الانتخابات المحلية الفلسطينية: تعزيز تحالف “حماس” و”الجبهة الشعبية”

الانتخابات المحلية الفلسطينية: تعزيز تحالف “حماس” و”الجبهة الشعبية”

تشهد الانتخابات المحلية الفلسطينية، في مرحلتها الثانية المزمع تنظيمها السبت المقبل، تحالفاً بين حركة “حماس” و”الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين”، لكنه هذه المرة أوسع وأشمل من التجربة التي ربطتهما ضمن “قائمة العزم”، التي ضمت مرشحين من الحركتين وحققت فوزاً كبيراً في انتخابات نقابة المهندسين التي جرت في الضفة الغربية في أغسطس/آب الماضي.

وأظهرت المعطيات وجود نحو 25 قائمة تحالفية بين “حماس” و”الجبهة الشعبية” مرشحة في 50 هيئة محلية في الضفة الغربية، للمرحلة الثانية من الانتخابات المحلية، علماً أن 23 هيئة ترشحت في كل منها قائمة واحدة ستفوز بالتزكية.

ووفق معطيات نشرتها لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية، فإن هناك 259 قائمة انتخابية، 81 منها حزبية (أي مسجلة على أنها تمثل حزباً سياسياً) و178 قائمة مستقلة، بإجمالي عدد مرشحين 2531 مرشحاً، بينهم 676 امرأة بنسبة 26.7 في المائة.

انتخابات فلسطينية مختلفة

وتختلف المرحلة الثانية من الانتخابات المحلية عن الأولى التي أُجريت في 11 ديسمبر/ كانون الأول 2021، في أنها تشمل المجالس البلدية للمدن الرئيسية في الأراضي الفلسطينية مثل الخليل ونابلس ورام الله والبيرة وبيت لحم وجنين وطولكرم وغيرها. كما تشارك فيها الفصائل الفلسطينية، إما بشكل مباشر مثل حركة “فتح” والجبهتين الشعبية والديمقراطية وغيرها، أو غير مباشر مثل حركة “حماس”. وعليه، من المتوقع أن ترتفع نسبة المشاركة في التصويت، وأن تشهد هذه الانتخابات منافسة جدية بين القوائم المرشحة، خصوصاً في المدن الرئيسية.

ويقول القيادي في “الجبهة الشعبية” ماهر حرب، في حديث مع “العربي الجديد”، إنهم كتنظيم فاعل على الساحة الفلسطينية لديهم رؤية للنهوض بالواقع الخدماتي المتمثل بالهيئات المحلية والمجالس البلدية والقروية، لذا فقد رشحت الجبهة عدداً من المحسوبين عليها لخوض تلك الانتخابات. ويتابع: “معظمهم شاركوا ضمن قوائم تحالفية مستقلة، تضم شخصيات صاحبة سمعة طيبة وخبرة مهنية، إضافة إلى امتلاكها برامج انتخابية قابلة للتطبيق، لخدمة الشعب الفلسطيني الذي يواجه تحديات كثيرة، ومن حقه أن يعيش حياة كريمة ويحصل على خدمات تليق بتضحياته”.

وحول التحالف مع “حماس”، يوضح حرب أن “الشعبية” أعطت الصلاحيات لمنتسبيها في كافة المناطق التي ستجرى فيها الانتخابات ليقرروا شكل مشاركتهم فيها، فهم أدرى بمجتمعاتهم وطبيعة تكوينها العائلي أو العشائري، على شرط أن تكون المصلحة العليا للشعب الفلسطيني هي التي تحدد نوع التحالف والجهة التي يمكن للجبهة أن تتحالف معها. ويضيف: “أقولها بشكل صريح: نحن نسعى لتشكيل جبهة عريضة تؤمن بمشروع المقاومة، وتعزز من وجوده في كافة المواقع، وهنا كان الالتقاء مع حماس”.

ويشير حرب إلى أن البناء تم على تجربة انتخابات نقابة المهندسين، إذ استمر التواصل مع شخصيات محسوبة على “حماس” في الضفة، سواء في المرحلة الأولى من الانتخابات، أو الثانية المرتقبة، مشدداً على أن التحالف ليس موجهاً ضد أحد، بقدر ما هو تقارب في الرؤى السياسية والخدماتية.

ويؤكد حرب أن التحالف مع “حماس”، سواء كان بقوائم مشتركة أو ما بعد الانتخابات، هو توجّه سياسي ووطني له دلالاته السياسية والوطنية، مشيداً بأهمية الحوارات التي جرت وبقدرة الفصيلين على تجاوز كافة التحديات والعقبات في أماكن عديدة ومهمة ومركزية.

ولا ينكر حرب وجود تقارب في المواقف السياسية، ومنها رفض الفصيلين حضور اجتماع المجلس المركزي الذي عقد في رام الله في يناير/كانون الثاني الماضي، وهو ما عزز من إمكانية الاستمرار في التحالفات وفق الرؤية ذاتها، التي ترفض هيمنة الفريق الواحد على مقدرات السلطة ومؤسساتها.

لا قوائم حزبية لـ”حماس”

لم تتقدم حركة “حماس” بأي قائمة بصفتها الحزبية في أي من الهيئات المحلية التي ستُجرى فيها انتخابات المرحلة الثانية، ومع ذلك، يشارك الكثير من كوادر الحركة ضمن القوائم المستقلة، سواء بالتحالف مع مرشحين من فصائل أخرى، وتحديداً “الجبهة الشعبية”، أو مع مستقلين ومرشحي عائلات، أو كوادر مهنية وشخصيات وطنية وأكاديمية.

قيادي في “حماس”: مطلبنا الواضح هو إجراء الانتخابات رزمة واحدة

القيادي في “حماس” بالضفة الغربية فازع صوافطة يشدد، في حديث مع “العربي الجديد”، على أن “مطلب حماس الواضح هو إجراء الانتخابات رزمة واحدة، أي الرئاسة والمجلسين الوطني والتشريعي، لتجديد الشرعيات وإنهاء حالة الركود السياسي وهيمنة السلطة على مراكز صنع القرار منذ أكثر من 15 عاماً”.

وعن الانتخابات المحلية الحالية، يقول صوافطة: “هذه انتخابات خدماتية، لذا لم تمانع حماس مشاركة أبنائها، لكن أن يكون الترشح في قوائم مهنية”، مضيفاً “نظراً للظروف الميدانية وملاحقة الاحتلال كوادرنا، والتضييق الذي تتعرض له الحركة، كان القرار بتسجيل قوائمنا لدى لجنة الانتخابات على أنها قوائم مستقلة”.

وبخصوص التوافق مع “الجبهة الشعبية”، يتفق صوافطة مع حرب على أن التقارب في المواقف السياسية بينهما انعكس تماماً على الملف الخدماتي. ويقول: “منذ سنوات هناك تقارب ملموس في المواقف الميدانية والسياسية، وهو ما سهّل علينا وعليهم الاتفاق في مواقع كثيرة على خوض الانتخابات المحلية معاً”. ويضيف: “الشخصيات التي قدمتها الجبهة تمتاز بمواقف سياسية قريبة جداً من حماس، كما أنها شخصيات مهنية ولديها سجل مجتمعي لا غبار عليه، وهذه الصفات تنطبق بنظرنا على مرشحينا، فنجحت التحالفات”.

وتبرز التحالفات بين الحركتين في مدينة قلقيلية، شمالي الضفة الغربية، بقائمة “قلقيلية الأمل” المستقلة، وكذلك في مدينة البيرة الملاصقة لمدينة رام الله بقائمة “البيرة تجمعنا”. وفي الخليل قائمة أخرى تضم لأول مرة في الضفة شخصيات محسوبة على “حماس” و”فتح” واليسار، والحال مشابه في نابلس بقائمة “العزم” ضمن تحالف شخصيات محسوبة على “الجبهة الشعبية”، إضافة إلى مستقلين.

قضايا مشتركة بين “الجبهة الشعبية” و”حماس”

يرى المحلل السياسي سامر عنبتاوي أن هناك قضايا مشتركة بين “الجبهة الشعبية” و”حماس”، خصوصاً ما يتعلق بالاستهداف الإسرائيلي لقيادات وعناصر الفصيلين في الضفة الغربية، إلى جانب وجود اتفاق وتفاهم سياسي حول الأهداف المتعلقة بـ”الصراع الفلسطيني الإسرائيلي”. ويشير إلى أن التعاون أو الشراكة أو الاتفاق حول المواضيع السياسية وحتى الاجتماعية ليس خفياً.

ويلفت عنبتاوي، في حديث مع “العربي الجديد”، إلى أن “العلاقة بين الطرفين تطورت أخيراً، وبدأ يتبلور نوع من التنسيق السياسي والميداني بينهما، وما دخولهما إلى المجالس البلدية ضمن القائمة ذاتها إلا دليل على ذلك”.

ويرى عنبتاوي أن هناك ما يبرر هذا التقارب، وأهمه الحالة السياسية الراهنة التي وصلت إليها القضية الفلسطينية، في ظل التفرد في اتخاذ القرار، وتراجع مكانة منظمة التحرير الفلسطينية، وعدم تطبيق قرارات المجلس المركزي المتعاقبة. لكنه في الوقت ذاته يعرب عن خشيته من أن يشكّل هذا التحالف حلقة جديدة من حلقات الانقسام الداخلي، ويقول: “دخول الجبهة الشعبية على الخط قد يزيد من عمق المأزق السياسي الفلسطيني، وقد يكون لهذا الاصطفاف تبعات في المستقبل”.

متابعة وقلق إسرائيليان

يحظى التحالف بين “الجبهة الشعبية” و”حماس” في الضفة الغربية باهتمام متصاعد في الإعلام الإسرائيلي، الذي وصفه بأنه “منعطف سياسي خطير في الساحة الفلسطينية، سواء على وجود السلطة الفلسطينية أو على الاستقرار الأمني الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة”، كما نشر أخيراً الصحافي الإسرائيلي المتخصص في قضايا الشرق الأوسط إيهود يعاري.

وأضاف يعاري: “هذا المنعطف السياسي المهم يجرى تجاهله لدى الاحتلال الإسرائيلي، سواء بسبب نقص المعرفة أو عدم الاهتمام، والحديث عن اتفاق تحالف يتشكل لأول مرة بين حماس والجبهة الشعبية، وهو تحالف بين المسلمين المتدينين وأولئك الذين تعلموا الفكر الماركسي”. واعتبر أن “هذه العملية تتسبّب بقدر كبير من الصداع للسلطة الفلسطينية وحركة فتح، لكن في هذه المرحلة يبدو أنهم عاجزون جداً عن إيقاف هذا الزفاف، الذي كان حتى وقت قريب يعتبر خيالياً ومستحيلاً”.

وشدد على أن الشراكة بين “حماس” و”الشعبية” ستضرب “فتح” في قضيتين أساسيتين، الأولى شلّ منظمة التحرير، والثانية أن “الشعبية” بعد هذه الخطوة ستُشارك بشكلٍ فعالٍ في التظاهرات ضدّ السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، وأيضاً التعاون بين “الشعبية” و”حماس” في إخراج عمليات فدائية ضد قوات الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية، وهو الأمر الذي يؤرّق المؤسسة الأمنية في تل أبيب، كما قال.

(العربي الجديد)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: