“أمير البحار” برباروس و”الغازي” أتاتورك.. هل يحيي أردوغان تاريخ أجداده؟

“أمير البحار” برباروس و”الغازي” أتاتورك.. هل يحيي أردوغان تاريخ أجداده؟

مصطفى كمال أتاتورك في ليبيا (موقع هستوري أوف ليبيا)

رد التلفزيون التركي الحكومي على المعارضة الداخلية لإرسال قوات إلى ليبيا، عارضا مشاهد مصورة قديمة لمؤسس الجمهورية التركية الحديثة مصطفى كمال أتاتورك أثناء قتاله إلى جانب الثوار الليبيين في مواجهة الاحتلال الإيطالي.

وفي تقرير بثته شاشتها العربية ليلة الخميس، دعت قناة “تي.آر.تي” المعارضةَ التي يقودها “حزب الشعب الجمهوري” إلى “التمعن” في صورة لأتاتورك مضى عليها نحو 109 سنوات.

ومنذ بدأ السجال الداخلي حول إرسال قوات تركية إلى ليبيا، أخرجت كل من الحكومة والمعارضة ما في جعبتهما من أوراق لتعزز بها موقفها، بما في ذلك أجندة التاريخ ومواقف أنقرة من القضايا المشابهة.

فبينما استشهد قادة المعارضة وكتابها بموقف البرلمان الذي رفض إرسال القوات التركية للقتال في العراق عام 2003، شبّه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إرسال القوات إلى طرابلس بركوب القبطان خير الدين بارباروس البحر على رأس الأساطيل البحرية لمواجهة أعداء الدولة العثمانية.

وبارباروس -الذي استشهد به أردوغان- يعرفه الأتراك جيدا، ويُطلَق عليه في المناهج الدراسية لقب “أمير البحار”، وتُروى القصص عن سيرته في مواجهة الأوروبيين وفرضه الحصار على الشواطئ الفرنسية في القرن الـ16.
 
لكن المراقبين الأتراك يرون في استدعاء التلفزيزن الحكومي صور أتاتورك إلى جانب الثوار الليبيين أثرا أعمق، واعتبرها البعض “إنزالا خلف خطوط الخصوم”.


 أتاتورك بالزي الليبي (موقع هستوري أوف ليبيا)
 أتاتورك بالزي الليبي (موقع هستوري أوف ليبيا)


وسبق أردوغان الإعلام التركي إلى ميراث أتاتورك في ليبيا، حين قال في حديث تلفزيوني يوم 22 ديسمبر/كانون الأول الماضي إن بلاده “سترسل جيشها إلى ليبيا وتقاتل كما قاتل أتاتورك إلى جانب الليبيين هناك”.

وترى الباحثة الأكاديمية في علم الدلالة بجامعة “أرل” آية جيليك أن استحضار سيرة أتاتورك أوصل -وبفعالية مطلقة- رسالة إلى المعارضة التركية عبر استخدام رمز دلالي أعلى في وعيها الجمعي، وهو الزعيم والمؤسس أتاتورك.

واعتبرت أن هذه الخطوة أزالت الكثير من عقبات التشويش من أمام جمهور المعارضة في تعرضه للرسالة، وخففت من تأثيرات الانطباع المسبق عن مصدر الرسالة باعتباره خصما سياسيا.

وأضافت جيليك في حديثها للجزيرة نت أن تلك الخطوة “أحدثت تأثيرا عميقا، إذ أراحت أنصار المعارضة وقواعدها من جهة، وأحرجت قادة الرأي والمنظرين لها من جهة أخرى”.

وأشارت إلى أن الأتراك عادة ما يبحثون بجدية وشغف عن أي معلومة يتلقونها، ووثقت محركات البحث في الشبكة العنكبوتية بحثهم أكثر من 230 مليون مرة عن معنى عبارة “الرفيق قبل الطريق” التي قالها أحمد داود أوغلو في خطاب رحيله عن الحكومة عام 2016.

كما نبهت جيليك إلى أن ارتباط كل عملية بحث بصورة أتاتورك في تركيا “يحقق أثرا كبيرا، بالنظر إلى أن الصورة تعد أهم مصدر للتأثير على المتلقي، نظرا لارتباطها بحاسة البصر ذات الاتصال المباشر بالدماغ، ولأن غالبية البشر -وفقا للدراسات- هم من النمط البصري الذي يتأثر بالصورة أكثر من أي مدخل آخر من مدخلات الحواس”.

وتقول المصادر التاريخية التركية إن أتاتورك توجه عام 2011 إلى ليبيا بصحبة عدد من الضباط الأتراك لقتال المحتلين الإيطاليين، وخاض مع الثوار العديد من المعارك خاصة في درنة وطبرق.


 أتاتورك مع الثوار الليبيين ضد المستعمر الإيطالي  (مواقع التواصل)
 أتاتورك مع الثوار الليبيين ضد المستعمر الإيطالي  (مواقع التواصل)

الرموز العسكرية
ويبدو استحضار تاريخ أتاتورك ملهما في سير المعارك والحروب، إذ يقول الباحث والمؤرخ التركي جنكيز أونال إن له “مكانة خاصة منفردة في الثقافة والوعي التركي”.

ويشير إلى تقدير الأتراك بشكل خاص للقيمة الحربية لأتاتورك حيث خلعوا عليه في حياته لقب “الغازي”، وهو اللقب الأعلى في سلم المراتب والدرجات القيادية لدى المجتمعات التركية عبر العصور.

وأوضح أونال في حديثه للجزيرة نت أن هناك دلالة خاصة لأتاتورك عند استحضاره في السياق العسكري، فهو القائد الذي حمى التراب التركي من الغزو اليوناني، ومن الحلفاء الذين سعوا لاحتلال تركيا.

وكان البرلمان التركي قد صادق مساء الخميس بأغلبية 325 صوتا مقابل 184 صوتا معارضا، على مذكرة تفويض تسمح للرئاسة بإرسال قوات عسكرية إلى ليبيا لدعم حكومة الوفاق.

وستتيح مذكرة التفويض للرئاسة لمدة عام قابل للتجديد، تقديم دعم متنوع يشمل إرسال قوات عسكرية إلى ليبيا لدعم حكومة الوفاق في مواجهة قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر.

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: