د.محمد أبو حجيلة
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

وادي رم محمية طبيعية في مهب الريح

د.محمد أبو حجيلة
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

عدةُ كوراث طبيعيةٍ سببها الإنسان بكل تأكيد تجعل من وادي رم منطقة سياحية في مهب الريح بامتياز، وسنندم جميعا حين لا ينفع الندم إذا لم نجعل معالجة هذه الكوارث أولوية، وإذا لم تكن المبادرة بالحل “استراتيجيتنا”, هذه الاستراتيجية التي يجب أن تتبنى ما يسمى بالـ (Proactive approach)، بحيث نبادر للحل ولا تكون الإدارة فقط قائمة على مبدأ ردة الفعل حين وقوع الكارثة.

من هنا، فإن أولى هذه الكوارث هي الامتداد العشوائي للمخيمات السياحية التي باتت تزحف في كل مكان؛ حتى بتنا نرى مخيما سياحيا كلما التفتنا يمينا أو شمالا، ناهيك عن أن كل مخيم يسمح له بالقانون أن يقوم بالسيطرة على اثني عشر دونمًا على أقل تقدير، وتحيط بهذا المخيم من كل الاتجاهات ويتم تسييجها بحيث لا يُسمح حتى بالمرور بالقرب منها مُشكلةً ظاهرة خطيرة تستحق الدراسة. هنا لابد من طرح السؤال من هو القائم على منح هذه التراخيص وماهي الأسس المتبعة عند منح هذه التراخيص وهل هناك أسس واضحة تضمن ديمومة السياحة (Tourism sustainability) وتوزيع المنافع على أهالي المنطقة؟

أما الكارثة الثانية؛ فتتمثل بوجود المخيمات التي تتميز بسهولة الوصول بالسيارة أو الباص السياحي والتي تعدّ مقصدا رئيسيا للسياحة المحلية وهواة سياحة الحفلات الليلية، التي يرافقها استخدام الأدوات الموسيقية المختلفة المترافقة بكل تأكيد بالسماعات مرتفعة الصوت. هذا النوع من السياحة بلا أدنى شك الأشد فتكاً بالمحمية السياحية وتؤثر سلبا على الواقع البيئي في وادي رم ومنطقة الديسة لما تتسبب به من إحداث تغييرات بيئية سواءً للإنسان البدوي المقيم بالقرب من هذه المخيمات أو من خلال التأثير على طبيعة حياة الطيور والحيوانات المتواجدة في تلك المحمية والتي باتت لا تُرى كنتيجة حتمية للدمار المتعمد الذي يتسبب به الإنسان من خلال ممارسات خاطئة وخطيرة يجب الوقوف عندها ووضع حدٍ لها في القريب العاجل؛ وإلا فلنكن مستعدين على أقل تقدير لتحمل نتيجة صمتنا جميعا.

وأما الكارثة الثالثة والأكثر فتكاً بالمحمية؛ فتتمثل بالإهمال الشديد من قبل الجهات الرسمية والشعبية على حد سواء للواقع البيئي المتمثل بالقُمامة المتواجدة في كل مكان وفي كل زاوية، وخصوصا تلك القمامة التي يتسبب بها مُرتادو المخيمات ذات إمكانيات الوصول بالسيارة أو الباص السياحي، والتي تتواجد عادة في المحمية في نهاية كل أسبوع. أما الجزء الآخر المتسبب بحدوث الكارثة الثالثة فهي مخلفات المخيمات غير الثابتة والتي من الصعب السيطرة عليها، مع العلم أنها الخيار الأفضل لإشباع رغبات السياح الممارسين لسياحة المشي في الصحراء ومحبي سياحة المغامرات الصحراوية. هذه المخيمات تشكل أحد أسباب الأزمة؛ لغياب عنصر الوعي لدى منظمي هذا النوع من الرحلات ولغياب التعليمات الواضحة المكتوبة التي يجب أن يقوم منظمو هذا النوع من الرحلات بتزويد السياح بها قبل مباشرة الرحلة السياحية.

تتعدد الأسباب وتتعدد طرق المعالجة والتي سيتم تناولها في مقالات لاحقة إن شاء الله، ولكن لا بد من وجود ذاك الذي يقرع الجرس؛ وخصوصا أننا لازلنا في بداية مشوارنا السياحي والأمر يحتاج الكثير من العمل من قبل المخطط السياحي (إن وجد)، لا سيما أنه لا بد من إيلاء هذه المحمية الأهمية الأكبر لأن هذه المحمية تعدّ لاعبا رئيسيا في تعزيز مفهوم ما يسمّى بتكرار زيارة نفس المقصد السياحي ( visit retention )، فالعديد من السياح يتفاجأ بوجود مكان بهذا الجمال الساحر فيقرر العودة لقضاء ليلة أو أكثر، إذ أن معظم البرامج تحتوي جولة بالجيب لا تتجاوز الساعتين وهذه المدة بكل تأكيد غير كافية لتذوق جماليات المكان، الذي يُعدّ أعجوبة طبيعية.

برامج الوعي المجتمعي باتت ضرورة ملحة للنهوض بالواقع البيئي للمحمية، لا سيما أن اللاعب الأهم هو بلا ادنى شك المجتمع المحلي في وادي رم وهم الأدعى بأن يكونوا الأداة الأهم وركيزة الانطلاق للمحافظة على مصدر رزق للجميع ومتنفس بيئي للوطن بأكمله.

*د.محمد أبو حجيلة: باحث ومتخصص في الإدارة السياحية

(البوصلة)

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts