الأردن 2021.. تحديات صحية واقتصادية وسياسية مستمرة و”حكومة عاجزة”

الأردن 2021.. تحديات صحية واقتصادية وسياسية مستمرة و”حكومة عاجزة”

البوصلة – رائد الحساسنة

لم يمر عام 2021 على الأردنيين بشدة الأعوام الماضية؛ بل لعله كان الأشدّ لا سيما مع استمرار تأثير جائحة كورونا على البلاد وما فرضته من تحدياتٍ صحية واقتصادية كبيرة ترافقت باستمرار سوء الإدارة الحكومية في معظم الملفات وتخبطها الواضح؛ بل أكثر من ذلك تفاقمت أزمة ملف الإصلاح السياسي واتسعت هوة الثقة مع الشارع الأردني بعد ما أثارته التعديلات الدستورية التي قدمتها الحكومة نهاية العام من انتقاداتٍ وجدلٍ كبير.

الملف الصحي.. تحدٍ يؤرق الأردنيين

ما زال الملف الصحي وتداعياته بسبب جائحة كورونا التحدي الأبرز الذي يؤرق الأردنيين، بسبب انعكاسه على كل مناحي الحياة فعلى الرغم من بدء البرنامج الوطني للتطعيم ضد كوفيد-19 في الأردن منذ مطلع العام الحالي إلا أن الأردنيين ما زالوا مطالبين بالإقبال على تلقي جرعتي المطعوم والجرعات المعززة وذلك لحماية الصحة العامّة وتحقيق “المناعة المجتمعية” ضد كورونا.


لم يمض العام 2021 بسلام في هذا الملف فقد ارتفعت أعداد الإصابات بشكلٍ ملحوظ قبل نهاية العام وسجل الأردن مئات الإصابات الجديدة بالمتحور الجديد “أوميكرون”، ما زاد من مخاوف ارتفاع أعداد الإصابات والوفيات والإشغالات في المستشفيات؛ الأمر الذي يمكن إذا تفاقم أن يعيدنا لمربع الإغلاقات وما سيفرضه من واقعٍ أليم في الملفين الصحي والاقتصادي، وزيادة الأعباء على المواطن الأردني.
وكشف تقرير تجميعي لمنظمات مجتمع مدني يعاين حالة حقوق الإنسان في الأردن أن جائحة كورونا وتداعياتها جعلت من الحق في الصحة يتصدر الاهتمام بين الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، مذكرا أن الدستور نص صراحة على هذا الحق في الوقت الذي لا يزال التأمين الصحي غير شامل لجميع الأردنيين، مع تضارب دائم على مدى سنوات في النسب المعلنة عن عدد المشمولين بالتأمينات الصحية من قبل وزارة الصحة، حيث تقول الوزارة أن 30% تقريبا غير مشمولين بخدمات الـتأمين الصحي.
واجه القطاع الصحي تحديات كبيرة رغم كل ما بذلته الكوادر الطبية من جهودٍ مضنية، لكنها لم تسلم من أزمة الأخطاء الطبية، الأمر الذي اضطر الحكومة لإجراء تنقلات واسعة في الوزارة.
كان أبرز حدث عصف بالقطاع الصحي ما حدث من وفيات في مستشفى السلط بسبب نقص الأوكسجين، ففي صباح 13 من مارس/ آذار استفاق الأردنيون على خبر وفاة 9 أشخاص في مستشفى السلط الحكومي نتيجة نقص الأكسجين الناجم عن تعطل المعدات الطبية.


وأصدر القضاء الأردني حينها حكمه بالسجن 3 سنوات بحق مدير المستشفى و4 من مساعديه بعد إدانتهم بالتقصير الذي تسبب بحالات الوفاة.
واستمرت تداعيات الجائحة حتى الأيام الأخيرة من نهاية العام حيث سجلت وزارة الصحة مئات الإصابات من “متحور أوميكرون”، الذي يتميز عن غيره من المتحورات بأنه سريع الانتشار.
وعلى الرغم من ذلك إلا أن رئيس جمعية الطبيب العام في الأردن الدكتور محمود هاشم أكد في تصريحات إلى “البوصلة” أنه لا داعي للخوف من “أوميكرون” مع الالتزام بشروط الصحة والسلامة العامّة.
كما أنّ القطاع الصحي في المملكة لم يستفد من كفاءات أردنية وضعت بصماتها بقوة في مواجهة الجائحة في أكبر البلدان التي انشتر فيها الفيروس (أمريكا)، بطرق حديثة وقليلة الكلفة.

إقرأ أيضا: كيف سخرت عالمة أردنية إبداعها لمساعدة العالم بمواجهة الجائحة؟

حكومة عاجزة عن استعادة ثقة الشارع

وعلى الرغم من أن حكومة بشر خصاونة نالت الثقة البرلمانية مطلع العام الحالي إلا أنها لم تستطع كسب ثقة الشارع بحسب ما وثقته استطلاعات الرأي التي صدرت خلال العام 2021، ولم تخطئ عين المراقبين والنقاد منذ الدقيقة الأولى للحكومة ووعودها التي اعتبروها خطابات مكررة مل الأردنيون من سماعها.

واستمرت الحكومة على منوال الحكومات السابقة في إدارة المشهد الصحي والاقتصادي والسياسي بـ”مزاجية” فاقمت حجم الأزمات دون الاستعانة بخبرات المجتمع المدني والأحزاب والنقابات لمواجهة التحديات الكبيرة التي أثقلت البلاد المثقلة أصلاً بهمومها ومشاكلها، لكن الأردنيين لم يفقدوا تفاؤلهم حتى اللحظة التي وصلت فيها الحكومة للقناعة بضرورة البدء بخطة متدرجة لفتح القطاعات وصولاً لصيف آمن.

إقرأ أيضًا: حظر الجمعة.. حكومة “دحرجة الرؤوس” سادرةٌ في غيّها (شاهد)
إقرأ أيضًا: تفاؤل بقرب انتهاء الحظر الشامل بعد أداء صلاة الجمعة في المساجد (شاهد)

لجنة تحديث المنظومة السياسية لم تروي عطش الأردنيين للإصلاح

منذ بداية العام والنخب السياسية والحزبية تطالب بلجنة حوار وطني لتحقيق رؤية الإصلاح السياسي للأردن بمئويته الثانية، ولم تتوقف “البوصلة” عن طرح همّ الشارع الأردني وتوقه لإصلاح حقيقي يعدل المسارات الخاطئة التي تصر الحكومات المتعاقبة على انتهاجها رغم ثبوت فشلها، مع التأكيد على أن بداية الإصلاح الحقيقي تبدأ من “السياسي” الذي يملك القرار، وبعده يمكن إصلاح الاقتصادي وغيره من القطاعات المختلفة.
غطت “البوصلة” خلال العام 2021 أبرز المحطات التي صاحبت ولادة لجنة تحديث المنظومة السياسية كاستجابة عاجلة وحاجة ملحة ومطلب شعبي قديمٌ جديد، فكان منتصف العام ولادة اللجنة وتشكيل لجانها الفرعية.

لم تجري رياح لجنة تحديث المنظومة السياسية كما يشتهي الشارع والأحزاب التي شعرت في النهاية “كمن صام وأفطر على بصل”، فوجه حزبيون من خلال البوصلة انتقادات لطريقة تشكيل اللجنة ومخرجاتها واعتبروها “مجرد تلاعب بالألفاظ لا يرقى للطموح“.


إقرأ أيضًا: جدل التعديلات الدستورية.. هل هي ضربة استباقية لتفريغ الحكومات البرلمانية من مضمونها؟
إقرأ أيضًا: مفوض حقوق الإنسان ينتقد التعديلات الدستورية ويطالب بفتح حوار وطني مسؤول

وعلى الرغم من أن استطلاعات الرأي كشفت الوجه المظلم لانعدام الثقة بنتائج تحديث المنظومة السياسية، ولكنّ الأمل ما زال معقودًا بأن ترقى النتائج لتطلعات الأردنيين من خلال ما سيقره مجلس النواب وأن لا تستمر “حالة اللف والدوران“.

الواقع الحقوقي في المملكة

أما بخصوص وضع حقوق الإنسان لم تخل 2021 من اعتقالات وتضييق اذ انتقد تقرير حقوقي أطلقته 17 منظمة مجتمع مدني أردنية، في تموز/يوليو واقع حقوق الإنسان في المملكة لعام 2020، داعية الحكومة الأردنية لإجراء تعديلات تشريعية ودستورية ووقف حبس الصحفيين والإعلاميين بقضايا المطبوعات والنشر.
كرس قانون الدفاع حالة فيها الكثير من الانتهاكات لحقوق الإنسان والأحزاب طالت الشباب المحتجين والمعلمين وصولاً لمساعي تقييد الصحافة والإعلام الذي عبرت مؤسسات المجتمع المدني والنشطاء والحقوقيون والأحزاب عن رفضهم له ومطالبة الحكومة بوقف كافة الانتهاكات.

إقرأ أيضًا: العضايلة ينتقد قمع المحتجين.. اعتبرها أشد من جريمة السلط
إقرأ أيضًا: القضاة: ننتظر من الأمن العام توضيحًا مشفوعًا بالاعتذار عن “مقابلة قاتل والدته”

أزمة الاقتصاد تتفاقم

عززت جائحة كورونا الأزمة الاقتصادية في الأردن على الرغم ممّا أعلنته الحكومة من “مصفوفات” وخطط لم تتواءم في التوازن بين الصحي والاقتصادي فوقع “الفأس في الرأس” في كليهما.

إقرأ أيضًا: خبير اقتصادي لـ “البوصلة”: شروط أربعة لنجاح أي مصفوفة حكومية وغير ذلك مجرد مسكنات
إقرأ أيضًا: “المستهلك” ترصد ارتفاع أسعار 12 سلعة بنسبة بلغت 14.5%


فشلت الحكومة خلال العام 2021 في كبح جماح “ارتفاع الأسعار” الأمر الذي فاقم أزمة الجائحة على بيوت الأردنيين وزاد من حجم الضغوطات على كاهلهم، لتختم العام برفع أسعار البنزين، وتجعل ختامها “رفعًا للأسعار” دون الالتفات لما خلفته الجائحة من بطالة وضعف في القدرة الشرائية للمواطن ما انعكس بشكلٍ بائس على الحالة الاقتصادية برمتها وعلى التجار الذين ذاقوا الأمرّين بسبب الجائحة وسوء الإدارة الحكومية للأزمة.

إقرأ أيضًا: “العمل الإسلامي”: برنامج التعافي الاقتصادي لن يكون فاعلا بمواجهة الأزمة الاقتصادية وتفاقم الفقر والبطالة
إقرأ أيضًا: وصفها بالـ “استعراضية”.. خبير ينتقد خطة الحكومة لتسريع عجلة الاقتصاد

الحركة الإسلامية تقود التضامن مع القدس وغزة ورفض مشاريع التطبيع

شهد الأردن على امتداد ساحاته وفي مختلف محافظاته حراكًا احتجاجيًا خلال 2021 قادته الحركة الإسلامية والفعاليات الشعبية والحزبية للتضامن مع غزة والقدس والاحتفاء بانتصار معركة سيف القدس.
كما صدم الشارع الأردني باتفاق النوايا التطبيعي مع العدوّ الصهيوني الماء مقابل الكهرباء، برعاية إماراتية وأمريكية، وما ترافق معه من تناقضات بتصريحات الوزراء بين نفي وإثبات، ليكتشف الشارع لاحقًا أن “الحكومة جرّت لهذا اتفاق جرًا” وأن الوزير الذي وقع الاتفاقية لم يعلم بها سوى قبل 24 ساعة.

إقرأ أيضًا: الذنيبات: المزاج العام الدولي بدأ يتغير بشكل سلبي تجاه الكيان الصهيوني


وشهد الشارع الأردني فعاليات رافضة للتطبيع ورهن مستقبل الأردن بيد الاحتلال، وتقديم الخدمات لاحتلال يستهدف الأردن صباح مساء، وينتهك حقوق الفلسطينيين ويرتكب المجازر والفظائع بحقهم.
كما قادت الحركة الإسلامية وقفات رافضة للظلم الذي يقع على المسلمين في مختلف أنحاء العالم، وعبرت عن رفضها لأحكام الإعدام الجائرة التي أوقعها القضاء المصري على قيادات بجماعة الإخوان المسلمين.
وشهد العام 2021 رفع قضايا ضد الحكومة ورئيسها أمام النائب العام واتهامها بالتفريط بأموال الأردنيين وملء خزائن الاحتلال باتفاقية غاز مجحفة أقدمت عليها الحكومة متجاهلة الشعب ونوابه الذين طالبوا بالإجماع الحكومة بإلغاء الاتفاقية وطرد سفير دولة الاحتلال في الأردن.


إقرأ أيضًا: السفير الأمريكي يثير غضب الشارع.. ونخب: تصريحاته إهانة للشعب الأردني
إقرأ أيضًا: نخب تحذر: “مشاريع مشبوهة” وراء دعوات تنادي بوحدة الأردن وفلسطين

المساجد والملف الديني

أثارت عددٌ من القرارات الحكومية المتعلقة بالشأن الديني والمساجد ومراكز تحفيظ القرآن الكريم والجمعيات الخيرية غضبًا واسعًا في صفوف الأردنيين، لا سيما وأنّ الحكومة تعاملت بازدواجية في منع الصلاة في المساجد خاصة في رمضان بمزاعم الخوف من الجائحة وانتشار الوباء فيما سمحت بالتجمعات في الأسواق والحفلات.

إقرأ أيضًا: غضب أردني واسع من استمرار منع الخطباء.. ونخب تحذر الحكومة: “طفح الكيل”


كما وجهت انتقادات حادة لوزارة الأوقاف بسبب استهدافها لمراكز جمعية المحافظة على القرآن الكريم ومنع عقد الدورات الشرعية فيها بدون أخذ الموافقات المسبقة، الذي اعتبره الشارع الأردني استهدافًا وتضييقا ممنهجًا على مؤسسة رائدة تنتشر مراكزها في كافة محافظات المملكة.
وشهد العام 2021 مطالبات واسعة للوزارة بضرورة إعادة الخطباء الممنوعين من الخطابة لا سيما وأنهم من حاملي الشهادات العليا والكفاءات المشهود لها في المجتمع الأردني.


إقرًا أيضًا: وزير أسبق يناشد الملك التدخل لإعادة 137 خطيبًا للمنابر (طالع)

رفض استهداف المجتمع والأسرة

شهد العام 2021 عددًا من القضايا التي أثارت المجتمع الأردني دفاعًا عن المشاعر الدينية والإساءة إليها، ورفض المشاريع المشبوهة التي تستهدف الأسرة والمجتمع والفضيلة والأخلاق وعادات وتقاليد الأردنيين، ورفض محاولات البعض المبالغة والتضخيم في بعض المشاكل التي تواجه المجتمع وخاصة المتعلقة منها بالمرأة.

إقرأ أيضًا: مطالبات بالاعتذار للشعب الأردني عن “فيلم أميرة” وعدم الرضوخ لرواية المحتل و”الأوسكار”
إقرأ أيضًا: “منتدى تدريب وتمكين المرأة والطفل” يطلق ميثاق حقوق المرأة المالية

ملف المعتقلين الأردنيين

شهد العام 2021 حراكًا نشطًا للجان المعتقلين الأردنيين ومؤسسات المجتمع المدني المتابعة لهذه القضية، خاصة المعتقلين الأردنيين في سجون السعودية، والمعتقلين الأردنيين في سجون الاحتلال.
مطالبات للحكومة بتحرك عاجل لإنهاء ملف المعتقلين الأردنيين في السعودية
إقرأ أيضًا: أهالي المعتقلين الأردنيين بسجون السعودية يطالبون الحكومة بتحركٍ عاجلٍ للإفراج عن أبنائهم (شاهد)
إقرأ أيضًا: “الوطنية للأسرى” تستهجن إهمال الحكومة بقضية الأسير حثناوي

التعليم عن بعد يؤرق الأردنيين

شهد العام 2021 رفضًا شعبيًا واسعًا لاستمرار التعليم عن بعد بسبب جائحة كورونا واستمرار الفاقد التعليمي للطلبة بالتفاقم، واستمرت الضغوط على الحكومة ووزارة التربية والتعليم لإعادة التعليم الوجاهي مع التزام إجراءات السلامة العامة.
وصدر تقرير تجميعي لمؤسسات مجتمعي مدني أن “التعليم عن بعد” أثر سلبا على الحق في التعليم، وأنه لم يكن بديلا كافيا عن المدرسة، خاصة مع ضعف الإمكانات التكنولوجية لدى الطلاب، وعدم امتلاك أولياء الأمور مهارات التدريس اللازمة لمتابعة سير العملية بين الطالب والنظام التعليمي، وضعف تدريب الكادر التعليمي في التعامل مع الوسائل التكنولوجية الحديثة.

إقرأ أيضًا: الحوارات يحذر الحكومة من ربط عودة التعليم الوجاهي بتلقي اللقاح


قضية “الفتنة​​”

صدم الشارع الأردني خلال العام 2021 بما أطلق عليه “قضية الفتنة” التي شغلت الرأي العام حتى اتضاح كامل تفاصيلها وانتهاء بمحاكمة المتورطين.
وتمت محاكمة الوزير الأسبق باسم عوض الله والشريف بن زيد وإدانتهما في القضية وقضت محكمة أمن الدولة بسجنهما 15 عامًا بعدما أعلنت ثبوت قيامهما بالتحريض ضد الملك، و«تدبير مشروع إجرامي منظم واضح المعالم ومحدد الأهداف لإحداث الفتنة والفوضى وتعريض أمن البلاد للخطر».

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: