الحوارات: الاحتلال قبض ثمن “قمة العقبة” مبكرًا والأطراف العربية فشلت

الحوارات: الاحتلال قبض ثمن “قمة العقبة” مبكرًا والأطراف العربية فشلت

عمّان – رائد صبيح

لم تكد تنتهي قمّة العقبة الأمنية التي جمعت أطرافًا عربية مع ممثلي دولة الاحتلال برعاية أمريكية، ولم يكد يجف الحبر على أوراق التفاهمات التي تمخضت عنها، حتى تنصل نتنياهو وحكومته الأكثر تطرفاً بتاريخ دولة الاحتلال من كل ما جاء فيها، ليجعلوا القمّة والمشاركين فيها وعلى رأسهم أمريكا في “مرمى السخرية” والمهزلة السياسية، بعد أن كانت قبيل انعقادها محل غضبٍ وانتقادٍ شعبيٍ واسعٍ.

وأعلن قادة الحكومة الصهيونية وعلى رأسهم نتنياهو عدم صحة ما ورد من تفاهمات معلنة سواءً على صعيد الاستيطان أو القضايا الأمنية، حتى أنّ سموتريتش أعلن أنه ليس لدي فكرة عما يجري نقاشه في الأردن واصفًا اجتماع العقبة بـ “الفائض عن الحاجة”، فيما كان لـ “بن غفير” رأي أكثر تطرفًا وبدى كمن يزدري القمّة والمشاركين فيها بالقول: “ما كان في الأردن يبقى في الأردن”.

قمّة العقبة لا تبشر بخير

وأكد المحلل السياسي الدكتور منذر الحوارات في تصريحاته لـ “البوصلة” أنّ القمّة الأمنية التي عقدت في العقبة بهدف “خفض التصعيد” لا تبشّر بخير خاصّة وأنّ دولة الاحتلال قبضت ثمنها مبكرًا، فيما لن يستفيد الفلسطينيون والأطراف العربية المشاركة أيّ شيء منها سوى ما جنوه من “غضبٍ شعبيٍ واسعٍ” يرفض تقديم المشروعية للحكومة الشيفونية الأكثر تطرفًا بقيادة نتنياهو.  

وقال الحوارات إنّ قمّة خفض التصعيد، وهي قمّة أمنية بالدرجة الأولى، وغايتها الإستراتيجية بالنسبة لإسرائيل والتي برأيي قبضت الثمن مبكرًا حينما أوقف عرض المستوطنات على مجلس الأمن كعمل شائن وإرهابي، وقبضت إسرائيل ثمن القمّة مباشرة، وهي لا تريد أن تؤدي أفعالها القمعية تجاه الشعب الفلسطيني إلى اندلاع انتفاضة أو مواجهة حقيقية.

د. منذر الحوارات: لن يتنازل الصهاينة عن أنّ القدس مدينة يهودية بالنسبة لهم حتى وإن قالوا أنهم يحترمون فيها الوصاية الهاشمية والاتفاقات السابقة

إقرأ أيضا: الاحتلال يشعل الضفة بعد ساعات من “قمة العقبة”.. وتصريحات نتنياهو وبن غفير تضربها

وتابع حديثه بالقول: خاصة وأنّ الإستراتيجية الفلسطينية اليوم هي المواجهة من نقطة صفر، بمعنى أن الفلسطيني الفرد غير المنتمي لأي تنظيم يقوم بمواجهة الجندي الإسرائيلي أو المستوطن ويقتله إن استطاع، وهذا تخشى منه إسرائيل بشكلٍ كبيرٍ، لأنه سيؤدي إلى خلخلة الإحساس الأمني الزائف لدى المستوطنين، وسيؤدي إلى ما يسمّى “تطفيشهم” من المستوطنات، وبالتالي تبوء سياسات زرع الضفة الغربية بالمستوطنات وتشتيت التجمعات الفلسطينية بجزر لا يمكن أن تلتئم فيما بعد.

لقاء العقبة نجاح للاحتلال وفشل للعرب

وعبّر الحوارات عن اعتقاده الجازم بانعدام أي نجاح أو نتائج حقيقية لهذا اللقاء لصالح الفلسطينيين والعرب، ولكنّه “بالنسبة لإسرائيل كما قلنا نجح، وقبضت الثمن مبكرًا، لكن بالنسبة للفلسطينيين لا أتوقع أنها ستنجح، فحكومة يترأسها مثل نتنياهو الذي يحمل من العنصرية الشوفينية دعني أقول تجاه العنصر اليهودي وتجاه ما يقول إنه مصلحة دولة الكيان، أيضًا فيها بن غفير والذي هو يعتقد أنّ إسرائيل ظلمت وهي المنتصرة حين طلب منها أن تقدم تنازلات بعد مدريد من قبل الولايات المتحدة، وبالتالي يجب أن يجلس مع الأطراف العربية كأطراف مهزومة وليست أطرافة متساوية على الطاولة”.

وأضاف بالقول: وبالتالي لا أحد يتوقع منه أن يرضخ لاتفاق أمني يلزمه على أن يقدم تنازلات سياسية لما يتعلق بقناعاته بأنّ القدس يهودية وأن الضفة الغربية هي (يهودا والسامرة) ويجب أن تعود لليهود كجزء من مملكة إسرائيل القديمة ويجب أن تعود، وهذا جزء من القناعات الأيدولوجية لديهم ولا يمكن زحزحتها، اللهمّ إلا إذا تدخلت الولايات المتحدة بكل قوتها للضغط على نتنياهو وأفراد حكومته للتنازل عن المواقف المتصلبة تجاه الفلسطينيين، وأنا لا أتوقع ذلك.

غضب شعبي تجاه اللقاء

ولفت الحوارات إلى أنّ “مشكلة الأطراف العربية المشاركة سواءً الأردن أو مصر أو السلطة الفلسطينية الوطنية، ربما جنوا غضبًا جماهيريًا كبيرًا من هذه القمّة، لأنّهم اعتبروا كمن أعطا المشروعية لحكومة بهذا التطرف وبهذه الشوفينية، وكان يفترض أن تقاطع، وفي المقابل لن تكون النتائج مؤثرة في الرأي العام العربي، لأنّ ما تمخض عن القمّة سينسف بعيد قليل، لأنّ الأطراف الموجودة في الحكومة الصهيونية المتطرفة الشوفينية، لا تنظر إلى الصراع العربي الإسرائيلي إلا من زاوية واحدة أنّ الفلسطينيين عبء على دولة الاحتلال وبالتالي يجب ممارسة كل الوسائل التي تجعلهم يغادرون أرضهم سواء بالقتل أو الإرهاب أو الاستيطان ولن يتنازلوا عن أنّ القدس هي مدينة يهودية حتى وإن قالوا أنهم يحترموا فيها الوصاية الهاشمية أو قالوا أنهم يحترموا فيها الاتفاقات السابقة”.

إقرأ أيضا: القطاونة: الاحتلال يسعى لمواجهة عربية عربية والتطبيع خطر على الأردن

وأوضح أنّ “كلمة الاتفاقات السابقة لم تحدد ما هي بالضبط فإن كانت أوسلو لم تعد تذكر في أحاديث المسؤولين فإنّ الاتفاقات السابقة تحمل في طياتها الكثير من التأويل: ما هي الاتفاقات السابقة التي يجب إحترامها”.

وختم الحوارات حديثه لـ “البوصلة” بالقول: “إنّ الأمور لا تبدو مبشرة وفكرة أن لا تندلع مواجهة فلسطينية إسرائيلية، برأيي هذه فكرة هشة واحتمالات المواجهة أكبر بكثير، وحينها ستدع العالم يواجه خياراته أمام إهمال القضية الفلسطينية وعدم التعامل معها بجدية”.

نتائج لقاء العقبة

واجتمع كبار مسؤولين أردنيين ومصريين وإسرائيليين وفلسطينيين وأميركيين، بدعوة من الأردن في مدينة العقبة، الثلاثاء.

 وبعد مناقشات شاملة وصريحة، أعلن المشاركون أنّ لجانبين الفلسطيني والإسرائيلي أكدا التزامهما بجميع الاتفاقات السابقة بينهما، والعمل على تحقيق السلام العادل والدائم. وجددا التأكيد على ضرورة الالتزام بخفض التصعيد على الأرض ومنع المزيد من العنف.

كما أكد الأطراف الخمسة على أهمية الحفاظ على الوضع التاريخي القائم في الأماكن المقدسة في القدس قولاً وعملاً دون تغيير، وشددوا في هذا الصدد على الوصاية الهاشمية/ الدور الأردني الخاص.

وأكدت حكومة الاحتلال الإسرائيلي والسلطة الوطنية الفلسطينية استعدادهما المشترك والتزامهما بالعمل الفوري لوقف الإجراءات الأحادية الجانب لمدة 3-6 أشهر. ويشمل ذلك يشمل التزاماً إسرائيلياً بوقف مناقشة إقامة أي وحدات استيطانية جديدة لمدة 4 أشهر، ووقف إقرار أي بؤر استيطانية جديدة لمدة 6 أشهر.

إقرأ أيضًا: الحوارات لـ “البوصلة”: نتنياهو سياسيٌ لا يوثق به وزيارته للأردن لن يتقبلها الأردنيون

كما اتفقت الأطراف الخمسة على الاجتماع مجددا في مدينة شرم الشيخ في جمهورية مصر العربية في شهر آذار المقبل لتحقيق الأهداف المذكورة أعلاه.

وبحسب البيان الصادر عن اللقاء،اتفق المشاركون أيضاً على دعم خطوات بناء الثقة، وتعزيز الثقة المتبادلة بين الطرفين من أجل معالجة القضايا العالقة من خلال الحوار المباشر.  وسيعمل الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي بحسن نية على تحمل مسؤولياتهم في هذا الصدد.

 وبحسب البيان، اعتبرت الأردن ومصر والولايات المتحدة هذه التفاهمات تقدما إيجابيا نحو إعادة تفعيل العلاقات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي وتعميقها، وتلتزم بالمساعدة على تيسير تنفيذها وفق ما تقتضيه الحاجة.

إقرأ أيضًا: وقفة احتجاجية لـ”العمل الإسلامي” رفضا لقمة العقبة: تآمر على الأردن وفلسطين (شاهد)

 كما  شدد المشاركون على أهمية لقاء العقبة، وهو الأول من نوعه منذ سنوات.  واتفقوا على مواصلة الاجتماعات وفق هذه الصيغة، والحفاظ على الزخم الإيجابي، والبناء على ما اتفق عليه لناحية الوصول إلى عملية سياسية أكثر شمولية تقود إلى تحقيق السلام العادل والدائم.

 وفي ختام البيان: شكر المشاركون الأردن على تنظيم واستضافة هذا الاجتماع وعلى جهوده لضمان تحقيق نتائج إيجابية.  كما شكروا مصر على دعمها ودورها الأساسي ومشاركتها الفاعلة.  كما شكروا الولايات المتحدة على دورها المهم في الجهود المبذولة للتوصل إلى تفاهمات أدت إلى هذا الاتفاق اليوم، مؤكدين على دورها الذي لا غنى عنه في جهود منع التدهور وإيجاد آفاق للسلام.

إقرأ أيضا: الحوارات لـ “البوصلة”: هكذا فشلت روايتنا أمام الرواية الصهيونية في الإعلام الغربي

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: