آخرهم نزار بنات.. هكذا كرّست السلطة قاعدة اغتيال معارضيها تعذيبًا

آخرهم نزار بنات.. هكذا كرّست السلطة قاعدة اغتيال معارضيها تعذيبًا


شكّل اغتيال الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية المحتلة المعارض السياسي نزار بنات (44 عامًا)، صدمة كبيرة على المستويين المحلي والدولي، وأثار سخطًا واسعًا لدى الفلسطينيين، في وقت يُحيي العالم اليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب.

وفجر الخميس، اقتحمت قوة أمنية من السلطة منزلا كان يتواجد فيه الناشط بنات، في المنطقة الجنوبية من مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية المحتلة، ثم انهالت عليه ضربا بهراوات حديدية وخشبية، ثم اقتادته إلى مكان مجهول، قبل أن يُعلن محافظ الخليل عن وفاته.

وعُرف بنات، الذي يحمل الفكر القومي بانتقاده اللاذع لسياسات السلطة وقادتها، كان آخرها مهاجمته لصفقة لقاحات كورونا منتهية الصلاحية التي عقدتها الحكومة مع “إسرائيل” قبل أيام، فضلا عن سياسة التنسيق الأمني التي ما زالت تنتهجها.

وأعاد اغتيال “بنات” إلى الأذهان سلسلة من عمليات التعذيب والقتل التي نفذتها الأجهزة الأمنية في الضفة لناشطين ومعارضين، على مدى السنوات الماضية، والتي مرت دون محاسبة فاعليها.

ويُعد التعذيب جريمة بموجب القانون الدولي، وهو محظور تمامًا وفق جميع الصكوك ذات الصلة، ولا يمكن تبريره في ظل أية ظروف، وتشكل ممارسته على نحو منتظم وبشكل واسع النطاق جريمة ضد الإنسانية.

وفي محاولة للقضاء على هذه الجريمة، وتفعيل اتفاقية مناهضة التعذيب، أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 12 كانون الأول/ ديسمبر 1997، يوم 26 حزيران/ يونيو يومًا دوليًا للأمم المتحدة لمساندة ضحايا التعذيب.

ومن أبرز الذين تعرضوا لعمليات القتل تعذيبًا داخل سجون السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية خلال السنوات الماضية، وفق مؤسسات حقوقية ومصادر عائلية:

مجد البرغوثي (2008)

في فبراير/ شباط 2008، اعتقل جهاز المخابرات الداعية مجد البرغوثي (42 عاما) من رام الله بتهمة انتمائه لحركة حماس، وتعرض لتعذيب قاسٍ داخل السجن فارق على إثره الحياة، وفق تقارير حقوقية.

محمد الحاج (2009)

لم يمض سوى عام واحد على حادثة البرغوثي، حتى اعتقل جهاز الأمن الوقائي، الناشط في حركة حماس، محمد الحاج (30 عاما) من محافظة جنين، قبل أن يتم الإعلان عن وفاته داخل السجن.

وادعت السلطة آنذاك، أن الحاج انتحر داخل المعتقل، غير أن عائلته ومؤسسات حقوقية، نفت تلك الادعاءات، وأكدت وجود آثار ضرب وكدمات على جسده، تشير إلى تعرضه للتعذيب.

هيثم عمرو (2009)

وفي يونيو/ حزيران من نفس العام، توفي هيثم عمرو (29 عاما) خلال اعتقاله في مقر جهاز المخابرات العامة بالخليل، دون أي تهمة.

ورغم نفي السلطة مسؤوليتها عن وفاة الناشط عمرو وادعائها بأن وفاته طبيعية، إلاّ أن تقارير حقوقية فندت ذلك، وأكدت وجود آثار ضرب وتعذيب على جسده.

وعادة ما كانت السلطة تعلن عن تشكيل لجان تحقيق عقب كل حادثة قتل، لكن دون أن يرى المواطن نتائج تلك اللجان، أو محاسبة مرتكبيها.

أحمد حلاوة (2016)

وفي طريقة مماثلة أيضا لاغتيال “بنات”، أقدمت عناصر من الأمن في أغسطس/ آب 2016، على اعتقال القيادي الفتحاوي أحمد حلاوة (50 عامًا) من مدينة نابلس شمالي الضفة المحتلة، قبل اقتياده إلى سجن جنيد بالمدينة وضربه ضربا مبرحا، حتى فارق الحياة.

محمود الحملاوي (2019)

في مارس/ آذار من عام 2019، قتل الشاب محمود الحملاوي (30 عاما) من قطاع غزة، والذي كان مقيما في مدينة رام الله، بعد أن اعتقلته أجهزة السلطة وعذبته داخل سجونها، دون تهمة واضحة.

وقالت عائلة الحملاوي في تصريحات إعلامية آنذاك، إن عناصر أمنية اقتحمت المنزل الذي كان يقيم فيه ابنها محمود، واعتدت عليه أثناء نومه وضربته ضربا مبرحا بالهراوات الحديدية في جميع أنحاء جسده، ثم نقله إلى السجن حيث توفي هناك.

حالة “بنات” غير مسبوقة

ويقول الباحث الحقوقي ورئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني “حشد”، صلاح عبد العاطي، إن الساحة الفلسطينية لم تشهد سابقا حالة مشابهة لحادثة اغتيال نزار بنات.

ويوضح عبد العاطي في حديث لوكالة “صفا” أن “الحالات السابقة كانت عبارة عن اعتقال ثم تعذيب أو قتل داخل السجون، لكن في موضوع نزار كان هناك قرار من المستوى السياسي في السلطة بالاغتيال وليس الاعتقال”.

ويشير إلى أن “ملف بنات يفتح الآن كل ملفات انتهاكات حقوق الإنسان بدءا من الاعتقال التعسفي وانتهاك الحريات وعلى رأسها حرية الرأي والتعبير”.

ويؤكد عبد العاطي أن لجنة التحقيق الحكومية التي أعلن عنها رئيس الحكومة محمد اشتية “مرفوضة” باعتبار أن السلطة متهمة وتحقق مع نفسها.

ويضيف “المطلوب لجنة مستقلة كاملة الصلاحيات بعيدة عن تركيبة السلطة (..) وجريمة القتل باتت واضحة لكن نريد أن نعرف من المستوى السياسي الذي أمر بالقتل إضافة لمحاسبة مقترفيها، وإقالة الحكومة وعلى رأسها اشتية”.

ويتابع الباحث الحقوقي “البعض يقول إن نزار كان حادا في انتقاده للسلطة، لكنه لم يكن بهذا الشكل لولا بذاءة هذا المشهد الذي نعيشه، والسجل الكارثي الذي قامت به السلطة من تنسيق أمني وتعذيب وعقوبات جماعية على قطاع غزة”.

صفا

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: