مطالبات للضمان الاجتماعي بتخفيض نسبة اقتطاعاته خاصة على الاشتراكات الاختيارية

مطالبات للضمان الاجتماعي بتخفيض نسبة اقتطاعاته خاصة على الاشتراكات الاختيارية

عمّان – رائد صبيح

طالبت نخبٌ اقتصادية ومراكز دراسات بضرورة أن يخفض الضمان الاجتماعي من النسب المرتفعة للاشتراكات سواءً على الأفراد أو المنشآت وخاصةٌ أولئك الذين يرغبون بالاشتراك اختياريًا، الأمر الذي من شأنه أن ينعكس بشكلٍ إيجابيٍ على الاقتصاد الوطني وتوسيع مظلمة الضمان الاجتماعي وتوفير السيولة الكبيرة والعاجلة التي تحتاجها صناديق الضمان.

الخبير الاقتصادي محمد البشير، أكّد في تصريحاته لـ “البوصلة” أنّ نسب اقتطاعات الضمان الاجتماعي مرتفعة جدًا وأعتبر أنّ هذه الكلفة تمثل البند الرابع في كلفة الاقتصاد الوطني، لافتًا إلى أنّ هذا ينسحب على الاشتراك الاختياري في الضمان الاجتماعي باعتباره كلفة مرتفعة، وصحيح أنّ بالنتيجة عند التقاعد هناك مبالغ كبيرة يدفعها الضمان للمتقاعدين بشكلٍ عامٍ.

وقال البشير: من المعلوم أنّ سوء استخدام أموال الضمان تاريخيًا، وفي الوقت ذاته التعديلات التي شوهت واقع الضمان وخاصة ما يتعلق بالتقاعد المبكر، ساهمت في هذه الارتفاعات التي وصلنا إليها اليوم، والتي تنعكس سواءً على المنشأة أو الفرد، لأنها في النهاية ستنعكس على قوة المستهلكين، الذين يشكلون العمود الفقري بالنسبة لأي اقتصاد، فهؤلاء هم الذين يؤثرون في ميزان العرض والطلب، وهم الذين يساعدون في رفع نسبة النموّ التي تطمح لها الحكومة سنة بعد سنة، ولا تستطيع أن تحققها.

الخبير الاقتصادي محمد البشير: نسبة الاقتطاعات أكثر قسوة على ذوي الدخول المتواضعة وتهدد قدرتهم الشرائية

واستدرك بالقول: صحيح أنّ الأسباب الرئيسية هي أكثر قسوة، لكن ضمن المنظومة السياسية والاقتصادية التي تمّ إدارتها من قبل الحكومات المتعاقبة هي التي أوصلتنا إلى هذه المرحلة.

ولفت إلى أنّه لو كان هناك صيانة وضمانة لأموال الضمان الاجتماعي دون إدخالها في مشاريع واستثمارات خاسرة، لما وصل الضمان إلى هذه النسب التي أصبحت ضرورة بالنسبة لميزانية الضمان وقدرته على الوفاء بالتزاماته التي كبلها التقاعد وساهم في حاجته إلى السيولة خلال الفترات الحالية.

وقال البشير: لا شك أننا نعاني، لكن بالنتيجة أجد أن تخفيض هذه النسبة على الشركات والمنشآت أصبحت أكثر ضرورة بعد أن تمّ تشخيص أن هذه الكلفة مرتفعة من كثير من الخبراء وممّن أجروا دراسات حقيقية على واقع الضمان وقدرته على تلبية رغبات الناس بشكلٍ عامٍ.

أهمية تخفيض نسبة الاشتراكات الاختيارية

وأوضح الخبير الاقتصادي أنّ أهمية تخفيض نسبة الضمان بالنسبة للمشتركين اختياريًا تتمثل في استقطاب عددٍ أكبر، وبالتالي عوائد هؤلاء الذين يعملون لمصلحتهم الخاصة، أو يعملون بمهن متعددة لا تنطبق عليها حالات المنشأة والمؤسسة، كالعاملين في مكاتب التكسي، والشحن الخارجي، أو العاملين لمصلحتهم الذاتية ببعض النشاطات المهنية والترفيهيه وغيرها، فإنّ النسب المنخفضة قد تشجعهم على الانخراط في مؤسسة الضمان وبالتالي مد المؤسسة بأموال كبيرة.

وختم تصريحاته لـ “البوصلة” بالقول: خاصة وأن هؤلاء من ذوي الاشتراكات المتواضعة، وبالتالي عبء هذا الاقتطاع بهذه النسبة يصبح أكثر قسوة على هؤلاء، وفي الوقت نفسه يهدد قدرتهم الشرائية التي نراها في سلة الاستهلاك التي تبدأ من لقمة الخبز وتنتهي بالاشتراك بحزمة إنترنت، وما بينهما من وسائل نقل وصحة ومتطلبات تعليم وغيرها الكثير.

تطوير أدوات تأمينية أقل كلفة لتوسعة الشمول بمظلة الضمان

من جانبه أوصى تقرير متخصص بضرورة تطوير أدوات تأمينية جديدة ذات كلف أقل لتوسعة نطاق الشمول بالضمان الاجتماعي، خصوصا وأن نحو نصف القوى العاملة في الأردن ما يزالون غير مشمولين بأي شكل من أشكال الحماية الاجتماعية.

ورأى التقرير الذي اطلّعت عليه “البوصلة” أن تجديد العمل ببرنامج “استدامة ++” من قبل المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي هو خطوة جيدة باتجاه توسيع نطاق الشمول، لكن يُفترض في الوقت ذاته أن يُشكل خطوة أيضا باتجاه تطوير أدوات تأمينية أخرى مستدامة تضمن شمول جميع العاملين بأجر بمظلة الضمان الاجتماعي.

وبين التقرير الذي أصدره المرصد العمالي الأردني بالتعاون مع مؤسسة فريدريش إيبرت الألمانية وجاء بعنوان “العمالة غير المنظمة في الأردن.. حماية اجتماعية غائبة”، أن تطوير هذه الأدوات يجب أن يكون إما عن طريق تخفيض نسب اشتراكات الضمان الاجتماعي أو تخصيص صندوق خاص يتم تمويله من موازنة الدولة السنوية لدفع جزء من هذه الاشتراكات.

ولاحظ التقرير أن معظم العمالة غير المنظمة (غير المشمولين بالضمان الاجتماعي) في الأردن تتركز في قطاعات الزراعة والإنشاءات والنقل في القطاع الخاص، إضافة إلى المعلمين والمعلمات على حساب التعليم الإضافي ومعلمات “محو الأمية” وموظفي شراء الخدمات بالنسبة للقطاع العام.

وهناك أيضا، وفق التقرير، العديد من العاملين والعاملات غير المنظمين في قطاعات منظمة مثل المدارس الخاصة والسكرتارية وشركات الخدمات الصحية المساندة وشركات الأمن والحماية والمحلات التجارية (محلات التجزئة) المتوسطة والصغيرة والمدارس الخاصة وصالونات الحلاقة، وتبلغ نسبتهم نحو 17 بالمئة من مجمل القوى العاملة، وفقا لدراسات سابقة لمؤسسة الضمان الاجتماعي.

وأوضح التقرير أن هناك مجموعة من السياسات ساهمت في اتساع العمل غير المنظم في الأردن، ودفعت العديد من أصحاب العمل في القطاعات الاقتصادية إلى عدم شمول العاملين والعاملات لديهم بمظلة الضمان الاجتماعي.

ومن هذه السياسات، وفق التقرير، أن قانون الضمان الاجتماعي لا يتضمن آليات وأدوات ملائمة لإشراك العاملين غير المنظمين (غير المشمولين بالضمان الاجتماعي) على الرغم من تعديله مرات عديدة، والخيارات الوحيدة التي يُتيحها تقصُر على ما يُسمّى بـ”الاشتراك الاختياري”.

نسبة الاشتراك الاختياري مرتفعة

ورأى التقرير أن نسبة الاشتراك الاختياري مرتفعة جدا وتحول دون الإقبال على الاشتراك، إذ تبلغ 17.5 بالمئة من أجر العامل/ة الشهري.

كما أن استبعاد قطاعات عمالية واسعة من أحكام قانون الضمان الاجتماعي مثل عمال المنازل ومن يعملون أقل من 16 يوما في الشهر، ساهم بشكل كبير في توسع العمالة غير المنظمة في الأردن، وهو ما يتطلب التوقف عن التمييز ضد هؤلاء العمال.

وأشار التقرير إلى أن التراخي الرسمي في مراقبة تطبيق معايير العمل اللائق في إطار سياسات تشجيع الاستثمار على حساب شروط العمل، إضافة إلى ضعف إنفاذ التشريعات ذات العلاقة، أدى إلى اتساع الانتهاكات العمّالية والتعدي على حقوق العاملين والعاملات وبخاصة الحق في الضمان الاجتماعي.

كذلك، ساهمت الاختلالات في توازنات القوى الاجتماعية في سوق العمل بين أصحاب العمل والعمال في إضعاف شروط العمل في العديد من القطاعات، ما فتح الباب على مصراعيه لتوسع الانتهاكات العمالية ومنها الحرمان من الضمان الاجتماعي.

وهذا سببه، وفق التقرير، تشوه منظومة التنظيم النقابي في الأردن، إذ يتضمن قانون العمل قيودا عديدة على حرية التنظيم النقابي والمفاوضة الجماعية. فعلى سبيل المثال، حصرت المادة (44) من قانون العمل الأردني حق المفاوضة الجماعية بالنقابات العمالية، وترفض زيادة أعداد النقابات وتفضل الإبقاء على 17 نقابة فقط تنضوي تحت مظلة الاتحاد العام لنقابات عمال الأردن، ما يُضعف شروط العمل ويمنع العاملين والعاملات من المطالبة بتحسين بيئة العمل بمختلف جوانبها.

ولفت التقرير إلى أن الالتزامات الإدارية والمالية والضريبية التي تترتب على تسجيل منشآت الأعمال بما فيها الصغيرة، جعلت العديد من أصحاب العمل يحجمون عن تسجيل مؤسساتهم لدى الجهات الرسمية، وعدم تسجيل العاملين والعاملات لديهم في مظلة الضمان الاجتماعي، وهو ما يُسمى بـ”التهرب التأميني”.

وطالب التقرير بضرورة إعادة النظر بجميع هذه السياسات، لأن الحماية الاجتماعية تُعد حقا من حقوق الإنسان وأداة لتحقيق العدالة بين الجميع.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: