المومني لـ “البوصلة”: “إعلان الرياض” نمط تفكيري جديد لخدمة مصالح المنطقة

المومني لـ “البوصلة”: “إعلان الرياض” نمط تفكيري جديد لخدمة مصالح المنطقة

عمّان – رائد صبيح


أكد أستاذ الصراعات الدولية في الجامعة الأردنية الدكتور حسن المومني في تصريحاته لـ “البوصلة” أنّ ما تمخضت عنه القمة السعودية – العربية – الصينية يمثل نمطًا تفكيريًا جديدًا يهدف بالدرجة الأولى لخدمة دول المنطقة وقراءة الواقع السياسي العالمي الجديد الذي تفرضه المتغيرات المتلاحقة.
قال المومني: ممّا لا شكّ فيه أنّ مجموعة المؤتمرات التي عقدت حقيقة بسياقاتها الثلاثة سواءً كانت القمّة السعودية الصينية، أم الخليجية الصينية، أم العربية الصينية، هي من الأهمية بمكان ابتداءً من أنها تنبع من أهمية الأطراف المشاركة.
وتابع بالقول: نحن نتحدث عن منطقة عربية مؤثرة في العالم ومؤثرة في المجتمع الدولي، ولديها إمكانيات في هذا الجانب.
وأكد على أنّه يوجد في المنطقة العربية نمطٌ تفكيريٌ جديدٌ، في سياق رؤى مختلفة، فمعظم الدول العربية اليوم لديها رؤى تحديثية في السياق الاقتصادي والسياسي.


رؤى تحديثية جديدة
واستدرك المومني بالقول: بهذا المعنى عندما نتحدث عن الأردن وباقي الدول العربية بما فيها السعودية، فالأردن لديه رؤيته التحديثية والسعودية لديها رؤية 2030 ومجلس التعاون الخليجي أصبح يأخذ زمام المبادرة من مجموعة الأهداف الموجودة برؤى مشابهة كذلك.
وأضاف أنّ الأمر الآخر من حيث الأهمية يتعلق بالطرف العالمي القوي وهو الصين، الذي يمكن تصنيفها الثاني بقوة اقتصادها عالميًا إن لم تكن الأولى، وهنا نتحدث عن قوى اقتصادية صاعدة بناتج قومي يفوق 22 تريليون في هذا الجانب.
ولفت إلى أنّ الصين الآن أصبحت توصف بأنّها مصنع العالم، وهناك مستويات تكنولوجية معينة لديها، والصين دولة صاعدة تطمح أن يكون لها علاقات عالمية.
وقال المومني: أعتقد أنّ هناك شراكة إستراتيجية صينية عربية في هذا الجانب، فحجم التبادل التجاري بينها وبين المنطقة العربية يفوق الثلاثمائة مليار دولار.
وشدد على أنّ أهمية هذه القمم تكمن في أنها جاءت على خلفية تطورات إقليمية دولية خاصة ما يجري حاليًا من تحولات القوة العالمية، فهناك الصين ويقابلها قوى الغرب وأمريكا التي تحاول جاهدة احتواء الصعود الصيني.
“بالتالي بتقديري النمط التفكيري الجديد في المنطقة، أنه يجب استغلال مرحلة تحول القوى العالمية وبالتالي تنويع الشراكات والعلاقات إستراتيجيا مع هذه القوى بما يخدم المصالح العربية”، على حد تعبيره.


الانفتاح على الصين لخدمة المنطقة

وأضاف المومني قائلا: أيضًا دعنا نشير ونؤكد أنّ الانفتاح على الصين من الناحية الاستراتيجية ليس من مفهوم إزاحة وإحلال وأنّ الصين ستدخل على الشرق الأوسط لأن العرب يريدون استبدال هذه الشراكة الإستراتيجية القائمة مع الولايات المتحدة الأمريكية بعلاقة إستراتيجية جديدة مع الصين.
وتابع بالقول: هذا ليس صحيحًا، فالأطراف العربية حريصة على خلق توازنات في هذا الجانب لأنّ الصين مهمّة، ولكن بالقدر المهمّ مسألة العلاقة مع الغرب.
ولفت المومني: “بتقديري الشخصي في السنوات الماضية ولتذبذب علاقة الغرب مع المنطقة وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، فالمنطقة أصبحت تتجه للتنويع في العلاقات الدولية وبالتالي لا بد من إعادة ضبط وتعيير للعلاقة العربية الغربية بالذات مع الولايات المتحدة على أسس المصالح المشتركة بما يتوافق مع الرؤى الجديدة في المنطقة”.
وشدد على أنّه من الواضح أنّ دول المنطقة قدمت رؤى مختلفة حتى للعلاقات الدولية غير الرؤية التقليدية السائدة بعد الحرب الباردة، ولذلك فإنّ على الأطراف الدولية إعادة ضبط علاقتها مع المنطقة خاصة مع الحالة التنافسية التي هي أبعد ما تكون عن الأيدولوجية، الحالة التنافسية الاقتصادية التكنولوجية، وهذا يسمح بأن يكون هناك علاقات منفتحة ومتعددة بالنسبة للمنطقة، وهي من الأهمية بمكان.


العلاقات الأردنية الصينية
أما في جانب الدور الأردني البارز، فأكد المومني في تصريحاته لـ “البوصلة” أنّ الأردن كدولة عربية وازنة انتهجت منذ زمن الانفتاح على دول العالم من خلال التعاون متعدد الأطراف في المنطقة الجغرافية القريبة منا وفي أوروبا ودول العالم.
ولفت إلى أنّ الأردن يتمتع بعلاقات قوية ومنفتحة مع القوى الدولية مثل الصين، وروسيا، والحضور الأردني كان من الأهمية بمكان في القمة.
وقال المومني: يجب النظر إلى العلاقة مع الصين كعلاقة مصلحية وأنّ مسألة العلاقات العربية الصينية لا تقتصر على العرب، فالصين لها علاقات تعاون مع أمريكا وتنافس، فالصين نفسها منفتحة على أمريكا والغرب.
وأضاف، من الممكن في السياق التقليدي، أن تثار حفيظة البعض من هذا التقارب الصيني العربي، خاصة إن نظرنا للنظرة التقليدية للغرب وأمريكا على اعتبار أنّ الشرق الأوسط هي منطقة نفوذهم الطبيعية، وهذه يمكن أن تثير حفيظة هذه الدول، لكن أعتقد أنها لا بد أن تتفهم حاجة المنطقة للتنمية ولعلاقات دولية مستقرة.
وخلص المومني في تصريحاته لـ “البوصلة” أنّ هذه القمّة كانت ناجحة بكل ما تعني الكلمة، والمهم جدًا إدامة زخم العلاقات ومتابعة من أوصت به القمم الثلاثة.


تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين العرب والصين
يذكر أنه اختتم قادة ورؤساء الدول العربية والصين أعمال القمة العربية الصينية الأولى، الجمعة الماضية، بإصدار إعلان الرياض، الذي أكد الحرص المشترك على تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين العربي والصيني، والعمل على تعميق التعاون في مختلف المجالات.
وتتضمن إعلان الرياض العمل على صيانة النظام الدولي القائم على أساس القانون الدولي، والعمل متعدد الأطراف، وتعزيز مبادئ التعاون والتضامن والعدالة والإنصاف في العلاقات الدولية، والحفاظ على مصالح الدول النامية والدفاع عن حقوقها، كما أكد على أنّ القضية الفلسطينية هي القضية المركزية في الشرق الأوسط والتأكيد على الوصاية الهاشمية على المقدسات في فلسطين.
(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: