للوصول لهم”.

وأوضح أن هذه العملية إذا ما جاءت في سياقات العمليات السابقة خاصة بعد عملية بيت لحم الأخيرة “نكون نحن في تحول في هذه العمليات خاصة وأن عملية بيت لحم كانت خطف وطعن وقتل على الرغم من الوصول للفاعلين”.

وأضاف: “هذا التحول بالنسبة للاحتلال خطير يعتقد انه ممكن أن يتطور إلى عمليات أخرى أو إفلات المنفذين”.

وأوضح القرا، أن هذه العملية التي لم تتكشّف خيوطها بعد، ويُتوقع أن تكون معقدة، قلبت المعادلة الأمنية للاحتلال بالاعتماد على التنفيذ عن بعد دون مشاركة مباشرة للمنفذ، حيث أصبحت لكل عملية ظروفها ومنفذوها المختلفون في الطريقة والأسلوب.

وقال: “بين فشل الاحتلال في غزة والضفة مسافة متقاربة، إلا أن فشله في الضفة واضح، ويمكن أن يقع فيه مجددًا مع أقرب عملية يمكن أن تقع خلال أيام أو أسابيع قليلة، ويمكن أن تتصاعد مع الوقت وفق المتابعين، وأن تصبح متكررة وبخسائر أكبر في صفوف جيش الاحتلال والمستوطنين، وصولًا لفقدان السيطرة الأمنية وتهشيم النظرية الأمنية التي بناها الاحتلال في السنوات الأخيرة القائمة على أمن المستوطنين، مع توسع استيطاني، وصولًا إلى تنفيذ مشروع الضم لمناطق واسعة في الضفة للاحتلال بشكل كامل، وإنهاء وجود السلطة هناك”.

وأضاف القرا : “العمليات المتكررة تُمثِّل مسمارًا في نعش مشروع الضم الذي يسعى نتنياهو إلى الحصول عليه وتفريغه من مضمونه، بفعل الضربات المتتالية التي يمكن أن تسهم في هروب المستوطنين من الضفة وانهيار النظرية الأمنية لصالح عودة المقاومة المنظمة والفردية بقوة”.

أما المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس” العبرية، فقد رأى أن “منفذي عملية دوليف أعدوا العبوة في مختبر مجهز للمتفجرات وليس بطريقة بدائية اعتيادية، هم يعرفون المكان وترتيباته الأمنية جيدًا”.

وأضاف: “بعض العمليات الأخيرة لا يمكن وصفها بالهجمات المنفردة وتدل أنها منظمة وتقف خلفها فصائل فلسطينية”.

ووصف منفذي العملية بأنهم “ماهرون وملمون بالمكان وبالأمن بشكل جيد”.

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: