حسين الرواشدة
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

الدولة والمجتمع معا لمواجهة الفساد

حسين الرواشدة
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

لدى الدولة الأردنية فرصة ثمينة لكي تبعث برسائل واضحة وقوية للمجتمع، سواء للذين «عبثوا» بالمال العام وبمقدرات الناس أو للذين ينتظرون أن يروا ملفات الفساد على الطاولة، ورؤوس المتورطين خلف القضبان، فهذه الرسائل كفيلة بأن تطمئن هؤلاء الذين ما زالوا يقبضون على جمر الوطن ويتحملون من اجله كل شيء، وأن تردع أولئك وتحاسبهم على أخطائهم وتجاوزاتهم، وتكسر «نموذجهم» الذي قد يحتذى للأسف من قبل الذين نامت ضمائرهم أو الآخرين الذين  حين أمنوا العقوبة، أساؤوا التصرف أو تجاوزوا حدود الأدب.

واجب الحكومة في هذا الإطار معروف ومفهوم ، لكن لابد أن ينهض المجتمع أيضاً للتحرر من عقدة « الاحتماء» بالقواعد الاجتماعية او المهنية او الحزبية ، صحيح أن لدى المجتمع ثقافة مترسخة  تدفعه إلى الانتصار «للسمعة» العامة ، لكن الصحيح أيضاً هو أن «الانتقائية» والمزاجية في تفعيل القوانين كرّس مثل هذه الثقافة، وأعطى البعض حق الدفاع عن المتهمين بالفساد الذين يستظلون بمظلة الولاءات الفرعية وكأن اتهامهم او إدانتهم لا تقتصر علهم فقط وإنما تشمل قواعدهم الاجتماعية أيضاً.

 أخشى ما أخشاه أن ينتصر لدينا منطق العشيرة على منطق الدولة، وأنا هنا لا أقلل من الدور الاجتماعي الذي يمكن أن تقوم به العشيرة ولا من أهميتها وحضورها في تماسك المجتمع وإشاعة مفاهيم المروءة والشهامة والتكافل بين أبنائه، ولكنني اشعر بالقلق حين توظف العشيرة لأغراض سياسية، أو حين يقتحم البعض – باسم العشيرة – مجالنا العام بشكل غير مفهوم، لا من اجل تعزيز قيم الدولة وقوانينها والاحتكام لشروط هيبتها وموازين العدالة فيها، وإنما للاحتماء بها ، على افتراض أنها ند للدولة : تتناطح معها ، وقد تتغول عليها وتتصادم معها أيضاً.

إذا اتفقنا على أن العشيرة هي الإطار الاجتماعي الذي يجمعنا، وعلى انه من الطبيعي أن نعتز بانتمائنا لها كرابطة من روابط الدم والقرابة، فمن الأولى أن نتفق على أن «الدولة» هي الإطار السياسي الذي نتوحد فيه كمواطنين لا كرعايا، وعندها نكسب قيمة العشيرة دون أن نفقد معنى الدولة أو أن نستقوي عليها بأي شكل من الأشكال.

اعرف أن ثمة ألغاماً كثيرة تمنعني من الدخول – بصراحة – على المشهد العام وما يجري فيه من اشتباكات وسجالات، لكن من حق الناس أن تستشعر خطر هذا الخلط بين المفاهيم والاعتبارات، وان تعبر عن هواجسها من صراعات «القوى» ومحاولات «التغطية» على الفساد تحت أي مسمى أو إطار، ومن «توظيف» الخاص ضد العام والاستقواء على القانون..

لا يمكن لمنطق الدولة أن ينتصر إلا بسيادة القانون واستقامة موازين العدالة، وترسيخ قيم «المواطنة» الحقة التي تضع الجميع أمام حقوقهم وواجباتهم سواء، ولا يمكن بناء تحول ديمقراطي حقيقي إلا على قاعدة الانحياز لأعراف الدولة وتقاليدها، أما الاحتماء والهروب إلى «مظلات» أخرى فهي «وصفة» للفوضى لا للإصلاح، وللمعاندة لا للتوافق، ولتعميق الأزمة وإحكام انسداداتها بدل إيجاد ما يلزمها من مخارج وحلول وتفاهمات.

لا أتحدث هنا فقط عن «الملاذات» البديلة بمفهومها الاجتماعي القائم على رابطة الدم والقرابة، وإنما أيضاً عن تلك «الملاذات» التي خرجت من رحم السياسة والاقتصاد، حتى أصبح لدينا «مجاميع» حزبية وأخرى نقابية  وثالثة «مصلحيه» ويا ليت أنها درجت في سياق الدولة من جهة التقوية والانصهار والتكامل.. لكنها أصبحت عبئاً عليها وطرحت نفسها – أحياناً – بديلاً عنها.. بل وفرّخت ما يعانيه مجتمعنا من ضعف وفساد وخيبة وقلة حيلة.

(الدستور)

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts