محمود عيسى .. الصحفي المقدسي المحكوم بالسجن لـ3 مؤبدات و46 عاماً

محمود عيسى .. الصحفي المقدسي المحكوم بالسجن لـ3 مؤبدات و46 عاماً

في اليوم العالمي للصحافة، نستذكر صحفيّينا الذين يحتجزهم الاحتلال في سجونه، منهم من أصدر بحقهم مؤبدات وسنوات اعتقال طويلة، فأبعدهم عن قلمهم الحرّ وعائلاتهم، ومنهم من ينتظر..

من بين 16 صحفيًا فلسطينيًا في السجون، يحتجز الاحتلال الأسير المقدسي محمود عيسى الذي كان يعمل في إحدى صحف الداخل المحتل قبل اعتقاله في الثالث من حزيران/ يونيو عام 1993.

في هذا التاريخ، عاد محمود وأشقاؤه إلى منزلهم في بلدة عناتا الواقعة شمالي شرق مدينة القدس المحتلة، وقد أنهكتهم أعمال الحصاد في “البيدر”، وما كانت إلا دقائق قليلة حتى أقدمت قوات الاحتلال المدجّجة بالسلاح على تطويق المنزل من كلّ جانب، قبل تكبيل الأشقّاء الأربعة وتعصيب أعينهم، وتفتيش كل شبر في منزلهم فوق الأرض وتحتها.

كان صوت “أم محمد” عيسى يعلو وهي تردّد “دفعنا الأرنونا” (ضريبة إسرائيلية على السكن)؛ فقد اعتقدت أنهم جاؤوا من أجلها، لكنّها ما كانت تعلم أنهم جاؤوا من أجل نجلها الأسير الصحفي الذي كان في عامه الـ 25 من العمر آنذاك، أمّا اليوم وقد أكل السجن سنين عمره فبات في نهاية عقده الرابع.

كان يشغل الصحفي محمود حينها إدارة مكتب جريدة “صوت الحق والحرية” في القدس، وتعرّض للضرب والتعذيب والشّبح أثناء فترة التحقيقات معه والتي دامت شهوراً طويلة قبل الحكم عليه بالسجن ثلاث مؤبدات و40 عاماً إضافية.

اُتّهم عيسى قبل الحكم عليه، بقيادة خلية عسكرية تابعة لـ”كتائب الشهيد عز الدين القسام” (الجناح العسكري لحركة حماس)، نفذت عدداً من العمليات الفدائية، كان أبرزها أسر الرقيب أوّل في جيش الاحتلال نسيم توليدانو من مدينة اللد في عام 1992، والمطالبة بإطلاق سراح الشيخ أحمد ياسين في حينه، مقابل الإفراج عنه، لكنّ الاحتلال لم يستجب، فقُتِل توليدانو.

عام 2002 تم التحقيق مجدّداً مع الأسير محمود عيسى، واتّهم بتنظيم وقيادة خلايا خارج السجون، ليتم إضافة ست سنوات لحكمه السابق.

وكان اعتقال محمود ضمن حملة “إسرائيلية” استهدفت نشطاء وأنصار حركة “حماس”، أُبعد على إثرها 415 من قادتها إلى “مرج الزهور” في الجنوب اللبناني، واعتقلت الآلاف من عناصرها في الضفّة الغربيّة وقطاع غزّة.

تعرّض الأسير محمود عيسى للعزل لسنوات طويلة، سرقت من شبابه، وكان يُسمّي زنازين العزل بـ”مقابر الأحياء” لقساوتها، أراد الاحتلال منه أن يخرج مجنوناً، منطوياً على نفسه، منعزلاً تماماً، خاصة أنه قضى أكثر من 12 عاماً في العزل الانفرادي، خرج حافظاً لقرآنه، متقرّباً إلى ربّه، ألّف عدة كتب خلال تلك المدّة، من بينها رواية (حكاية صابر) التي نُشرت لأول مرّة عام 2012، وهي تحكي قصّته.

واقع الأسرى الصحفيين في السجون 

من جهته، أوضح نادي الأسير الفلسطيني، أنه في اليوم العالمي لحرية الصحافة يواصل الاحتلال اعتقال 16 صُحفيًا في سجونه، في ظروف اعتقالية قاسية، كما كل الأسرى والأسيرات في سجون الاحتلال، من بينهم الصحفية بشرى الطويل من رام الله.

وأضاف أنّ سلطات الاحتلال، تنتهج جملة من السياسات لتقييد حرّيّة الرأي والتعبير، واعتقال الصحفيين والنشطاء في محاولة مستمرة، لتقويض دورهم المجتمعيّ، والثقافيّ، والسياسيّ، ومنعهم من الكشف عن الجرائم المستمرة بحقّ الفلسطينيين، وذلك من خلال الملاحقة المستمرة، والاعتقال المتكرر، والتهديد، والاعتداءات في ميدان العمل.

وتُشكل سياسة الاعتقال الإداريّ أبرز السياسات الممنهجة التي تستهدف الصحفيين، حيث تواصل سلطات الاحتلال اعتقال أربعة صحفيين اعتقالًا إداريًّا، كان آخرهم الصحفي علاء الريماوي (43 عامًا) من رام الله والمضرب عن الطعام منذ لحظة اعتقاله في 21 نيسان الماضي، حيث أصدر الاحتلال بحقّه أمر اعتقال إداريّ لمدة ثلاثة شهور.

وإلى جانب الأسير الريماوي يعتقل الاحتلال نضال أبو عكر، وأسامة شاهين وبشرى الطويل اعتقالًا إداريًّا.

ولفت نادي الأسير إلى أن واقع الاحتلال فرض على مدار العقود الماضية على الصحفي الفلسطيني الانخراط بالنضال بكل أشكاله وأدواته كحق مشروع في تقرير المصير، والذي يُشكل عملهم أبرز أدوات النضال الفلسطينية، ومن أبرز الصحفيين المحكومين بأحكام عالية في سجون الاحتلال، الأسير محمود عيسى المحكوم بالسّجن لثلاثة مؤبدات و46 عامًا. والأسير باسم خندقجي المحكوم بالسّجن لثلاثة مؤبدات، والأسير أحمد الصيفي المحكوم بالسّجن لمدة 17 عاماً، والأسير منذر مفلح المحكوم بالسّجن لمدة 30 عامًا، والأسير هيثم جابر المحكوم بالسّجن لمدة 28 عامًا.

وتمكن الأسرى عيسى وخندقجي ومفلح وجابر خلال سنوات أسرهم من إنتاج مجموعة من الكتب والروايات الهامة، حيث يُشكل الإنتاج المعرفيّ والأدبيّ، أبرز أدوات الأسرى في مواجهة سياسات الاحتلال في سجونه، وجزء هام من التأكيد على حقّهم في حرية الرأي والتعبير.

وصعّد الاحتلال من عمليات اعتقال الصحفيين منذ أواخر عام 2015، والذي تزامن مع اندلاع الهبة الشعبية، إضافة إلى اعتقال المئات من المواطنين تحت بند ما يُسمى بـ”التحريض” على مواقع التواصل الاجتماعيّ.

وطالت هذه الاعتقالات صحفيين، وطلبة، وأكاديميين، ونشطاء، كما وتعرضت شركات بث وإذاعات ومقرات لفضائيات خلال الأعوام القليلة الماضية، إلى الإغلاق من قبل الاحتلال بأوامر عسكرية، رافق ذلك عمليات تخريب، ومصادرة، وبعض وسائل الإعلام أُغلقت جرّاء ذلك، وفقد عدد من الصحفيين عملهم.

وجدد نادي الأسير مطالبته للمؤسسات الحقوقية الدولية، بالتدخل جديّا لوضع حد لانتهاكات الاحتلال المتواصلة بحقّ الصحفيين، ومنها عمليات الاعتقال الممنهجة، خاصّة سياسة الاعتقال الإداريّ، وضمان حقّهم في ممارسة حرّية الرأي والتعبير.

ودعا إلى ضرورة دعم وإسناد الأسير الصحفي علاء الريماوي في معركته رفضًا لسياسة الاعتقال الإداريّ.

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: