“نفخ البوق” في الأقصى.. لماذا يمثل إعلانًا للسيادة؟

“نفخ البوق” في الأقصى.. لماذا يمثل إعلانًا للسيادة؟

البوصلة – محمد سعد

قالت مؤسسة القدس الدولية إن “نفخ البوق” داخل المسجد الأقصى يمثل إعلانًا للسيادة، ويستحضر الأسطورة التوراتية والممارسة الإسرائيلية في سيناء عام 1956، والقدس عام 1967.

ولأول مرة يتمكن حراس المسجد الأقصى المبارك من توثيق إقدام مستوطنين متطرفين على “نفخ البوق” داخل المسجد، بعدما حدث ذلك بشكل خاطف وسري دون أي توثيق خلال العامين الماضيين، في خطوة خطيرة تستهدف إعلان “الهيمنة والسيادة الإسرائيلية” عليه.

وأضافت المؤسسة في بيان لها وصل “البوصلة“، أن “نفخ البوق يحمل دلالات دينية تتوهم أنه انتقال من زمان الحصرية الإسلامية للمسجد إلى زمان تهويده، وتسعى لفرضه عقلية خلاصية أسطورية تؤمن بأنها تحضّر بنفخه لمقدمات التدخل المباشر للرب في مجرى التاريخ بإرسال المخلص”.

وأوضحت أن هذا الإجراء يأتي في إطار مسار صاعدٍ منذ عام 2019 لفرض الطقوس التوراتية في المسجد الأقصى، باعتبارها أداةً لتبديل هويته من مسجد إلى “هيكل، وفرض تحويله إلى مقدسٍ مشترك بالقوة كمحطة وسيطة”.

وللعام الثالث على التوالي، يشهد الأقصى “نفخ البوق” في منطقة باب الرحمة شرقي المسجد بشكل أطول وأكثر تحديًا من المرتين السابقتين، ما سمح للحراس برصده عبر الكاميرا للمرة الأولى.

وحملت المؤسسة، الكيان الإسرائيلي بحكومته وأذرعه الأمنية والعسكرية المسؤولية عن هذا العدوان، وهو من ينبغي أن يدفع ثمنه.

وطالبت الأردن باتخاذ موقف يتناسب مع خطورة التحدي في الأقصى الذي يتقدم المحتل خطوات في تبديل هويته وهو تحت المسؤولية المباشرة للدولة الأردنية.

بدوره قال المختص في شؤون القدس زياد إبحيص، في تصريحات لـ “البوصلة“، إن “نفح البوق يُعد من أخطر الاعتداءات النوعية على الأقصى، إذ يقصد منه إعلان سيادة صهيونية، وانتهاء الزمان الإسلامي في الأقصى وبدء زمان التهويد، ويُكرس تحويله إلى مقدس مشترك على طريق حلم الإحلال الديني فيه، وإلى هيكل بكامل مساحته”.

وأضاف أن “النفخ في البوق علامة على بدء مرحلة جديدة من الزمن، فهو يفصل بين السنوات العبرية، وهو بداية يوم القيامة، وبهذا يكون بنظر جماعات الهيكل يفصل بين زمانين: زمان هويته الإسلامية الذي يتوهمون أنه انتهى وزمان تهويده الذي يظنون أنه بدأ”.

ويتابع أن “حاخامات الصهيونية الدينية يُعطون لنفخ البوق معانٍ عجائبية، من بينها أنه أحد علامات الخلاص، وإيذانًا بمجيء المخلص وبناء الهيكل الثالث الأسطوري، لذلك يتسابقون لنفخه في الأقصى حتى يكون سببًا بتعجيل ظهور هذا المخلص، وتدخل الرب المباشر لحسم المعركة لصالحهم”.

وعدوان “رأس السنة” العبرية- كان بداية لموسم عدوان إسرائيلي سيستمر ٢١ يومًا، يتخلله ثلاث محطات هي “أيام التوبة”، “يوم الغفران”، و”عيد العرش”، ولابد من توجيه كل الأنظار والإمكانات والتحركات إلى المسجد الأقصى للوقوف في وجه هذا العدوان.

واششار الكاتب والمحلل السياسي المقدسي راسم عبيدات، في تصريحات صحفية، إن “نفخ البوق داخل الأقصى تم خلال العامين الماضيين بشكل سري، لكنه بالأمس شهد تطورًا نوعيًا خطيرًا، لما له من بعد سياسي يرمز للهيمنة والسيادة على المسجد، ويُؤسس للانتقال من الزمن الإسلامي إلى اليهودي، واقتراب موعد الخلاص”.

عبيدات: هذا الطقس التوراتي يعني أن يكون المسجد مكانًا خاصًا للعبادة اليهودية

وأوضح عبيدات، أن “هذا الطقس التوراتي يعني أن يكون المسجد مكانًا خاصًا للعبادة اليهودية”، مشيرًا إلى أنه يجري فقط خلال مناسبتين هما “رأس السنة” و”عيد الغفران” العبري.

وأضاف أن “نفخ البوق” تم لأول مرة من قبل حاخام جيش الاحتلال “شلومو جوريون” على جبال سيناء عند احتلالها عام 1956، وفي تلة المغاربة عند احتلال شرقي القدس عام 1967، ومن ثم تواصل في منطقة حائط البراق.

ووفقًا لعبيدات، فإن “جماعات الهيكل تعمل على تكريس أداء الطقوس التوراتية داخل الأقصى، سواءً عبر اقتحام الحاخامات اليهود للمسجد بلباس الكهنة البيضاء، أو السجود الملحمي، أو محاولة إدخال القرابين النباتية إلى ساحاته، ومحاكاة ذبح قرابين الهيكل داخله”.

وأشارت “القدس الدولية”، إلى أن شرطة الاحتلال هي رأس حربة في تهويد المسجد الأقصى، فهي التي فرضت الاقتحامات في 2003، وتحويلها إلى اقتحامات جماعية في 2006، وهي التي فرضت أوقات الاقتحام في 2008 وأخذت تعمل على زيادتها.

وتابعت أن الشرطة هي التي واجهت الاعتكافات عام 2013 بقوة همجية كادت أن تكرر حريق الأقصى، وحاولت فرض إغلاق المسجد أمام المسلمين في الأعياد اليهودية عام 2015، وفرض البوابات الإليكترونية عام 2017، وقضم مصلى باب الرحمة عام 2019، وفرض اقتحام 28 رمضان عام 2021، ومنع الاعتكاف في 2023.

وقالت: “لابد أن تُعلن شرطة الاحتلال صراحة بوصفها العدو الأول والأساس للمسجد الأقصى، الذي لابد أن توجه ضده معظم أشكال الاشتباك لردعه وكسر شوكته.

وأضاف أن “تظاهرها بإبعاد المقتحمين الذين نفخوا البوق ليس إلا حيلةً رخيصة في إطار تبادلٍ للأدوار معهم، فقد أطلقت شرطة الاحتلال سراحهم بعد ربع ساعة من مكوثهم في مركزها لتأمين خروجهم من المسجد”.

وأوضحت أن المرابطين أثبتوا رغم الإبعاد والعدوان أنهم على العهد بهم، ثابتون ثبات الجبال الراسخات، وأن ثلة قليلة منهم قادرة على الوقوف في وجه دولةٍ نووية مدججة بالسلاح ومنعها من فرض إرادتها وتمرير عدوانها في الأقصى باعتباره أمرًا واقعًا مسلّمًا به.

وبينت أن الفعل الجماهيري أكد قدرته على الاشتباك في معركة الأقصى عبر مختلف الساحات، وإن “عزّ الرباط وعلَت موجات الإبعاد لتعزله، حضر الشباب الثائر في غزة على السياج ليؤكد أن ساحة الأقصى لن تُترك وحدها، وأنهم قادرون على أن يكونوا طليعة نصرته رُغم البعد والحصار”.

وأكدت أن موسم العدوان على الأقصى ما زال أمامه 18 يومًا، ما يفرض استنفار كل الإمكانات لمواجهته، داعية كل القوى الشعبية الفاعلة بضرورة التحرك العاجل لنصرته، ودعم وإسناد مرابطيه ومنع الاستفراد بهم.

ودعت إلى إظهار الدعم الشعبي الواسع للمقاومة بوصفها الاستجابة العملية الوحيدة الكفيلة بدفع هذا الخطر الوجودي الذي يبدأ من الأقصى، ويمتد عبر فلسطين إلى الأمة العربية والإسلامية بأسرها.

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: