الحوارات: تنازلات حتمية سيقدمها بايدن للعرب رغم “عنجهية الزيارة”

الحوارات: تنازلات حتمية سيقدمها بايدن للعرب رغم “عنجهية الزيارة”

عمّان – البوصلة   

قال المحلل السياسي والخبير الإستراتيجي الدكتور منذر الحوارات إنّ الرئيس الأمريكي بايدن رغم حاجته الملحة للمنطقة إلا أنه يدخلها “كالفاتحين وبعنجهية لا حدود لها”، ولكنّها في الوقت نفسه ستشكل “نقطة إنطلاق لعلاقة متوازنة بعيدة عن الإملاءات فلدى المنطقة العربية من عناصر القوة ما يجعلها قادرة على المساومة على أدق التفاصيل”، مشددًا على أنّ الرئيس الأمريكي إذا أراد أن يكسب جولته في المنطقة وبشكلٍ حقيقي فعليه أن يقدم تنازلات حتمية عبر صفقة تاريخية تسمح بوضع قواعد ثابتة تأخذ بعين الاعتبار مصالح شعوب المنطقة ويتخلص العرب فيها من المرارة التي ذاقوها من الأمريكان.

وأضاف الحوارات: في ظل حالة من عدم اليقين الجيوسياسي ومزاج مرهق من الحروب وويلاتها  يصل الرئيس  بايدن  الى المنطقة العربية لوضع قواعد جديدة تخدم استراتيجية الولايات المتحدة في حروبها القادمة والمتوقعة مع روسيا والصين وإيران، لافتًا في الوقت ذاته إلى أنه وبعد أن فقدت جغرافيتها السياسية أهميتها بالنسبة للأمريكان وبدأوا يفكرون ملياً بتقليص تواجدهم فيها أو حتى الانسحاب منها ها هم يدركون فجأة أن مياهها ومضائقها البحرية ومنافذها البرية قد تشكل طوق نجاة للخصوم ولكنها في الوقت نفسه قد تكون القيد الذي يلف أعناقهم.

عنجهية وابتزاز

واستدرك بالقول: أما النفط الذي كاد يصبح في لحظة ما بلا قيمة بالنسبة للأمريكان يتحول فجأة إلى أهم وسيلة للفوز بالمواجهة الحاصلة مع روسيا إذ بدونه لا سبيل لخنق الاقتصاد هناك وبدونه ايضاً لا يمكن قطع شريان الامداد عن الآلة العسكرية لبوتين أما بالنسبة للصين فإن نفس النفط الذي اعطى للدولار الأولوية ذات يوم في تسيد عملات العالم قادر الآن على جعل اليوان الصيني عملة قابلة لتداوله وبالتالي ندخل في إطار جديد لصراع العملات بالإضافة لصراع النفوذ.

وتابع الحوارات حديثه بالقول: رغم الحاجة الملحة للمنطقة يدخلها الرئيس بايدن  كالفاتحين  وبعنجهية لا حدود لها بمجموعة لا تنتهي من الشروط تبدأ بتصنيف الدول حسب الهوى الأمريكي (والإسرائيلي) وما تمليه لوبيات تمارس أقصى أشكال الابتزاز على دول المنطقة مستغلة ما تقول عنه حقوق الانسان وهذه بالذات تتحدد اهميتها فقط بالمصلحة الأمريكية المحضة إذ تعلو في حين وتخبو تماماً حيناً آخر حسب مقتضيات الحاجة والمصلحة الصرفة.

د. منذر الحوارات: ذاق العرب مرارة الامريكان في أكثر من موقف وربما جاء الوقت للتخلص من تلك المرارة بصفقة تاريخية

ولفت إلى أنّه: “لا ضير من إغراق المنطقة بشعارات تفقد قيمتها عند أول منعطف استراتيجي ، وفي كل المرات السابقة اغرقت الأمم الكبيرة المنطقة بحروبها وصراعاتها ومصالحها ولم تستفد دولها إلا الخراب وويلات الحروب وما نتج عنها من استبداد وفقر أدى الى ما نحن فيه الآن ، وأمريكا كانت طرفاً رئيسيًا في كل ما مضى وسبباً أساسياً لما نحن فيه”.

وقال الحوارات: أما الآن والسيد بايدن يريد وضع قواعد جديدة للعبةٍ يحارب فيها روسيا ويتصدى للصين ويوقف إيران فما الذي يجبر دول المنطقة على الانصياع له بعد أن ولى ظهره قبيل برهة قليلة لكل طموحات شعوب ودول المنطقة ؟ وهل بايدن وتحالفه المتوقع هو خيار المنطقة الوحيد؟ وهل ينبغي ان نكون اعداء للآخرين حتى نرضي الولايات المتحدة ولماذا؟ وهي تأتي وتساوم الدول على استقرارها الهش لا بل تحمل في جعبتها مشروعاً قد يؤدي الى جعل دولة هامشية ومحتلة ( إسرائيل )  قائدةً للمنطقة وسيدةً لمجالها الجوي والبحري لماذا وما الثمن الذي يمكن أن تدفعه الولايات المتحدة ودولة الاحتلال في سبيل ذلك؟.

وتابع بالقول: خصوصاً أن مجالات التحالف باتت مفتوحة على مصراعيها أمام الدول العربية مع قوى دولية عديدة يمكن من خلالها ضمان أمن المنطقة بواسطة جيوشها ومنظوماتها الوطنية بعيدة عن هيمنة الولايات المتحدة أو دولة الاحتلال .

نقطة انطلاق لعلاقة متوازنة

وشدد الحوارات على اعتقاده بأنه وبعد ما ذُكر فإن زيارة بايدن للمنطقة تاريخية بمعنى الكلمة لأنها قد تكون نقطة إنطلاق لعلاقة متوازنة بعيدة عن الإملاءات فلدى المنطقة العربية من عناصر القوة ما يجعلها قادرة على المساومة على أدق التفاصيل.

وأوضح أنّ أول هذه التفاصيل هو استبعاد دولة الاحتلال عن اي منظومة أمنية تخص المنطقة العربية لأنها العدو وليست الصديق فمحاولة التغطرس الامريكي بوضع دولة الاحتلال كشرط أساسي في أي نقاش يجب أن  ترفض فوراً، لافتًا في الوقت ذاته إلى أنّ الطرف العربي ليس بموقع الضعيف هذه المرة فبايدن جاء مرغماً لا طوعاً أما محاولته  زج الاطراف العربية في حرب مع  إيران رغم كونها خطراً يهدد الأمن العربي لكن.

وشدد بالقول: “على أنّ هذه الفكرة يجب أن تُنبذ فوراً ولنتذكر جميعاً أن الولايات المتحدة اذعنت دوماً للضغط الإيراني بمنع وجود أي طرف خليجي في المفاوضات النووية فلماذاً اذاً يستبعد العرب من نقاشات السلام وحين الحرب اول من يُزج به  في أتونها ، أما القضية الفلسطينية فلا جديد بشأنها  سوى بعض المظاهر البرتوكولية لذر الرماد في العيون”.

وقال الحوارات: “لقد ذاق العرب مرارة الامريكان في أكثر من موقف وربما جاء الوقت للتخلص من تلك المرارة بصفقة تاريخية تسمح بوضع قواعد ثابتة تأخذ بعين الاعتبار مصالح شعوب المنطقة ودولها من منطلق مصلحة هذه الشعوب والدول بذاتها لا من خلال المصلحة المطلقة للولايات المتحدة ودولة الاحتلال فقط أعني مصلحة المنطقة بعيون المنطقة لا بعيون “إسرائيل واللوبي الإسرائيلي في واشنطن”.

وختم بالقول: إذا فعل بايدن ذلك، وطبعاً هذا لن يكون إلا بإستخدام الأدوات المتاحة لدول المنطقة وهي لأول مرة كثيرة ومؤثرة بشكل كبير، حينها قد يكون هذا الرئيس قد قدم تنازلاً لكنه كسب جولة ربما تعيد لأمريكا مكانتها الاستراتيجية القوية من جديد وتضمن للمنطقة الاستقرار والهدوء ولو لبرهة قليلة من الزمن.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: