الأزمة السودانية.. 4 سيناريوهات تلوح في الأفق

الأزمة السودانية.. 4 سيناريوهات تلوح في الأفق

تراوح الأزمة السياسية في السودان مكانها، ولازالت تداعيات قرارات قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في 25 أكتوبر/تشرين أول الماضي، تلقي بظلالها على المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية في البلاد التي تشهد مرحلة انتقالية.

ورغم توقيع “اتفاق سياسي” الشهر الماضي، بين البرهان، ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك، إلا أن الحلول السياسية لازالت غائبة في ظل احتجاجات مستمرة تشهدها مدن البلاد، رافضة لهذا الاتفاق ومطالبة بمدنية كاملة للدولة، وسقط على إثرها نحو 44 قتيلا ومئات المصابين منذ 25 أكتوبر/تشرين أول، بحسب آخر إحصائية للجنة أطباء السودان (مستقلة).

ووفق مراقبين، فإنه مع حالة الاحتقان السياسي وانسداد الأفق في تقديم حلول للأزمة بالبلاد، تلوح في الأفق 4 سيناريوهات خلال الفترة المقبلة، من بينها العودة إلى شراكة ما قبل 25 أكتوبر وفق أسس جديدة، وانسحاب حمدوك من المشهد مع استمرار الاحتجاجات، وإصرار المحتجين على المدنية الكاملة.

**ما قبل 25 أكتوبر وفق أسس جديدة

العودة إلى ما قبل 25 أكتوبر/تسرين أول، هو سيناريو مطروح من قبل مراقبين وسياسيين، لكن بشكل مغاير ووفق أسس جديدة، بمعنى أن تعود قوى “إعلان الحرية والتغيير” للشراكة مع المكون العسكري، للعمل على تخفيف حدة احتجاجات الشارع واستجابة لضغوطات المجتمع الدولي.

وفي هذا الصدد، يرى المحلل السياسي أمير بابكر أنه يمكن أن تحدث تنازلات من كل الأطراف العسكرية والمدنية حتى يتم تجاوز الأزمة المستفحلة بالبلاد.

ويقول في حديثه للأناضول: “قد يكون هذا التنازل بالتوافق على المضي في تحقيق قضايا رئيسية تتعلق بالانتخابات والمؤتمر الدستوري (الخاصة بالدستور الجديد)”.

ويشير إلى أن ذلك قد يكون مخرجا بتجاوز عدد من القضايا المتعلقة بالانتقال الديمقراطي في الفترة الانتقالية مثل “إصلاح المؤسسات والخدمة َالمدنية وخلافه” بالانتقال إلى التركيز على القضايا الرئيسية المتعلقة بالانتخابات.

ويضيف: “لأن المتبقي من الفترة الانتقالية لن يسمح بالكثير، وإذا تم وضع المؤتمر الدستوري والانتخابات أولوية حقيقة وتم العمل على خلق توافق بأنها، واتخاذ خطوات جادة لمراحل الانتقال حينها ستكون الأزمة الحالية جزءً من الماضي”.

ومنذ 21 أغسطس/ آب 2019، يعيش السودان فترة انتقالية تستمر 53 شهرا تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024، ويتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وقوى مدنية (قوى “إعلان الحرية والتغيير”) وحركات مسلحة وقعت مع الحكومة اتفاق سلام، في 3 أكتوبر/ تشرين الأول 2020.

وخلال لقائهما الثلاثاء، برئيس الَوزراء عبد الله حمدوك، أكد سفراء الاتحاد الأوروبي في الخرطوم، على أهمية تحقيق “إجماع وطني” في السودان من أجل “استئناف التطور نحو نظام ديمقراطي”.

وقال السفراء في بيان إن “تدابير بناء الثقة بين القوى المدنية والجيش تشمل “إنشاء عملية وضع دستور وطني شامل، وتنفيذ وتوسيع اتفاق السلام لعام 2020، والتحضير لانتخابات ذات مصداقية، ومواصلة أجندة الإصلاح الاقتصادي”.

ووقع البرهان وحمدوك اتفاقا سياسيا في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني المنصرم، يتضمن 14 بندا منها: إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وعودة حمدوك إلى منصبه بعد نحو شهر من عزله، وتشكيل حكومة كفاءات (بلا انتماءات حزبية)، وتعهد الطرفين بالعمل سويا لاستكمال المسار الديمقراطي.

**الإعلان السياسي

الخيار المفضل لرئيس الوزراء، وشربكه في الاتفاق السياسي عبد الفتاح البرهان، هو “اعلان سياسي” يضم قوى سياسية واسعة ما يسهل مهمتهم إلى حين انتهاء فترة الانتقال، بحسب تصريحات سابقة لمسؤولين.

إلا أن عددا كبيرا من المراقبين يرون صعوبة ذلك في ظل تمنع تحالف “قوى إعلان الحرية والتغيير” بكتله وأحزابه، وكذلك الحزب الشيوعي وتجمع المهنيين السودانيين.

وتكمن الصعوبة في أن هذه القوى ترفع شعار “لا تفاوض لا شراكة.. لا شرعية”، وترفض الاتفاق السياسي الذي جاء بعد قرارات البرهان في 25 أكتوبر/تشرين أول الماضي.

وورد “الإعلان السياسي” كأحد بنود الاتفاق السياسي، الذي نص على أن “إدارة الفترة الانتقالية بموجب إعلان وإطار سياسي بشراكة بين العسكر والمدنيين والإدارة الأهلية ولجان المقاومة وقوى الثورة الحية وقطاعات الشباب والمرأة والطرق الصوفية”.

والثلاثاء، أعلن حمدوك، عن خطوات لبناء تحالف شامل يؤدي إلى “إعلان سياسي” لإعادة البلاد لمسار الانتقال.

إلا أن قوى الحرية والتغيير، قالت، إنها ليس لديها إعلان سياسي مطروح، وأنها تعمل مع المجموعات العريضة من شعبنا الرافضة للانقلاب من أجل مقاومته ودحره”.

**انسحاب حمدوك

رهن حمدوك في الأول من ديسمبر/كانون أول، بقائه في منصبه بتطبيق الاتفاق السياسي مع الجيش، الذي عاد بموجبه لرئاسة الوزراء، وبالتوافق بين القوى السياسية، بحسب وسائل إعلام دولية.

وسبق ذلك تصريح لحمدوك في مقابلة مع قناة “سودانية 24 الخاصة” في 25 نوفمبر/تشرين ثان الماضي، بقوله “لو رأي الشعب السوداني إن الاتفاق لا يلبي مصلحته فإنني سأتقدم باستقالتي”.

وبذلك ترك حمدوك الباب مواربا أمام خروجه من الحكومة، رغم أن محللين يرون الوقت مبكرا لانسحاب الرجل من المشهد طالما أنه خرج من إقامته الجبرية ووقع الاتفاق السياسي مع العسكر لوحده.

وفي هذا الصدد، يرى المحلل السياسي، عمرو شعبان، أن حمدوك سيستمر في منصبه، فهو مقتنع بما يريد أن يفعله خلال المتبقي من الفترة الانتقالية.

ويضيف في حديثه للأناضول أنه “فات الوقت لانسحابه بعد توقيعه للاتفاق السياسي، وكل المؤشرات تدل على بقائه بالمنصب بدليل تحركاته لكسب أراضي جديدة بجر آخرين للمضي معه في الشراكة مع العسكر”.

ويلفت إلى إمكانية توجه حمدوك وشركائه العسكر إلى خلق حاضنة سياسية جديدة بعد أبعاد تحالف “قوى إعلان الحرية والتغيير”، حتى يستطيع تنفيذ برامجه وإيجاد دعم سياسي لهم.

ويشير شعبان إلى محاولة رئيس الوزراء لقاء لجان المقاومة وكسبها إلى صفه مؤخرا، وإن كانت طريقته خاطئة في التواصل مع هذه اللجان.

وأردف “بدل أن يذهب للجان المقاومة الحقيقية على الأرض ليقابلها، َوبشرح وجهة نظره، لجأ إلى دعوة أفراد منها لمقابلته، وهذا خطأ ولن يساعده في دعم موقفه”.

وفي 29 نوفمبر/تشرين ثاني، نفت تشكيلات من “لجان المقاومة” بالخرطوم، مشاركتها في لقاء مع حمدوك، ودعت إلى المشاركة في المظاهرات الرافضة لاتفاقه السياسي.

وجاء النفي عقب بيان صدر عن مكتب حمدوك، قال إن الأخير عقد لقاءً مع عدد من أعضاء “لجان المقاومة” بالخرطوم والولايات بشأن الاتفاق السياسي الذي وقعه مع قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في 21 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

و”لجان المقاومة” تشكلت خلال الثورة السودانية على نظام عمر البشير، وهي مجموعات شعبية ساهمت في تنظيم الحراك الاحتجاجي؛ ما أجبر قيادة الجيش على عزل البشير، في 11 أبريل/نيسان 2019.

مدنية كاملة:

المدنية الكاملة هو خيار تتبناه القوي السياسية التي لها قدرة على تحريك الشارع وأبرزها تجمع المهنيين والحزب الشيوعي، وتجد سندا قويا في مطالبها من لجان المقاومة ذات الانتشار الواسع وفائدة الحراك الاحتجاجي في الأحياء والمدن.

وانضمت قوى الحرية والتغيير (الائتلاف الحاكم سابقا لهذا التيار)، متبنية ذات الشعار “لا تفاوض لا شراكة لا شرعية”.

وفي وقت سابق، قال تجمع المهنيين السودانيين إن التظاهرات مستمرة طوال شهر ديسمبر/كانون أول الجاري، لحين تحقيق المطالب، كما أعلنت لجان المقاومة (مكونة من نشطاء) عن أيام المواكب (المظاهرات).

وبحسب المعلن، فإن أيام ” 13 و 19 و 25 و 30 ” ديسمبر/كانون أول، هي مواعيد التظاهرات الكبرى بالخرطوم ومدن الولايات تتخللها مواكب مركزية تذهب إلى القصر الرئاسي وسط الخرطوم.

وأيضا يتخلل هذا الحراك الجماهيري، وفق التجمع، فعاليات ثورية من تظاهرات ليلية ووقفات احتجاجية وندوات في الأحياء ومواكب نوعية لقضايا محددة.

إلا أن المكون العسكري برئاسة البرهان قائد الجيش، يشدد على أن وجود المنظومة العسكرية والأمنية خلال الفترة الانتقالية هو صمام أمان للبلاد من التمزق.

وكرر البرهان أكثر من مرة حرصه على إنجاح الفترة الانتقالية وصولا لانتخابات نزيهة وحرة في يوليو/تموز 2023، على حد قوله.

(الأناضول)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: