المومني لـ “البوصلة”: زخم الدبلوماسية الأردنية سيحقق نجاحاتٍ مشهودة بحل الأزمة السورية

المومني لـ “البوصلة”: زخم الدبلوماسية الأردنية سيحقق نجاحاتٍ مشهودة بحل الأزمة السورية

عمّان – رائد صبيح

تواصل الدبلوماسية الأردنية وبزخم جهودها الفاعلة لتحقيق اختراقاتٍ حقيقية تجاه حل الأزمة السورية في سياقها العربي ابتداء و”خطوة مقابل خطوة”، وصولاً لحلولٍ مرضيةٍ لجميع الأطراف الداخلية والعربية والإقليمية والدولية، وهو الأمر الذي يسعى له الأردن وبتحركٍ “ماراثوني” لا يتوقف عربيًا ودوليًا، بما يحقق المصالح الإستراتيجية الأردنية العليا بالإضافة لإعادة الاستقرار للمنطقة والإقليم بحسب مراقبين.

وكان البيان الختامي لاجتماع عمّان التشاوري وضع النقاط على الحروف، في عددٍ من الملفات التي تمس المصالح الأردنية فيما يتعلق بتهريب المخدرات واللاجئين، بعد توافقٍ عربيٍ على طاولة المشاورات الأردنية بتوقيع سوريا والعراق والسعودية و مصر والأردن المستضيف سعيًا لإنهاء صراعٍ استمر 12 عامًا.

دبلوماسية متجذرة

وعبّر أستاذ الصراعات الدولية في الجامعة الأردنية الدكتور حسن المومني في تصريحاته لـ “البوصلة” عن تفاؤله بنجاح المبادرة الأردنية لحل الأزمة السورية على المديين القصير والطويل، مشددًا على أنّ الزخم الدبلوماسي الذي بذله الأردن خلال السنوات الماضية وتراكمية الإنجاز فيه سيحقق ثماره لا محالة في إعادة سوريا للحضن العربي وإنتاج عملية سياسية في سوريا ترضي جميع الأطراف.

وقال المومني: إذا أردنا الحديث عن الجهود الدبلوماسية الأردنية ونجاحاتها في سياقاتها العربية والأزمة السورية، هي جهود تراكمية أنتجت نجاحات تمثلت في مؤتمر عمّان التشاوري، واستمرار الزخم الدبلوماسي الأردني في الاشتباك ليس مع السياق العربي فقط، ولكن مع السياق الدولي الذي هو من الأهمية بمكان.

د. حسن المومني: المنهجية الأردنية خطوة مقابل خطوة هي الأقرب لسيناريو تحقيق التغيير في سوريا نحو الأفضل

ولفت إلى أنّه إذا أردنا تقييم التحرك الأردني باتجاه سوريا، فقطعًا هو نابع من المصالح الإستراتيجية الأردنية ومجموعة القضايا المتعلقة بالمسألة السورية كمصلحة أردنية من الناحية الخارجية والداخلية، وبالتالي هناك حتمية تحرك أردني في هذا السياق لا بد أن يستمر وبالفعالية التي نراها اليوم.

وقال المومني: خلال الأيام والأسابيع الماضية شهدنا نجاحًا كبيرًا يحسب للدبلوماسية الأردنية التي أصبحت معروفة بتجذرها، من حيث الفعالية والحضور والمكانة، خاصة عند الحديث عن السياسة الدولية للشرق الأوسط.

تقييم النجاحات

وأشار أستاذ الصراعات الدولية إلى أنّ “هنالك تقييمًا في سياقين، الأولى يتعلق بالتقييم على المدى القصير والآني الحاصل، والتقييم فيما بعد على المدى الطويل”.

ولفت المومني إلى أنّ “التقييم على المدى القصير، وبحسب المؤشرات والإنجازات فإن الدبلوماسية الأردنية تحقق اختراقة ونجاحًا واضحًا وإحداث فرق في الأزمة السورية والتحرك العربي الفاعل فيها”.

“لا نريد الإفراط في التفاؤل ولا نسوق نجاحات بالأساس مثالية، ولكنّ الأردن حرّك المياه الراكدة، واستغلّ ما يُسمى (اللحظة المناسبة)، ونحن نعلم جيدًا تعقيدات الصراع في سوريا، ونحن بحاجة لحضور (الفرص الجاذبة) (الوقت المناسب)”، على حد تعبيره.

وقال المومني: بتقديري فإنّ الدبلوماسية الأردنية التي بدأت منذ أكثر من عام فيما سُمي بالخطة الأردنية وبعد ذلك، استغلال كثير من التطورات الجيوسياسية الحاصلة في المنطقة والاستدارات والكارثة الإنسانية التي حصلت في تركيا وسوريا بعد الزلزال، كل ذلك خلق ما يسمى باللحظة الأردنية المناسبة لتعزيز هذا التحرك.

وأضاف، أننا شهدنا كيف اكتسب التحرك الأردني زخمًا كبيرًا، وتم مأسسته في سياق تحرك عربي، ولذلك الدبلوماسية التشاورية العربية والأردن احد روادها أثبتت أنّها ناجحة، ولذلك شهدنا قبل ذلك قمّة جدة، وبعد ذلك لقاء عمّان، واليوم الحديث عن اجتماعات أخرى سيكون أحدها في دولة مصر.

وأكد على أنّ الدبلوماسية الأردنية كانت ناجحة وحركت الساكن، في المسألة السورية بالغة التعقيد، والتي تمّ التعامل معها خلال الفترات الماضية بمنهجيات مختلفة، أحدها المنهجية المثالية التي كانت تتحدث عن ما يسمى بالعدالة الإرجاعية وضرورة تحقيق العدالة بسياقها المنطقي، بتقديري الشخصي آخذين بعين الاعتبار الحالة المعقدة، والمسارات السابقة التي بدأت لم تنجز ما هو مطلوب حتى الآن.

منهج الواقعية السياسية أقرب للحل

وقال المومني: لقد أصبح هناك تغيير في المنهج بأنّه ينبغي التعاطي مع المسألة السورية في سياق واقعي بمعني (الواقعية السياسية) التي تفرض في البداية أن يكون هناك استقرار وحالة تنظيمية تؤدي إلى إنتاج عملية سياسية أقلها تلبي مصالح جميع الأطراف السورية. 

واستدرك بالقول: أمّا على المدى الطويل، فنحن نعلم أنّ هكذا صراعات معقدة تحتاج إلى وقت، والقضايا المطروحة فيها هي “قضايا شوكية” تتطلب وقتًا وتتطلب جهدًا ماراثونيًا من جميع الأطراف المعنية بهذه القضية، سواءً كانت سوريا بشقيها النظام والمعارضة، أو في السياق العربي وفي السياق الدولي التي يتحرك الأردن من خلالها جميعًا.

ونوه إلى أنّ مسألة عودة سوريا ودمجها في النظام الرسمي العربي مجددًا وصلت نقطة اللاعودة وسوريا اليوم مدمجة الآن، ومن المتوقع أن تحظر مؤتمر القمة العربية، ومن المتوقع أن يصدر وزراء الخارجية العرب توصية بعودة سوريا لمقعدها الطبيعي، ونحن نعلم عندما جُمّد مقعد سوريا كان بالأغلبية وليس بالإجماع.

وخلص المومني إلى القول: “لذلك مسألة العودة ستكون بالأغلبية بغض النظر عن تحفظ هذه الدولة أو تلك، لكن في السياق العام مسألة الاشتباك مع سوريا أصبحت حقيقة وإن اختلفت المستويات”.

وعبر عن أمله في أنّنا سنشهد إنجازات سياسية في الأيام القادمة وهي مرحلة تمهيدية من أجل إطلاق عملية سياسية في سوريا واضحة المعالم عبر “خارطة طريق”، في الاساس قائمة على قاعدة خطوة مقابل خطوة، أن يتم اتخاذ خطوات ويتم مبادلتها من قبل النظام السوري وتنازلات حقيقية.

ولفت المومني إلى أنّ البيان الصادر عن مؤتمر عمّان التشاوري كان تفصيليا في كثير من البنود، وهو طموح جدًا، ولكنّه يشكل خارطة طريق، رغم كل المخاوف التي تقف وراء هكذا صراعات عميقة، وخلافات حول مدى التزام الأطراف، موقف أوروبا وأمريكا، ولكن اليوم يوجد فرصة جاذبة للحل في سوريا لا يجوز تضييعها ويجب البناء عليها والأسابيع المقبلة أنا متفائل جدًا من تحقيق نجاحات.

وختم تصريحاته لـ “البوصلة” بالقول: أرى أنّ هكذا منهجية تدرجية “خطوة مقابل خطوة” إذا ما تمّ الالتزام بها وتنفيذها هي التي ستؤدي للتغيير في سوريا، وقد تنتج سوريا متوافق عليها إلى حدٍ ما بين جميع الأطراف السورية.

اجتماع عمّان التشاوري

وأكد وزراء خارجية الأردن والسعودية والعراق ومصر في بيانٍ صادرٍ عن اجتماع عمّان التشاوري مطلع الشهر الجاري، أولوية إنهاء الأزمة وكل ما سببته من قتل وخراب ودمار، ومن معاناة للشعب السوري الشقيق، ومن انعكاساتٍ سلبيةٍ إقليمياً ودولياً، عبر حل سياسي يحفظ وحدة سورية وتماسكها وسيادتها، ويلبي طموحات شعبها.

واتفق الوزراء ووزير الخارجية السوري على أجندة المحادثات التي ستتواصل وفق جدولٍ زمنيٍ يتفق عليه، وبما يتكامل مع “كافة الجهود الأممية وغيرها ذات الصلة: الوضع الإنساني، والوضع الأمني، والوضع السياسي.

كما وافقت سوريا، بحسب البيان، على العمل مع الأردن والعراق الشهر المقبل للمساعدة في تحديد مصادر إنتاج المخدرات وتهريبها عبر حدودها، وذلك بحسب البيان الختامي الصادر اليوم الاثنين عقب اجتماع وزراء خارجية عرب في العاصمة الأردنية عمّان.

وذكر البيان أن دمشق وافقت على اتخاذ الخطوات اللازمة لوقف التهريب عبر الحدود مع الأردن والعراق، بعد أن بحث وزراء خارجية سوريا ومصر والعراق والسعودية والأردن سبل إنهاء الصراع السوري المستمر منذ 12 عاما.

وبالإضافة إلى ذلك، أعلن البيان الختامي للاجتماع أن المجتمعين اتفقوا على أن العودة الطوعية والآمنة للاجئين السوريين إلى بلدهم، هي أولوية قصوى ويجب اتخاذ الخطوات اللازمة للبدء في تنفيذها فورا.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: