المشهد الحزبي الأردني خلال 2021… تغيرات تنذر بمشهد حزبي جديد

المشهد الحزبي الأردني خلال 2021… تغيرات تنذر بمشهد حزبي جديد

المشهد الحزبي

البوصلة – خليل قنديل

تصاعد الحديث الرسمي خلال العام 2021 حول ضرورة النهوض بواقع الحياة الحزبية في الأردن كمدخل أساسي لتطوير الحياة ‏السياسية والحالة الديمقراطية والوصول إلى برلمان قائم على كتل حزبية، الأمر الذي شكل العنوان الرئيس لعمل اللجنة الملكية ‏لتحديث المنظومة السياسية التي اختصت ببلورة مشروعي قانوني الانتخاب والأحزاب بما سيرسم مشهداً حزبياً جديداً في حال إقرار  هذين القانونين.

وخلال العام 2021 جرى ترخيص حزبين اثنين هما حزب ” نبض الوطن” وحزب ” النهج الجديد” ليرتفع عدد الأحزاب المرخصة ‏حتى نهاية العام إلى خمسين حزباً سياسياً؛ فيما لا يزال 12 حزباً سياسياً قيد التأسيس بانتظار استيفاء الشروط المطلوبة للترخيص، و‏يتوقع أن 8 أحزاب سياسية فقط، ستبقى قائمة في البلاد من الأحزاب المرخصة الحالية، بعد نفاذ قانون الأحزاب الجديد بعام واحد مع ‏احتمالية ولادة 40 حزبا جديدا في ظل إقرار مخرجات اللجنة الملكية بحسب تصريحات لأعضاء في هذه اللجنة، وسط حديث لجهات حزبية عن محاولات ‏‏”هندسة رسمية جديدة للأحزاب” تفضي لدمج أحزاب قائمة أو تشكيل أخرى جديدة مستندة لقوى عشائرية وسياسية محسوبة على الجانب ‏الرسمي بما يتكيف مع القانون الجديد لتكون قادرة على منافسة حزب جبهة العمل الإسلامي في أي انتخابات قادمة، وهو الأمر الذي ‏بدأت تتضح ملامحه خلال الأسابيع الماضية.‏

ويشار في هذا الصدد إلى أن ممثلي الاحزاب في مجلس النواب هم 12 عضواً اعترفت بهم الحكومة كحزبيين من بين  17 مرشحاً ‏فازوا ضمن قوائم حزبية او ائتلافية مع الأحزاب كان منهم 10 مرشحين فازوا عن التحالف الوطني للإصلاح المدعوم من حزب ‏جبهة العمل الإسلامي، من بين 397 مرشحاً ومرشحة  شاركوا باسم 41 حزباً شارك في الانتخابات النيابية لعام 2020، للتماشي مع ‏شروط الحكومة لتمويل الأحزاب.‏

ولا تزال النظرة العامة لدى العديد من الأوساط السياسية عند الحديث عن الأحزاب بأنها تفتقر لقواعد شعبية واسعة باستثناء عدد محدود جداً من الأحزاب يتصدرها ‏حزب جبهة العمل الإسلامي الذي يمتلك قاعدة جماهيرية واسعة وصلبة، فيما تؤكد هذه الأحزاب من جهتها أن الهاجس الأمني لدى المواطن لا ‏يزال العائق الاكبر أمام الانخراط في العمل الحزبي نتيجة العقلية الأمنية في التعامل مع الأحزاب وكوادرها على أرض الواقع بما ‏يتعارض مع القانون والدستور الذي كفل حرية عمل الأحزاب، إضافة إلى التشريعات الناظمة للعمل الحزبي بما في ذلك قانوني ‏الانتخاب والاحزاب، وعجز العديد من الاحزاب عن تقديم برامج عملية تتعلق بمعالجة ما يواجهه المجتمع من تحديات.‏

ممارسات التضييق مستمرة

وشهد العام 2021 استمرار ما يصفه نشطاء حزبيون بنهج التضييق الرسمي على الأحزاب وكوادرها، حيث شكل قيام لجنة الأحزاب ‏التابعة لوزارة التنمية السياسية برفع دعوى لدى محكمة الاستئناف تطالب من خلالها بحل حزب الشراكة والإنقاذ وكف يده عن ‏العمل، خلال شهر آذار أبرز أشكال هذا النهج، فيما وصفت عدة أحزاب سياسية هذه الخطوة بانها تشكل استهدافاً  للحزب لمواقفه ‏السياسية والوطنية، فيما استأنف الحزب عمله في شهر أيار بعد قرار محكمة استئناف عمان برد الدعوى المطالبة بحل الحزب، كما ‏جرى منع مسيرة دعا لها الحزب بالتعاون مع حراكات شعبية في شهر تشرين أول رفضاً لقانون الدفاع.‏

كما كان حزب جبهة العمل الإسلامي وجه عدة مذكرات للحكومة تستنكر عدداً من القرارات الحكومية المتعلقة بمنع فعاليات للحزب ‏كما جرى في رفض طلب الحزب إقامة حفل للمولد النبوي في المدرج الروماني، ومنع إقامة مهرجان الأقصى في فرع الحزب ‏بالكرك في شهر آب، ومنع إقامة فعالية عن المسجد الأقصى في فرع الحزب في عين الباشا، واحتجاز رئيس الفرع لعدة ساعات من ‏قبل الحاكم الإداري، و”قيام الأجهزة الأمنية في مأدبا بملاحقة كل من يقوم بتأجير مقر لفرع الحزب في المحافظة عبر استدعاء ‏المؤجر والضغط عليه ‏لإلغاء عقد الإيجار الموقع مع الحزب، بحيث تكرر ذلك الأمر ثلاث مرات منذ بداية العام” بحسب ما ‏أوردته مذكرة للحزب وجهت لرئيس الوزراء، واستهجان ما وصفه الحزب باستمرار نهج التضييق الأمني على العديد من ‏أعضاء الحزب على المعابر الحدودية والمطارات واستدعائهم وحجز ‏جوازات السفر وأجهزتهم الخلوية وأجهزة الحاسوب ‏الشخصية الخاصة بهم، والضغط على عدد منهم للاستقالة من الحزب بسبب ‏تعيين أقارب لهم في المؤسسات الرسمية.‏

كما شهد العام 2021 اعتقال العديد من النشطاء الحزبيين من مختلف الأحزاب السياسية على خلفية فعاليات تتعلق بذكرى 24 آذار، ‏والفعاليات المتضامنة مع الشعب الفلسطيني قرب سفارة الكيان الصهيوني في شهر أيار، والفعاليات الرافضة لاتفاقية الماء ‏مقابل الكهرباء الموقعة مع الاحتلال.‏

الدعوات الرسمية للحوار واللجنة الملكية

ومع انطلاق الحديث الرسمي عن توجه لتعديل قانوني الانتخاب والأحزاب ضمن مسار للإصلاح السياسي ‏والإداري، جاء لقاء وزير الشؤون السياسية والبرلمانية المهندس موسى المعايطة مع أمناء عامين لعدد من الأحزاب في نهاية شهر آذار ‏للتباحث حول القوانين الناظمة للحياة السياسية والطلب من الأحزاب إرسال مقترحاتهم حول تطوير التشريعات الناظمة للحياة ‏السياسية فيما يتعلق بقانوني الانتخاب والأحزاب مع بالتركيز على تطوير دور الشباب والمرأة.‏

وجاء تشكيل اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية في شهر حزيران بتوجيه ملكي، لتعمل على تقديم مشروعي قانوني الأحزاب ‏والانتخابات، لتشكل خطوة نحو تغيير المشهد الحزبي في الأردن، فيما ضمت اللجنة 93 عضواً من بينهم ممثلون عن 11 ‏حزباً من بينها حزب جبهة العمل الإسلامي وحزب التحالف المدني وحزب زمزم والوسط الإسلامي بما في ذلك 8 أمناء عامين ‏لأحزاب متعددة الأطياف كالحزب الوطني الدستوري، وحزب الشعب الديمقراطي الأردني، في حين غاب أي تمثيل لباقي ‏الأحزاب لا سيما من أحزاب اليسار والتيارات القومية، ما أثار انتقادات واسعة من قبل عدة أحزاب.‏

وخلال أعمال اللجنة الملكية عقدت عدة لقاءات لرئيس اللجنة سمير الرفاعي مع قيادات عدد من الأحزاب لا سيما الاحزاب الوسطية ‏لبحث المقترحات المتعلقة بقانون الأحزاب، كما عقد عدة لقاءات مع ممثلين عن حزب جبهة العمل الإسلامي الذي أكد أنه على ‏تواصل مستمر مع لجنة تمثل 26 حزباً سياسياً للتباحث حول بنود مشروع قانون الأحزاب المقترح، حيث كانت هذه الاحزاب ‏تقدمت في وقت سابق بمشروعي قانونين مقترحين حول الأحزاب والانتخاب.‏

مخرجات اللجنة الملكية بين الطموح والواقع

وكانت أبرز مطالبات الأحزاب حول قانون الانتخاب تتمثل بتخصيص نحو 50% من مقاعد مجلس النواب لقائمة ‏وطنية حزبية مغلقة، وإقرار عتبة حسم للقوائم الانتخابية سواء للوطنية منها او المخصصة للمحافطات، وإلغاء إغلاق دوائر ‏البدو الثلاثة، ومنحهم الحق بالترشح في كل دوائر المملكة والقوائم الوطنية، وإلغاء إسقاط جرائم الانتخاب بالتقادم.‏

فيما تركزت مطالبتهم حول قانون الأحزاب بشطب البنود المتعلقة بتزويد لجنة شؤون اﻷحزاب بقائمة اﻷعضاء بداية ‏كل عام، والمتعلقة بمنع الحزب الاعلان عن نفسه إلا بعد إعلان تأسيسه، وتجريم من يعرض الحزبيين أو أقاربهم ‏لمضايقات أمنية، أو معيشية بسبب الانتماء الحزبي، وشطب البنود المتعلقة بفرض عقوبات على منتسبي اﻷحزاب، ‏وإحالتها إلى قانون العقوبات، وإدراج نصوص حول أحقية الطلبة في الانتساب للأحزاب والمشاركة السياسية، مع ‏منح اﻷحزاب الحق بالطعن أمام المحكمة الدستورية، وعدم مساءلة أي مواطن بنص صريح حول مساهماته المالية ‏وتبرعاته للأحزاب.‏

فيما جاءت مخرجات اللجنة الملكية لتقر تخصيص 26% فقط من مقاعد مجلس النواب لقائمة وطنية مخصصة للأحزاب بواقع 41 ‏مقعداً من أصل 138 وبنسبة حسم بلغت 2.5%، وحديث عن مرحلة لاحقة  لرفع هذه النسبة إلى 50% من عدد مقاعد المجلس ‏‏21 (69 مقعدا) والمرحلة الثالثة رفعها إلى نسبة 65% في مجلس النواب الذي يليه بعدد 90 مقعدا للأحزاب، ما أثار انتقادات ‏عدة أحزاب اعتبرت أن  نسبة 26% لا تلبي الحد الأدنى من مطالب الأحزاب، فيما رأت أحزاب أخرى أن تحديد عتبة حسم  ‏سيكون عائقا أمام الأحزاب الصغيرة للوصول إلى البرلمان وسيادة لون واحد هو الأحزاب الإسلامية على حد وصفهم، إضافة ‏إلى انتقادات لعدم وجود نص على الحكومات البرلمانية ضمن التعديلات الدستورية المقترحة التي قال رئيس اللجنة الملكية سمير ‏الرفاعي ان الأردن يحتاج لعشر سنوات للوصول إليها وغيرها من البنود.

وفيما يتعلق بمشروع قانون الأحزاب جرى اشتراط عدد الف عضو مؤسس لصحة قيام الحزب، واشتراط عشرين في المائة من ‏الشباب وعشرين في المائة من النساء يتوزعون على ست محافظات، وإقرار تطبيق القانون بأثر رجعي بحيث تمهل الاحزاب ‏القائمة لمدة عام لتصويب أوضاعها للتكيف مع القانون الجديد، مع نقل صلاحية متابعة الأحزاب للهيئة المستقلة للانتخابات بدلاً ‏من زارة الشؤون السياسية، حيث أكدت العدد من الاحزاب رفضها للشروط المتعلقة بعدد المؤسسين وتوزعهم معتبرة أنها اشتراطات غير دستورية وتمس الحق الدستوري للأردنيين والأردنيات في تأسيس الأحزاب، ‏حيث لا تنطبق هذه الشروط على غالبية الأحزاب، مما يعني توقف عمل عدد كبير منها، الأمر ‏الذي دفع عدة أحزاب لبحث عمليات الاندماج فيما بينها للتكيف مع القانون الجديد في حال إقراره، ‏ومن ذلك ما جرى من مباحثات بين حزبي الوسط الإسلامي والمؤتمر الوطني “زمزم”، والحديث عن توجه ‏أحزاب يسارية وقومية للاندماج فيها بينها، وتوجه لحزب يضم شخصيات يسارية واخرى محسوبة على التيار المدني، ‏واندماج عدد من الأحزاب الوسطية، فيما يتصاعد الحديث عن حزب جديد سينطلق تحت اسم ” حزب ميثاق” مستند ‏لشخصيات عشائرية وأخرى سياسية محسوبة على الجانب الرسمي ليشكل منافساً قوياً على الساحة الحزبية في أي ‏انتخابات قادمة.‏

وجاءت التعديلات الدستورية المقترحة من الحكومة لتشكل ما اعتبرته الأحزاب تقويضاً لمسار الإصلاح المنشود وتغولاً على صلاحيات الحكومة، وتفريغاً لمخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية من مضمونها، مع تأكيدهم أنه لا معنى لكل هذه المخرجات في حال استمرار النهج القائم والعقلية الأمنية في التحكم بمفاصل المشهد السياسي والحزبي.

فإلى أين يتجه العمل الحزبي خلال العام 2022، وما مصير الحديث الرسمي حول النهوض بالواقع الحزبي وحث الشباب على ‏الانضمام للأحزاب والعمل الحزبي في الجامعات، والوصول إلى برلمان حزبي يفضي لحكومات برلمانية، أم سيكون للوقائع ‏على الأرض رأي آخر.

(البوصلة)‏

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: