بشرى عربيات
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

التعليم.. بينَ فاقدٍ ومفقود

بشرى عربيات
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

بقلم المستشارة التربوية: بشرى سليمان عربيات

من خلال خبرة طويلة في التعليم، ومن خلال متابعة المشهد التربوي والتعليمي متابعةً حثيثة – ليس بهدف الإنتقاد بالتأكيد – لكن الهدف الأسمى هو أن نسعى جميعاً للارتقاء بمستوى التعليم، والنهوض بالأجيال، بل النهوض بالمجتمع بأكمله ذلك لأن لا يمكن أن ننهض بمستوى الأخلاق والسلوكيات – على سبيل المثال – دون أن ننهض بمستوى التعليم.

إن النهوض والإرتقاء بمستوى التعليم لا يكون بازدياد عدد المدارس والجامعات ولا يكون بازدياد عدد الخريجين سواءً من المدارس أو الجامعات، لكن النهضة الحقيقية هي التي تظهر آثارُها في المجتمع، سلوكاً وتربيةً وأخلاقاً، ذلك لأننا لا نريد تعليماً ينتج عنه محواً للأميَّة فقط، بل نريدُ تعليماً ينتج عنه إرتقاء بالفكر والثقافة ومستوى الحوار في جميع المجالات وعلى جميع الأصعدة، سواءً كان الحوار وجاهيَّاً أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي، ذلك لأن كثير من الناس لم ترتقي بعد إلى مستوى الحوار – للأسف الشديد طبعاً-!!

لذلك فإنني أرى أن التعليم فقد الكثير، وأهم ما فقده التعليم هو المخلصين ممن شاء القدر أن يكونوا مسؤولين عن التعليم، بدايةً ببعض المعلمين في الغرف الصفية الذين وجدوا أنفسهم في هذا المكان دون رغبة أو دافعية للمساهمة في الارتقاء بالتعليم والنهوض بالأجيال، أضف إلى ذلك عدداً كبيراً من المدارس التي تسعى فقط لتحقيق رقم معين من الأرباح نهاية كل عام، وفي المقابل تقدِّم خدمة تعليم متواضعة، وخدمة تربية متراجعة!!!

وبما أن لكل سبب نتيجة، فإن التعليم فاقد ومفقود، ذلك لأن التعليم فقد العديد من مقومات النجاح والنهوض والإرتقاء، فجاءت النتيجة ليصبحَ التعليمُ مفقوداً في كثير من الممارسات السلوكية التي نشاهدها ونسمع عنها بشكلٍ يوميّ، وبشكلٍ مثيرٌ للألم والحسرة والقلق معاً!!

نعم، لقد فقد التعليمُ الكثير، فأصبح مفقوداً من البيوت والمدارس والجامعات، بل ومن مؤسساتنا المجتمعية، فترى بعض أساتذة ومعلمات المدارس الحكومية والخاصة يتاجر في التعليم، فيعمل على بيع دوسيهات للطلبة – برعاية من المدرسة – ويبعدهم عن الكتاب المدرسي، وترى غيرهم يدفعون بالطلبة إلى مراكز يعملون فيها، والسؤال المطروح هنا: كم تبلغ عبقرية معلم ينسخ المادة من الكتاب ويبيعها؟! أو يقوم بتغيير أسلوب الشرح في المركز الذي يعملُ به؟؟ ألم يتعلم هؤلاء أن التعليم أمانة؟؟ لا أرى أن هناك مبررًا لكل ما يحدث، وعلينا جميعاً التصدي لمثل هذه الممارسات، حتى لو كان الراتب متواضعاً، فإنَّ البركة في الرزق ليس بكثرة المال – مهما تعددت مصادره-!!

قالت لي إحدى المعلمات يوماً، إنّ تعيينها في وزارة التربية والتعليم جاء بعد شهرين من مرور العام الدراسي لتدريس التوجيهي في أحد الألوية البعيدة عن مكان سكنها حوالي ثمانية عشرة كيلو متراً، مقابل راتب شهري لا يزيد عن مائة وعشرين ديناراً آنذاك، ومع ذلك فقد ألزمت نفسها بحصص إضافية – مجانية طبعاً – في الصباح الباكر – حوالي السادسة والنصف -، إضافةً إلى ساعتين أيام الجمعة أسبوعياً كي تتمكن من إنهاء المادة المطلوبة بأمانة، وهي فخورة بما قامت به ، لم تتذمر يوماً ولم تتاجر بطالباتها اللواتي كُنَّ يأتين مشياً على الأقدام في أجواء باردة جداً، وقد أكرمهنَّ اللهُ جميعاً بالتفوق ودراسة ما تريد، أين نحن اليوم من هذا النموذج؟؟ بل أين نحن اليوم من معلمين يثقون بقدراتهم العلمية والإنسانية على حدٍّ سواء!!

نعم، إن التعليم اليوم ما بين فاقدٍ ومفقود، وأتمنى أن لا يكون ذلك مقصودًا، وأخشى على التعليم من تراجعٍ أكثر مما هو موجود، لذلك علينا جميعاً معلمين وتربويين وأولياء أمور السعي لردم الفجوة الحاصلة في التعليم، ذلك لأنها ليست مسؤولية فردية، بل هي مسؤولية جماعية، مجتمعية، ونأمل أن يتم ردم هذه الفجوة لتشرق شمس العلم من جديد، ولنرى أجيالاً مرفوعة الرأس، فالعلم يبني بيوتاً لا عمادَ لها، والجهلُ يهدمُ بيوتَ العزِّ والكرمِ!

(البوصلة)

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts