د. أحمد داود شحروري
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

المكاسرة المفروضة

د. أحمد داود شحروري
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

بقلم د. أحمد داود شحروري

أستاذ مشارك للمواد الشرعية في كلية الحقوق بجامعة الزيتونة

ما إن أعلن حزب جبهة العمل الإسلامي تجميده المشاركة في الانتخابات البلدية واللامركزية حتى انبرى ناقدوهم لتفسير الأمر على أنه محاولة من الحركة الإسلامية، إما لجلب الانتباه أو القيام بدور المظلومية أو حتى فرض طريقتهم في إدارة صراع القوى، يحدث هذا الهرج ومعلوم لدى الكثيرين مدى الضغط الذي يمارس على العمل السياسي الإسلامي، والمراقب لا يبذل مزيد جهد في الوقوف على أسباب هذا الضغط داخليا وخارجيا، والناقد للحركة الإسلامية ليس مستعدا على ما يبدو للنظر إلى المشهد كله بتوازن وموضوعية ويحلو له أن يجتزئ من الصورة ما يظهر نقده منطقيا باعتبار أنه متى يقبل من شريحة في المجتمع أو فصيل منه أن يفرض سلوكه السياسي مشاركة أو حردا و أن يختطف المجتمع في مركبه يصعده إليه متى يشاء وينزله منه متى أراد؟!

وسأحاول باختصار أن أدلي بدلوي في هذا السياق:

1-إن الشكوى من محاولة اختطاف الحركة الإسلامية للمجتمع فيها تجنيان: الأول على الحركة الإسلامية التي أنهكت في السنوات الأخيرة بمحاولات جاهدة لتشطيرها وإضعافها حتى صور للناس أنها غدت كيانات متفرقة منشغلة بالدفاع عن نفسها محاولة رص صفها والتصرف في عدد من الحالات لا لتسجيل النقاط بقدر ما كان الهم رد العاديات، فهي التي وقع عليها الاختطاف ولم تمارسه، والتجني الثاني على المجتمع الذي يحاولون إظهاره ضحية بأجهزته كلها السياسية والأمنية والاجتماعية والثقافية، وهذا استخفاف بالأجهزة وعبث بها وإظهار لها بثوب يأباه الجميع، فكيف إذا كان الأمر كله وهما يراد منه تكبير جرم الخصم ليتناسب حجم الجرم الذي نسب إليها مع حجم الحجر الذي أعد لرجمها.

2-الربيع العربي هو الغول الذي أقض مضجع الأنظمة السياسية كلها، وبرغم رشد الخطاب السياسي للحركة الإسلامية في الأردن وهي التي هتفت بالإصلاح وركزت عليه ورفضت شعار الإسقاط إلا أن فوز الإسلاميين في عدد من بلاد الربيع العربي ولد حساسية أمنية على وجه البسيطة كلها مما جعل من الإسلام السياسي غولا إن غفلت عنه الأنظمة – في ظنها – فسيأكل الأخضر واليابس، غير أننا اليوم نعيش مرحلة تفرض علينا جميعا أن نفتح أعيننا لرصد العدو الحقيقي الذي يتربص بالجبهة الداخلية، وكل عاقل يعلم أن هذه الجبهة مستهدفة من أجهزة استخبارات العدو الصهيوني وأصدقائه في الجهات الأربعة.

3-الأزمة الحقيقية في البلد ليست بين صناع القرار من جهة والإسلاميين من جهة أخرى، فإن الواقع يقول بوضوح إن شريحة واسعة من أبناء هذا البلد باتت تشكو من تعثر الإدارة وبعثرة ترتيب الأولويات، وزاد المشهد إرباكا إنشغال مجالس الناس بالحديث عن مخرجات اللجنة الملكية للإصلاح وعدم  توافر القناعة ببعضها خصوصا ما تعلق منها بالتعديلات الدستورية التي عرض منها على مجلس النواب ما قال بعض أعضاء اللجنة إنه لم يناقش أبدا وبعضه أضافته الحكومة مما لم يوجد على أجندة اللجنة، أضف إلى ذلك أن ما اجترح من إنشاء مجلس أمن وطني غرضه حماية الديمقراطية من مخرجاتها، وقد تعودنا أن نحترز من تفاعلات الديكتاتورية وأن نطالب بكبح جماح المعتدين على الحريات، أما أن يتذرع لإنشاء مجلس الأمن بالخشية من سلوك الأحزاب الحاكمة التي نجحت باختيار الشعب واستحسانه لبرامجها السياسية  ومع ذلك يراد أن تبنى أسوار لمنعها من الحركة الذاتية وتحويلها إلى كيان يوحى إليه، خشية تغولها على الشأن العام، فهذا يستنكره طالب مبتدئ في العلوم السياسية، ويذكرنا بالتهمة التي شهرت في وجه الرئيس محمد مرسي بأنه أخون الدولة، وما شهدنا في حياتنا حزبا ديمقراطيا أمريكيا يسلم أدوات الحكم إلى الحزب الجمهوري، أو يطالب بإشراك حزب منافس في صنع القرار، بل تدور رحى حرب انتخابية طاحنة لمنع الحزب الذي لا ينتمي إليه الرئيس من الفوز بغالبية مجلسي الديمقراطية الأمريكية.

4- ما لم يكن قرار الأردنيين السياسي والسيادي في أيديهم دون سماح لموازين القوى العالمية أن تملي عليهم شكل حياتهم السياسية اليومية فسيظل العمل السياسي مكاسرة غير متكافئة، فمن يملك السلطة السياسية والإعلامية والأمنية والاقتصادية سيمارس أعتى أشكال الدكتاتوريات مطلية بطبقة ديموقراطية براقة سرعان ما يذيبها سطوع شمس الواقع الذي يئن تحته المواطن العادي البسيط الذي يعيش في قلبه حب المكسورين بشوكة المغالبة، وعلى لسانه هتاف يضمن سلامته في حدودها الدنيا، والله غالب.

(البوصلة)

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts