الحوارات لـ “البوصلة”: النكبة مستمرة طالما المواطن العربي غائب عن صنع القرار

الحوارات لـ “البوصلة”: النكبة مستمرة طالما المواطن العربي غائب عن صنع القرار

المحلل السياسي الدكتور منذر الحوارات لـ “البوصلة”:

– يجب مراجعة أسباب النكبة التي غيرت المنطقة كلها جيوسياسيًا

– كثيرٌ من أسباب النكبة لم يتم تجاوزها عربياً إلى اليوم

– غياب الإنسان العربي عن سدة صنع القرار من أهم أسباب النكبة

– النظام الرسمي العربي انشغل بتكديس الأسلحة التي لم تغير في المشهد قيد أنملة

– الدراسات التوراتية و”إعداد الذهنيات” في الغرب سبقت تنفيذ الاحتلال لمخططاته

– القضية الفلسطينية ضحية الكثير من التواطؤات الرسمية العربية مع الاحتلال

عمّان – رائد صبيح

أكد المحلل السياسي الدكتور منذر الحوارات في تصريحاتٍ لـ “البوصلة” أنّ النكبة ستبقى مستمرة في ظلّ استمرار غياب المواطن العربي عن صنع القرار، مشددًا على أنّ النظام الرسمي العربي وفي ظل غياب الشرعية الداخلية سيبقى مرتهنًا للغرب ولدولة الاحتلال ويقدم التنازلات تلو التنازلات لها.

وقال الحوارات حين تصادف ذكرى النكبة يجب أن تمر على أي مراجع لتاريخها أن يذكر الأسباب التي أدت إليها، فاحتلال فلسطين لم يبدأ في العام 1948، بالعكس انتهى في هذا العام، وتعزز في العام 1967، بالتالي يجب مراجعة الأسباب التي أدت لحصول النكبة هذا التطور الذي غير المنطقة كلها جيوسياسيًا، ومحاولة معالجته بشكلٍ جذري.

وشدد على أن “دولة الاحتلال لم تنتصر فقط لأنّها قوية، وانتصرت بوجود عناصر ضعف كبيرة لدى الأطراف العربية والفلسطينية في تلك الفترة”.

واستدرك الحوارات: لكن إذا ما سألنا أنفسنا هذا السؤال؟ هل تمّ تلافي هذه الأخطاء عبر الزمن؟ ربما جزء منها تمّ تجاوزه، لكن إذا ما رجعنا بشكل عميق، سنجد أنّ الكثير من الأسباب التي أدت إلى النكبة لم يتمّ تجاوزها.

وأشار غلى أن من أهمّ الأسباب في الحقيقة، كان غياب الإنسان العربي عن سدة صنع القرار، عبر عقود سابقة ولاحقة، ولا يزال كذلك.

ولفت إلى أنه في العام 1948 كان 49 بالمائة من سكان دولة الاحتلال منخرطين في العمل السياسي ومشتركين في اتخاذ القرار، أمّا في العام 2022 لا يوجد في العرب ما يزيد عن 2% منخرطين بالسياسة، منوهًا بالقول: بالتالي حالة الغياب الجماهيري عن صناعة القرار ستكون دائمًا هي السبب الرئيسي في انتصار أي عدو علينا.

وحذر من “أننا ما لم نحل هذ المعضلة برأيي سنبقى متخلفين عن ركب أي دولة متطورة بما فيها دولة الاحتلال”.

وقال الحوارات: نحن ركزنا خلال عقود من الصراع على تكديس الأسلحة واستثمر فيها النظام الرسمي العربي بأن وجد آلية للبقاء، لكن للأسف هذا التكديس لم يؤدي إلى تغيير الواقع قيد أنملة، ومع ذلك نصر على الطريق ذاته.

وأضاف بالقول: لم نستطع إيجاد قوة ضغط حقيقية على “دولة الاحتلال” والدول الداعمة لها، ولو أنّ هذه الدول وجدت قوة عربية حقيقية رادعة قادرة على أن تقف في وجه دولة الاحتلال وتكون ندًا لصنّاع القرار الداعمين لها في دول العالم، لكانت المعادلة تغيرت.

واستدرك الحوارات: لكن حينما قررنا الدخول في عملية السلام دخلناها بميزان قوى ضعيف الأمر الذي أدى إلى فرض معادلات دولة الاحتلال على دولنا وأعطاها سلامًا أو شبه سلام أو استسلام، وضمن فقط حق القوي ولم يعطي الضعيف حقه.

ولفت إلى أنه “لا أحد في العالم يحترم حال الضعيف، واستمرينا في التباكي على مجلس الأمن وعلى الامم والشعوب الأخرى، ولكن دائما كان هذا بلا جدوى، لأنّه دائمًا معادلة السياسة تضمن إلى جانبها معادلة للقوة، طالما تغيب هذه لا أحد يحترمك”.

إعداد الذهنيات سبق تنفيذ المخطط

وأشار إلى أنه بالنسبة لدولة الاحتلال قبل أن تنشأ بعقود أو ربما قرن من الزمان خاضت تجربة “إعداد الذهنيات” في العالم، من خلال الدراسات التوراتية التي تمّت في أوروبا وصنعت أجيال تؤمن بالفكرة الصهيونية.

وأضاف قائلا: بالتالي حينما جاء وقت التنفيذ كانت الشعوب التي دعمت دولة الاحتلال جاهزة لتبنّي الفكرة، وفي هذه الفترة كنّا نحن في حالة غياب تام بالنسبة لأولئك الناس كنا مجموعة من البرابرة غير الديمقراطيين ونُظر إلى احتلال فلسطين على أنّه شرعي ومشروع من خلال أنه جاء في بيئة رافضة أو على الأقل ليس للإنسان الديمقراطي والحر فيها مكان.

وقال الحوارات: افترض الغرب والجهات الداعمة لدولة الاحتلال أنها ستطور المنطقة وهذه الفكرة التي بنيت عليها خطة الدعم الغربي لـ “إسرائيل”.

وعبر عن أسفه لا سيما وأننا “رغم اكتشافنا ما حصل خلال العقود السابقة، لم نعمل جديًا في تغيير هذه الفكرة، واستمرينا في الحديث لأنفسنا والنقاش الداخلي الذي لم نستطع من خلاله أن نؤثر على خصمنا مباشرة ويزحزحه عن قناعاته، وفي المقابل لم يزحزح دول العالم الداعمة لدولة الاحتلال عن مكانتها في دعم دولة الاحتلال”.

إعادة قراءة النكبة

وشدد الحوارات على أنه يجب أن يُنظر للقضية الفلسطينية نظرة اخرى، ويجب أن تعاد قراءتها قراءة تاريخية حقيقية، عبر قراءة العوامل التي أنشأتها وأدت إليها وأدت إلى غيابنا عن التأثير الدولي، وإعادة قراءة ميزان القوى الحقيقي، بحيث تقبل المعادلة.

ولفت إلى أن “هذا لا يمكن أن يتمّ أو يتحقق في ظل غياب المواطن العربي عن صناعة القرار، النقطة التي ساهمت في إيجاد إسرائيل ودعمها عبر كل هذه العقود سببها غياب هذا المواطن، وبالتالي كان قرار النخب العربية هو النافذ عبر هذه العقود، وهذا بسبب عدم نضوج شرعية سياسية للكثير منها وكانت بحاجة للتحالف مع الغرب وبالتالي كانت بحاجة في كثير من المرات إلى التواطؤ مع ما يطلبه الغرب، وكانت القضية الفلسطينية ضحية لكثير من هذه التواطؤات”.

وختم الحوارات حديثه لـ “البوصلة” بالقول: “هذا لن يغيب إلا بتحقيق حالة سياسية يكون فيها المواطن العربي صانعًا للسياسات ومؤسسا للقرارات الحكومية، وعدا عن ذلك أرى أنّ الصراع سيدوم ويستمر بغض النظر عن بعض النجاحات التكتيكية هنا أو هناك، ولكن ما لم يعد القرار إلا سدة مالكيه الحقيقيين ستبقى دولة الاحتلال موجودة، لأنّها ستستثمر حالة الضعف في النظام الرسمي العربي وحاجته للدعم من الخارج بغياب مشروعية داخلية، وبالتالي ستكون دائما مستعدة لتقديم تنازلات لدولة الاحتلال والتعايش معها”.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: