الرابطة التونسية لحقوق الإنسان في مؤتمرها: انقلاب سعيد انتكاسة للثورة

الرابطة التونسية لحقوق الإنسان في مؤتمرها: انقلاب سعيد انتكاسة للثورة

أكد سياسيون وممثلو منظمات حقوقية في تونس، أن هناك انتكاسة لمكاسب الثورة ولحقوق الإنسان، خاصة بعد انقلاب 25 يوليو/تموز 2021، منددين بالمحاكمات التي طاولت رئيس البرلمان راشد الغنوشي وسياسيين، وإعلاميين، ومدونين، ومحامين.

وجاءت هذه التأكيدات على هامش المؤتمر الوطني الثامن للرابطة التونسية لحقوق الإنسان، الذي افتتح أمس الجمعة.

ويستمر المؤتمر ثلاثة أيام، ويحضره سياسيون من مختلف الانتماءات والتوجهات الفكرية، وحقوقيون ومنظمات ناشطة في هذا المجال، إلى جانب الأمين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي، وممثلين عن الرباعي الراعي للحوار في 2013 الحائز على جائزة نوبل للسلام (اتحاد الشغل وعمادة المحامين ومنظمة رجال الأعمال والرابطة).

وينعقد مؤتمر الرابطة وسط خلافات لم تعد خافية ما بين أعضائها، بسبب الانقسام في الرأي في التعاطي مع الوضع السياسي الحالي، والموقف من السلطة، وقد برز ذلك بوضوح في أكثر من ملف، أهمها المشاركة في الحوار الذي كان دعا له الرئيس قيس سعيد لكتابة الدستور.

العمل على وقف الانتهاكات

وقال رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، جمال مسلم، في كلمة له أمس إن “الرابطة التونسية عميدة حقوق الإنسان، ناضلت ولا تزال من أجل الحقوق عامة، وتسعى للمحافظة على المسار”.

ولفت إلى أنه “سجلت فترات صعود وهبوط بسبب السياسات التي تنتهجها الحكومات والأنظمة السياسية، وقد دفعت الرابطة ثمناً باهظاً من أجل تعزيز الحقوق”.

وأوضح في تصريح لـ”العربي الجديد”، أن “اختيار هيئة جديدة هو مواصلة للعمل الذي بدأته الرابطة ولحمل المشعل، ومواصلة النضال من أجل دعم حقوق الإنسان، ولوضع استراتيجية عمل على المستوى الوطني والدولي”.

وأعرب عن أملهم في “تطوير منظومة حقوق الإنسان، والعمل على وقف الانتهاكات التي طاولت جميع الحقوق، فالخط النضالي متواصل”.

من جهة ثانية، كشف أن “هناك بوادر تهديدات لاستهداف الرابطة، ولكن سيتم العمل على ضمان عملها وتعزيزها وحمايتها”.

التنمية المنصفة ودعم الحقوق

وأكد الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، نور الدين الطبوبي، في كلمة له أن “الرباعي الراعي للحوار أخرج تونس من أزمة خانقة جنبت البلاد تداعيات عدة، وحصل بمقتضاها على جائزة نوبل للسلام”.

وأردف أن “المطالب تتكرر اليوم، وهي التنمية المنصفة ودعم الحقوق”، قائلاً إن “في نجاح الرابطة نجاح لبقية شركاء المجتمع المدني الراغبين في تدعيم القيم الكونية”.

وأشار في السياق، إلى أنهم “يدعون الرابطة لتحسين بيتها الداخلي حتى تبقى عصية على محاولات التوظيف والاستقطاب”.

من جهته، لفت القيادي في حركة النهضة محمد القوماني في تصريح، لـ”العربي الجديد”، إلى أن “مؤتمر الرابطة يأتي بعد 3 أيام من جلسة استعراض الملف الخاص بحقوق الإنسان بتونس على مجلس حقوق الإنسان بجنيف”.

واعتبر أن “تونس بعدما كانت طيلة 10 سنوات منارة للديمقراطية ولحقوق الإنسان، إلا أنها تراجعت بعد انقلاب سعيد في 25 يوليو العام الماضي”.

وأضاف أن “تونس شهدت انتكاسة لحقوق الإنسان، وعرفت محاكمات سياسية لعدة سياسيين من ذلك الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي، ورؤساء أحزاب مثل غازي الشواشي، ورئيس البرلمان راشد الغنوشي الذي يواجه 5 محاكمات، وعميد المحامين الأسبق، عبد الرزاق الكيلاني، وعدة نواب محالين اليوم إلى المحاكم العسكرية”، مضيفاً أن حقوق الإنسان تنهار في تونس.

ولفت إلى أنه “كان في قيادة الرابطة لسنوات من 1994 إلى ما بعد ثورة عام 2011، ويأمل أن تهيئ الرابطة الظروف المناسبة وتلعب دورها الذي لعبته سابقاً”.

الواقع الحالي قابل للتصعيد

بدوره، حذر رئيس جمعية القضاة التونسيين أنس الحمايدي في تصريح لـ”العربي الجديد”، من أن “الواقع الحالي قابل للانزلاقات وقابل لأي تصعيد، ولا بد من الحذر الشديد”، مبيناً أنه “يجب أن لا نغتر بالمكتسبات التي لا تزال تحتاج إلى تدعيمها، وهناك مكتسبات كنا نعتقد أنه من غير الممكن النيل منها، ولكن الواقع الذي نعيشه بيّن حصول تراجعات عديدة”.

ولفت إلى أنه “لا بد من اليقظة للاحتياط ولتثمين المكتسبات، ولا بد من التصدي لمحاولات التراجع عنها”.

وفي كلمته أمام الحاضرين، قال الحمادي إن المؤتمر ينعقد “في ظرف دقيق تشهد فيه تونس تراجعات كبيرة على مستويات عدة، خاصة في مجال حقوق الإنسان والمساواة بين المواطنين”.

ولفت إلى أن “أكبر التراجعات التي سلطت على تونس، تلك التي تسلطت على القضاء المستقل، من خلال حل المجلس الأعلى للقضاء الشرعي، ومن خلال إعفاء القضاة بصفة انفرادية وتسلطية خارج كل مبادئ المحاكمة العادلة وخارج قرينة البراءة، ومن خلال عدم تنفيذ أحكام المحكمة الإدارية، ومن خلال دستور لا يعترف بالقضاء المستقل، وإنما فقط بالقضاء الوظيفة التابع الخانع الذي يؤمر فيأتمر”، وفق عبارته.

الحقوق والحريات تراجعت في تونس

وقال الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي في تصريح لـ”العربي الجديد”، إن “الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان مثلت أول رابطة لحقوق الإنسان في أفريقيا والوطن العربي، وهذا المؤتمر يأتي في الوقت الذي تعرف فيه الحقوق والحريات تراجعاً كبيراً في تونس”.

ونوه بأن “الحريات العامة مهددة، وكذلك استقلال القضاء، وحرية التعبير”، معرباً عن “أمله في وضع آليات تمكّن أعضاء الرابطة وعموم التونسيون من مزيد الدفاع عن هذه الحقوق”.

كما لفت الشابي إلى أن “هناك تراجعاً كبيراً للحقوق من محاكمات المدنيين أمام القضاء العسكري، وتضييق على حرية التعبير، وضرب مؤسسات الدولة”، محذراً من أن “تونس في مسار يهدد بالانهيار ولا بد من الإنقاذ”.

ظرف استثنائي

وبيّن رئيس المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، عبد الرحمن الهذيلي، أن “المؤتمر يأتي في ظرف استثنائي من تنامي ظاهرة الهجرة والعديد من الانتهاكات التي ضربت حقوق الإنسان وبقية الحقوق”.

وأكد أنه “لا بد من العمل على التوافق في الرابطة، لكي يكون المؤتمر منعرجاً لإنقاذ الرابطة، فالمسؤوليات كبيرة، والتحديات مهمة، ولا يمكن للرابطة إلا أن تكون صوت من لا صوت له”.

كذلك، قالت رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، نائلة الزغلامي، إنهم “حاضرون في مؤتمر الرابطة، ويشتركون في المطالبة بالحقوق والحريات”، مضيفة في تصريح لـ”العربي الجديد”، أن “الأزمة هي سياسية واجتماعية واقتصادية، لذلك لا بد من وضع اليد في اليد لمواجهتها”.

ولفتت إلى أن “الإيقافات بالجملة، وهذا لا يشبه تونس الديمقراطية التي يحلم بها الجميع”، مشيرة إلى أن “القانون الانتخابي شكل تراجعاً لحقوق النساء، وأقصى النساء من المشهد السياسي ومن مواقع القرار”.

ومنذ 25 يوليو/ تموز 2021، تعاني تونس أزمة سياسية حادة حين بدأ الرئيس قيس سعيّد فرض إجراءات استثنائية، منها إقالة الحكومة وتعيين أخرى، وحلّ مجلس القضاء والبرلمان، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وإقرار دستور جديد عبر استفتاء في 25 يوليو الماضي، وتبكير الانتخابات البرلمانية إلى 17 ديسمبر/ كانون الأول المقبل.

(العربي الجديد)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: