علي البتيري: الأديب أصبح رقيبا على قصيدته وعلى كاتب الأطفال أن يتثقف تكنولوجيا

علي البتيري: الأديب أصبح رقيبا على قصيدته وعلى كاتب الأطفال أن يتثقف تكنولوجيا

يرى الشاعر علي البتيري أن الشعراء الذين كتبوا للأطفال “ملتزمون بالدفاع عن القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في أرضه، وحض الأطفال على الصمود من خلال زرع روح المقاومة والإشادة بانتفاضة أطفال الحجارة وتمجيد دورهم في النضال والتصدي للاحتلال”.

وتحدث البتيري عن شعراء تخصصوا في الكتابة لأطفال فلسطين فأصدروا العديد من المجموعات الشعرية، وأكدوا على تلك المفردات التي تعزز قيم البطولة من خلال تقديم النماذج التاريخية التي يحبها الطفل وتمثل بالنسبة له قدوة ومثالا للإقدام والشجاعة والبطولة.

عن التمييز بين محمول الشعر الفلسطيني وحامله (القضية الفلسطينية وما أضافته فنيا للشعر العالمي)، ترك الشاعر المولود في قرية بتير قرب بيت لحم قبل النكبة (1948) بـ3 سنوات، الإجابة التي قال إنها تحتاج إلى تأليف كتاب حول الموضوع للناقد المختص بدراسة الشعر الفلسطيني (محموله وحامله) ومدى حضوره على صعيد الشعر العالمي، مستدركا أننا إذا استثنينا شعر عاشق فلسطين الراحل الشاعر محمود درويش الذي ترجم شعره إلى العديد من اللغات نجد أن إضافة الشعر الفلسطيني إلى الشعر العالمي لا تزال محدودة، وكذلك الشعر العربي بشكل عام.

الشاعر الفلسطيني علي البتيري أصدر عدة أعمال قصصية ودواوين شعرية ضمن أدب الطفل (الجزيرة)
الشاعر الفلسطيني علي البتيري أصدر عدة أعمال قصصية ودواوين شعرية ضمن أدب الطفل (الجزيرة)

التكنولوجيا والكتابة للأطفال

أما عن تجربة الكتابة للأطفال والجديد فيها على صعيد التقنية والخطاب، وتحديدا الجيل العربي الجديد المهتم بالتكنولوجيا، فيسرد البتيري مسيرة رحلته مع الكتابة للأطفال قبل أكثر من 40 عاما، حيث أصدر دواوين “القدس تقول لكم”، و”أطفال فلسطين يكتبون الرسائل”، و”فلسطين يا أمي”، ومن خلال عمله مشرفا على تحرير أكثر من مجلة أطفال في الأردن والتعامل المباشر مع الأطفال وجد أنهم في حاجة لقصائد منوعة وفقا لميولهم ورغباتهم وقضاياهم اليومية.

ويقول الشاعر -وهو عضو رابطة الكتاب الأردنيين وصدر له نحو 15 ديوان شعر- إنه ومع الانفجار المعرفي الذي شهده العالم والثورة التكنولوجية التي شهدناها وتأثر بها الصغار أكثر من الكبار أصبح لا بد من كتابة قصائد معاصرة تناسب ما يحدث من تغيير ويحتاجها الجيل الجديد، وفي السلسلة الشعرية التي يعد لها تحت عنوان “أناشيد الجيل الجديد” يجد القارئ الصغير قصائد مثل: الحاسوب، أطفال نت، الهاتف النقال وغيرها.

ويشير البتيري إلى ورقة عمل أعدها من خلال ندوات الإعلان عن عمان عاصمة للثقافة العربية، وخلصت إلى مقولة مفادها أن على كاتب الأطفال أن يتثقف تكنولوجيا وإلكترونيا قبل أن يتوجه للكتابة لهم حتى يكون معهم ويعيش واقعهم.

التجديد في الشعر العربي

عن العلاقة بين تحولات الموضوع والشكل في القصيدة العربية، وموقفه من قصيدة النثر، يشير البتيري إلى أن التجديد في الشعر العربي الحديث بدأ بداية جادة على يد الشعراء العرب الرواد من أمثال بدر شاكر السياب ونازك الملائكة وعبد الوهاب البياتي ومحمد الفيتوري وصلاح عبد الصبور ونزار قباني وأدونيس ويوسف الخال وغيرهم.

ويرى أن منحى التجديد أخذ يهتم بشكل القصيدة فأصبح هم الشعراء المحدثين الخروج من دائرة القصيدة العمودية المعيارية إلى فضاء أوسع للتعبير “حيث أفضى ذلك إلى فوضى التجديد وإلى مزاد الشعر الحر الذي أصبح لا يخلو من بضاعة شعرية رديئة تعتمد الشطحات الذهنية وصف الكلام السقيم الفائض بالنثرية والمباشرة التي لا يحتملها الشعر الجيد”.

ويستشهد البتيري بالشاعر يوسف الخال الذي كان كغيره من الشعراء والنقاد همه التمرد على شكل القصيدة التقليدية، لكنه في افتتاحية العدد الرابع من مجلة “شعر” التي قرر إيقافها يقول معتذرا ومستسلما “نحن نسقط أمام جدار اللغة”.

الشعر والسرد

وعن هجرة الشعراء للسرد، يوضح البتيري أن الشاعر هو الشاعر سواء ألف رواية أو كتب مذكرات في سياق تسجيله لسيرته الأدبية، مبينا أن من الصعب أن نطلب من الشاعر أن يتخلى عن شاعريته وطريقته الإبداعية في الشعر كليا، ولكن عليه ألا ينزع إلى الذاتية كما يحدث معه في بعض الحالات الشعرية حين يتغلب الخاص على العام في بعض قصائده. إذ المطلوب في هذه الحالة التحلي بأمانة الراوي وحيادية مؤلف الرواية في سياق الحديث عن المواقف والشخوص الذين مروا عليه أو تعامل معهم في حياته.

وعن الرمزية والأسطورة في القصيدة في ظل الانفتاح، يرى البتيري أن “الانفتاح الديمقراطي لم يغير كثيرا لصالح حرية التعبير عند الشاعر، بل أصبح الأمر محيرا وأكثر إحراجا وقسوة، إذ أصبح الشاعر العربي رقيبا على قصيدته التي لا تخلو من توجه وطني أو قومي أو مغزى سياسي”.

غلاف نهر الشجر العاشق
ديوان “نهر لشجر العاشق” صدر 2021 عن دار الخليج للنشر والتوزيع (الجزيرة)

“وعليه لا يزال التوجه لدى الكثير من الشعراء إلى الرمزية وتوظيف الأسطورة وإسقاطها على الواقع، واتخاذها زورق نجاة إن علت في وجهه موجة من المساءلة، كما أن الإغراق في الرمزية إلى درجة الطلسمة والتهويم السريالي أضعف من حضور الشعر المعاصر وضاءل من حجم جمهوره، وهذا واقع مؤسف”، بحسب الشاعر.

توظيف اللهجة الفلسطينية في النص

يقر الشاعر البتيري بضرورة توظيف اللهجة العامية الفلسطينية في النص الأدبي، مميزا بين حضورها العارض أو القليل في الشعر الفلسطيني، كأن يوظف الشاعر في قصيدته الفصيحة موالا شعبيا أو أكثر، لكنه يرى أن حضور اللهجة الفلسطينية في القصة القصيرة والرواية يكون حضورا بارزا وقويا ومؤثرا، خاصة إذا رسم القاص أو الروائي شخصيات من عامة المجتمع الفلسطيني وكان تعليمهم قليلا وثقافتهم بسيطة، ففي هذه الحالة يكون حوار الشخصيات بالعامية الفلسطينية المحببة للقارئ.

ويقول الشاعر في مطلع قصيدته “ليالي فلسطين” :

الليالي في فلسطين لها جمر الأغاني

والقناديل المدماة الحزينة

الليالي في فلسطين لها طقس الدخول الصعب

في كل المواني

فهي إذ تكسر أقفال المحيطات السجينة

تشعل البذرة في ذاكرة الماء

فتخضر الحكايا

من جانب آخر، يقول الفائز بـ “جائزة الملكة نور” لأدب الأطفال إن الجوائز لا تضيف للمبدع الشيء الكثير، وإنما تعزز ثقته بتجربته، وقد تجلب له الكثير من القراء والمتابعين، فيحمل نفسه مسؤولية المحافظة على مستوى أدائه الإبداعي.

وأوضح أن هناك خشية إذا تعددت الجوائز التي يحصل عليها المبدع أن تشعره بالرضا لما وصل إليه، فلا يطور تجربته سعيا إلى الأقوى والأجمل، فيظل يراوح مكانه ظانا أنه وصل إلى قمة عطائه الإبداعي.

الجزيرة

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: