أن تكون مسلما في الهند.. اعتداءات برعاية حكومية ومجرمون يفلتون من العقاب

أن تكون مسلما في الهند.. اعتداءات برعاية حكومية ومجرمون يفلتون من العقاب

تزايدت الاعتداءات التي تستهدف المسلمين في الهند، واتخذت أشكالا مختلفة خلال الأشهر الماضية، في ظل رد فعل ضعيف من الحكومة القومية الهندوسية برئاسة رئيس الوزراء ناريندرا مودي.

ورصد تقرير لشبكة “بي بي سي” (BBC) البريطانية وقائع لاستهداف المسلمين، ومن بينها لقطات انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي الشهر الماضي تظهر فتاة صغيرة مذعورة تتشبث بوالدها المسلم في حين يعتدي عليه حشد من الهندوس.

وأظهرت اللقطات الفتاة وهي تتوسل إلى المعتدين للتوقف عن ضرب والدها (45 عاما)، ولم تؤثر العبارات التي رددتها تحت التهديد -مثل “تحيا الهند” و”النصر للإله رام”- في تهدئة الحشود التي لم تتوقف عن ضرب والدها إلا عند وصول الشرطة إلى المنطقة الواقعة في ولاية أوتار براديش الشمالية.

وذكر التقرير أن الشرطة أطلقت بكفالة في اليوم التالي سراح 3 معتدين ألقي القبض عليهم في الحادث.

وشملت الهجمات التي رصدها التقرير الاعتداء على بائع مسلم في منطقة هندوسية، وتعرض صبي مسلم (14 عامًا) لاعتداء عنيف بسبب دخوله معبدا هندوسيا كي يشرب الماء، وتعرض بائع للضرب في دلهي بسبب بيعه الفاكهة في منطقة هندوسية.

وتعكس تلك الحوادث تزايد استهداف أكبر أقلية دينية في الهند يبلغ عددها أكثر من 200 مليون نسمة.

وقال علي شان جعفري -وهو صحفي مستقل يوثق الهجمات على المسلمين الهنود على مدى السنوات الثلاث الماضية- إن “العنف شائع ومتفش ومقبول تماما”.

وأوضح أنه يصادف “3 إلى 4 مقاطع فيديو من هذا القبيل كل يوم”، ولكنه قادر على التحقق من واحد أو اثنين منها فقط، وبعدها ينشرها على وسائل التواصل الاجتماعي.

وأوضح التقرير أن الانقسامات الدينية معروفة في الهند منذ فترة طويلة، لكن منتقدي الحكومة يقولون إن العنف ضد المسلمين تصاعد منذ عام 2014 في ظل الحكومة التي يقودها ناريندرا مودي.

وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة دلهي تنوير إعجاز إن “العنف الطائفي ليس ظاهرة حديثة، لكنه ينمو بالتوافق مع إستراتيجيات من هم في السلطة وبالتجييش السياسي”.

ويواجه رئيس الوزراء انتقادات لعدم إدانته الهجمات بسرعة وبالشدة المطلوبة، غير أن براكاش جافاديكار -القيادي البارز في حزب “بهاراتيا جاناتا” الحاكم- اتهم وسائل الإعلام بالتحيز والانتقائية، وبالتركيز على الهجمات التي يتعرض لها المسلمون.

وقال “إذا نظرت إلى البيانات الرسمية، فقد قتل 160 هندوسيًّا من بين 200 شخص تم قتلهم خارج القانون، وتم استهداف أشخاص من جميع الأديان”. لكنه لم يذكر مصدر البيانات لأن الهند لا تجمع مثل هذه البيانات.

ونقل تقرير “بي بي سي” عن موقع يحصي “جرائم الكراهية” في الهند أن أكثر من 90% من الضحايا في السنوات العشر الماضية كانوا من المسلمين.

وأوضح التقرير أن مقترفي الهجمات لم يتعرضوا للعقاب، وسط اتهامات بأنهم يتمتعون برعاية سياسية من حزب “بهاراتيا جاناتا” الذي يتزعمه مودي”، إذ قام وزير سابق بتكريم 8 هندوس أدينوا بقتل مسلم.

وتقول منسقة وسائل التواصل الاجتماعي لحزب المؤتمر المعارض حسيبة أمين “أصبحت مثل هذه الهجمات شائعة جدا في الهند اليوم وفقط بسبب الإفلات من العقاب الذي يتمتع به هؤلاء البلطجية”.

“اليوم أصبحت الكراهية طاغية، وبات الاعتداء على المسلمين أمرًا مستحبًّا، كما يكافأ دعاة الكراهية على أفعالهم”.

وذكر التقرير أن استهداف المسلمين لا يقتصر على الاعتداءات الجسدية، بل يتخذ أشكالا أخرى تهدف إلى تشويه سمعة الأقلية المسلمة، مثل اتهام قادة هندوس -بمن فيهم مودي ومسؤولو حزبه- الرجال المسلمين الذين حضروا تجمعا دينيا في دلهي بممارسة “جهاد كورونا” عبر ممارسة سلوك من شأنه العمل على انتشار الفيروس.

ثم تبع ذلك إشاعة “جهاد خبز روتي”، التي جاء فيها أن الطهاة المسلمين الذين يخبزون “خبر روتي” الهندي يبصقون على الخبز لنشر الفيروس بين الهندوس.

وتُستخدم القوانين لمضايقة الرجال المسلمين المتزوجين من هندوسيات وسجنهم، كما أن النساء المسلمات لم يسلمن من الاعتداءات والإساءات؛ ففي يوليو/تموز الماضي اكتشفت العشرات منهن أنهن معروضات “للبيع” عبر مزادات وهمية في شبكة الإنترنت.

وفي الشهر الماضي، هتف المشاركون في تجمع نظمه زعيم سابق لحزب “بهاراتيا جاناتا” في دلهي بشعارات تدعو إلى قتل المسلمين.

ويقول جعفري “إنها حملة منظمة ومستمرة من قبل السياسيين القوميين لنشر التطرف بين الهندوس لجعلهم يعتقدون أنه يجب تهميش المسلمين إذا أراد الهندوس التقدم”.

ويشير إعجاز إلى أن الاعتداءات على الطبقة العاملة المسلمة -مثل الخياطين وبائعي الفاكهة والكهربائيين والسباكين وبائعي الكعك- هي أيضًا محاولة للسيطرة على الاقتصاد والوظائف من خلال القومية الدينية.

ويرى البروفيسور إعجاز أن القومية الدينية فكرة خطيرة يمكن أن تؤدي إلى العنف الطائفي، وأضاف أن “السلطة السياسية الحاكمة في ديمقراطية برلمانية هي التي تتحمل المسؤولية. فإلى متى يمكن أن تتجاهل ذلك؟”.

الجزيرة نت

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: