إطلبوا العلم ولو في زمن الـ “كورونا”.. أساتذة جامعات على قدر التحدي (شاهد)

إطلبوا العلم ولو في زمن الـ “كورونا”.. أساتذة جامعات على قدر التحدي (شاهد)

عمان – رائد الحساسنة

“إطلبوا العلم ولو في الصين”، هكذا كانت الوصية القديمة التي تناقلها الآباء والأجداد إلى أجلٍ قريبٍ، ولعلّ الظروف تغيّرت اليوم بشكلٍ كبيرٍ جدًا مع التقدم العلميّ والتكنولوجيّ حتى أصبح العالم قرية صغيرةً، لكنّه يعيش اليوم ظرفًا استثنائيًا ووافدًا جديدًا فرض سطوته على “العالم” هو “الكورونا” فغيرّ القواعد وحرم العالِمَ والمُتَعلِم من اللقاء على أرض الواقع في جامعاتهم ومدارسهم، فأصبحت القاعدة الذهبية: “إطلبوا العلم ولو في زمن الكورونا”، فالصين والكورونا والرابط بينهما كبيرٌ فرضوا واقعًا جديدًا هو “التعليم عن بعد”.

والأردن من أوائل الدول التي استشعرت خطورة “الكورونا” وكارثية انتشاره فصدرت القرارات التي تفرض حظر التجوال وتقليل الحركة في الشوارع إلا للضرورة القصوى لاستمرارية الحياة، ولكنّها في الوقت ذاته أصرت على قبول التحدي باستمرار العملية التعليمية وعدم تأثرها رغم إغلاق المدارس والجامعات وسخرت وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي كل الأدوات والوسائل والتقنيات لإنجاح هذه العملية.

الأستاذ الجامعي أحمد الشحروري نموذج خلاق

“البوصلة” قابلت أحد النماذج الخلاقة المتحفزة دائماً للعطاء والتعليم مهما كانت الظروف، أستاذ الشريعة في جامعة الزيتونة الأردنية الدكتور أحمد الشحروري، وخلال إعطائه لإحدى المحاضرات، كان حريصًا على إبقاء طلابه في الأجواء التعليمية الجادّة ذاتها خلال إلقائه للمحاضرة من مكتبه عبر تقنية “البث المباشر” على مواقع التواصل الاجتماعي.

الأستاذ الجامعي الأنيق الذي تعود طلابه على رؤيته بـ “البدلة وربطة العنق”، لم يتغير هندامه ولا نبرته وصوته الجهوري الذي يشدّ الطلاب إليه خلال الموضوع المهمّ الذي يطرحه، وبخبرة الإلقاء التي أبدع في صنعتها وصقلتها عشرات السنين في مهنة التعليم والخطابة يلقي على طلابه محاضرته ولكن من خلف الشاشة هذه المرة.

وتشاء الأقدار أن يتناسب الموضوع الذي يطرحه على طلابه والحدث الذي يعيشه العالم والأردن اليوم “جائحة كورونا”، فمحاضرته اليوم تحمل عنوانا طالما كان قاعدة شرعية حث الإسلام البشرية بأجمعها على اتباعها في كل الظروف حماية لإحدى أهم الضروريات ألا وهي “حياة الإنسان”، والقاعدة الشرعية تقول: “لا ضرر ولا ضرار”، وفقًا للشحروري.

ويتابع توجيه الرسائل لطلابه من خلف كاميرا هاتفه الشخصي، فيقول متباعة لحديثه عن قاعدة (لا ضرر ولا ضرار)، أي أنه: “يحرم إيقاع جنس الضرر، ونستغل فرصة هذه القاعدة لنقول للمواطنين جميعًا والأمة الإسلامية جميعًا لأنها هي التي تفهم التكليف، يا سادة يا كرام يحرم عليك إيقاع الضرر بنفسك وإيقاع الضرر بالمواطنين”.

“إذا قالت لك الدولة خليك في البيت يعني يحرم أن تخرج لغير ضرورة، لأن ولي الأمر قال لك خليك في البيت وإذا خرجت واختلطت تنقل العدوى، فإذن يحرم عليك إيقاع الضرر بغيرك فيحرم الخروج من المنزل”، رسالة حازمة يبلغها الشحروري لطلابه.

وبنبرة الأب الخائف على أبنائه والمعلم الحريص على تلامذته يقول خلال محاضرته: “انتبهوا يا أبنائي انتبهوا يا بناتي لا يجوز لك، نحن فيها الحمد لله أنها جاءت هذه القاعدة في هذه الظروف والحمد لله على كل حال”.

ويتابع نصائحه: “نقول لكم جميعًا بلغوا أهلكم وجيرانكم أن الخروج من البيوت حرام لأن ولي الأمر قال لا تخرجوا إلا لضرورة، وثانيا لما ينشئ هذا الخروج من ضرر محرم وفقًا لقاعدة (لا ضرر) فقد قرر الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ذلك”.

العطاء التعليمي مستمر بفاعلية مهما كانت الظروف

وبهمّة الأستاذ الجامعي الذي اعتاد لقاء طلابه وبث الروح المعنوية العالية فيهم في كل الظروف والأحوال، يقول الشحروري لـ “البوصلة”: “أحمد الله أننا نحن أساتذة الجامعات في ظروف جائحة كورونا لم نتأثر كثيرًا بدوامنا وفعاليتنا وفي العطاء لطلابنا”.

ولا ينسى أن يوجه رسالة شكرٍ لوزارة التربية والتعليم والتعليم العالي على ما يبذلونه من جهود في سبيل تذليل عقبات التعليم عن بعد، فيقول: “جزى الله وزارة التعليم العالي خيرًا على ما دلت عليه وندبت إليه من التعليم عن بعد، والمنصات التي جهزتها كل جامعة على حدة “.

ويتابع حديثه: “نحن بفضل الله في جامعة الزيتونة الأردنية أقوم أنا وزملائي مثلا في كلية الحقوق وعموم الكليات على التواصل مع طلابنا بالقدر المتاح في وسائل التواصل الاجتماعي، سواء الـ “E-Learning”، أو المنصات المختلفة التي يسروها لنا”.

“نحن على صلة يومية بطلابنا وشرحنا للمحاضرات مستمر، والطلاب مقبلون بشكلٍ عامٍ، وهم الذين يشجعوننا الحقيقة، وأنا اسجل للطلاب أنهم هم الذين يشجعوننا على الانطلاق وديمومة العمل”، يقول الشحروري.

ويختم حديثه المتفائل لـ “البوصلة” بالقول: “الأمر من فضل الله عز وجل مثمر، وفيه فأل كبير، ولكن نسأل الله عز وجل أن يزيل هذه الغمّة وأن يعيدنا إلى جامعاتنا وأن يعيد الأمة جميعها إلى حياتها الطبيعية بالسلامة والخير”.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: