السيفُ رمزُ السلطة والقدرة، مُوَحًِدٌ أو مُلحد
بئس السيف يطالُ خيار الناس، وينالُ منهم، ويَقصِرُ ويتأخرُ عن شرارهم، ولو كانوا ما، ومن كانوا!.
وهنا يرى أبو العلاء المعري، الشاعر الفيلسوف، أن قيام السيف بواجبه على أكمل وجه، يُعَدًُ -في حقه- توحيدا، وأنه حين يتعطل قانون الحق والعدل فيه، ولا ينال من كل الفاسدين على السواء، فإن هذا يُعتَبَرُ -في حقه- إلحادا، فسيف الإصلاح موحد، وسيف الإفساد ملحد!!!
♦ يقول المعري:
تمادَوا في العِتابِ ولم يتوبوا
ولو سَمِعوا صَليلَ السيفِ تابوا
♦ ويقول أيضا:
إذا ما ألحَدَت أُمَمٌ بجهـــلٍ
فقابِلها بتوحيــــدِ السَُيوفِ
فحين تكون السيوف موحدة، تنحل كل المشاكل بقانون عدلها، أما إذا أحرفت وجارت وزاغت عن أمر الله، انهدمت البلاد، وشقي العباد، وضرب الكساد، وانتفش الشيطان وساد!
ويتساءل الشاعر، عن سر عدم محاسبة المفسدين، وإحجام سيف الحق عن محاسبتهم، ثم يعلل هذا، بأن هذا السيف قد قَلًَت ديانتُه، وألحَدَ، ولو كان مؤمنا، وذا دين -حقا- لحاسبهم واقتصً منهم!
هل أَلحَدَ السيف أو قلَّت دِيانتُه؟!
أو كان صـــاحبَ توحيدٍ وإيمانِ؟!
ورابني مِنهُ تَركَ الجاحدين سُدًى
لم يُفجعُــــوا برءوسٍ منذ أزمانِ
وفسدت الشأم في زمانه، وكان سببُ فسادِها في رأيه، إلحادُ السًيفِ، ولو كان سيف الشام (السلطة) مؤمنا موحدا لنظفها منه، فيخاطب الشاعر نفسه قائلا:
إذا دنوتِ بشــأمٍ، أو مَررتِ به
فنكِّبيه وراء الظهرِ، أو حِيدي
قد غيَّرَ الدًهرُ منه بعد مُبتَهَجٍ
وألحدَ السيفُُ فيه، بعد توحيدِ
ويري الشاعر أن أول الإصلاح، يكون بحرفين: ١) تطبيق قانون العدل على الجميع، ٢) محروسا بهيبة حدًِ سيفِ الحق، بلا ثرثرة، ولا ووعود كاذبة:
والســـيفُ إن قال أبدى نبأةً عجبًا
في وزن حرفين، لم يُكثر ولم يُطِلِ
رحم الله رجل المعرًَةِ صاحب العقل والبصيرة والزهد #أبوالعلاءالمعري!!