أكد رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنية أن اندحار الاحتلال عن قطاع غزة عام 2005م، كان بفعل تصاعد المقاومة وضرباتها الموجعة وإدخالها أنماطا جديدة من المواجهة سواء عبر قذائف الهاون وصورايخ القسام أو سلاح الأنفاق بما ضرب نظرية الأمن الصهيونية، وشكل تهديدا استراتيجيا لوجود الاحتلال في القطاع.
وشدد هنية في تصريح صحفي اليوم الثلاثاء في الذكرى الـ18 لاندحار الاحتلال عن قطاع غزة على أن المقاومة أثبتت قدرتها على فرض إرادتها ومعادلاتها في الصراع، مشيرًا إلى أن فكرة تفكيك المستوطنات لم تكن واردة في العقيدة السياسية والأمنية للاحتلال الذي كان لأشهر خلت قبل هذا اليوم يعتبر مستوطنة نتساريم مثل تل أبيب في الأهمية ونية البقاء والاستمرار.
ونوه بأن هذا الاندحار شكل فجرا جديدا لشعبنا الفلسطيني في حدث تاريخي غير مسبوق بعد أن رفع العلم الفلسطيني على أنقاض 21 مستوطنة كانت تحتل نحو 40% من مساحة قطاع غزة، لتبدأ معادلة جديدة في الصراع مع الاحتلال عنوانها الانتصار الفلسطيني وبدء مرحلة التحرير الشامل.
وقال رئيس الحركة: “إن هذا المشهد ما كان أن يتم لولا توفر أمرين، الأول هو إرادة الانتصار التي آمن بها وعمل من أجلها شعبنا، وشكل الحاضنة الشعبية لفصائله وقواه الحية والأجنحة العسكرية الملتحمة مع بعضها في مشهد ملحمي تاريخي خلال انتفاضة الأقصى، وخاصة كتائب القسام وكتائب الأقصى وسرايا القدس وكتائب أبو علي مصطفى وألوية الناصر وكتائب المقاومة الوطنية، وكل من حمل السلاح ليطهر الأرض الفلسطينية، والثاني هو شمولية المواجهة في الضفة والقطاع وعدم قدرة الاحتلال على تحمل هذه الضربات المتوالية والعمليات الاستشهادية لكل الفصائل المقاومة، واضطراره لخوض المعركة على مساحة كل فلسطين”.
ولفت إلى أن هذه المحطة المباركة هي نتاج حقيقي ومباشر لانتفاضة الأقصى التي انطلقت حمية للقدس والمسجد الأقصى المبارك، مشيراً إلى أن المقاومة تراكم الإنجاز والقوة، ويشتد عودها وساعدها وتحقق الانتصارات وتفرض معادلاتها، ولم تتوقف فكانت معركة تحرير الأسرى وصفقة وفاء الأحرار ثم معارك غزة المتتالية وفي القلب منها معركة سيف القدس التي كانت أيضا حميّة للأقصى المبارك، والتي دشنت مرحلة استراتيجية جديدة من الوحدة في الفعل وتكامل الساحات.
وحول العمليات البطولية بالضفة شدد هنية على أنها غدت مشهدا يوميا يلهب الأرض تحت أقدام الغزاة، وأن بنادق الثائرين مشرعة في جنين ونابلس والخليل وعين شمس والقدس وطولكرم وأريحا وفي كل مدينة وقرية ومخيم، لتؤكد أن مستقبل الاستيطان في الضفة أيضا إلى زوال، وتفكيك هذه المستوطنات إنما هو مسألة وقت، وأن القدس لا تزال تشكل بوصلة المقاومة وعنوان المعركة مع الاحتلال.
واستذكر رئيس الحركة شهداء هذا النصر العظيم من القادة الكبار الذين حاول الاحتلال باغتيالهم أن يقضي على انتفاضة الأقصى، إلا أنه فشل ورحل وبقيت فلسطين وقادتها رموزا ومنارات على درب التحرير، وخاصة الشيخ القائد أحمد ياسين والرئيس ياسر عرفات والقادة أبو علي مصطفى ود. عبد العزيز الرنتيسي وجمال منصور وإسماعيل أبو شنب وصلاح دروزة ورائد الكرمي وجهاد العمارين وجمال سليم وكل أولئك العظام الذين رحلوا على درب التحرير وتركوا ميراثا من المقاومة والثبات.
وقال: “إن قطاع غزة الذي يشهد في ذات اليوم مناورة الركن الشديد 4 يؤكد فشل محاولات عزله وحصاره، بل ويكشف مدى قدرة المقاومة والتحامها في ظل غرفة العمليات المشتركة، وإن المعركة لا تزال قائمة ولن تنتهي إلا بتحرير القدس والأقصى وكامل أرضنا الفلسطينية”.
(وكالة شهاب)
د.منذر الحوارات
لا يكاد يمضي يوم دون سماع خبر عن ضبط كميات كبيرة من الحبوب المخدرة والأسلحة على الحدود الأردنية السورية، لم تعد الأمور تقتصر كما في السابق على بضع مئات أو حتى آلاف من كروزات السجائر أو قطعان الماشية أو قطع السلاح، والتي كانت تديرها شبكات محلية من المهربين، بل أصبحت شبكات التهريب الآن عبارة عن مليشيات مدربة ومتحالفة مع قوى دولية وإقليمية تستهدف ضرب عماد أي دولة وهم الشباب بتخريب عقولهم وتدمير مستقبلهم، والوسيلة هي الكبتاجون والغاية هي المال وتدمير الخصوم.
ازدهرت ورش تصنيع الكبتاجون في سورية مع انحدارها الىجحيم المليشيات، حيث اقتصر في البداية على تزويد المقاتلين بالمنشطات الصناعية، والحصول على العملة الصعبة، ودشن هذه العملية داعش والقوى المعارضة ومن ثم إيران ووكلاؤها، ولاحقاً اتهمت بعض المصادر الأجنبية قوات النظام باتباع نفس الاسلوب في الحصول على المال، وهو ما تؤكده كارولين روز من معهد نيولاين والتي نشرت تقريراً عن ضلوع الفرقة الرابعة في هذه العمليات، وهو ما تحدثت عنه تقارير عديدة منها محطة الـBBC وجميع تلك الوكالات تؤكد أن الكبتاجون أصبح جزءا لا يتجزأ من الاقتصاد السوري، وهو مؤشر قوي على ضعف المؤسسات وسيطرة أمراء الحرب بشكل كبير على شؤون البلاد.
ما يؤكد أن الكبتاجون أصبح يمثل أداة فعلية للابتزاز السياسي ما كان في اجتماع اللجنة الوزارية العربية عندما تعهدت دمشق باتخاذ الخطوات اللازمة لوقف التهريب على الحدود مع الأردن والعراق، بمعنى أن دمشق لم تكن تفعل ذلك سابقاً ولا لاحقاً، إذ لم يدم التعاون أكثر من شهر، وعاد بعدها كل شيء لسابق عهده فلم تغادر المسيرات سماء الحدود ولم تتوقف عشرات الملايين من حبوب الكبتاجون التي تضبط يومياً، وربما أضعافها تعبر دون أن يستطيع أحد رصدها مثلما يؤكد الخبراء بأن حجم المضبوط لا يتجاوز 10 ٪، من حجم الكميات المهربة مما يعني أن 5.7 مليار المضبوطة ربما تكون 57 مليارا في الواقع وعدد 65 مليون حبة كبتاجون المضبوطة اردنياً قد تكون عشرة أضعاف ذلك الرقم، ومثل ذلك في المملكة العربية السعودية التي ضبطت 600 مليون حبة يعني 10 اضعافها، فعلاً هذا جنون وتدمير ممنهج لدول المنطقة من خلال تدمير أجيالها الصاعدة، وكأن دمشق تريد القول ذوقوا بعض ما فعلتم.
والوقائع تثبت ذلك فهناك زيادة مهولة في عدد متعاطي المخدرات من ذوي الأعمار الصغيرة في الأردن، إذ تؤكد بعض التقارير أن نسبة المتعاطين زادت ثلاثة أضعاف عما كانت في السابق، وفي السعودية تقول بعض الدراسات إن 40 ٪، من متعاطي المخدرات يستخدمون الكبتاجون، لذلك هي السوق المستهدف، هذا الأمر كان أقل بكثير عندما كانت القوات الروسية تسيطر على الحدود، لكن مع تسلم القوات الايرانية ومليشيا حزب الله وقوات الفرقة الرابعة تغيرت الأمور رأساً على عقب وبدأ هذا التحالف يشن حربا ضروسا على دول الجوار الأردن والسعودية بشكل خاص ولم ينفع اللقاء الوزاري في عمان ولا عودة سورية الى الجامعة العربية في إيقافه، فقد تصرف الأسد كمنتصر ليس عليه أن يقدم أي تنازل للمهزومين وهذا ما أكده لاحقاً.
وبرغم أن سنوات الحرب غيرت كل شيء في سورية وحولت البلاد إلى كانتونات يسيطر عليها أمراء حرب بعضهم ينتمي للنظام وبعضهم يحاربه، ورغم أن هؤلاء اختلفوا على كل شيء وتحاربوا بكل شيء إلا شيء واحد وحّدهم وجمعهم وأنهى انقسامهم، إنه الكبتاجون، لذلك فإن القوات المسلحة الأردنية لا تدافع عن الأردن وأجياله وأمنه فقط بل هي تواجه قوى الشرّ هذه دفاعاً عن المنطقة العربية وأجيالها، لذلك ولدعم هذه القوات الباسلة يتحتم على الدولة الأردنية المبادرة لتشكيل تحالف إقليمي لمواجهة هؤلاء وإلا فإننا وأجيالنا ذاهبون الى المجهول، فهذه الحرب ليست سياسية إنها عسكرية بامتياز، باختصار لأنها حرب إيران على من تُصورهم لنفسها أنهم أعداؤها ولا مكان للسياسة قبل تحقيق النصر على الأرض وإلا سيتحتم على دول المنطقة دفع الجزية وإلى الأبد.
(صحيفة الغد)