الحوارات لـ “البوصلة”: حق النقض الفيتو حالة آثمة تضع البشرية على حافة الهاوية

الحوارات لـ “البوصلة”: حق النقض الفيتو حالة آثمة تضع البشرية على حافة الهاوية

الخبير الإستراتيجي والمحلل السياسي الدكتور منذر الحوارات لـ “البوصلة”:

منطق حق النقض الفيتو “منطق مختل” لن يقوم بجانبه أي عدل في العالم  

الجمعية العامة للأمم المتحدة عاجزة ولا تملك سوى إدانة قيمية أخلاقية

روسيا تمتلك أكثر من 6500 قنبلة نووية يمكن أن تفجر العالم ثلاثين مرة

فكرة أمن المجال الحيوي مدانة لأنها تقوم على هضم مصالح الدول الضعيفة

عمان – رائد صبيح

أكد المحلل السياسي والخبير الإستراتيجي الدكتور منذر الحوارات في تصريحاته إلى “البوصلة” أنّ الإدانة التي أقرتها الجمعية العامّة للأمم المتحدة ضد العملية العسكرية الروسية ما هي إلا “إدانة قيمية أخلاقية”، وليس لها قيمة الإدانة القانونية العقابية التي يمتلكها مجلس الأمن، محذرًا في الوقت ذاته من أن إصرار النظام العالمي على الاستمرار في إدارة شؤونه بما يفرضه الأقوياء الذين يمتلكون حق النقض الفيتو فقط، إنّما هو حالة آثمة ستضع البشرية على حافة الهاوية.

واعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، في جلستها الاستثنائية الطارئة صباح الأربعاء، مشروع قرار قدمته أوكرانيا لإدانة العملية العسكرية في روسيا وحصل القرار على 141 صوتا إيجابيا، فيما صوتت 5 دول ضده هي روسيا وسوريا وكوريا الشمالية وبيلاروسيا وإرتريا، وامتنعت 35 دولة عن التصويت.

وطالب القرار الاتحاد الروسي بالتوقف على الفور عن استخدامه للقوة ضد أوكرانيا والامتناع عن أي تهديد آخر غير قانوني أو استخدام القوة ضد أي دولة عضو في الأمم المتحدة.

طالبت الجمعية العامة روسيا بسحب جميع قواتها العسكرية من أراضي أوكرانيا على الفور وبشكل كامل ودون قيد أو شرط

حق النقض والمنطق المختل

وقال الحوارات إن النظام العالمي لم يؤسس على القيم بقدر ما أسس على القوة حقيقة، ما بعد الحرب العالمية الثانية، أسست المؤسسات الدولية على قاعدة المنتصرين هم أصحاب الحق في رسم مصالحهم، وكان ميزان القوة هو القاعدة الأولى في العلاقات الدولية، بدليل أن الدول الخمس التي قامت بالصراع وانتصرت فيه باستثناء الصين، هي التي فوضت عالميًا بأن تعطي حق النقض، وهذا منطق مختل.

“لكن ميزان القوى الدولي منح الأقوياء فقط حق رسم قواعد القانون الدولي وقواعد العلاقات بين الدول والمجتمعات وفق مصالح هؤلاء الخمس، وبالتالي التعويل على العدل في هكذا معادلة هو تعويل لا أعتقد أنه في مكانه”، على حد وصفه.

وأضاف، “نلاحظ فقط أن خمسي البشرية فقط من يتمثل في مجلس الأمن، أما الباقي فلا تمثيل له، جزء من إفريقيا، وجزء كبير من آسيا، وأمريكا اللاتينة، كل تلك الدول غير ممثلة فيه وليس لها صوت سوى صوت يعطى كل فترة وليس له اي قيمة”.

د. منذر الحوارات: النظام العالمي لم يؤسس على القيم بل على أن الأقوياء هم من يرسمون قواعد القانون الدولي وفق مصالحهم

ميزان القوى وليس ميزان العدل

ونوه إلى أن الحروب التي نشأت بعد الحرب العالمية الثانية، كانت تسعى للحفاظ على ميزان القوى الدولي، وتحترم قاعدة القوة وليس قاعدة العدل.

وتابع حديثه بالقول: “مثلا الولايات المتحدة خلال هيمنتها على العالم بعد نهاية الاتحاد السوفييتي في نهاية الحرب الباردة، هيمنت على المؤسسات الدولية، واستطاعت أن تخوض العديد من الحروب تحت أسمها ومظلاتها، تحت مبررات لا ترقى لأن تكون مبررات قانونية حقيقية”.

واستدرك الحوارات: ولكنها حينما صدمت بأن مجلس الأمن لم يعطها الإذن بغزو العراق في عام 2003، قررت أن تخرج عن إطار مجلس الأمن والمؤسسات الدولية، وقررت العمل بنفسها، ومع ذلك لم تجد هذه المؤسسات الدولية حقيقة أي قوة لمحاسبة أمريكا على غزوها بلدًا مستقرًا وتنزع نظامه وتغير أسلوب حياته، وتغير مؤسساته.

روسيا تمارس السلوك الأمريكي ذاته

وقال الحوارات إن “روسيا الآن تفعل كما فعلت الولايات المتحدة في العراق وكلا الحالتين مدانتان بالمطلق، فروسيا تتذرع بأمنها الاستراتيجي وفضائها الحيوي وفكرة المجال الحيوي للدولة هي فكرة مدانة لأن قوة الدولة وأمنها يعتمد على هضم مصالح دولة أخرى”.

وأوضح أن روسيا تقوم ببناء على هذا المبدأ بغزو دولة ذات سيادة، وتحتلها وتشرد شعبها بحجة أن هذه الدولة تهدد الأمن الروسي وأن من حق روسيا أن تقف في وجهها، ولكن لا تجد أهم مؤسسة دولية من المفترض أن تدير العالم وفق قوانين صارمة التي تضمن أن تمنع اعتداء دولة على أخرى، ولا تجد الوسيلة إلى أن تعاقب روسيا وتوقفها بمجلس الأمن أو تدخلها تحت البند السابع وتعاقبها بسبب وحيد أن روسيا تمتلك حق النقض الفيتو وتستطيع إبطال أي قرار.

“هذا برأيي، ودعنا من العدل والإنسانية، فلنتحدث عن الأمن الدولي الذي يتعارض هذا السلوك مع إمكانية تحقيقه ليشمل الجميع، فإذا ما سمح لكل دولة عضو بمجلس الأمن أن تعتدي على دولة أخرى وتستبيح ترابها ولا تعاقب”، على حد قوله.

وتابع الحوارات: إن المشكلة في الذهاب إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة تكمن في أن إدانتها أخلاقية أكثر منها إدانة قيمية قانونية، فلا تستطيع الجمعية العامة أن تصدر قراراً ملزما لمعاقبة أي دولة وبالتالي الاعتماد والتعويل عليها خارج القيمي الأخلاقي لا جدوى منه، فليس هناك قيمة قانونية تمتلك حق المعاقبة للدول المعتدية التي يملكها مجلس الأمن.

صناعة نظام دولي عادل؟

وأشار الخبير الاستراتيجي إلى أن الإجابة على سؤال كيف يمكن صناعة نظام دولي عادل، “قصة طويلة، تحتاج إلى أن يصل العالم إلى قناعة أنه يجب أن يدار من قبل حكومة عالمية تشترك فيها جميع الأطراف على الساحة الدولية، وليست الأطراف القوية”.

وحذر الحوارات من أنه في النهاية من أنه يجب أن يصل العالم إلى قناعة بأن انعدام الأمن في منطقة معينة أيًا تكن سواء بعضوية دائمة في مجلس الأمن ولها حق النقض أم لا، فإن عدم الاستقرار فيها سيؤدي إلى عدم استقرار عالمي.

وحذر من أن “قصر الأمن على الدول العظمى التي تمتلك حق النقض وتمتلك القوة العسكرية، فهذه معادلة منقوصة لأنها لن تؤدي إلى استقرار الحالة البشرية وستضعها على حافة الهاوية، فنعلم أن جميع الدول لديها الإمكانيات لتدمير الدول الأخرى بغض النظر عن إمكانياتها الاقتصادية”.

وشدد على أن روسيا الآن تمتلك أكثر من 6500 قنبلة نووية، وهذه تفجر العالم ثلاثين مرة، فمعنى ذلك أنّ حربًا من هذا الشكل سوف تفني البشرية، وتضيع جهد العالم في بناء حضارة متطورة مبنية على العلم والتقنيات، ويأتي لحظة ويفجر كل ذلك بقرار من شخص.

وخلص الحوارات إلى القول: “إذن تلك حالة آثمة بحق البشرية وآثمة بحق المجتمعات وبحق من بذلوا جهدًا كبيرًا حتى تصل إلى درجة من الرقيّ يقال فيها إن البشرية وصلت لنقطة من التحضر، تقف فيها ضد الحروب والمشاكل التي تهدد البشر”.

وختم حديثه لـ “البوصلة” بالقول: “نحن بعيدون تمامًا عن أن نصل إلى حالة لا تسود فيها موزاين القوى الدولية؛ بل تسود فيها قيم الأخلاق والعدالة، والواقع على الأرض أثبت كل ذلك”.

الأمم المتحدة: ارتفاع حصيلة الضحايا في أوكرانيا إلى 227 قتيلا و525 جريحا

الأمم المتحدة تدين العملية العسكرية الروسية

وأدانت الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديباجة القرار إعلان الاتحاد الروسي في 24 شباط/ فبراير 2022 بشأن “عملية عسكرية “في أوكرانيا”؛ وبعد أن أشادت بجهود الأمين العام ومنظمة الأمن والتعاون الأوروبية ومنظمات دولية أخرى في جهودهم للتهدئة في أوكرانيا واحترام سيادتها وتشجيع الاستمرار في المفاوضات، فإن الجمعية العامة:

1. تؤكد من جديد التزامها بسيادة واستقلال ووحدة وسلامة أراضي أوكرانيا داخل حدودها المعترف بها دوليا، ويشمل ذلك مياهها الإقليمية.

2. تستنكر بأشد العبارات عدوان الاتحاد الروسي على أوكرانيا في انتهاك للفقرة 4 من المادة 2 من ميثاق الأمم المتحدة.

3. تطالب الاتحاد الروسي بالتوقف على الفور عن استخدامه للقوة ضد أوكرانيا والامتناع عن أي تهديد آخر غير قانوني أو استخدام القوة ضد أي دولة عضو في الأمم المتحدة.

4. تطالب الاتحاد الروسي على الفور وبشكل كامل ودون قيد أو شرط سحب جميع قواته العسكرية من أراضي أوكرانيا خارج حدودها الدولية المعترف بها.

5. تستنكر قرار الاتحاد الروسي الصادر في 21 شباط/ فبراير 2022 المتعلق بوضعية مناطق دونيتسك ولوهانسك من أوكرانيا باعتبارها انتهاكا لوحدة أراضي وسيادة أوكرانيا وتتعارض مع مبادئ ميثاق الأمم المتحدة.

6. تطالب الاتحاد الروسي بإلغاء القرار على الفور ودون قيد أو شرط والمتعلق بوضع مناطق معينة من مناطق دونيتسك ولوهانسك في أوكرانيا.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: