البشير لـ “البوصلة”: حديث الحكومة عن التعافي الاقتصادي مجرد “أمنيات”

البشير لـ “البوصلة”: حديث الحكومة عن التعافي الاقتصادي مجرد “أمنيات”

عمّان – رائد صبيح

لا ينظر المواطن الأردني لأحاديث الحكومة المتكررة حول خطط “التعافي الاقتصادي” ولا يأخذها على محمل الجدّ، طالما أنه لا يلمس لها أي أثرٍ على واقع معاشه اليومي، وتبقى مجرد “كلاشيهات” وعنواين عريضة، ومجرد “جعجعة” ليس بعدها إلا مزيدٌ من تضييق الخناق وطحن الطبقات الفقيرة المسحوقة أصلاً بالغلاء وارتفاع كلف المعيشة، فيما طبقة المسؤولين أصحاب نظيرات التعافي ليسوا من أولئك الذين لا يجدون ثمن “الكاز” الذي تمادت الحكومة برفع أسعاره بحثًا عن “خيوط دفء” ولو كانت متواضعة تلف برد بيوتهم، بحسب مراقبين.

ويرى الخبير الاقتصادي محمّد البشير في تصريحاته لـ “البوصلة” أحاديث الحكومة خلال ترويجها لموازنة 2023 وحديثها عن “طريق التعافي” بأنّه مجرد “أمنيات”، لن ترى النور ولن تسلك طريق التعافي الذي تاهت عنه الحكومات المتعاقبة وأوصلت الأردن لهذه الأوضاع الاقتصادية الصعبة.

وقال البشير: إنّ الحديث عن التعافي مجرد أمنيات من الحكومة الحالية وما سبقها من حكومات، فجميعها كانت متفائلة بقصة “التعافي” الذي لم يراه الأردنيون ولن يروه أبدًا إذا ما استمر النهج ذاته، إلا على أوراق الجرائد وفي الإعلام، وسيظل مجرد “حبرٍ على ورق”.

الخبير الاقتصادي محمد البشير: طبقة السلطة ورأس المال لا يعانون ممّا يعانيه من لا يستطيع شراء الكاز

وأضاف بالقول: حقيقة نحن نعاني من مشاكل تبدأ من المالية العامّة، فعندما يكون في الموازنة بندان يستحوذان على 80% من النفقات الجارية، ألا وهما بند الرواتب وبند خدمة المديونية، فما تبقى من نسبة العشرين بالمائة من مشتريات للأجهزة الأمنية والقوات المسلحة والأمن العام.

تساؤلات حول التعافي

وشدد البشير على أنّ “هذه الأرقام تؤكد مرة أخرى أننا ما زلنا في أزمة، متسائلاً: أين التعافي ونحن نقع في عجز جديد يصل إلى اثنين مليار و600 مليون”.

وتساءل: هل من التعافي أن نتحدث عن مزيد من التحصيلات الضريبية على عنوان “الجباية”.

وتابع حديثه قائلا: نحن شهدنا زيادة وصلت إلى 300 مليون دينار، أعتقد أنّ المسألة الأساسية موضوع الجباية، صحيح أنّ هناك جزء منها يتعلق بالتهرب بشكلٍ أو بآخر، ومتابعات ضريبة الدخل لكثير من المكلفين الذين لا ينضبطون ولا يسجلون بشكلٍ أو بآخر.

واستدرك البشير: لكن بالنتيجة ما زلنا نعاني من انعكاس التشريعات التي هي صلب السياسات المالية على كلفة المنتج، بحيث أننا ما زلنا نعاني من هيكل اقتصادي غير متعافٍ، لأنه ما زال يعاني من حصة متواضعة من الصناعة والتجارة.

ونوه إلى أنّ سبب هذه الحصة المتواضعة هو كلفة الإنتاج التي تبدأ بالضرائب وخاصة ضريبة المبيعات على المواطنين ومدخلات الإنتاج الصناعي والسلعة النهائية، وتمر بالطاقة ومشتقاتها المتعددة التي يعاني منها المُنتِج، ويعاني منها المواطن بشكلٍ عام.

 وقال البشير: ايضًا كلنا يشهد ارتفاعات غير مبررة مثل الفوائد الزائدة على القروض والتي تصل إلى 30 مليار على الشركات والأفراد، وبهذا المعنى نقول إنّ كلفة الاقتصاد دون أن ننسى كلفة الضمان 22% على الرواتب، لأنها تحتل مساحة كبيرة.

وأكد أنّ كل ذلك يجعلنا غير متفائلين بهيكل الموازنة الصعب غير المرن، غير القادر على معالجة مشاكل متعددة في الاقتصاد الوطني.

تحديث اقتصادي أم تحديث الأمنيات

وعبر عن أسفه من أنّ حديث الحكومة عن تحديث اقتصادي في مئوية الدولة الثانية مجرد أمنيات، فمن يديرون دفة الاقتصاد والإدارة هؤلاء مستفيدون من الوضع القائم، لا يعانون ممّا يعانيه من لا يستطيع شراء الكاز.

وقال البشير: إنّ هؤلاء مستفيدون من الوضع القائم بما يخدم مصالحهم وبالتالي الاستمرار بهذا النهج يحقق مصلحة تحالف طبقة السلطة ورأس المال التي لا تدفع للخزينة سوى شيءٍ بسيطٍ جدًا، والباقي يدفعه الأردنيون سواءً كان مباشرًا من خلال ضريبة الدخل على الدخول المتوسطة أو غير مباشرة من خلال ضريبة المبيعات.

واستدرك بالقول: بهذا المعنى، التفاؤل من طرفهم حقيقي، ولكنّه تفاؤلٌ نظري ولكن واقعيًا هل الشعب الأردني متفائل؟ أنا أريد أن اعود إلى إمكانيات الشعب الأردني عبر مؤشرات حقيقية أهمها مؤشر البطالة، فهل هذا التعافي الذي يتحدثون عنه استطاع أن يلبي حاجة طالبي العمل؟ هذا هو الامتحان الحقيقي.

وتساءل: هل استطعنا أن نجسر من فجوة الاستيراد والتصدير في الميزان التجاري؟ فنحن ما زلنا نستورد أكبر بكثير رغم كل هتافات التصدير.

الفوسات والبوتاس حسنت من إنتاجها بسبب الظروف الدولية والحرب الروسية على أوكرانيا، وفرضت على هذه المنتجات أن يقدموا كمياتٍ أكبر وبالتالي ارتفعت بعض الصادرات، وحققت مبالغ جديدة، خاصة في قطاع الملابس.

وختم بالقول: “لكن كل ذلك لا يشكل معالجة حقيقية لوضع اقتصادنا الذي يعاني هيكله الاقتصادي من حصة أقل للزراعة والصناعة، فيما يبقى الحديث عن المضيّ بطريق التعافي مجرد وهمٍ وأمنيات وأقوال بلا أفعال حقيقية”.

الحكومة: ماضون بالتعافي

وكان وزير الاتصال الحكومي، الناطق باسم الحكومة فيصل الشبول، أكد الأربعاء، أن مشروع قانون الموازنة العامة لسنة 2023 “يعبر بوضوح أننا ماضون في التعافي” مؤكدا “التزام الحكومة الكامل بمسارات التحديث”.

وقال الشبول خلال مؤتمر صحفي: “إن مشروع قانون الموازنة يعكس بالدرجة الأولى التزام الحكومة الكامل لمسارات التحديث، ولا سيما بتحديث برنامج الرؤية الاقتصادية وفي تحديث القطاع العام إضافة إلى التزام الحكومة التام بتهيئة الأجواء السياسية قبل أول انتخابات في تطبيق التعديلات الدستورية والقوانين”.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: