“النقابات المهنية”.. عجزٌ مركب ورضوخٌ غير مبرر لحكومات “الأمر الواقع”

“النقابات المهنية”.. عجزٌ مركب ورضوخٌ غير مبرر لحكومات “الأمر الواقع”


عمّان – خاص – البوصلة


لا يمكن بحالٍ من الأحوال عقد مقارنةٍ بين المكانة التي كان يحظى بها مجمّع النقابات المهنية يوم كان رأس الحراك الشعبي المطالب بالإصلاح والوقوف في وجه الحكومة وانتزاع الحقوق الشعبية والمهنية والانحياز لقضايا الوطن والأمّة، بل وتقدمه خطواتٍ على الشارع، بالحال التي “يرثى لها” اليوم والصورة “المكسورة” لهذا الصرح الذي كان له صولاتٌ وجولاتٌ، وبات اليوم “خاويًا على عروشه”.


المتأمّل في مشهد النقابات المهنية ومجمّعها الكبير يصاب بحالة من “الذهول”، فليس في الصرح فرسانه “الصناديد العتقاء” الذين كانوا لا يخجلون من الصدح بكلمة الحق وقول كلمة “لا” حين يسام الوطن والمواطن خسفًا أو ظلمًا.


بل أكثر من ذلك؛ فإن من كان يحتمي الحراك المطالب بالإصلاح بـ “مجمّعهم” حين تعتقل الساحات، وحين تحجب الشوارع، وحين تصادر الألسنة، أصبحوا لا يجدون من هذا الصرح “ضوءًا” لينير فعاليتهم، ولا “أسيرًا محررًا” يحتمي بحماهم ويلتجئ لـ”عدلهم”.


لا بل زد على ذلك، وليس من قبيل المبالغة أن يمنح “منابره” لمن يلعنون المقاومة، ويهينون من يدافع عنها، ويشككون في مواقف “المرابطين” و”المجاهدين” في أرض الحشد والرباط وكيل الاتهامات لهم، في مشهدٍ مستهجنٍ ومستغرب ويثير آلاف علامات الاستفهام في آنٍ واحد.


ذلك الصرح الذي كان وينبغي أنه “ما زال” يحمل شعلة لا تنطفئ لكلمة الحق والدفاع عنها، أصبح يتوارى خجلاً في القضايا المصيرية على صعيد الوطن والأمّة، وتخرج خطواته متأخرة “خجولة” مرتجفة، وكأنّ داءً أصأبه أو حمّى أردته صريع الفراش.


هل يمكن أن يفهم الشارع الأردني كيف يصبح صرحٌ محل فخر واعتزاز بديمقراطيته واحترامه لرأي منتسبيه تمارس فيه أقسى أنواع الديكتاتورية والقمع، فينبري نقيب أكبر نقابة ومصدر افتخارها ليخرج علينا بمشهد “جارحٍ” لإحساس الشارع الأردني ويقمع هيئة عامّة بأكملها ويركلها “تحت الحزام” دون خجل!


ويتساءل مراقبون، كيف يمكن أن يفهم الشارع لماذا يتوارى مجمّع النقابات خجلاً ويتأخر بهذا القدر عن قضايا مصيرية ينخرط فيها الوطن عبر حكومة غير عابئة بشعب يرفض التطبيع لترتمي في حضن العدوّ في مشهدٍ مذلٍ للاردن والأردنيين، ثم تنتظر من مؤسسات المجتمع المدني “الوخز” لتحرك من سكون، فتخرج ببيانٍ غاضبٍ في الوقت “بدل الضائع”.


لعل بعض المدافعين عن حالة “الخرس” التي أصابت مجمّع النقابات المهنية حيال “قانون الدفاع” وأوامره، وحيال التعديلات الدستورية المقترحة التي تعصف بدستور البلاد، وحيال ما أصاب نقابة المعلمين ونقابة الأطباء وغيرها، وحيال حالة الانسداد السياسي والإصلاح في البلاد وتردي الملف الاقتصادي، يشرحون للشارع الساخط على النقابات ومجمّعها ما الذي أصاب القوم؟


لن يجدوا جوابًا سوى فيما قاله أحد النشطاء النقابيين حين وصف حالة الفشل التي يعاني منها مجمّع النقابات اليوم بأنه “عجزٌ مركب” أوصله لهذه الحالة، وإن كان أحد الإعلاميين طالب ذات مرة بأن يخرج “النقباء” اليوم ويصارحوا الشارع الأردني بـ”مشاكلهم الشخصية” التي بات يتوارى خلفها “ليّ ذراع النقابات” ورضوخها لـ “حكومات الأمر الواقع”، وأن يعلوا المصلحة العامة على الخاصة وينسحبوا من المشهد المخجل اليوم.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: