الموسى لـ “البوصلة”: زيادة فاشية الاحتلال وتطرفه لشعوره بمأزقه الوجودي

الموسى لـ “البوصلة”: زيادة فاشية الاحتلال وتطرفه لشعوره بمأزقه الوجودي

أكد على أنّ المناخ الدولي مواتٍ ليستخدم الأردن مزيدًا من أوراق القوة ضد الكيان الصهيوني

عمّان – رائد صبيح

أكد أستاذ القانون الدولي الدكتور محمد الموسى في تصريحاته لـ “البوصلة” أنّ لجوء دولة الاحتلال لمزيد من التطرف والفاشية في مخالفة الأعراف الدولية والانتهاكات التي يمارسها بحق المقدسات وصاحب الوصاية عليها ممثلا في الأردن، ما هو إلا لشعوره بمأزقه الوجودي وضعفه وخوفه على كيانه الذي أصبح مهددًا.  

ولفت الموسى إلى أنّ الإجراء الأردني باستدعاء السفير الصهيوني في عمّان وتسليمه رسالة احتجاج شديدة اللهجة كان أضعف الإجراءات القانونية، لا سيما وأنّ الأردن يملك العديد من الأوراق القانونية القوية للدفع بها في ظل مناخ دولي مواتٍ ورافضٍ للحكومة الفاشية المتطرفة بدولة الاحتلال، مشددًا في الوقت ذاته على أنّه كان بإمكان الأردن على الأقل تجميد العلاقات الدبلوماسية وتجميد معاهدة وادي عربة ردًا على الكيان الغاصب الذي لا يعبأ ولا يحترم التمثيل الدبلوماسي (الذي نتحفظ عليه ونرفضه أصلاً) بين البلدين.

وأوضح الموسى في تسليطه الضوء على المسألة من خلال نظرة القانون الدولي لمجرياتها بالقول: إنّ مدينة القدس هي أراضٍ محتلة وبالرغم من أنّ الكيان ضمّها ويعتبرها أراضٍ إسرائيلية ولديه قوانين مثل قانون يهودية الدولة وضم القدس كاملة كعاصمة له؛ لكنّ هذا الواقع يخالف القانون الدولي، فمحكمة العدل الدولية في عام 2004 كانت واضحة بالنسبة للرأي الخاص بالجدار، اعتبرت القدس بما فيها القدس الشرقية أراضٍ محتلة.

إقرأ ايضا: خبير لـ”البوصلة”: استشارة “العدل الدولية” أداة مهمّة لتفكيك الكيان الصهيوني ونزع شرعيته

وتابع بالقول: بمعنى صاحب السيادة على المدينة هو في الأصل الشعب الفلسطيني لأنها جزء من الأراضي المحتلة حسب القانون الدولي.

وأضاف الموسى قائلا: الآن فيما يتعلق بالأماكن المقدسة والدخول إليها هناك مسألتان: أنه تم إبرام اتفاق ما بين الفلسطينيين باعتبارهم أصحاب السيادة على المدينة مع الأردن بموجب هذا الاتفاق تم إقرارا الرعاية والوصاية الأردنية على المدينة المقدسة، وبالتالي الأردن من خلال الصاحب الأصيل على السيادة له صلاحية إدارة تلك المقدسات.

ولفت إلى أنّ المسألة الثانية أن موضوع الدخول بغض النظر كان السفير أو غيره، موضوع الدخول إلى الأماكن الدينية الأصل أن يكون حرًا لجميع أصحاب الديانات فالمسلم له حق الدخول إلى الأماكن المقدسة الإسلامية للعبادة وكذلك المسيحي.

وأضاف الموسى بالقول: بالتالي منع السفير يخالف مبدأ مستقر في القانون الدولي يتمثل بحرية الوصول للأماكن الدينية الخاصة بأصحاب هذه الديانات، ويخالف اعتراف فلسطين للأردن بالوصاية والرعاية للأماكن المقدسة في القدس.

كما أشار إلى مسألة أخرى متعلقة باتفاقية وادي عربة “مع تحفظنا عليها ورفضنا المطلق لها”، يوجد فيها نص يلزم دولة الاحتلال بمراعاة الدور الخاص للأردن فيما يتعلق بالأماكن المقدسة، والنص في المعاهدة كان ضعيفًا لكن تمّ تدارك الثغرة القانونية فيه، من خلال الاتفاق الذي تم توقيعه مع الفلسطينيين وأقر بموجبه الوصاية والرعاية الأردنية للأماكن المقدسة.

وأشار الموسى إلى أنّ منع السفير من قبل المحتل في المدينة وليس هو الذي يملك الصلاحيات لمنح الإذن بالدخول أو المنع في الأصل، مستدركًا بالقول: النقطة الأهم أنّ السفير لم يكن يشكل أي خطورة أمنية، حتى تقول سلطة الاحتلال وقواتها أن الخطورة تستدعي المنع، فضلاً عن مخالفتها لفكرة الرعاية والوصاية وحرية الوصول للأماكن الدينية.

التحفظ والرفض الكامل للعلاقات مع الكيان الصهيوني

وتابع خبير القانون الدولي حديثه بالقول: لكن كل ما قلناه سابقًا لا يعني أننا غير متحفظين على وجود تبادل دبلوماسي بين الأردن وإسرائيل، وأرجو أن لا يفهم حديثي القانوني بأن منع السفير من الوصول للمسجد الأقصى يخالف مبادئ وقوانين وأنظمة مستقرة في القانون الدولي، لا يعني أننا ندافع عن فكرة تبادل العلاقات أو الدفاع عن فكرة وجود سفير أردني في إسرائيل، فهذه مسألة مستقلة وأتمنى أن لا يخلط بينهما.

وقال الموسى: نرفض التطبيع ونرفض تبادل العلاقات مع العدو الصهيوني، ودعني أدلل على ما ذهبت إليه، في الأصل منع السفير الأردني ومخالفة ذلك للرعاية والوصاية الأردنية على الأماكن المقدسة، هذا يدل على أن “إسرائيل” لا تعبأ بالتبادل الدبلوماسي بيننا وبينها، وأنّ كل ما قيل عن أهمية التبادل الدبلوماسي والتطبيع لا نراه على الأرض.

واستدرك، “لكن حتى حجج الخصوم التي تدافع عن التطبيع وغيره، لم نشاهد أيّا من الفوائد والإيجابيات التي يتحدثون عنها”، فهو كيان لا يعبأ بسفير يمثل الأردن وسيادته، ولا يحترم حرمة السفير وحقه بالتحرك.

هل التحرك الأردني كافٍ؟

فيما يتعلق بقضية الإجراءات الأردنية، الحديث هنا يتعلق بالإجراء عندما لا تحترم الأوضاع القانونية والمراكز القانونية في ممثليها الدبلوماسيين مثل السفير، لها طيف واسع من الإجراءات، والأردن لجأ لأسلوب الاحتجاج واستدعى سفير الكيان من خلال الخارجية لأنها المسؤولة عن هذه الشؤون وقامت بتسليمه احتجاجًا على ذلك.

ولفت إلى أنّ الأردن استخدم أحد الإجراءات الجائزة قانونًا؛ لكن هل هو الأكثر شدة، بل هو أبسط الإجراءات، متسائلا في الوقت ذاته: هل هو من وجهة نظري كفاية، الدولة الأردنية هي تقرر ذلك، وهي رأت أن هذا كافٍ، لكن هل نحن كقانونيين نرى ذلك كافيًا، لا أعتقد ذلك، لا سيما وأنّ الأردن يملك إجراءات قانونية أكبر بكثير وكان بإمكانه أن يتخذها.

وشدد الموسى على أنّ الأردن يملك أوراق قانونية كثيرة كان بإمكانه أن يقوم باتخاذها تجاه العدو الصهيوني، موضحًا بالقول: ليس أقلها أن أقول “إلغاء اتفاقية وادي عربة” مع أن هناك أسس قانونية تسمح بذلك، لأقول إيقاف العمل بها وتجميدها.

إقرأ أيضًأ: منصور لـ “البوصلة”: استدعاء السفير الصهيوني غير كافٍ والحكومة مطالبة بمواقف أكثر قوة

وقال الموسى: لأنه في الأصل عندما نتحدث عن كيان لا يحترم السفير الذي يمثل الدولة الأردنية وسيادتها وهذا واضح تمامًا، ويمارس سلطاته الاحتلالية بطريقة غير مشروعة، وبالعكس يأتي بإجراءات تخالف التزاماته في القانون الدولي تجاه الأردن.

وأضاف: “إنني أعتقد عند الحديث عن الكفاية، فإن الاستدعاء والاحتجاج هي أبسط الإجراءات، وكان بإمكان الأردن اللجوء لإجراءات أكثر قوة من الناحية القانونية، والقانون الدولي يسعفها بذلك”.

ولفت إلى أنّه “عند الحديث عن الشق القانوني لا يوجد أي إحراج، فنحن نتحدث عن إجراءات لها أصول قانونية، وليست إجراءات غير مشروعة يمكن أن يلجأ لها الأردن، فهو لا يحرج نفسه”.

المناخ الدولي مواتٍ للتصعيد ضد الاحتلال

وأضاف أن من يتحدث عن أن هناك إحراجًا سياسيًا للأردن إذا صعّد من إجراءاته القانونية ضد الاحتلال فهذا غير صحيح، بالعكس سياسيًا يوجد كثير من الدول الغربية وعلى الرغم من تحفظنا بالطبع على مواقفها ودعمها للكيان، لكن العديد من الدول الغربية والقوى بداخلها غير راضية عن الحكومة الإسرائيلية الفاشية الموجودة في الكيان، والتي بالكاد بدأت عملها ورأينا الإجراءات المتتالية المخالفة للقوانين التي يرتكبها بحق الأردن.

وقال الموسى: إن المناخ الدولي مواتٍ للأردن لاتخاذ إجراءات قانونية لا يرفضها العالم، بل يطلبها لمحاصرة هذه الحكومة الفاشية التي ستحرج الغرب بالأساس لأنه الداعم الأول لها.

وأشار إلى أنّه بإمكان الأردن “إعلان السفير الصهيوني شخصًا غير مرغوب به”، ويكون الأردن أمام خيار وقف العلاقات الدبلوماسية إن لم يكن يريد قطعها ووقف التمثيل الدبلوماسي بطرد السفير.

واستدرك بالقول: لكن بإمكانه أن يوقف العلاقات ويجمدها، على الأقل تجميد العلاقات الدبلوماسية مع العدوّ الصهيوني إن لم يريد قطعها، وهذه رسالة فاعلة، وهو إجراء قانوني “لطيف” وليس إجراءً قويًا ودرجته وشدته عادية.

المشهد برمّته وسقوط مسوغات التطبيع مع الكيان

وقال الموسى: إنّ الواقع أثبت أنّ كل ما قيل من أسانيد حول التطبيع وإقامة علاقات مع الكيان الصهيوني غير صحيحة وغير واقعية.

ولفت إلى أنّ إحدى المبررات والمسوغات التي قيلت لتبرير علاقاتنا مع الكيان أن يصبح لنا دالة على الكيان وبالتالي أن نخدم الدولة الفلسطينية بعلاقتنا معه، واليوم يتعزز لدينا عدم وجود مثل هذا الكلام على الأرض.

وشدد الموسى على القول: على العكس أصبحت العلاقة مع الكيان عبئًا على الأردن، وليست وسيلة لحل مشكلات والضغط عليه.

وأكد أنّ “هذا كيان عنصري ابتداءً، كيان إحلالي قائم على طرد سكان البلد وليس الفلسطينيين وحدهم، بل يرفض أي وجود عربي في مواجهته، وهو كيان استعماري فاشي”.

وتابع الموسى حديثه بالقول: أعتقد أن عنصرية هذا الكيان سوف تتفجر أكثر، لسبب واحد وهو أنه بدأ يشعر بغربته في الإقليم، ومهما تم فعله من أجل دمجه في الإقليم، فإن الشعوب العربية ترفضه، والجغرافيا السياسية الموجود فيها ترفضه، والجغرافيا الطبيعية الموجود فيها ترفضه.

واستدرك: بالتالي هو يلجأ لمزيد من التطرف ومزيد من الفاشية من أجل الدفاع عن ذاته، وما نراه من الكيان وما يتحدث عنه البعض بأنه قوة وأن “إسرائيل دولة عظمى”، أنا اعتقد لا، هذا كلام غير صحيح، فزيادة الفاشية في الكيان بسبب أنه يشعر بمأزقه الوجودي، وبأن وجوده غير طبيعي في المنطقة، وأنّ رفض الشعوب العربية له ورفضها لدمجه، وحتى المقاومة الفلسطينية البطلة في الضفة وفي غزة هي تشكل كذلك مأزق وجودي للاحتلال.

وختم حديثه بالتأكيد على أنّ “كل ما يقدم عليه الاحتلال من إجراءات فاشية متطرفة تنم في الحقيقة عن شعوره بمأزقه الوجودي وخوفه على كيانه الغاصب”.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: