يقود الذكاء الصناعي ثورة في مختلف الصناعات، والرعاية الصحية ليست استثناءً. إن دمج الذكاء الصناعي والرعاية الصحية لديه القدرة على تعزيز الممارسات الطبية ورعاية المرضى، وتحليل نتائج الاختبارات، ويؤثر إيجابيًا في كفاءة الصناعة بشكل عام.
رؤية مستقبلية
قال المؤسس المشارك لمنصة الرعاية الصحية الرقمية ألما هيلث، خلدون بشناق، لفوربس الشرق الأوسط: “يجب على جميع أصحاب المصلحة في الرعاية الصحية أن يتوقعوا رؤية الذكاء الصناعي كجزء لا يتجزأ من سلسلة قيمة الرعاية الصحية، من كيفية تنمية عملياتهم إلى كيفية التحقق من خدمات الرعاية وتقديمها”.
اتخذت دولة الإمارات العربية المتحدة خطوتها الأولى في أكتوبر/ تشرين الأول 2017 عندما قدمت الحكومة “استراتيجية الإمارات للذكاء الصناعي”، ما يشير إلى التحول نحو مرحلة مستقبلية من الحوكمة التي تعتمد على الخدمات والقطاعات المتقدمة ومشاريع البنية التحتية لتحقيق أهداف مئوية الإمارات 2071. تركز هذه الاستراتيجية بشكل كبير على دور الذكاء الصناعي في الرعاية الصحية، بهدف الحد من الأمراض المزمنة والخطيرة.
من المتوقع أن ينمو الذكاء الصناعي في سوق الرعاية الصحية الإماراتي من 40 مليون دولار في عام 2022 إلى 720 مليون دولار بحلول عام 2030، مسجلاً معدل نمو سنوي مركب قدره 4622% خلال الفترة المتوقعة 2022-2030، وفقًا لشركة أبحاث السوق التي تركز على الرعاية الصحية insights10.
ولدعم هذه الرؤية، اعتمدت كل من المؤسسات العامة والخاصة في دولة الإمارات العربية المتحدة بشكل متزايد استخدامات الذكاء الصناعي، لا سيما في السنوات الأخيرة. على سبيل المثال، تهدف وزارة الصحة ووقاية المجتمع في دولة الإمارات العربية المتحدة إلى دمج الذكاء الصناعي بشكل كامل في الخدمات الطبية.
في فبراير/ شباط 2023، أطلقت وزارة الصحة ووقاية المجتمع خدمة تقييم الميتافيرس الرقمية ثلاثية الأبعاد، لتمكين الأطباء من إجراء تقييمات عن بُعد والكشف المبكر عن الأمراض من خلال الابتكارات المدعومة بالذكاء الصناعي.
وأشار بشناق كذلك إلى أن الذكاء الصناعي قد تم استخدامه بشكل بارز في مجال الأشعة داخل قطاع الرعاية الصحية في دولة الإمارات العربية المتحدة. وقال لفوربس الشرق الأوسط: “إن تكنولوجيا الذكاء الصناعي في هذا المجال تتطور باستمرار وتصبح أكثر دقة عند تقديم تقديرات لمدى احتمال إصابة مريض معين بمضاعفات بناءً على التصوير الإشعاعي”.
حلول ذكية
وقّعت جامعة محمد بن زايد للذكاء الصناعي (MBZUAI) في مارس/ آذار 2023 اتفاقية بحث وتطوير مدتها خمس سنوات مع شركة Infinite Brain Technologies لمختبر أبحاث مشترك لتطوير علاجات رقمية مخصصة لصحة الدماغ البشري عبر استخدام أحدث تقنيات الذكاء الصناعي.

اتفاقية تطوير بين MBZUAI وInfinite Brain Technologies – مصدر الصورة: MBZUAI
وقالت المديرة العامة لشركة Zimmer Biomet لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وتركيا، فرح حمدان، لفوربس الشرق الأوسط: “إن الإمارات العربية المتحدة وجهة عالمية للتكنولوجيا، تجذب رواد الأعمال والمستثمرين والحاضنات، والمبتكرين، ونحن فخورون بالشراكة مع قطاع الرعاية الصحية. لقد حققنا نجاحًا كبيرًا في مجال الذكاء الصناعي من خلال غرفة العمليات الذكية Omni™ Suite، التي تتميز بالتعرف إلى الأشياء وأتمتة المهام اليدوية لتحسين كفاءة سير العمل في غرف العمليات”.
علاوة على ذلك، في يونيو/ حزيران من هذا العام، أعلنت جامعة الخليج الطبية التابعة لمجموعة ثومبي ومقرها عجمان، عن افتتاح معهد ثومبي للذكاء الصناعي والتكنولوجيا في الرعاية الصحية، المقرر تشغيله بحلول سبتمبر/ أيلول 2023. يهدف المعهد إلى استخدام الذكاء الصناعي في البحث، ودقة التشخيص، وتطوير خطط العلاج، وتحسين نتائج المرضى.
وأضاف بشناق: “يمكن أن يؤدي الذكاء الصناعي إلى نتائج رعاية أفضل وتحسين إنتاجية وكفاءة تقديم الرعاية. كما يمكن أن يحسن الحياة اليومية لمقدمي الرعاية الصحية، ما سيتيح لهم قضاء المزيد من الوقت في رعاية المرضى ووقت أقل في المهام الإدارية. يمكن للذكاء الصناعي حتى المساعدة في وصول علاجات منقذة للحياة بشكل أسرع إلى السوق”.
وفقًا لمركز الإمارات للسياسات، وكجزء من استراتيجيتها لمكافحة انتشار كوفيد-19، قامت الشركات الناشئة في مجال الرعاية الصحية مثل نبتة هيلث بتسخير حلول الذكاء الصناعي لتحديد الأعراض وتقييم مخاطر الفيروس.
علاوة على ذلك، دخلت Zimmer Biomet في شراكة مع Apple في عام 2018 لإنشاء تطبيق mymobility الذي يركز على تطبيق مقاييس Apple Watch وHealthKit لتحسين تجربة صحة العظام والعضلات.
وقالت حمدان: “باستخدام البيانات التي تم جمعها من خلال تطبيق mymobility، يمكننا أن نحدد في اليوم 15-40 بعد الإجراء ما إذا كان المريض سيكون على المسار الصحيح أو خارج المسار الصحيح في اليوم 90”.
يوفر ذلك للجراحين تنبؤات تستند إلى البيانات فيما يتعلق بتقدم تعافي مريضهم، ويحدد المرضى الذين يعانون من التأخير، ويمكّن الجراح من اتخاذ إجراءات لمنع النتائج غير المواتية.

دخول مريض إلى غرفة عمليات Omni™ Suite – مصدر الصورة: Zimmer Biomet
قال الرئيس التنفيذي للصحة المحلية والخدمات الصحية والرعاية الصحة الدولية في Cigna Healthcare، جيروم دروش، لفوربس الشرق الأوسط: “إن إمكانات الذكاء الصناعي لإحداث ثورة في قطاع الرعاية الصحية واسعة ومتعددة الأوجه، بناءً على نجاحاته الحالية. يمتد هذا التأثير التحويلي إلى مجالات مختلفة، تسهم في نظام بيئي للرعاية الصحية أكثر كفاءة وفاعلية”.
القيمة السوقية
بلغت قيمة الذكاء الصناعي العالمية في سوق الرعاية الصحية 15.4 مليار دولار في عام 2022، ومن المتوقع أن تنمو بمعدل نمو سنوي مركب مذهل يبلغ 37.5% من عام 2023 إلى عام 2030، مع تقييم متوقع يبلغ نحو 208.2 مليار دولار بحلول نهاية عام 2030، وفقًا لشركة الأبحاث Grand View Research.
الاعتبارات الأخلاقية
ومع ذلك، لا تزال هناك مخاوف كبيرة بشأن التأثير المحتمل للذكاء الصناعي في صحة الإنسان والخصوصية والمنظمات. في حين أن الذكاء الصناعي لديه القدرة على إحداث ثورة في صناعة الرعاية الصحية، إلا أنه لا ينبغي الاستهانة بالدور الحيوي للأطباء والعاملين في المجال الطبي.
وشدد بشناق على أنه “نظرًا لأن أساس الذكاء الصناعي يعتمد على المزيد من بيانات المرضى، ما سيؤدي إلى بيانات أفضل وأكثر ارتباطًا، فإن الاعتبار الأول سيكون دائمًا حماية حقوق المرضى في الحفاظ على سرية سجلاتهم”. وسلط الضوء كذلك على ضرورة استمرار الحكومات والممولين ومقدمي الخدمات في تنفيذ سياسات جديدة وإنشاء نماذج حكومية مرنة يمكنها مواكبة ابتكار الذكاء الصناعي. وهذا أمر ضروري لحماية خصوصية المريض والالتزام بمعايير السرية المطلوبة.
وفقًا لإرشادات منظمة الصحة العالمية بشأن أخلاقيات وحوكمة الذكاء الصناعي، يوجد “مشكلة تحكم” عندما يتعلق الأمر بتحديد المسؤولية في أثناء استخدام الذكاء الصناعي. وهذا يعني أن مطوري ومصممي الأنظمة القائمة على الذكاء الصناعي قد لا يخضعون للمساءلة، حيث يمكن أن تتطور هذه الأنظمة بطرق يدّعي المطورون أنه لا يمكن التنبؤ بها. كما سلّط التقرير الضوء على أن استخدام الذكاء الصناعي للبيانات والمعلومات الشخصية غالبًا ما لا يتم الكشف عنه للمرضى، ما يؤدي إلى فقدان الثقة واحتمال رفض الموافقة في أثناء العلاج.

مصدر الصورة: نبتة هيلث
وأوضح دروش: “يمثل النقص في علماء الذكاء الصناعي المهرة على نطاق عالمي تحديًا ملحًا آخر، ما يؤثر في التطوير والنشر المستمرين لحلول الذكاء الصناعي الدقيقة”.
تزيد التحيزات المحتملة داخل الذكاء الصناعي من تفاقم المخاوف الأخلاقية الحرجة، لأن البيانات المتحيزة يمكن أن تؤدي إلى نتائج منحرفة وتزيد من عدم المساواة في قرارات الرعاية الصحية.
في حين أن الذكاء الصناعي لديه القدرة على تعزيز الكفاءة الشاملة لقطاع الرعاية الصحية، إلا أنه لا يمكن الاعتماد عليه تمامًا من حيث الدقة والفعالية. إن معالجة هذه التحديات الأخلاقية أمر بالغ الأهمية لفوائد الذكاء الصناعي على المدى الطويل. ويشمل ذلك حماية حقوق المرضى، وضمان المعاملة العادلة، والتمسك بسلامة بروتوكولات الرعاية الصحية.
فوربس