جميل أبو بكر
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

الأزمة الدستورية في الحضارة الإسلامية (2): إمكان يأبى النسيان

جميل أبو بكر
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

إعداد وعرض: جميل أبو بكر

المقصود بالأزمة الدستورية للحضارة الإسلامية تلك الهوة الأخلاقية العميقة بين القيم السياسية التي جاء بها الإسلام في مجال بناء السلطة السياسية وأدائها، والتجربة الامبراطورية الإسلامية التي ابتعدت كثيرا عن تلك القيم.

كما أن لفظة “دستور” في العنوان لا تعني ما هو شائع في القانون الدستوري والعلوم السياسية المعاصرة؛ باعتباره وثيقة محددة تنظم شؤون الحكم، وتوزع السلطات والصلاحيات، بل المقصود “طريقة بناء المجتمع والدولة” بشكل عام.

فالأزمة الدستورية في الحضارة الإسلامية –التي تتناولها هذه الدراسة كما يؤكد المؤلف– هي ظاهرة الخروج المبكر في تاريخ المسلمين عن مقتضيات القيم الدستورية الإسلامية المنصوصة في الكتاب والسنة، وما تركته تلك الظاهرة من فجوة وتوتر دائم بين معايير الحق السياسي في النص الإسلامي كما تشربه الضمير المسلم، وممارسة السلطة في تاريخ المسلمين وواقعهم. ثم ما ترتب على ذلك من إخلال الحكام بمسؤولياتهم تجاه الأمة، وما أدى ذلك إلى صراع استنزف الحضارة الإسلامية.

تشير العلوم السياسية المعاصرة إلى ان أزمة الشرعية السياسية في اصلها ذات طبيعة بنائية، وقد تكون ذات طبيعة أدائية أحيانا؛ فـ”البنائية” تتعلق بانعدام التراضي السلمي، وعجز القوى الاجتماعية عن التواضع على صيغ عملية سلمية لتداول السلطة ابتداءً. و”الأدائية” تتعلق بعجز السلطة القائمة أو خيانتها أمانة الحكم بعد ان تتقلده.

فالأولى سببها نقص الإجماع على القيم السياسية التأسيسية، والثانية سببها الغدر بتلك القيم المعترف بها ميثاقا أخلاقيا وقانونيا بين الحاكم والمحكوم.

ويرى مالك بن نبي أن سبب انحطاط الحضارة الإسلامية يرجع إلى ازمتها الدستورية المزمنة التي بدأت بانهيار الشرعية السياسية في الفتنة الكبرى منتصف القرن الأول الهجري. يعني ان الانحطاط الذي اكتمل بعد ثمانية قرون -حسب تقديره- كان حصاد تراكمات بذرت بذرتها في معركة صفين.

ان مجمل القيم السياسية الإسلامية تنصب في مسار واحد، وتتجه وجهة واحدة هي “التأمر بالأمير”؛ أي: تحكم الأمة في حكامها من حيث اختيارهم ابتداء بكل حرية، والمشاركة معهم في صناعة القرار بعد ذلك، ثم محاسبتهم إن قصروا، وعزلهم إن انحرفوا أو عجزوا.

و”التأمر” من غير إمرة، عدم التأمر بالأمير هو ما يمكن ان يحدث في ظرف استثنائي وبحكم الضرورة المؤقتة، كما حدث في معركة مؤتة بتولية خالد بن الوليد، فيتم التنازل عن الشرعية السياسة؛ حفاظًا على وحدة الأمة في ظرف غير طبيعي واستثنائي، ولابد ان تعود الأمور بعد ذلك إلى المسار الطبيعي وهو: حق الاختيار والمحاسبة والعزل.

لكن تاريخ المسلمين كان بعد الخلافة الراشدة حتى الآن هو التأمر في غير إمرة (كما ورد في الحديث عن غزوة مؤتة)؛ فأصبح الاستثناء هو الدائم، والمطالبة بحق الأمة في الاختيار فتنةً! والحكام المستبدون يسعون دائمًا إلى تأييد حالة الضرورة؛ تسويغًا لبقائهم في السلطة.                                 

يتبع…

(البوصلة)

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts