الذكرى الـ 19 لاستشهاد أسطورة المقاومة محمود أبو الهنود

الذكرى الـ 19 لاستشهاد أسطورة المقاومة محمود أبو الهنود


يوافق اليوم الذكرى التاسعة عشر لاغتيال قائد كتائب القسام في الضفة الغربية المحتلة، محمود أبو الهنود مع اثنين من مساعديه، باستهداف سيارته بخمسة صواريخ قرب مدينة نابلس في 23 نوفمبر 2001م.

وجاءت عملية الاغتيال بعد المحاولات الفاشلة لاغتياله، والتي أوقعت الاحتلال وقادته في حرج كبير، وشكلت دافعًا معنويًا كبيرًا للمطاردين والمقاومين للاستمرار في جهادهم ومقاومتهم.

ولد أبو الهنود في قرية عصيرة الشمالية قضاء نابلس عام 1967، ودرس في مدارس القرية، وعُرف بالتفوق الذي دفعه إلى مواصلة تعليمه حتى حصل على شهادة البكالوريوس في الشريعة الإسلامية.

ومع انطلاق الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987م كان أبو الهنود أبرز المشاركين في فعالياتها، حتى أصيب بجروح خطيرة عام 1988م خلال إحدى المواجهات التي اندلعت مع جنود الاحتلال على مشارف القرية، واعتُقل لاحقًا لعدة أشهر في معتقل مجدو.

وبعد إطلاق سراحه أصبح أبو الهنود عضوًا نشطًا في حركة حماس بمدينة نابلس، إلى أن أبعدته قوات الاحتلال إلى جنوب لبنان في كانون أول عام 1992م برفقة 400 قيادي وناشط من حركتي حماس والجهاد الإسلامي.

وخلال مدة الإبعاد أُوكلت إليه مهمة إعادة تشكيل خلايا كتائب القسام في الضفة الغربية؛ ليلمس الاحتلال بصمات أبو الهنود فور عودته، فارتفعت وتيرة الهجمات والعمليات ضد الجنود والمغتصبين الصهاينة، حتى بات على رأس قائمة المطلوبين لقوات الاحتلال الإسرائيلي.

إضافة إلى ذلك أُدرج الهنود ضمن لائحة المطلوبين لأجهزة أمن السلطة، التي اعتقلته عام 1996م إلى جانب نشطاء حماس في حملة شنتها أجهزة الأمن الفلسطينية في ذلك الوقت؛ إلا أن أبو الهنود فرّ من السجن في شهر أيار من العام ذاته.

لمع نجم أبو الهنود في سماء الجهاد، وغدت صحف الاحتلال تنشر تقارير خاصة عنه، فأشارت مجلة “جيروزلم بوست” في أحد أعدادها أن “على الكيان الصهيوني مهمة ملحة جدًا وهي القبض على أبو الهنود”.

المحاولة الأولى

في شهر آب/ أغسطس عام 2000، اقتحم جيش الاحتلال قرية عصيرة الشمالية، وأعد كمينًا محكمًا شارك فيه نحو 1200 جندي، وعشرات الآليات العسكرية والمدرعات وطائرات مروحية، وحوّل ليل القرية إلى نهار، بهدف اغتيال أبو الهنود.

على بعد أمتارٍ من منزل المواطن نضال دغلس، المكان الذي كان القائد محمود أبو الهنود موجودًا فيه، كانت وحدة من الدوفدوفان بلباس مدني قد سيطرت على المنازل المحيطة به، وحبست العائلات في غرفة واحدة بعد قطع كل وسائل التواصل عنهم.

خرج أبو الهنود من الباب الخلفي للمنزل فور ورود اتصال تحذيري بوجود قوات خاصة في المكان، غادر أبو الهنود قبل أن تحكم وحدة الدوفدوفان سيطرتها، وأثناء مغادرته المنزل اشتبك مع أفراد الوحدة الخاصة؛ وقتل ثلاثة منهم، وأصاب تسعة آخرين بجروح مختلفة حسب اعتراف العدو.

وخلال هذا الاشتباك العنيف أُصيب أبو الهنّود برصاصتين في الكتف والظهر، وبدأت الإمدادات العسكرية الصهيونية بالوصول إلى القرية التي استطاع سكّانها أن يشاهدوا المعركة عن قرب.

أمّنت قوات الاحتلال الاتجاهات الثلاثة للبلدة، وتركت جبل عيبال بدون حماية ظنًّا منها أن أبو الهنّود لن يتوجّه إلى جبل تتمركز فيه نقطة مراقبة عسكرية، إلا أنه خالف توقعاتهم.

شكلت هذه المحاولة ضربة موجعة وإهانة عظمى لجيش الاحتلال الذي هُزم هزيمة نكراء أمام رجل واحد، فرغم أنه لم يتمكن من تحقيق هدفه وحسب، بل خسر عددًا من جنوده في هذه العملية.

أصابت هذه المحاولة الفاشلة جيش الاحتلال بالصدمة والحرج الكبير، فكيف لمقاتل وحيد يتمكن من الفرار من بين جموع الوحدات الخاصة المختلفة؛ ما دفع الجيش إلى فتح تحقيق في فشل الوحدة من اعتقال أبو الهنود أو اغتياله.

المحاولة الثانية

وصل أبو الهنود مستشفى مدينة نابلس مصابًا إصابة متوسطة إثر الاشتباك الذي خاضه مع القوات الخاصة، وعلى الفور اعتقلته قوات السلطة الفلسطينية، وأصدرت بحقه حكمًا عسكريًا بالسجن لمدة 12 عامًا بتهمة الانتماء إلى كتائب القسام، ومقاومة الاحتلال.

تمتع أبو الهنود بشعبية كبيرة لدى الشارع الفلسطيني لعمله المقاوم، وبطولته التي حققها خلال فترة مطاردته، فتوحد نحو 100 محامٍ للدفاع عنه أمام المحكمة العسكرية، وعلى الرغم من ذلك بقي أبو الهنود محتجزًا في سجن نابلس المركزي حتى تاريخ 18 مايو 2001م.

قرر الاحتلال اغتيال أبو الهنود داخل سجنه، فقصفت طائراته الحربية الزنزانة التي يتواجد فيها؛ ما أدى إلى استشهاد 11 شرطيًا فلسطينيًا، وخرج أبو الهنود من تحت الركام، ليَفشل الاحتلال مرة أخرى في التخلص من أبو الهنود.

من شدة الحرج، تجاهلت وسائل الإعلام الإسرائيلية نجاة محمود أبو الهنود من محاولة الاغتيال، باعتبار أن هذا الحادث يعد الإخفاق الرئيس الثاني للجيش الاحتلال في اغتيال أبو الهنود خلال أشهر فقط، في حين نجا في كلتا المرتين وهو جريح والدم ينزف من ساقيه.

بينما وصفت وسائل الإعلام العالمية الحدث بالإخفاق الكبير للجيش الاحتلال، وقالت وكالة رويترز إن أبو الهنود تفوق على التكنولوجيا الإسرائيلية بساقيه وسرعته في الهرب من الكمائن.

وأشرف القائد أبو الهنود على عشرات العمليات المقاومة ما بين عمليات إطلاق نار، وكمائن، وتفجير عبوات، وعمليات استشهادية، أسفرت عن مقتل 26 إسرائيليا، وجرح قرابة 375 آخرين، حسب اعترافات الاحتلال.

لم تكن المحاولتان الإسرائيليتان الفاشلتان لتثني الاحتلال الإسرائيلي عن الجد في طلب اغتيال القائد محمود أبو الهنود، فكان على موعد مع الشهادة يوم الجمعة 23 نوفمبر 2001، برفقة المجاهدَين أيمن حشايكة وشقيقه مأمون حشايكة، وأقدمت طائرات حربية من نوع أباتشي على استهداف سيارته بخمسة صواريخ أحالت السيارة إلى كومة نار مشتعلة.

وفور عملية الاغتيال خرج رئيس حكومة الاحتلال في وقته، أرئيل شارون، متغنياً باغتيال أبو الهنود، ليقول إن “اغتيال أبو الهنود يعد أكبر انتصار لإسرائيل”.

وجرى تشييع أبو الهنود في جنازة مهيبة شارك فيها نحو 50 ألف فلسطيني.

صفا

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: