ماجد عبد الهادي
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

السياحة في زمن البراميل

ماجد عبد الهادي
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

لم يكن ينقص الفلسطينيين والسوريين، من غير اللاجئين المشتتين في أصقاع الأرض، سوى تبادل الترويج السياحي بين رام الله ودمشق، حتى يرى العالم أسباب السعادة التي ينعم فيها الشعبان الشقيقان، تكتمل بتزاورهما، أفواجاً، ليلتقي من يشاء منهم مع من يشاء، في ظلال السلام المخيم هنا، كما هناك. ولولا أن مسؤولاً فلسطينياً وآخر سورياً، من أولئك الذين يصلون الليل بالنهار، بحثاً عما يسعد مواطنيهما، قد انتبها أخيراً إلى هذا النقص، جزاهما الله على موقفهما بما يستحقان، لظلّ أبناء البلدين محرومين إلى الأبد، ربما، من التمتع بنعمة طالما تآمرت القوى الإمبريالية والصهيونية المعادية للأمة على حرمانهم منها.

فقد جاء في الأخبار أن المدير العام للدائرة السياسية (نعم السياسية، لا السياحية) في منظمة التحرير الفلسطينية، السفير أنور عبد الهادي، الذي يتخذ من دمشق مقراً لأعماله وأنشطته المثيرة لحسد سواه من السفراء العرب والأجانب، قد اجتمع مع وزير السياحة السوري، محمد رامي مرتيني، ليبحثا سبل تعزيز الترويج السياحي بين بلديهما، بما يشمل تسهيل دخول الفلسطينيين، في مجموعات سياحية، إلى سورية. وبحسب صيغة الخبر الذي وزّعه مكتب عبد الهادي (هو طبعاً، ولست أنا)، فإن الترويج السياحي المنتظر سيشمل سورية وفلسطين معاً، لكن المجموعات السياحية ستتدفق، في الفترة المقبلة، في اتجاه واحد، من الضفة الغربية إلى دمشق، بينما يبدو مؤجلاً حتى إشعار آخر، أي تحرّك في الاتجاه المعاكس.

وهكذا، سيصبح في وسع أبناء القدس والخليل ونابلس وسواها، أن يسافروا، من الآن فصاعداً، إلى الشام، عبر الأردن (وربما عبر الجولان والقنيطرة في المستقبل القريب) مروراً بدرعا، حيث يمكنهم أن يروا من نوافذ السيارة، وبمجرد اجتيازهم الحدود الدولية، مقر الأمن السياسي الذي كان يرأسه العميد عاطف نجيب، ابن خالة الرئيس بشار الأسد، حين مات في أقبيته الطفل حمزة الخطيب، ورفاقه الأطفال الآخرون، تحت التعذيب عام 2011، إيذاناً بإشعال شرارة الثورة، كما يمكنهم أن يُعَرِّجوا على مخيم اليرموك، فور بلوغهم أطراف دمشق، ليقفوا على أطلال المنازل الباقية من قصفه ببراميل المتفجرات، ويتجهوا من ثم إلى قرى الغوطة الشرقية، ليشاهدوا المقابر الجماعية لضحايا الأسلحة الكيميائية.

كل هذا البرنامج الحافل بزيارات مثيرة لمعالم تاريخية وجغرافية نادرة، يستطيع السائح الفلسطيني إنجازه في اليوم الأول من زيارته إلى سورية. أما في الأيام التالية، فسيتمتع بالمرور المتكرر عبر حواجز المليشيات المذهبية في شوارع العاصمة السورية، ليقارنها بحواجز الاحتلال الإسرائيلي في مدن الضفة الغربية، وقد تتاح أمامه الفرصة أيضاً، إن توفر لديه متسع من الوقت، وكان الظرف الأمني ملائماً، ليقطع مئات الكيلومترات نحو الشمال، ويرى كيف استطاع نظام المقاومة والممانعة مسح حواضر عريقة من الوجود، لأن أهلها ظنوا، أو توهموا، بأن الحرية ممكنة في بلاد تقع إسرائيل على مرمى حجر منها.

وبعيداً هنا عن السخرية ومراراتها، قد يقول عبد الهادي إن الترويج السياحي المنتظر يهدف إلى إفساح المجال أمام فلسطينيي الضفة الغربية للقاء أقاربهم من فلسطينيي سورية، وهو قولٌ لا يصمد، إن قاله، أمام الحقيقة المأساوية، إن هؤلاء الأخيرين، للأسف، أو قل غالبيتهم، صاروا لاجئين مجدداً في دول أوروبا، بعدما دمر نظام الأسد مخيماتهم، وقتل واعتقل الألوف من أبنائهم، أسوة بما فعل بالملايين من مواطنيه.

وراء أكذوبة السياحة في زمن البراميل، إذن، ما وراءها، ونظام الأسد الذي منع فلسطينيي الضفة الغربية وقطاع غزة من دخول سورية ربع قرن مضى، بحجة أنه لا يعترف باتفاقيات أوسلو، وبجوازات السفر الصادرة بموجبها، لم يكن ليغير موقفه، ويقرر فتح الأبواب أمامهم، إلا لأسبابٍ تستدعي الريبة، وقد لا تشذ عن سيرة تاريخية ظل يردّد فيها الجمل الثورية دفاعاً عن فلسطين، بالتوازي مع تنفيذه البرامج العملية لمحاصرة قيادتها والتنكيل بأبنائها.

(العربي الجديد)

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts