مهند مبيضين
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

الأردن.. عودة الجمهور بأثر غاز الاحتلال

مهند مبيضين
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

ما كاد مجلس النواب الأردني يصوّت على موازنة حكومة عمر الرزاز، بنسبة 56% من الحضور النيابي، حتى عاد الشارع، ظهيرة يوم الجمعة الفائت، إلى التجمهر في عدة محافظات أردنية، للتعبير عن رفض اتفاقية الغاز الإسرائيلي التي اعتبرها نواب الشعب، وجمهور المحتجين في الشارع، طوق احتلال جديد، يُفرض على الأردن الذي تشهد علاقاته مع كيان الاحتلال الإسرائيلي أسوأ مراحلها منذ توقيع اتفاق وادي عربة للسلام عام 1994.

تعدّدت في السجال النيابي صور التنديد بالاتفاقية المذكورة، الذي جاء بعد سنواتٍ من أزمةٍ طاقةٍ كانت موروثة وعابرة للحكومات، لكن الأردن اليوم يشهد فائض طاقةٍ بفعل عمليات التوليد الجديدة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح النظيفة، بالإضافة إلى قرب بدء إنتاج الطاقة من الصخر الزيتي الذي توجد في الأردن منه نسبة عالية، حسب مجلس الطاقة العالمي، تقدَّر بأربعين مليار طن، بما يضع الأردن ثاني أغنى دولة به بعد كندا.

ولا تفسير مقبولاً لدى الشارع الأردني بجدوى الارتباط بـ”غاز الاحتلال”، وتوقيع اتفاقية مرتبطة بشروط قاسية، إذا ما أراد العودة عن الاتفاقية التي بدأ تدفق غازها إلى الأردن حديثاً. فالمجتمع  الأردني الذي يرفض التطبيع وإقامة علاقات مع كيان الاحتلال، ويرى أن هناك التباساً كبيراً في أمر الاتفاقية، منذ حكومة عبد الله النسور الثانية التي جاء في بيانها الحكومي أمام النواب التذكير بفاتورة الطاقة المرتفعة أربع مرات، وكأنه تبريرٌ للخيار المرير الذي تجرّعه الأردن.

فهل وضعت حكومة النسور، الأردن في ربقة الغاز الإسرائيلي وقيّدته به؟ قد تكون الإجابة عن هذا السؤال شاخصةً في سياسات التحوّل نحو الطاقة النظيفة التي بدأت قبيل تلك الحكومة، واكتملت اليوم في إنتاج أردني فائض عن الحاجة في الطاقة، ما دعا الوزيرة الحالية للطاقة، هالة زواتي، إلى التصريح أكثر من مرة عن عزم الأردن وقدرته على تصدير فائض الطاقة النظيفة المنتجة في النهار إلى شمالي السعودية، ثم العراق فسورية، وأخيراً الحديث عن إقامة محطة طاقة في منطقة الرامة في الغور الأردني، لتزويد دولة فلسطين المحتلة بالطاقة، لتنويع خيارات الفلسطينيين من إطلاقه، الذين تمارس عليهم دولة الاحتلال ضغوطاً في مسألة التزويد بالكهرباء.

هذا المقصد الأردني النبيل لا يمكنه أن يفسّر استيراد الغاز الإسرائيلي الذي يراه النواب والشعب الأردني غازاً مسروقاً، وفي الوقت نفسه، يطمح الأردن إلى دعم الفلسطينيين بتزويدهم بالطاقة الكهربائية المنتجة وطنياً من مصادر الطاقة البديلة.

تعود جذور التوقيع على الاتفاقية التي تبرّر الحكومات الأردنية توقيعها، إلى اعتبارها موقعة بين شركة الكهرباء الوطنية المملوكة بالكامل للحكومة الأردنية، وشركة نوبل إينيرجي الأميركية الممثلة لتجمّع شركات حقل لفاياثان، وقد بدأت محادثات الطرفين عام 2011، ووقعت عام 2014 في حكومة النسور الثانية، بعد تعثر تزويد الأردن بالغاز المصري، وبموجب الاتفاقية ستدفع شركة الكهرباء الوطنية ما قيمته مليار دولار سنوياً لمجموعة حقل لفاياثان من قيمة مصروفاتها السنوية البالغة أكثر من ثلاثة مليارات دولار سنوياً، وستزود الاتفاقية الأردن بما مقداره 300 مليون قدم مكعب من الغاز مدة 15 عاماً، ولاحقاً تتناقص الكمية إلى 250 مليون قدم من دون غرامات، واحتجت الحكومة حينها في دفاعها أمام مجلس النواب بأن الاتفاقية لا تهدد أمن الطاقة الأردني، ولا تشكل إلا 20% من مجمل خليط الطاقة المستخدم.

لاحقاً، حاول النواب إسقاط الاتفاقية وصوّتوا بالأغلبية على إلغاء الاتفاقية في أكتوبر/ تشرين

الأول 2014، لكن المحكمة الدستورية الأردنية أفتت في زمن حكومة الرزاز في قرارها التفسيري رقم 2 لعام 2019 بأن اتفاق شركة الكهرباء الوطنية وشركة نوبل إينيرجي الأميركية لا يحتاج لموافقة مجلس النواب، وصدر القرار في عدد الجريدة الرسمية رقم 5595.

أعاد هذا القرار في عهد حكومة الرزاز الموقف الشعبي الرافض للاتفاقية إلى الصعود مجدداً، وبات يشكل المطلب الرئيس للقوى الشعبية والنقابية والبرلمانية التي تحشد صوتها اليوم ضد حكومة الرزاز، باعتبارها وارثة الإثم والخطأ الاستراتيجي الذي تعظّمه اليوم تهديدات إسرائيل المتكرّرة للأردن وسوء العلاقات أو توقفها، كما صرح العاهل الأردني، عبد الله الثاني، أخيراً.

وبعيداً عن تهافت النواب على التقاط اللحظة التاريخية في مواجهة حكومة الرزاز، في دورتهم البرلمانية الراهنة، لإشباع الناس بالصوت فقط، ذلك أن الحكومة أعلنت عدم مسؤوليتها أو عدم رؤيتها على لسان رئيسها، مكتفيةً بالإشارة الصامتة إلى دور حكومة النسور فيها، إلا أنّ المواجهة مع الشارع لا تقف عند حدود الغاز “المسروق”، بل يلحق بها الحديث عن أزمة المناهج المدرسية، وعطاء التأليف المُحال على شركة بريطانية، وتضاف إليه مواصلة الشعب رفض سياسات الحكومة الاقتصادية، وتراجع الدخل وارتفاع عجز الموازنة، واتساع نسبة الفقر والبطالة، وفقاً لأرقام دائرة الإحصاء العامة.

يحدث هذا كله في ظلّ ارتفاع منسوب اليأس، وإحساس الشريحة الأوسع من الشباب الأردني بانعدام حدوث انفراج معيشي، وغياب المشاركة السياسية، وارتفاع منسوب الصراع الاجتماعي، وتعاظم فجوة الثقة بالحكومات التي تقود بلداً مثقلاً بأحمال اللجوء السوري، وانعدام حدوث انفراج اقتصادي، وتحدّي التهديد الإسرائيلي اليومي الذي لم يجد الشارع الأردني في مسيرات الجمعة التي تلت التصويت على موازنة حكومة الرزاز بدّاً من التنديد به، عبر رفض اتفاقية الغاز ودعوة الأردنيين إلى الهبّة من جديد ضدها.

(العربي الجديد)

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts