ماهر أبو طير
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

الدين لا يغيب في الأزمات

ماهر أبو طير
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

يرسل لي أحدهم سؤالا حول إذا كانت الأولوية هذه الأيام لأداء فريضة الحج، أم لا، خصوصا، مع تفشي الحاجة والفقر، أكثر بين الناس في كل مكان؟

لم أستطع أن أجيبه، فلست بصاحب علم شرعي، وهذا الأمر بحاجة إلى خبراء وعلماء ومختصين يفتون فيه، خصوصا، أن هذه فريضة على من استطاع إليها سبيلا، كما أن المبالغ المخصصة للحج كبيرة جدا، من حيث الكلفة المالية للحج ذاته، أو للنفقات خلال الحج، أو حتى الهدايا، وقد يوجَّه السؤال إلى العلماء هنا، إذا كانت الأولوية للذهاب للحج، في حال تم ولم يلغَ هذا العام، أو أن الأولوية إقناع الذين ينوون الحج، إنفاق مالهم على المتضررين والفقراء والمساكين والعمال والأيتام والطلبة وستر البيوت؟

ما بين الرأي الديني، وواقع الحال، لا توجد منطقة خلافية، فالدين أساسا بكل عباداته وما فيه، لمصلحة الناس، أولا وأخيرا، وليس ضدهم، فيما الرأي الديني هنا، يؤشر على الاتجاه الواجب أن يتنبه له كثيرون، خصوصا، كما أشرت سابقا في ساعة العسرة التي نعيشها، وهي ساعة قد تطول وقد تقصر، لكن كل القراءات تؤشر على أن العالم من ناحية اقتصادية أمام تغيرات ليست سهلة، بدأت تدريجيا، وستتواصل، على مدى شهور وسنين مقبلة.

دور العلماء مهم، في الموازنة بين القواعد الدينية وبين واقع الحال، دون أن يعني ذلك كسر القواعد الدينية، أو تجاوزها، أو الالتفاف عليها، وهذه مشكلة تثير ريبة كل واحد فينا، خصوصا بسبب التداخلات في نوايا كثيرين، من النفر الذي يعتقد أن الاجتهاد يسمح بالذهاب بعيدا نحو عناوين وقواعد جديدة، وهذا أمر خطير بحد ذاته، في هذا الزمن الذين يسعى كثيرون لتفكيك الدين، وإخراجه من حياة الناس، لغايات نعرفها كلنا، وتثير الحساسية الشديدة.

قبل يومين، سألت عالما، عن موعد دفع كفارة الصيام لمن لا يصومون لسبب صحي، فقال إن الأفضلية أن يتم دفعها نهاية رمضان، دفعة واحدة، وهو الرأي الغالب، وهناك آراء أخرى تتحدث عن دفع كفارة الصيام يوميا، وليس نهاية رمضان، أي أن كل يوم لا يتم الصيام فيه، يتم دفع الكفارة، بعد نهاية ذلك اليوم، وعدت إليه لأسأله حول الواقع الحالي الذي يشتد فيه الفقر، ويتعطل فيه كثيرون عن العمل، وتعاني عشرات آلاف العائلات، وإذا ما كان مناسبا، أن يتم دفع الكفارة لهم منذ بداية رمضان، لمساعدتهم في ظروفهم، وأمام التزامات الشهر الفضيل، بدلا من انتظار نهاية شهر رمضان، فيما قد يعانون من الجوع، وكثرة الديون والالتزامات، فأعجبني رده الذي قال فيه إنه على الرغم من القاعدة السابقة، أي دفع الكفارة نهاية رمضان، إلا أنه يمكن دفعها منذ بداية شهر رمضان، تخفيفا عن الناس في هذه الظروف.

في العبادات لا يستطيع أي واحد فينا، أن يفتي على مزاجه، وأن يخلط بين رأيه الشخصي، والرأي الشرعي الذي يقدمه العلماء المختصون برغم اختلاف اجتهاداتهم وتنوع مدارسهم، وهذا أمر مؤكد، وفي الوقت ذاته، فإن الدين دين يسر، والقدرة على ترتيب الأولويات بشكل صحيح، هو من جوهر الدين، خصوصا، في هذا الزمن الصعب الذي نرى فيه عائلات تمر بوضع مؤلم للغاية، فتسأل نفسك، مثلما يسأل غيرك عن الأولويات، أولوية الإنفاق في رمضان، أولوية الدعوات على الإفطار، أولوية أداء العمرة، برغم أنها غير متاحة حاليا، أولوية دفع العيديات بذات الشكل القديم، أولوية الحج، من ناحية الكلفة المالية، وليس كعبادة، وهذه دعوة مفتوحة لعلماء الدين، أن يتحدثوا إلى الناس، كونهم يعتمدون على آراء شرعية، من أجل توجيههم وحضهم على فعل الأصح، في هذا الزمن، وهم الفيصل في هذه التساؤلات.

بيننا فقراء وأيتام ومحتاجون وعائلات تضررت في أرزاقها، ونحن في الشهر الثاني من هذا الضرر، وعلى الأغلب سيترك هذا أثرا أطول من قصة الشهرين، بسبب تراكم الالتزامات والديون والحاجة إلى شهور حتى يتم استيعاب ضرر الشهرين، ليبقى السؤال حول أولوية المحتاجين في تصرفاتنا، وفي إنفاق القادرين، وفي فهمنا العميق لجوهر الدين، أي الرحمة أولا.

(الغد)

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts