الحوارات لـ “البوصلة”: بوتين يُدشّن لحالة الفوضى في النظام الدولي

الحوارات لـ “البوصلة”: بوتين يُدشّن لحالة الفوضى في النظام الدولي

بعد إعلان روسيا رسميًا ضمّ أربعة أقاليم أوكرانية

عمّان – رائد صبيح

قال المحلل السياسي الدكتور منذر الحوارات في تصريحاته لـ “البوصلة” إنّ ما قامت به روسيا من الإعلان رسميًا عن ضم أربعة أقاليم أوكرانية ينسف أسس النظام الدولي منذ ويستفاليا مرورًا بالحرب العالمية الأولى والثانية والحرب الباردة والقطب الواحد بعدها، مشددًا في الوقت ذاته أنّ الخطوة التي أقدم عليها بوتين دشنت لحالة من الفوضى في النظام الدولي من شأنها أن تخلق عالمًا غير مستقر.

وأكد الحوارات أنّ النظام الدولي بعد الحرب العالمية الثانية قام على معايير واضحة كانت تفرضها موازين القوى في العالم، والآن بعد انهيار النظام الدولي وبعد انتهاء الحرب الباردة ونشوء نظام القطب الواحد، وما شهدناه خلال جائحة كورونا التي أدت إلى هلامية الأقطاب إذ لا يوجد قطب مسيطر على العالم.

وتابع بالقول: بالتالي استغلت روسيا هذا الظرف لتفرض واقعًا جديدًا، وهي بذلك تنسف النظام الدولي الذي تبع الحرب العالمية الثانية والذي يحترم سيادة الدول وحدودها.

وأضاف بالقول: الآن حقيقة هذا نُسف تمامًا بنتيجة هذا الضم الروسي، وسوف نشهد خلال الفترة القادمة صراعًا على الحدود بين الدول، وضم عديد من الدول لأراضي دول أخرى، إمّا بحجة أنّ النظام الدولي ما بعد الحرب العالمية الثانية لم ينصفها هذا أولاً، أو بحجة وجود أقليات متحدثة بلغة هذه الأمّة أو تلك.

صراعات قادمة

ولفت الحوارات إلى أنّه يوجد على سبيل المثال صراع بين تركيا واليونان على جزر في البحر الأبيض المتوسط، وهنالك صراع عميق في آسيا الوسطى بين دول عديدة، على الحدود وعلى القوميات، وهناك جزء من الدول تريد الانفصال كما هو في إسبانيا إقليم الباست، هنالك أيضًا في الصين إقليم الإيغور الذي يتحدث اللغة التركية وهو مسلم ويشكل جزء كبير من الأراضي الروسية، ويوجد كذلك تايوان ويمكن للصين أن تضمها.

وقال: نحن نتحدث عن فوضى في النظام الدولي أوجدها هذا الضمّ إذا ما نجح طبعًا، أمّا إذا ما استطاعت الدول المؤمنة بالنظام الدولي أن تعيد الأمور إلى نصابها، فسوف ستردع الخطوة الروسية، ولكن لا أعتقد ذلك لأن روسيا دولة نووية قوية، ولديها إمكانيات للضغط على العام وابتزازه وهي تفتح الباب على مصراعيه للصراع الذي يمكن أن يستمر عشرات السنوات على الحدود والقوميات بين الدول، وهذا سيؤدي إلى هلامية وفوضى شديدة في حال غياب قطب دولي قادر على ردع الأقطاب الأخرى وجعلها تتراجع عن خططها المستقبلية.

وشدد على أنّه في حالة سيادة القطب الواحد الولايات المتحدة تجنّت على العديد من الدول، وأنهت حالت الاستقرار في اقاليم كبيرة مثل إقليم الشرق الأوسط، حيث قامت بغزو العراق وتدمير دول عديدة ما بعد الربيع العربي، ووجدنا هلامية في الدولة وأصبحت دول عديدة فاشلة.

أمريكا ليست بريئة

وأوضح المحلل السياسي أنّ أمريكا ليست بريئة من فوضى النظام العالمي، وليست بريئة من الهيمنة على الاقتصاد العالمي من خلال إنتاجها للدولار، وطبعها للدولارات وهيمنتها على الاقتصاد العالمي بهذه الوسيلة.

واستدرك الحوارات بالقول: لكن الولايات المتحدة الأمريكية ساهمت كثيرًا في استقرار الحدود بين الدول، وصحيح أنّها هيمنت و”افترت” على العالم، لكن حتى الدولار الذي تُتهم أمريكا بأنها تطبعه دون وجود ما يقابله من الذهب، ولكن الدولار كان ضمانة للاقتصاد العالمي من الانهيار، وكان محددات رئيسية تحكم ذلك، ولا تستطيع أي عملة القيام بما يفعله الدولار.

“لذلك امريكا في الحقيقة صحيح أنها هيمنت على العالم واستفادت من تفوقها النسبي على العالم واستفادت من استحواذها على العملة الرئيسية للعالم، فهذا حقيقي، ولكن الجانب الآخر غير الأيدولوجي في هذه المرحلة كان هناك استقرار لسبعين عامًا في النظام الدولي المالي والنظام الدولي باحترام حدود الدول”، على حد تعبيره.

وقال الحوارات: لا أقول إنّ هذه الميزة الرئيسية للعالم في الدولار، لكن إذا خرجنا من هذه الميزة النسبية سندخل في حالة هلامية العملة وهلامية الحدود وهلامية القوميات، وهلامية القوميات وهلامية النظام الدولي، وستسود الفوضى في النظام العالمي سواء فيما يتعلق بالعملات أو ما يتعلق بالجيوش.

وتابع حديثه: كيف سيكون حال المنطقة العربية، إذا افترضنا أن روسيا نجحت في عملية الضم، سنجد أنفسنا أمام ثلاث قوى مهيمنة هي تركيا وإيران وإسرائيل، وهذه القوى المؤججة في الأسلحة والتقنية ستهيمن على الإقليم وتفرض إرادتها عليه، لأنه لا يوجد رادع حقيقة.

واشار إلى أنه في آسيا الوسطى لاحظ أن هذه المنطقة هي المرشحة لتكون نواة لحروب مستقبلية مستدامة بسبب الصراع المستميت عليها من قبل روسيا الصين والولايات المتحدة الأمريكية، بسبب ما لديها من خيرات، وبالتالي ستدخل هذه المنطقة مرحلة صراعات مستدامة.

ونوه الحوارات إلى أنّ أوروبا لم تهدأ إلا بعد الحرب العالمية الثانية بخمسة عشر عامًا، وهي خبرت حربين كبيرتين، وهناك اليوم صراعات عنيفة داخل أوروبا، ولا تعتقد أن صعود ألمانيا من جديد لا يثير مخاوف البريطانينن والفرنسيين ولا مخاوف الدول الأوروبية، مؤكدًا أنه في حال استطاعت ألمانيا أن تسلح نفسها من جديد، ستبعث الخطر الكامل في المنطقة الأوروبية من عودة نفوذها إلى العالم.

وخلص إلى القول: إذن عودة النظام الدولي لحالة من الفوضى سيخلق عالمًا غير مستقر، وبوتين هو من دشن هذا الأمر، وفتح الباب إليه، الآن الولايات المتحدة تحاول أن تسعى لضبط النظام الدولي بينها وبين قوى ثلاثة هي الصين وأوروبا الاتحادية وأمريكا، وإذا ما هزمت روسيا لن يكون لها شيء.

واستدرك الحوارات تصريحاته لـ “البوصلة” بالقول: مع العلم أنني أعتقد أن الغرب لا يريد أن تنتهي روسيا تمامًا، لأنه إذا ما حصل ذلك سيكون في مصلحة الصين القوية والتي تتنازع في منشورها على 4 آلاف كيلومتر بينها وبين روسيا، وهذا أمر شديد الخطورة فيما لو هيمنت عليه الصين ستصبح قوى غير قابلة للردع أبدًا وهذا ما يخيف العالم.

بوتين يعلن رسميا ضم أربع مناطق أوكرانية إلى روسيا

وأعلن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، اليوم الجمعة، عن توقيع 4 اتفاقيات لضم مناطق دونباس ولوغانسك وزابوروجيه وخيرسون إلى روسيا الاتحادية.

وقال بوتين خلال توقيع اتفاقيات انضمام المناطق إلى بلاده، في موسكو: “المواطنون في لوغانسك ودونيتسك وخيرسون وزابوروجيه قاموا باختيارهم بالانضمام إلى روسيا وهذا حقهم، حق تقرير المصير”.

وأضاف بوتين : “على نظام كييف، أن يعلم أن سكان هذه المناطق أصبحوا من مواطني روسيا وإلى الأبد، سوف نستعيد كافة أراضينا ونحمي شعوبنا بكل ما نملك من وسائل”.

 (البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: