احتجاجات وإضرابات جديدة في إيران والسلطات تعد بإعادة “الهدوء الكامل”

احتجاجات وإضرابات جديدة في إيران والسلطات تعد بإعادة “الهدوء الكامل”

لم يحسم تقرير الطب العدلي الإيراني، الذي صدر أمس الجمعة، الجدل حول أسباب وفاة الشابة مهسا أميني، التي فجرت احتجاجات في إيران منذ السابع عشر من الشهر الماضي، فيما رفضت عائلة أميني وفريق المحاماة التقرير الذي نفى تعرض الشابة لـ”أي ضربة” بعد إيقافها من قبل شرطة الآداب.
وبعد يوم من إصدار التقرير استؤنفت، اليوم السبت، الاحتجاجات في إيران بشكل أو آخر، حيث تشهد مدن، من بينها العاصمة طهران، وكرج ورشت وشيراز، تجمعات احتجاجية وإضرابات لمحال تجارية، فيما لا تزال السلطات الإيرانية تصوّب على “العدو” الخارجي، وتتهمه بالوقوف وراء الاحتجاجات واستهداف أمن البلاد والجامعات، فضلاً عن حديث القوات المسلحة الإيرانية عن تعرض إيران لـ”حرب مركّبة”، مع وعدها بإعادة “الهدوء الكامل” إليها.
واليوم السبت، اتهم الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، في كلمة له في “جامعة الزهراء” النسائية في طهران بمناسبة العام الدراسي الجديد في الجامعات الإيرانية، “أعداء” إيران بالضلوع في الاحتجاجات الأخيرة، وخاصة في الجامعات، قائلاً إن “العدو تصوّر أنه يمكنه متابعة أغراضه في الجامعة، فطلابنا وأساتذتنا واعون ولن يسمحوا بتحقيق أوهام العدو الباطلة”.
وفي السياق، أدلى قائد الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، الجنرال محمد باقري، بتصريحات في مهرجان للقوات المسلحة، أوردتها وكالة “إرنا” الرسمية، قائلاً إن إيران تواجه اليوم “تهديدات مركّبة على مختلف الأصعدة”، مسمياً “تهديدات عسكرية وأمنية وثقافية وحديثة”.
وفي إشارة إلى الاحتجاجات الأخيرة، قال باقري إن “الأعداء عبر ذريعة صغيرة (وفاة مهسا أميني) أطلقوا مؤامرة وفتنة كبيرة خلال الأيام الأخيرة ضد الثورة الإسلامية، لإبطاء عملية ازدهار البلاد”، عازياً احتجاجات الشباب الإيراني إلى “مخادعتهم من قبل الأعداء عبر نشر الأكاذيب على الفضاء الافتراضي”.
وفي إشارة إلى مستقبل الاحتجاجات، أضاف القائد العسكري الإيراني أن “هؤلاء المفتونين (مخدوعين) يمكن أن يواصلوا مسيرة الشغب عبر تحريضهم من قبل عناصر عملية”، مؤكداً أن “مسؤولية ومهمة القيادة العامة لقوات الأمن الداخلي (الشرطة) تستدعي، بتعاون مع الحرس والباسيج، إعادة الأمن والهدوء الكاملين إلى البلاد بدقة كاملة، مع مراعاة جميع المقررات، لتتمكن البلاد من الاستمرار في النمو على ضوء الأمن”.
تجمعات وإضرابات
في الأثناء، انتشرت مقاطع مصورة، متداولة على شبكات التواصل الاجتماعي المحجوبة، لاحتجاجات في مدن إيرانية عدة، اليوم السبت، فضلاً عن إضراب محال تجارية في العاصمة طهران ومدن كردية غربي إيران.
وانتشرت مقاطع مصوّرة لاحتجاجات في نقاط عدة بالعاصمة طهران، منها المنطقة القريبة من سوق طهران الكبير وكذلك وسط المدينة.
وأورد نادي “المراسلين الشباب”، التابع لمنظمة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية، أن عدداً من طلاب جامعة طهران نظموا اليوم السبت، تجمعاً تخللته “هتافات منتهكة للحرمات”، في إشارة إلى هتافات سياسية حادة، لافتاً إلى أن عدداً آخر من الطلاب المحافظين ردّوا عليهم بهتافات مؤيدة للنظام.
وأظهرت فيديوهات على مواقع “التواصل الاجتماعي” اشتباك المحتجين مع قوات الشرطة والأمن جنوبي طهران، وكراً وفراً بينهم، وقيام محتجين بإضرام النار في مركز للشرطة.
كما لفت المصدر ذاته إلى سماع أبواق السيارات في شارع “انقلاب” (الثورة) وسط طهران، حيث بات “تزمير” السيارات معاً في الشوارع أحد أساليب التعبير عن الاحتجاج خلال الاحتجاجات الأخيرة.
وحول مقتل مواطن إيراني داخل سيارته، خلال احتجاجات مدينة سنندج، نفى قائد قوات الأمن الداخلي في محافظة كردستان الإيرانية العميد علي آزادي لوكالة “فارس” أن تكون قواته ضربته. وقال إن قوات الشرطة “لا تستخدم الرصاص الحي صوب المشاغبين”.
وأظهرت فيديوهات عدة، لم يتسنَّ لـ”العربي الجديد” التأكد من صحتها، تجمعات احتجاجية في منطقة غوهردشت التابعة لمدينة كرج، غرب طهران، وأصفهان ومشهد، ووسط وجنوبي طهران، وأراك وسنندج.
وأطلق المحتجون هتافات سياسية والشعار الاعتيادي “امرأة حياة وحرية”. وتظهر هذه المقاطع وجوداً مكثفاً لقوات الشرطة والأمن واستخدام الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين. كما تسمع في بعض هذه المقاطع المصورة أصوات إطلاق الرصاص خلال تجمع احتجاجي في مدينة سنندج، مركز محافظة كردستان، وشوهد قيام محتجين بإغلاق شوارع بالمدينة عبر إحراق إطارات السيارات والنفايات.
كذلك، تشير أنباء غير رسمية متداولة وفيديوهات إلى إضراب للمحال التجارية في مدن كردية في محافظتي كردستان وأذربيجان الغربية، فضلاً عن إضراب في سوق تجريش شمالي طهران، وأنباء عن إغلاق المحال التجارية في سوق طهران الكبير جنوبي العاصمة.
وجاءت احتجاجات اليوم بعد دعوات مكثفة خلال اليومين الأخيرين على مواقع التواصل الاجتماعي.
تجمعات في جامعات عدة
في الأثناء، شهدت جامعات إيرانية، اليوم السبت، تجمعات، منها جامعة “أمير كبير” الصناعية في طهران.
وأعلنت جامعات عدة إيرانية، خلال الساعات الأخيرة، في بيانات منفصلة، بما فيها جامعات طهران الكبرى، كـ”شريف” و”طهران” والشهيد بشهتي” و”أمير كبير”، عن الإفراج عن جميع الطلبة المعتقلين خلال الاحتجاجات الأخيرة في هذه الجامعات، التي شهدت تجمعات احتجاجية على مدى الأسبوعين الأخيرين، كان أكبرها تجمع الأحد الماضي في جامعة “شريف” الصناعية في طهران واقتحام قوات الأمن الجامعة التي تصنف أنها من أكبر وأهم الجامعات الإيرانية، واشتباكها مع الطلبة المحتجين وتعنيفهم واعتقال العديد منهم.
تداعيات تقرير الطب العدلي
في الأثناء، راجت أنباء على وسائل إعلام إيرانية أن أمجد أميني، والد الشابة مهسا أميني، ومحامي العائلة صالح نيكبت، أعلنا رفضهما التقرير الذي أصدرته منظمة الطب العدلي الإيرانية التابعة للسلطة القضائية أمس الجمعة، بشأن أسباب وفاة أميني.
وقال المحامي نيكبت لقناة “بي بي سي” الفارسية، المتهمة من قبل السلطات الإيرانية بالسعي لـ”إثارة الفتنة وتأليب الشارع” الإيراني ضد النظام، إن ما تضمنه تقرير الطب العدلي حول أن سبب وفاة أميني يعود إلى عملية جراحية سابقة لها (في الثامنة من عمرها) “لا أساس له من الصحة”، مضيفاً أن الطبيب الذي أجرى هذه العملية وأطباء آخرون فندوا “هذا الادعاء”.
والخميس الماضي، أصدرت عائلة مهسا أميني بياناً، سمّت فيه أطباء اختصاصيين لضمهم إلى اللجنة الطبية المعنية في الطب العدلي، مؤكدة أنها “لن تقبل أي رأي للطب العدلي”، ما لم يوافق على ضم هؤلاء الأطباء إلى اللجنة.
وجاء تقرير منظمة الطب العدلي الإيراني بشأن أسباب وفاة الشابة مهسا أميني تأكيداً لرواية الشرطة، حيث عزت المنظمة، في تقريرها النهائي، وفاتها إلى أمراض سابقة وخضوعها لعملية جراحية في الثامنة من عمرها لإخراج ورم دماغي.
وخلص التقرير إلى أن وفاتها “حسب الأوراق الطبية والتصوير الإشعاعي للدماغ والرئة ونتائج المعاينات الظاهرية للجثمان والتشريح والفحوص لم تكن ناتجة عن تعرضها لضربة في الرأس أو في أعضائها وعناصرها الحيوية في الجسم”.
وكانت “شرطة الأخلاق” في العاصمة الإيرانية طهران قد أوقفت الشابة مهسا أميني بحجة عدم ارتدائها لباساً محتشماً في 13 سبتمبر/ أيلول الماضي، وهي آتية من محافظة كردستان إلى طهران للسياحة برفقة أسرتها، لكنها بعد ساعتين من اعتقالها دخلت حالة غيبوبة في مقر الشرطة إلى أن توفيت في الـ16 منه.
وأطلقت وفاتها احتجاجات في إيران في اليوم التالي، وتحوّلت إلى قضيّة رأي عام.
(العربي الجديد)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: