الصبيحي لـ “البوصلة”: 90 % من التعديلات السابقة الضارة بـ”قانون الضمان” تمّ استبعادها

الصبيحي لـ “البوصلة”: 90 % من التعديلات السابقة الضارة بـ”قانون الضمان” تمّ استبعادها

عمّان – رائد صبيح

عبّر خبير التأمينات الاجتماعية موسى الصبيحي في تصريحاته لـ “البوصلة” عن تفاؤله للمرحلة التي وصلت لها نقاشات المسودة الأخيرة التي قدمتها الحكومة لقانون الضمان الاجتماعي داخل لجان مجلس النواب، مؤكدًا في الوقت ذاته أنّ “90% من التعديلات الضارة بقانون الضمان تمّ استبعادها تماما”.

وقال الصبيحي: إننا وصلنا اليوم لمرحلة ممتازة في مناقشة التعديلات المقترحة على قانون الضمان الاجتماعي، خاصة فيما يتعلق بتجاهل معظم التعديلات المقدمة في مسودة القانون الذي قدمته إدارة الضمان السابقة.

ولفت إلى أنّ “تلك التعديلات احتوت على كثير من المحاذير والمخاطر ومعظمها لم تكن مدروسة بشكلٍ واضحٍ ودقيق، وخاصة فيما يتعلق بالتأمين الصحي”.

جلسة عصف ذهني في النواب حول التعديلات

وتابع الصبيحي الحديث عن “جلسة العصف الذهني” التي دعت لها لجنة العمل النيابية، أول أمس الأحد، وحضرها أطراف متعددة من مؤسسات مجتمع مدني وخبراء، بالإضافة إلى أعضاء لجنتي العمل في مجلس النواب والأعيان، كما شارك في الجلسة الحكومة ممثلة بالضمان الاجتماعي، لافتًا إلى أنّ مدير الضمان الاجتماعي قدم خلال الجلسة نبذة عن هذه التعديلات، وقدم رؤية المؤسسة لأسباب إلغاء التأمين الصحي ضمن التعديلات الجديدة.

خبير التأمينات الاجتماعية موسى الصبيحي خلال مناقشات لجنة العمل النيابية لمسودة القانون المعدل لـ “الضمان الاجتماعي”

وأضاف: “هذا شيء أعتقد أنه صحيح مائة بالمائة، لأنّ سيناريو التأمين الصحي المقدم في المسودة الأولى كان مجتزءًا وناقصًا ولا يفي بالغرض، ولا يقدم تأمينًا صحيًا شاملاً جيدًا، وإنّما تأمين مجتزأ داخل المستشفى ويحمّل أيضًا عبء تمويل هذا التأمين على المؤمن عليه نفسه والمتقاعد دون أن تتحمّل الأطراف الأخرى من الحكومة وأصحاب العمل أي كلفة على هذا التأمين”.

واستدرك بالقول: لهذا لم يكن مقبولاً وتركه كان أفضل من تطبيق تأمين مجتزأ ولا يحمل أي صفة من صفات الديمومة.

التعديلات السابقة تحمل الكثير من المحاذير

وقال الصبيحي: أنا لا أتحدث عن أموال الضمان وإنّما أتحدث عن التعديلات التي قدمت في المشروع الأول وكانت تحمل الكثير من المحاذير وتهدد حتى ديمومة الضمان الاجتماعي، وتهدد الحماية الاجتماعية للعمّال.

وأوضح بالقول: لأن تلك التعديلات تبتسر من حقوق العمّال وتضعف الرواتب التقاعدية ولا تعززها، وتضعف مستوى الحماية للعامل أثناء العمل، وحتى بالتعديلات التي لا أريد الدخول في تفاصيلها لأنّها كثيرة جدًا، لكن الحمد لله أكثر من 90% من التعديلات السابقة “الضارة” تم استبعادها تمامًا من المسودة الثانية التي وافقت عليها الحكومة والتي تبحث الآن من قبل مجلس النواب عبر لجنة العمل.

ملاحظات على المسودة النهائية

وعلى الرغم من تفاؤله، فإن الصبيحي يقول: لكن هذا لا يعني أنه ليس لدينا ملاحظات حتى على المسودة التشريعية التي تناقش في مجلس النواب، لا فقد تحدثت أيضًا في هذا الجانب وأقدم شكري للجنة العمل ورئيستها لأنهم أتاحوا لنا الفرصة والمشاركة في إبداء الرأي الفنّي الذي نعتقده ونؤمن به في هذا الجانب.

وتابع بالقول: لذلك أنا حذرت أيضًا من الفقرة (ج) من المادة 59 التي تمّ إضافتها والتي بموجبها تم استبعاد واستثناء شموال الشباب دون سن الثلاثين الأردنيين من الشمول بتأمين الشيخوخة الكامل وإنّما شمولاً جزئيًا فيه.

وحذر الصبيحي من أنّ هذا يضعف من الحماية الاجتماعية لفئة مهمّة من الأردنيين، وإن كان الهدف من هذا التعديل والإضافة هو تحفيز تشغيل الشباب الأردنيين دون سن الثلاثين، في مؤسسات القطاع العام المختلفة.

ولفت خبير التأمينات الاجتماعية إلى أنّ هناك ربما قضايا اخرى يمكن أن تفعلها الحكومة لتحفيز التشغيل، والاستثمار هو الذي يحفز التشغيل وهو الذي يولد فرص العمل، ولا يجوز أن أقلل الاشتراكات على القطاع الخاص على حساب حماية العمال الشباب في هذا السنّ، حتى إذا قلنا إنّ هذا يشغل لكن في الحقيقة هذا سينقل تركز البطالة من الفئة العمرية بين عشرين وثلاثين سنة إلى الفئة العمرية ما بعد الثلاثين، وبذلك نكون وقعنا في مشكلة أخرى، وحللنا مشكلة بخلق واحدة أخرى.

وتابع بالقول: لذلك أنا دعوت إلى إلغائه تماما وإن شاء الله ساقدم عددًا من الحلول والبدائل لمثل هذا التعديل، بالإضافة لموضوع الحاكمية الرشيدة.

الحاكمية الرشيدة للضمان

وشدد الصبيحي على ضرورة أن تعيد مؤسسة الضمان الاجتماعي النظر بالحاكمية الرشيدة في بنائها التنظيمي، وليس النص على أن رئيس مجلس الإدارة هو الوزير الذي يعينه مجلس الوزراء بناء على تنسيب من رئيس الوزراء، فهذا لا يحقق أي حاكمية ولا يحقق أي استقرار بعمل مؤسسة الضمان الاجتماعي.

وأوضح بالقول: الآن الوضع الحالي الساري في القانون النافذ هو أن وزير العمل بحكم وظيفته يرأس مجلس إدارة مؤسسة الضمان الاجتماعي، وهو أفضل من التعديل المدرج ضمن التعديلات أنه رئيس مجلس الإدارة هو الوزير الذي يعينه مجلس الوزراء، لا هذا لا يخدم موضوع الحاكمية الرشيدة لمؤسسة الضمان الاجتماعي.

واستدرك الصبيحي: لكن فيما يتعلق بنائب رئيس مجلس الإدارة بأنه ينتخب ويكون هو مدير الضمان الاجتماعي، أو هو رئيس صندوق الاستثمار، فهذا جيد ويحقق الحاكمية، وكذلك انتخاب نائب رئيس مجلس استثمار أموال الضمان بحيث لا يكون رئيس الصندوق ولا مدير الضمان الاجتماعي.

إقرأ أيضًا: “الصبيحي” يحذر من الشمول الجزئي بتأمين الشيخوخة والعجز والوفاة بتعديلات الضمان

ونوه إلى أنّ الآن التمثيل الثلاثي متوازن، لكن إذا تم إدخال أطراف أخرى سيتم الإخلال بموضوع التوازن، بمعنى أنّ مجلس إدارة الضمان مكون من 15 عضوًا؛ خمسة منهم يمثلون الحكومة، وخمسة يمثلون أصحاب العمل، وخمسة يمثلون العمال، وهذا ممتاز جدًا.

وقال الصبيحي: نائب رئيس مجلس الإدارة، في الوضع الحالي هو مدير عام الضمان، وهذا خلل، ويتعارض مع الحوكمة الرشيدة، ولذلك التعديل الجديد أن ينتخب من مجلس الإدارة نائب لرئيس المجلس شريطة أن لا يكون المدير العام أو مدير صندوق الاستثمار.

وأشار بالنسبة لما يتعلق برئيس مجلس الإدارة وأن يكون الوزير الذي يعينه مجلس الوزراء، “فأنا لا أتفق مع هذا الطرح، والإبقاء على النص الحالي أفضل إذا لم يتم بحث اي حلول أخرى تحقق الحوكمة الرشيدة داخل مؤسسة الضمان الاجتماعي” على حد تعبيره.

الفصل الخاص المتعلق بالعسكريين

وتابع الصبيحي حديثه بالتأكيد على أنه فيما يتعلق بالفصل الخاص بالعسكريين، فكلنا نقف مع إخواننا العسكريين والمطالبة بمزيد من المزايا والحقوق لهم، لأنّ الكثير منهم يخرج دون إرادته، وخاصة الخدمة العسكرية لها خصوصية، وقلما يبقى العسكري في الخدمة حتى سن الستين، وأغلبهم يخرجون على التقاعد المبكر، ما قبل سن 45 سنة، فبعض التعديلات ولا أريد الدخول بالتفاصيل تحتاج لإعادة نظر.

وأضاف، “حتى موضوع ربط اشتراكات العسكريين وما يدفع عنهم من المؤسسة العسكرية إلى الضمان كاشتراكات وربطها بنسب النمو لسنة سابقة، أعتقد أن هذا لا يصب في المصلحة العامّة على الإطلاق، ويهدد صندوق العسكريين داخل الضمان والحساب الخاص بالمؤمن عليهم العاملين في القطاع العام”.

وشدد على أنّ هذا يشكل عجزًا وتخفيضًا كبيرًا على الاشتراكات، لا سيما وقد تم ربطه بنسب النموّ، فإذا كانت نسبة النموّ أقل من 5% تصبح نسبة اشتراكات المؤمن عليهم 17% بدلاً من 22.5%، والاقتصاد الأردني معرض أن يستمر بنسبة نموّ أقل من 5% ربما لعشر سنوات قادمة أو اكثر.

موسى الصبيحي برفقة عدد من الخبراء لمناقشة معدل قانون الضمان الاجتماعي مع لجنة العمل النيابية

وأكد على ضرورة أن هذا بحاجة لإعادة نظر حتى نضمن الديمومة الصحيحة، ونضمن قدرة مؤسسة الضمان على الاستمرار بأداء رسالته فيها وأيضًا إعطاء الحقوق لأصحابها، ولا سيما الإخوان المؤمن عليهم من العسكريين.

جدية مناقشة المسودة بلجان مجلس النواب

وحول انطباعاته في جلسة العصف الذهني التي دعت لها لجنة العمل النيابية ومدى جديتها قال الصبيحي لـ “البوصلة“: إنني شعرت بنوع من الجدية في بحث تعديلات القانون ولمست اهتمامًا على مستوى الشعور بالمسؤولية من الإخوة النواب والأعيان، والخبراء ومؤسسات المجتمع وحتى من مؤسسة الضمان.

وأوضح بالقول: في الحقيقة العمل والتعاون وأخذ الخبرة، ويدلل على أننا نريد أن نصل للشيء المتوازن والتوافقي، ويحقق الصالح العام، وأنا أحب استخدام هذا المصطلح، لأنّ الصالح العام لا تعني فقط مصالح المؤمن عليهم والمتقاعدين والمنتفعين، ولكن مصلحة الدولة في بقاء مؤسسة الضمان مؤسسة قوية ذات ملاءة مالية كبيرة وتكون قادرة على الإيفاء بالتزاماتها المتزايدة والمتنامية تجاه كل الأجيال.

إقرأ أيضًا: “الصبيحي” يرد على “العياصرة” حول إقراض الحكومة من أموال الضمان

وشدد على أنّ “هذا مهم، لماذا؟ لأنّ مؤسسة الضمان الاجتماعي تحمل عبئًا كبيرًا عن الحكومات، ولاحظ أن لدينا الآن أكثر من 296 ألف متقاعد، لو لم يكن هنالك ضمان اجتماعي أين يذهب هؤلاء ومعظمهم كانوا يعملون في القطاع الخاص، وليس في القطاع العام العسكري أو المدني حتى نقول هنالك قانون تقاعد مدني أو عسكري يوفر رواتب تقاعدية لهؤلاء”.

مسؤولية جماعية لحماية صرح وطني

وقال الصبيحي إنّ هذا العبء الكبير المتزايد على مؤسسة الضمان يُحمّل كل الأطراف من حكومة وأصحاب عمل ومؤسسة ضمان ومجلس تشريعي وكل الهيئات والخبراء والاقتصاديين، يحمّلنا جميعًا مسؤولية و طنية كبيرة جدًا في أن نحافظ على هذا الصرح وهذا المنجز الوطني الكبير لمؤسسة الضمان الاجتماعي حتى تستمر بأداء هذه الرسالة وهذا الدور.

“لذلك أنا شعرت فعلاً أن هناك نوعًا من الاهتمام، لكن دائما ما أحرص عليه هو أن تقرأ النصوص قراءة دقيقة وعميقة حتى بالفعل نصل إلى حلول توافقية وتكون أقرب للصحة وأقرب للصالح العام، فهذا الذي نريده ونأمله”، على حد تعبيره.

وختم الصبيحي حديثه المتفائل حول نقاشات معدل قانون الضمان بالقول: إنّه مما زاد من الارتياح لديّ أنه طلب مني بشكل مباشر من سعادة رئيسة اللجنة وعدد من النواب أن أكتب رأيي في هذه التعديلات، خاصة في التعديلات التي وجهت الأنظار إلى مدى ما تنطوي عليه من مخاطر، وأنا عاكف على كتابة هذه المحاذير والحلول، فلن نكتب حول المشكلة فقط بل سنقدم ونطرح البديل والحل المناسب لهذا الأمر إن شاء الله”.

إقرأ أيضًا: الصبيحي يوضّح “خطورة” النظام المعدل للضمان على الرواتب التقاعدية لو تمّ تطبيقه

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: