المدينة المنورة .. إرث إسلامي يفوح بعبق النبوة ويجسّد عظمة الرسالة

المدينة المنورة .. إرث إسلامي يفوح بعبق النبوة ويجسّد عظمة الرسالة

تتبوأ المدينة المنورة مكانة عظيمة في أفئدة المسلمين، لما تحمله من إرث ديني وتاريخي بارز، فهي مدينة الرَّسول “صلى الله عليه وسلم” وأحد أماكن، نزول الوحي على أفضل المرسلين، وهي نبع الإيمان، وموطن أصحاب الإيمان، ومكان التقاء المهاجرين والأنصار، منها شعَّ نور الهداية، وإليها هاجر رسول الرحمة، وفيها عاش آخر حياته وفيها دُفن، ومنها يُبعث، وفيها قبره، وهي المدينة المباركة التي شرَّفها الله وفضّلها وجعلها خير البقاع بعد مكة المكرمة.


وللمدينة المنورة مكانة إسلامية وثقافية، وتاريخية، واجتماعية، وما تضمه من أماكن ومعالم إسلامية وتاريخية ارتبطت بسيرة نبي الرحمة والهدى محمد “صلى الله عليه وسلم”، فقد حظيت بالرعاية والاهتمام والتطوير والبناء على مر العصور.
وكان الحرم النبوي الشريف، ثاني الحرمين الشريفين الذي يفد إليه الملايين من المسلمين على مدار العام من أرجاء المعمورة، له السبق والأولوية في عمليات التطوير والبناء والتوسعات التي أقيمت وفق التصاميم المعمارية المناسبة.
وشهد المسجد النبوي الذي بناه رسول الله “صلى الله عليه وسلم” بيديّه الشريفتين في السنة الأولى من الهجرة، بعد قدومه إلى المدينة المنورة مهاجرًا من مكة المكرمة، حوالي 10 توسعات متعاقبة، أكبرها جرت في عهد الدولة السعودية، فيما بدأ بناء المسجد في عهد النبي محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، إذ اختطّ الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام أرض المسجد فجعل طوله 30 متراً وعرضه 35 متراً، وجعلت القبلة إلى بيت المقدس، وحفر أساسه، وسُقف بالجريد، ونصبت أعمدته من جذوع النخل، وله ثلاثة أبواب، باب في مؤخرة المسجد، وكان يقال له “باب عاتكة” أو “باب الرحمة”، و”باب جبريل” وهو الذي يدخل منه الرسول “صلى الله عليه وسلم”، فيما جُعل في مؤخرة المسجد مكان مظلل يعرف “بالصٌفّة” وهو المكان الذي كان يأوي إليه الغرباء والمساكين.


وبعد تحويل القبلة، أغلق رسول الله “صلى الله عليه وسلم” الباب الكائن في الجدار الجنوبي، جدار القبلة الحالية، وفتح بدلاً منه باباً في الجدار الشمالي، “جدار القبلة” سابقاً، وترك جزءاً من المسجد في الجهة الشمالية لأهل الصفة.
وتوالت توسعات المسجد النبوي في حقب زمنية مختلفة من الدول الإسلامية المتعاقبة عليه، كما حظي بالرعاية والاهتمام منذ توحيد المملكة العربية السعودية على يدي الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود “رحمه الله” وأبنائه من بعده الذين هيأوا جميع الإمكانات والبنى التحتية، وأطلقوا جملة من المشروعات الكبرى لخدمة المسجد النبوي وقاصديه، وتوسيع مساحته وتزويده بمختلف الخدمات اللازمة لخدمة المصلين والزائرين.


وأجريت في عهده عدة إصلاحات للمسجد النبوي الشريف، ففي سنة 1365 هجرية، لوحظ تصدع في بعض العقود الشمالية، وتفتّت في بعض حجارة الأعمدة في تلك الجهة بشكل مُلفت للنظر، فصدر أمر الملك عبدالعزيز بعد دراسة المشروع، بإجراء العمارة والتوسعة للمسجد، وصرف ما يحتاجه المشروع من نفقات دون قيدٍ، مع توسيع الطرق حوله، إذ أعلن الملك عبدالعزيز في خطاب رسمي عام 1368 هجرية عزمه على توسعة المسجد النبوي الشريف، والبدء بالمشروع .


وفي عام 1370هجرية، بدأت أعمال الهدم للمباني المجاورة للمسجد النبوي الشريف، حيث انتهت عام 1375هجرية، العمارة والتوسعة في عهد الملك سعود بن عبدالعزيز “رحمه الله”، وكانت العمارة بالإسمنت المسلح، ونتج عنها أن أُضيف إلى مسطح المسجد 6033 متراً مربعاً، واحتفظ بالقسم القبلي من العمارة المجيدية كما هو، وهو ما كان صالحاً للبقاء وبذلك أصبح مجمل العمارة السعودية 12271 متراً مربعاً، وأقامت التوسعة مبنًى هيكلياً من الخرسانة المسلحة وهي عبارة عن أعمدة تحمل عقوداً مدببة، كما قسم السقف إلى مسطحات مربعة شكلت على نمط الأسقف الخشبية، وزخرفت بأشكال نباتية، وعُملت الأعمدة المستديرة كتيجان من البرنز وزخرف أيضاً، أما المآذن فقد شيدت ليبلغ ارتفاعها 72 متراً، تتكون كل واحدة من أربعة طوابق تناسقت في شكلها مع المنائر القديمة للمسجد، كما حُليّت جدران المسجد بنوافذ جميلة وجُعل للمسجد صحنان مفصولان برواق بدلاً من واحد، وتمت تغطية أرضية المسجد بالرخام وأصبح للمسجد النبوي الشريف عشرة أبواب.
وفي عهد الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود “رحمه الله ” ومع تزايد الأعداد الوافدة للمسجد النبوي وخاصة في موسم الحج، أصبح أمر توسعة المسجد النبوي الشريف ضرورياً، حتى يستوعب هذه الأعداد المتزايدة، حيث أصدر الملك فيصل “رحمه الله” أمره بتوسعة المسجد النبوي الشريف، وكانت التوسعة من الجهة الغربية للمسجد النبوي الشريف فقط، حيث تمثلت التوسعة في إضافة 35 ألف متر مربع إلى أرض المسجد النبوي الشريف، ولم تتناول عمارة المسجد نفسها بل جُهزت تلك المساحة لإقامة مصلى كبير ومظلل يتسع لعدد من المصلين، يُماثل عددهم داخل المسجد، ثم أضيفت مساحة 5550 متراً مربعاً وظُللت كذلك، مما أتاح المجال لاسـتيعاب أعداد أكثر من المصلين وكان ذلك سنة 1395هجرية.


وفي عهد الملك خالد بن عبدالعزيز آل سعود “رحمه الله” حصل حريق في سوق القماشة عام 1397هـ ، وهو في الجهة الجنوبية الغربية للمسجد النبوي الشريف، وأزيلت المنطقة وسُويت أرضيتها، وعُوض أصحاب الدور والعقار، وأضيفت إلى مساحة المسجد، حيث بلغت المساحة 43 ألف متر مربع، وهو ميدان فسيح مظلل، أُضيف إلى أرض المسجد النبوي ولم تتناول عمارة المسجد، وقد خصص جزء منها مواقف للسـيارات .

وفي عهد الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله -، أمر بإجراء دراسات لتوسعة كبرى للمسجد النبوي الشريف، حيث تم في عام 1405هجرية، وضع حجر الأساس لمشروع التوسعة للمسجد النبوي وعمارته، وتضمن إضافة مبنى جديد بجانب مبنى المسجد الحالي يُحيط ويتصل به من الشمال والشرق والغرب بمساحة قدرها 82 ألف متر مربع، ويستوعب 167 ألف مصلٍ، لتصبح مساحته الإجمالية 98500 متر مربع، كما غُطي سطح التوسعة بالرخام، وتُقدر مساحته بـ 67 ألف متر مربع ليستوعب 90 ألف مصل وبذلك يستوعب المسجد النبوي الشريف بعد التوسعة أكثر من 257 ألف مصل ضمن مساحة إجمالية تبلغ 165500 متر مربع.


وتضمنت أعمال التوسعة، إنشاء دور سفلي “بدروم” بمساحة الدور الأرضي للتوسعة، وذلك لاستيعاب تجهيزات التكييف والتبريد والخدمات الأخرى، واشتمل المشروع كذلك على إحاطة المسجد النبوي الشريف بساحات تبلغ مساحاتها 23 ألف متر مربع، تُغطى أرضيتها بالرخام والجرانيت، وفق أشكال هندسية بطُرز إسلامية متعددة جميلة، خصص منها 135 ألف متر مربع للصلاة، ليستوعب 250 ألف مصل، ويمكن أن يزيد عدد المصلين إلى 400 ألف مصلٍ في حالة استخدام كامل مساحة الساحات المحيطة بالمسجد النبوي الشريف، مما يجعل الطاقة الاستيعابية لكامل المسجد والساحات المحيطة به تزيد على 650 ألف مصلٍ، لتصل إلى مليون مصلٍ في أوقات الذروة، حيث تضم الساحات مداخل للمواضئ، وأماكن لاستراحة الزوار تتصل بمواقف السيارات التي توجد في دورين تحت الأرض، وخصصت الساحات للمشاة فقط، وتضاء بوحدات إضاءة خاصة مثبتة على 120 عامود رخام.
وتضمن المشروع إقامة 12 مظلة ضخمة في منطقة الحصوات المكشوفة التي تقع بين المسجد القديم والتوسعة السعودية الأولى، فشيّدت بنفس ارتفاع السقف لتظلل كل منها مساحة 306 أمتار مربعة، تُفتح وتغلق أوتوماتيكياً، وذلك لحماية المصلين من وهج الشمس، ومياه الأمطار، والاستفادة من الجو الطبيعي، حينما تسمح الظروف المناخية بذلك.
وفي عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود “رحمه الله” أطلقت أكبر توسعة للمسجد النبوي الشريف على مدى التاريخ، إلى جانب مشروع مظلات المسجد النبوي التي أمر بها وهي من المشروعات العملاقة، لتصل طاقة المسجد النبوي الاستيعابية بموجبها إلى مليوني مصلٍ مع نهاية أعمال المشروع، حيث جاء التوجيه بتصنيع المظلات وتركيبها على أعمدة ساحات المسجد النبوي الشريف، التي يصل عددها إلى 250 مظلة تُغطي هذه المظلات مساحة 143 ألف متر مربع من الساحات المحيطة بالمسجد من جهاته الأربع، يُصلي تحت الواحدة منها ما يزيد على 800 مصلٍ، يُضاف إلى ذلك تظليل ستة مسارات في الجهة الجنوبية، يسير تحتها الزوار والمصلون، وصُنعت هذه المظلات خصيصاً لساحات المسجد النبوي على أحدث تقنية وبأعلى ما يمكن من الجودة والإتقان، وخضعت لتجارب في بلد التصنيع واستفيد من التجربة في المظلات التي قبلها التي تعمل بكفاءة جيدة منذ أن انتهت التوسعة، ومع ذلك فإن المظلات الجديدة قد طُورت وأُدخل عليها تحسينات في شكلها ومادتها ومساحتها، وصمّمت بارتفاعين مختلفين بحيث تعلو الواحدة الأخرى على شكل مجموعات لتكون متداخلة فيما بينها، ويبلغ ارتفاع الواحدة منها 40ر14 متر، والأخرى بارتفاع 30ر15 متر ويتساوى ارتفاع جميع المظلات في حالة الإغلاق بارتفاع 70ر21 متر.


وجهّزت ضمن مشروع المظلات 436 مروحة رذاذ لتلطيف الأجواء جرى تركيبها على 250 مظلة، في واحدة من أبهى صور العناية والخدمة التي تجسّد العناية والرعاية لمرتادي المسجد النبوي الشريف، فيما يعد المشروع من أضخم مشروعات الترطيب في العالم، إذ تغطي مراوح الرذاذ مختلف أرجاء ساحات المسجد النبوي التي تبلغ مساحتها حوالي 175500 متر مربع، وتتسع لما يقارب 251 ألف مصلٍ، وتحتوي كل مروحة على 16 فتحة للرذاذ، صممت بطريقة تمنع تساقط الماء عند إيقاف التشغيل.


وتتواصل مسيرة العناية والاهتمام بالحرمين الشريفين وقاصديهما في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود الذي يؤكد في كل محفل على أهمية المسيرة والحرص على متابعة العمل في مشروعات التوسعة الكبرى بالحرمين الشريفين، التي تصبّ جميعها في خدمة الإسلام والمسلمين من شتى أرجاء العالم، ومن ذلك الاهتمام بمشروع تبليط الساحات الغربية للمسجد النبوي الشريف للاستفادة من المساحات المتاحة بالقرب من المسجد النبوي للتخفيف والتيسير على المصلين والزوار في أوقات الذروة، ويهدف لتبليط الساحات الغربية وهو عبارة عن صبة خرسانية مطبّعة تتكون من مصليات وممرات وتقدّر مساحة المشروع بـ 95 الف متر مربع منها 53 الف متر مربع مصليات تتسع من 80 ألفا إلى 100 ألف مصل، حيث يشتمل المشروع على 164 سماعة، و52 كاميرا ، و32 عمود إنارة .


ويحظى المسجد النبوي الشريف بجانب بارز من رؤية المملكة الطموحة 2030 التي قدمها سمو الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، التي تهدف إلى عمارة الحرمين الشريفين وتحسين كل الخدمات وتذليل جميع الصعاب، ليجد الحاج والمعتمر والزائر كل السُبل المعينة على تأديته لعبادته .
ويحتضن المسجد النبوي “الروضة الشريفة”، التي تقع غربي الحجرة النبوية مباشرة، وتمتد إلى المنبر وتبلغ مساحتها حوالي 330 متراً مربعاً، وتبلغ أبعادها 22 متراً من الشرق إلى الغرب و15 متراً من الشمال إلى الجنوب، وتضم المحراب النبوي الذي يقع في الجزء الغربي منها، ويفصلها عن المنبر مسافة 7 أمتار تقريباً، ويحدّ الروضة من الجنوب سياج من النحاس يفصلها عن زيادتي عمر وعثمان “رضي الله عنهما”، أما من الجهتين الشمالية والغربية فهي متصلة ببقية أجزاء المسجد، ويميّزها عن باقي مساحة المسجد أعمدتها المكسوة بالرخام الأبيض الموشى بماء الذهب إلى ارتفاع مترين تقريباً، وتقع إلى الناحية الشرقية من الروضة الشريفة حجرة أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق “رضي الله عنهما”-، ومن الغرب المنبر الشريف، ومن الجنوب جدار المسجد الذي به محراب النبي صلى الله عليه وسلم، ومن الشمال الخط المار شرقاً من نهاية بيت عائشة – رضي الله عنها – إلى المنبر غرباً .

وتضم الروضة على أطرافها معالم عدة منها الحجرة الشريفة التي تضمّ قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وصاحبيه أبي بكر وعمر “رضي الله عنهما”، ومحرابه “صلى الله عليه وسلم”، الذي وضع في وسط جدارها القبلي، ومنبره عليه الصلاة والسلام، ويتخللها عدد من الأعمدة المميزة عن سائر أساطين المسجد، بما كسيت به من الرخام، وفي الجهة القبلية من الروضة حاجزٌ نحاسي جميل، يفصل بين مقدمة المسجد والروضة بارتفاع متر، أقيم عليه مدخلان يكتنفان المحراب النبوي، وتنتشر في الروضة الأساطين الحجرية التي وضعت عليها خطوط مذهبة تميزها عن غيرها من أساطين المسجد.


وتزخر المدينة المنورة بالعديد من الأماكن الدينية والتاريخية، التي تعدّ شاهداً على عظم مكانة هذه المدينة، وارتباطها بسيرة وحياة النبي محمد “عليه الصلاة والسلام”، ومن تلك الأماكن “مسجد قباء”، الذي يقع في جانبها الجنوبي الغربي، ويعدّ أول مسجد أسس على التقوى، مهوى لأفئدة ضيوف الرحمن الذين يحرصون على زيارته.
وقد شارك الرسول “صلى الله عليه وسلم” أصحابه في بناء المسجد، ثم جـدّده الخليفة الثالث عثمان بن عفان “رضي الله عنه” وزاد فيه، وجدّد بناءه من بعده الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز عندما كان أميراً على المدينة المنورة، وأقام له مئذنة ( 87 / 93 هجرية).
وتوالت التوسعات على مسجد قباء، وصولاً للعهد السعودي الذي تمت فيه أكبر توسعة لمسجد قباء، ليستوعب أكثر من عشرين ألف مصلٍ، وخصّص الجزء الشمالي منه ليكون مصلى للنساء، بطاقة استيعابية تصل إلى أكثر من 7 آلاف مصلية.

ومن أهم المعالم التي يزورها القادمون إلى المدينة المنورة من الحجاج والزوار، منطقة “المساجد السبعة” التي تقع في الجهة الغربية من جبل سلع، عند جزء من الخندق الذي حفره المسلمون في عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، للدفاع عن المدينة المنورة، إبان غزوة “الأحزاب”، في السنة الخامسة للهجرة، حيث يعدّ مسجد الفتح أكبر تلك المساجد، وقد سمي بهذا الاسم لأنه مصلى رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام، في تلك الغزوة التي كانت في نتائجها فتحاً للمسلمين.
ويعد “مسجد القبلتين” من المساجد التاريخية بالمدينة المنورة، حيث سمي بذلك بعد تحوّل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة أثناء الصلاة فيه، ويطلق عليه مسمى مسجد “بني سلمة” لوقوعه في مواطن بني سلمة، على هضبة مرتفعة من حرة الوبرة في طرفها الشمالي الغربي بالنسبة للمدينة المنورة، ويشرف على عرصتي وادي العقيق بمساحة 3920 متراً مربعاً، إضافة إلى “مسجد الجمعة الشهير” وسمّي بذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى فيه أول جمعة حين أقبل من قرية قباء متجهاً إلى المدينة، وأطلق عليه ”مسجد بني سالم” لوقوعه في حي بني سالم بن عوف من الأنصار، وقيل عنه ”مسجد الوادي” ومسجد ”عاتكة” ويقع بين الطريق الرابط بين قباء ووسط المدينة المنورة المسمى طريق قباء.
ومن المساجد التاريخية “مسجد السقيا” وسمي بذلك لوقوعه في منطقة السقيا، و”مسجد الغمامة” ويقع في الجنوب الغربي للمسجد النبوي الشريف، ويبعد نحو نصف كيلو متر من باب السلام، وكذلك “مسجد الإجابة” ويقع إلى الناحية الشمالية الشرقية للبقيع في وسط الجهة المقابلة، ويرتفع المسجد عما يحيط به، كما تضم “مسجد ذي الحليفة” في الناحية الجنوبية للمدينة المنورة، ويعدّ ميقاتاً لأهل المدينة المنورة، ويقع على طريق الهجرة السريع المتجه إلى مكة المكرمة.


وعرفت المدينة المنورة بتعدّد جبالها وأوديتها، التي ارتبطت بسيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ومن أهم هذه الجبال “جبل أحُد”، الذي يطلّ بمكانته التاريخية الكبيرة على المدينة المنورة، من الجهة الشمالية، وتقع إلى جواره مقبرة “شهداء أحد”، التي تضم قبور 70 شهيداً من الصحابة رضوان الله عليهم، استشهدوا خلال معركة أحد، حيث يعدّ الجبل معلماً بارزاً في السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي.
وشهد الجبل تلك الغزوة التي تعد الملحمة الفاصلة في بداية انتشار الإسلام وهجرة النبي محمد “صلى الله عليه وسلم” من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، وقال عنه المصطفى عليه الصلاة والسلام: (أُحُدٌ جبلٌ يُحبُّنا ونحبّه وعلى باب من أبواب الجنة) – صحيح البخاري-، ويعدّ من أكبر جبال المدينة المنورة، وسُمي بهذا الاسم لتوحده وانقطاعه عن غيره من الجبال.

ويبرز في الجهة الجنوبية للمدينة المنورة “جبل عير”، الذي يعد أحد المعالم الجغرافية البارزة التي تميّزت بها المدينة المنورة، فهو جبل عظيم وشامخ، ويعد حدا لحرم المدينة من الجهة الجنوبية الغربية، حيث جعله النبي “صلى الله عليه وسلم” معلما لحدود هذا الحرم، ففي الصحيحين من حديث إبراهيم التيمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (المدينة حرمٌ ما بين عير إلى ثور).


ومن جبال المدينة المنورة التي عرفها التاريخ “جبل سلع”، الذي يقع غربي المسجد النبوي على بعد 500 متر تقريباً من سوره الغربي، ويبلغ طوله نحو كيلو متر تقريباً، حيث يصل ارتفاعه إلى 80 متراً وعرضه ما بين 300 إلى 800 متر، ويمتد من الشمال إلى الجنوب ويتفرع منه أجزاء في وسطه على شكل أجنحة قصيرة باتجاه الشرق والغرب، ولهذا الجبل مكانة تاريخية متميزة، حيث وقعت على سفوحه أو بالقرب منه عدة أحداث مهمة، أهمها “غزوة الخندق” أو غزوة “الأحزاب”.
وتمتد بين سفوح جبال المدينة المنورة أودية تشرّف ثراها بملامسة أقدام خير الورى عليه أفضل الصلاة والسلام، وشهدت بطون تلك الأودية حضارات قديمة استوطنت المدينة المنورة، أو مرت بها، وذُكر بعضها في سيرة النبي محمد “صلى الله عليه وسلم” أو اكتشفها إنسان هذا العصر من خلال النقوش والرسومات التي برزت على صخورها، كعلامات دلالية لكائنات عاشت على أرض الجزيرة العربية في عصور ما قبل الإسلام وبعده.


ومن اهم تلك الاودية يعد “وادي العقيق” أو “الوادي المبارك”، فقد جعله الله تبارك وتعالى من البقاع الطيبة، وذكر النبي عليه الصلاة والسلام هذا الوادي في أحاديث كثيرة، تبيّن فضله وجمال طبيعته، إضافة إلى “وادي بطحان” المعروف عند أهل المدينة المنورة بـ “سيل أبو جيدة”، ثم “وادي جفاف”.
كما يعد “وادي قناة ” أحد أهم أودية المدينة المنورة وأكبرها، حيث عُرف عند أهلها بسيل سيدنا حمزة بن عبدالمطلب رضي الله عنه، كونه يمر من منطقة سيد الشهداء، فيما نزلت العديد من القبائل العربية على ضفاف “وادي الرانوناء” بالمدينة المنورة، إضافة إلى واديي “مهزور” و”مذينب”

بترا

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: